الخميس، 29 أكتوبر 2009

إني آنست نارا ً



الوحي الأول :


عند جبل الطور علقت بعض نبوءات عن إني آنست نارا ثم مشت صحراء سيناء حافية لعل الله يبارك مسيرها ببعض الكرامات ، مرت الدوحات ومرت الواحات ومرت التلال حين أضناها العطش شربت النبوءة وحين أنهكها السير شطبت الصحراء لم تكن تعرف أن الله منذ البداية قد باركها بنبوءة قلبي وأنه قد أكرمها بكرامات روحي ، لم تكن تعلم كل ذلك إلا حين رأت الغزال الذي كان مرهقا مثلها تدب في أوصاله الحياة حين مرت أقدامي على أثره ، لم تكن تعرف وهي تمر الأماكن والصحاري وتحلق بعيدا بين الجبال وبين المغارات وبين السلاسل الرملية أن هناك صفيا طينته البجع وقلبه الكروان وحديثه العنادل إلا حين ارتاح وهقها على أثري .



قالت للوحي يوما : حررني من آفاق الكون ومن منظومات البناء المنطقي ، فقال لها : سأمنحك الاعتبار العاطفي الغير مشروط وسأمنحك كونا غير مسبوق وسأمنحك مرتبات عليا من الملكات القادرة على التحليق والتحرر وسأدس في طينتك بعض الملائكة ثم سأترك لك جميع الخيارات مفتوحة للبناء وللهدم فصاحت : لكني أخاف أن تتركني وحدي ، ما كانت تعرف الحبيبة ما كانت تعرف حتى حين كانت تصيح أنت ملكي ولوحدي أنني لن أتركها أبدا وأنا كل خلاياي لا تقبل النشوء ولا الارتقاء إلا بها . كانت مسكينة تحبني أكثر مني وكنت مسكينا أحبها أكثر منها لهذا بارك الله المساكين بأن رزقهم جنة من عشق ٍ لن تؤتى لأحد ٍ بعدهم .



يقولون أنها خرجت من حزني ويقولون أني خلقت من عينيها وعند الرومان جاء في أساطيرهم أننا خرجنا من أوركيدة معلقة على شعر فينوس لكن الأكيد أننا مع كل هذه الأساطير كنا نعيش قرنا بعد قرن ونتلاقى دهر بعد دهر دون أن يرف لجناح قلبنا الملاك خيال زوال وبغض النظر عن برومثيوس الذي سرق النار المقدسة من الآلهة المقدسة ليعطيها للناس كان حبنا دافئا بيد أنه هزم النار المقدّسة .


الوحي الثاني :

قالت لنفسها : " يقولون أن يسوع المسيح حي ، ويقولون أنه لا زال يرقب عملية إنضاج الخبز ، ويقولون أنه لا زال يوقد النار ليتدفق النور إلى طرقات المدينة ، يصيح نصف حبيبتي الآن أن ثمّة نيران أخرى لم تتولد شرارتها بعد ، ولم يأذن اسم اليسوع أن يطلقها لأنه يريدها أن تمشي متئدة ناحية الاتقاد " .

ثمّة أجزاء في قلب ليال لا تؤمن أن هنالك أي معنى لكل هذه المراهقات الخارجة عن وجود الاتزان ، هي ترى أن كل إنسان يستطيع أن يجعل من نفسه سعيدا إذا جعل لحياته معنى ، وكل إنسان يدخل في الشقاء بالتأكيد لأن حياته بلا معنى ولا هدف ، وبعيدا عن نصفها الذي يؤذن بـ الله أكبر أو نصفها الذي يهتف باسم اليسوع ثمّة حادثة لا زالت تقصّها عليها الذكرى كل ليلة ٍ بأنه يحكى أن حدث جوعا في الأرض فخرج الرجل بدينه ليتغرب مع امرأته بحثا عن أدوات أخرى لجلب " المعيشة " لكنه لم يجد إلا أن يقطّع أوصال زوجته ليعيش ، عاش الرجل بعد ذلك ناقما على يسوع لأنه لم يتقدم كعادته بالخبز ، ومنذ ذلك اليوم والرجل لا يكف عن لعن اليسوع لأنه أقفل الفرن وأعلن الإفلاس . !


الوحي الثالث :


المدينة كثيرة الناس ، لكنها أصبحت في قلبي كأرملة ٍ دموعها على خدَّيها بعد أن فقدت المعزّين وفقدت الضواحي ، في تلك الليلة خرج الكهنة أحدهم أتجه إلى بني صهيون وأحدهم أتجه إلى بني يسوع وأحدهم أتجه إلى بني إسلام ، لكن الأرملة هي وحدها كانت تعلم أن كل الطرق التي سيسلكونها ليصلوا إلى المدينة عذرها ميّت، وأبوابها تنوح بمرارة ٍ بسبب الأعداء الذين استطاعوا أن يمزّقوا مدينة الرب ويحوّلوها من مدينة ٍ يعيش فيها شعب الله المختار لأرض تعيش فيها البهائم .!!

الوحي الرابع :


ذيل أورشليم ليس طاهرا ً كلّه كما يظن البعض ، وجسد مكّة لا زال يحاول أن يواري بعض عوراته ويفشل ، وأمّا الهيكل فقد أتعبته عمليات الحفر التي أزعجت سرّه ، الكل يبحث عن السر والكل يبحث أين تنام الحقيقة ، وأين تنام السبع كنائس من الإيمان أو أين تقبع السبع مساجد من العرش ليجدوه ، ليال تعرف أن الذي كان والذي سيأتي ليس إلا ذكر موت أو خيال مآتة له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين لأنه لا يستطيع حمل الحقيقة إلا بوهمه الذي يخدع الغرابيب من غزو الحقل !

الوحي الخامس :

بأم عيني رأيت الرجل وهو يضرب بكلتا يديه البحر ويأمر الحيّة التي انفلق الموج لأجلها أن تلدغ الخير ، كان الخير وقتها سيّد الجنود الذين حكموا الأرض ، لكن هذا السيّد فشل في تحقيق أمنيات الشعب ، فثار الشعب عليه وأبادوه كما أبيد بيت يعقوب من على وجه الأرض ، ثم صفقوا للسيف الذي أوزعه الفناء ثم َّ عبدوه .


الوحي السادس :

الله لم يكن معروفا بالعقل عند أهل الكنائس لكنه كان معروفا بالخرافات ، وأمّا المساجد الأولى فلم تكن تعرف شيئا عنه غير أنه جلبها من العدم إلى الوجود كما تقول الوثيقة ، ليال تعترض على مثل هذه التعريفات ، لأنها أقاصيص وإرهاصات تشبه كثيرا قصة الإله تور صاحب المطرقة الذي يضرب السماء ليزمجر الرعد والبرق . هي تقول أن الله لا يحتاج إلى كل هذه الترهات لنعرفه يكفي أن نعرفه عن طريق ذلك الهاتف الذي يتردد بداخلنا كلما شعرنا بالخوف من الظلام


الوحي السابع :

لم يكن هدف بولس الرسول أن يشفع لرذائل بني اسرائيل بل كان هدفه أن يمجدّوه ويمجدوا حقبته التاريخية المليئة بالصفاقة متخذا من كلام النبي يوئيل لبوسا للإخلاص .

ليال تقول أن الكتاب المقدّس مثل ما فيه امتيازات لبني اسرائيل فيه نفايات كثيرة تمتد منذ عهد إبراهيم الرسول إلى عهد يوحنا في إنجليه

الوحي الثامن :


مجمل اليهود أذكياء ، ومجمل العرب لا زالوا في بداية افتراض الذكاء ، أهل المسيح لازالوا في الافتراض أيضا إلا أنهم تمكنوا كما تقول " ليال " في سماع ما يسمع وفي ترك ما لا يسمع ، ليال تقول أنهم قبلوا ما يقبل وتركوا ما لا يقبل ، حتى كلمة المسيح تركوها ولم يحملوها إذا كانت الكلمة تنافي منطق الحقيقة حتى وإن جاءت في كتابهم المقدّس






الوحي التاسع :

كلهم يزعمون كما تقول ليال أنهم جاءوا بالبشارة ، لكن البشارة ضيّعت الرابط بينها وبين الإيمان ، كما ضيعته الطرق التي كانت تحاول الوصول كما تقول ليال إلى المسيح عن طريق دمشق ..!!


الوحي العاشر :

خارج عن نطاق التغطية

الوحي الحادي عشر :

نزلت من نفسها وفارقت عشيرتها وألقت مكانها في مكان ٍ غير تابع ٍ لأباخس ترفع الجل وتحمل الغل ، كانت الدماء حينها ترسل كرياتها رزدقا واحدا ً كانت تبدو وكأنها غير آمنة عليها من الأمراض والعلل لهذا قالت لدورتها الدموية إن تلقاني الموت غدا ً قطعي رواهشي قبله ..!!


الوحي الثاني عشر :

لم تكن إحدى القوابل الموكلات بحبالى بني عربائيل أو بني إسرائيل هي لم تكن صفيّة ولا نجيّة لأم موسى ، لكن حبها لله جعلها تعالج انتكاسة الأرض حين لم يزرها مثله عليه السلام ، فلما قامت الأرض وجاءت بني إسرائيل بربّها فرعون لتسرق روح موسى خرجت به قائلة بوحيي أنا لا بوحي ليلى سألقيه اليم بعد أن ألفه بخرقة ٍ وأضعه في تنور ٍ مسجور ٍ بالنار ، فخافت أمّه ، فجاءها مخاض صوت " ليال " واثقا قد جعل الله عليه النار بردا وسلاما ، فعاد عقلها .

الوحي الثالث عشر :

تعرض سحرها في مصر لهجوم ٍ عنيف بعد أن زاد عدد النشاط الشيطاني حيث قاد النشاط صاحب المحن الأليمة ولشدة إصراره على إبطال سحر وحييها قطّع أيادي كل المؤمنين بها وحين بلغ اضطهاده قلبها فرح الأوباش والرعاع ودعا قتلته طمعا في الموت الرخيص ، لم يكن يعلم أنها أقوى وأخطر من المزدكية على بلاد الفرس ولم يكن يعلم أنها أشد وطأة من ساباريم مزدك ، لهذا أشاعت حظّه يفرح قليلا بين الناس ثم أوزعته بلاد الرذائل


الوحي الرابع عشر :

انبعثت منها حركة في منتصف القرن السادس عشر سبقت حركة عنان بن داود فحين كانت تنكر التفسيرات وتنبذ الجمود الذي حط في أسفار الفرق المهددة بالتكاثر والفناء كان عنان في بطن الغيب لا يزال يفكر كيف يخرج يهوديا ليوزع ويثبّت الديانة على كل الحانات دون أن يكون لها أي قيمة .

ليال تعرف أن التمسك الحرفي بالألفاظ يعد ضربا من " حول " لهذا كانت تغوص في أعماق الزمن لتصل لبنيامين لتقول له " حين يأتي عنان ستصبح تلميذه فحذار إن تقبل تثبيت الديانة اللفظية . حذار .



الوحي الخامس عشر :


بعم شعم رجل طيّب كان في قلبه الزهد والورع والرهبنة لهذا تكاثرت حوله إشاعات " الخوارق " وتكاثر الحواريون حوله فقعدوا عليه حتى باض بهم " أسفار موسى " ، ليال دائما تقول أن البهاء والقداسة بحاجة ٍ لهذه الحرارة حتى يشعر الناس بدفء هذا الإدّعاء !!


الوحي السادس عشر :

ليال تبصق على هذا الصك الذي أعطاه بابا الفاتيكان لليهود ، تبصق بشدة ٍ على هذه البراءة التي أزالت الحاجز بينهم وبين أهل المسيح ، ليال تقول لم يكن في وقت اليسوع إلا يهوذا أو حواريه فإن لم يحاول صلبه هذا ولا ذاك فمن حاول إذن ..؟!!



الوحي السابع عشر :

يمضغ فمه الآن كحل عشتار ، وتأكل أسنانه الآن صلاة الوتر ، وبخفة ظل ٍ من لعابة استطاع أن يمزج لعابه بكل ما رمته الإلهة فلوّثها ، تعلّقت حينها على أستار المسيح دمعة تشبه قطرة دم نزلت من على مصحف عثمان ، وفوق وجع الأرض مشى شمشون ليقض أركان المعبد وليحبل بهزيمة ٍ لم تولد بعد .

يقول حزب نصارى الحزن أن النشيج أبن البكاء ويقول يهود الألم أن البكاء وليد العناء ويقول وحييها أن الجميع أبناء الغواية والنحر

الوحي الثامن عشر :

حين تأملت في حنايا يونان النبي ، رأت ما يتدلى على عين الشمس فيه ليحجبها ، كان هنالك شيء يقاوم الحدقة ، يونان حاول كثيرا أن يعرف ماهيته ، حاول صحبه ، حاول جمعه ، ففشلوا ، بنظرة واحدة من عينيها عرفت أن النصف المزري للناس سيحجب الكل المعمول عليه .


الوحي التاسع عشر :

وضع الأزمة ، مثلي كانت قديمة ، وفي معرض الذات والوجود كان المبدأ العقلي بأصعدته المختلفة لا يستطيع أن يقطع بعض التراث بالمعنى المعروف المثقف ،فحين نادت الأخيخة يا أيها الكادحون إلى ربكم كدحا لم يتقدم إلا الرازي وفي عمق تفنوت تقدم واحدا وتجلّى في كيمت بعد أن سرق قلب خونسو ، نجد أن أصحاب المواقف الذين لا يجيدون استخدام المورس تصل أعلى درجات ذكائهم في العادة إلى مستوى عال ٍ من الأصفار الفاشلة .

الإلكترونات السالبة جهدها قوي لكنه غبي لأن أذكى جهد تقوم به يجعلها في سلة ٍ غير منضبطة شرعيا ، كان مندل ذكيا حين اكتشف قانون الوراثة وكان مندليف بارعا حين اخترع الجدول لكن خونسو كان غبيا جدا حين سمع الذئب يرعوي وتركه كان عليه أن يبدل الأصوات ويعطيه العواء .

في الغربة الآن يصدح ناسان أولهم يسقي ربّه خمرا والثاني يأكل الطير من رأسه وفي الغربة الأخرى تبكي الحروف قائلة هكذا النار إذا أوقدتها اضطرمت ، الجثث العمياء كلها معدومة النظر حتى التي في جينس والتي لم تسبح في مير أو لم تأوي إلى لاهوت الاختراقات الفذة ليس شرطا أنها من عبدة الشيطان لكنها أكيد لم تعد تملك أي شيء ناجع يجعلها تردد حين تناديها زبانية العذاب رحماك يا ملك الحساب، المستقبل يمنح الفرصة ، لكن الحاضر يمنح التهديد ، الماضي أصبح عملا ربما رسمه سلفادور دالي إلا أني واثق أن هذا العمل لا يردد إلا عمل رب طارق الذي جاء على غير موعد .


الوحي 20:

صفق عاشوراء في سبعين قلب ميت من سكّان العالم الثالث الذي سجنوا خارج العهد القديم والجديد ، كما صفّقت أوربا لغياهب الجهل في القرن الأوسط ، لا شيء ينمو في القرعة إلا أدوني الذي هرب من سبعين ملكا قطعوا دابر ما تحت موائده كما فعل الله في بازق .

صفقت أيضا ليس َ في رأس المدينة ، وصفق أيضا يهوذا في آل كنعان ، لكن كف ميكال في أربع الجدب وحبرون في أربع القرى صفعت البركة فعطست الأرض بالنجو .

في التصفيق الآن شيء أكبر من الأرض وأرض أكبر من العرض وعرض أكبر من الشرف وشرف أكبر من القرف الذي يملأ من يعيش تحت خط الفقر الراقد في حضن آزر الذي يحلم باللوز ولا يجد إلا فنعمل معك عملا يأكل عشيرته بضربة جوز "خذها ولا تخف ، قد دانت أرض مصر ، وقد ساخت بلاد الشام ، وقد علت بكم الأرض سافلها بعد أن قسمت لشيطانها أن لا تحنث بدين مذابحه " لن أطرد الحنث ولأن الحنث شريكا للسحر فما عليك إلا أن تلقي عصاك وترفع غطاك وتنتفخ باسم بوكيم لتصبح منضما إلى آبائه .



الوحي 21:

حين صاح أبن آزر يا ربي ابني لي بيتا ، كان الرب قريبا جدا فبناه ، هنالك أشياء قد تتحول إلى هل أطعمت الجائع وهنالك أشياء قد تمضي إلى هل كسوت العريان ؟ لكن معظمها لم تبصم إلا كما بصم شوانغ على مؤخرته صورة لبيت ٍ مهجور عن صفّورة التي صاحت استأجره فإنه القوي الأمين ، وكما وشم غوته على أصابعه حين زاره برومثيوس سارق النار أن فلانا مات صغير وأن فلانا حجمه قصير وأن فلانا لا يصلح إلا أن يستفسر عن حوادث الدرن كما استفسر عنها مالك بن زرافة فساقه الاستفسار إلى تسمين البقرة وانتظار الثور .


في حادثة الطور ، إني قد آنست نارا ً ، أخيرا مجرى المياه القذرة قد يتغير ، ومجرى الرمال القذرة قد يصبح مداسا لنعال ٍ ملكية ، لا تأكل الملوك من موائد بعد الظهيرة وإن اضطرت للأكل سيكون أكلها صحراويا وجبليا تفزع منه أول أبيات الحب " بابا " وتهرع منه أول زبانية الحب " ماما " إلى مغارة ٍ بقرب الطور من الواضح أن المغارة لا تملك إلا خدعة صفراء خرجت من ظهراني أوراق مغبّرة ومن الواضح أن الأكيسح الأكتع لا يمكن له أن يصبح جامع الحكمتين في رواية ٍ عن الخليل بن أحمد رضوان الله عليه أنه قال :" من شتم نعالي ثم استغفر ظفري غفرت له " ، هنالك شواهد عدّة للتوضيح شهد عليها ابن عقيل ثم اقسم عليها في ألفيته ابن مالك ثم جاء بنفطويه بحديثه الشاهد على أن المغارة التي لا تجيد أن تجد أي رحابة لضيقها عليها أن تتوكأ في تشرين الثاني مقولة عادل إمام الشهيرة " ابتدائية دي إيه يا ختي بضحك وياك يا عنيّا طب خلينا في لم الورد طب خلينا في لم الورد بم بم ترررم بم بم تررم "



الوحي 22 :

من عادة الملوك إذا دخلوا إلى قرية ٍ أفسدوها ، مثال ذلك ابن مروان في$ حادثته مع المجزومين في طريق بكّة حين التفت قزما إليه فأمر بإحراقه ، الملك يقول لو كان الله يريد به خيرا لما جعله في طريقي ، إذن حين بلغت الغلة في جيب خالد العلوي 20مليون مليون فهذه غلّة صفق لها الأسكندر المقدوني وأجفل منها وعد بلفور ، هنالك أشياء أيضا في كنه الملوك تؤدي إلى ضياع الأعضاء وإلى تقاربها وتؤدي إلى حالة ٍ من الحزباء وربما تسلّم عليه بالبخق أو تدعه كالبزخ أو تجعل المرء عند موت زوجته يأخذ عزاها إلى فراش امرأة أخرى تقبل نظرية عدم وضع الفواصل بين الأشياء وعلاوة على ذلك لا يمكن لأحد أن يبلغ أو أن يمشي فوقها ، مصطلحات الملوك تفرق كثيرا عن نظام سلالة الخدم وحكمهم في الهند ونظرا لكون الملوك لا يعانوا من أي اعتلالات ولا اختلالات فإن ابسط الأشياء المتناقضة تجعل الملك مكتملا لكنها تجعل الأقزام يمضون حياتهم برفقة أحلام السيدة ملعقة


الوحي 23 :


يقال في علم الملوك أن الخردل لا يملك أبواق وإن ملكها لن يستغرق في انتاج أي معادلة غير معادلة خردل أصغر / أسفل / أكبر بقليل من النتفة الغير مكتملة في بطن حصاة ٍ يقولون أن ناتجها = موت الصغير ، كل الأشياء تتحدث صحيح ؟ حسنا فلتسقط النظرية ، إن السماء والأرض بعضها متصوف وبعضها متكلف وإني لست بحاجة للتعبير عن هذه المسألة حتى في لب سكوبي ، إذن – السؤال إذا ما كانت كل الأرقام في عرف الملوك لا تقبل القسمة على عشرين فهل تقبل القسمة على أرقام ٍ قال عنها انبادوقليس أنها أشبه بـ" الصلع " الذي عاش في قرعة " شرشبيل " ؟



خاتمة الوحي :

بدأ يغيب عنها ظل الكاهن في ستين ورقة ٍ صفراء انداح منها أكسيسو ثووس برائحة ٍ تحذّر الأرض من طوفان ٍ يأكل الحرث ويقتل النسل ، لهذا حاولت أن تبني نوحا ً تأوي إليه بعيدا عن الكائنات الميتة ، ومن على بُعد ألف ياردة من اللحم الميت والشراب الميت شاهدت ظلها الذي غاب من أعلى وهو يجوس بين اللحوم الميتة المبللة بالماء ينزل ليسرق ظل الإنس والبهائم والدواب والطيور عن وجه الأرض ثم يستثني ظلا طيبا لملامح إنسان سار إلى الله .!

منذ أن خسرت ظلها منذ ثمانين إلهٍ للزوال وهي تقض خصوبة عشتار وتطمس أنوثة فينوس وتغطي أنوثتها في طمي جدب أنكيدو ، ومنذ أن سار عنها ظل الطيب وزاحمها الهواء والسحاب وهي لا تكف عن لبس سحر هاروت وتوزيع كحل ماروت على الساكنين تحتها إذ ترميهم صباحا بخفّة العقل وترميهم ليلا ً بالغواية وأحيانا حين لا تجد البسمة طريقا إلى ثغرها توسعهم ضربا ً بنظراتها النازلة عليهم من أعلى وكأنها آلهة غضبى .

طغت بالسحرِ الأسودِ ، وخطفت كل الأرواح والقلوب وألقتها في الحزب المزري الذي بات يحكم السبع طبقات من الأرضين ، إلا أن الظل الطيب الذي سار إلى الله كان يقلق عقل بالها ، كان يقسمها إلى نصفين من لجين ٍ ومن وحل ، كان يجعلها مصلوبة في الأعلى باسم هابيل ومشنوقة في الأسفل باسم قابيل ، كان هاجسها اليومي الذي يجعلها تقفز على غيمة لتبكي المطر أو يجعلها تقفز إلى صخرة لتهشمها على غراب ٍ ينقّب في الأرض !


تنهدت سعف النخيل ، وشهقت يباس الكدر ، لبست ُسدم النار ، واستوت على الماء ، كان وجعه يمسكها ، كان خياله حين يمّر تمر سحائب السيف الذي يقيم لحدا ً لدخانها الأسود قبل أن يرتد طرف سليمان وقبل أن يأتي ببلقيس من عنده علم الكتاب ، كان الوحيد الذي يتسول فيها كل ما يشاء ، ويتجول فيها باسم عجزها عنه كل أرجاء سطوتها ، كان ظلا ً طيبا لم يلد ربّها لها غيره ، كان كاهنا ً حين يحدق فيها تشعر أن الله يستنسخ تلك العيون في رمل الأرض وفي ماء السماء لترقبها ، كان الكاهن يعلم أنه الوحيد الذي أشترى روحها وجثمانها قبل أن تلد وبعد أن تموت ، لهذا كانت تكره وتحب هذا الكاهن الظّل السيّار فيها كالتيّار الذي يشعرها أنها حية ومقتولة في ذات الوقت !

كان الكاهن يغيب لكن يعود ، وكانت في غيابه تتنزل من ملكوتها غاضبة لترمي العالم بأضغاث العرايا ، ولتلقمهم قصعة مملوءة بالسراب وببقيا مساء تثاءبت فيه الشياطين ، كانت تجمع الأخيلة حولها كاليعاسيب ثم توزعهم إلى سياط القهر ثم تركبهم مراكب إله عقابها الأمرد ثم تخر عليهم بعذق نخلة تعرج ثمّ تعرج بهم إلى الدهيماء .!

سبحان روحه كانت تحلق في جسدها المتيبس لترويه ، وجلال قلبه كان يجلجل في نبضها المريض ليشفيه ، كصليل الموت كان يأتيها ، وكفرحة العرس ، حاولت مرات عديدة أن تلقي بظله في غيّابة الجب وأكلت كل السيّارة حتى لا يلتقطوه إلا أنها كلما حاولت أن تلقيه وجدت نفسها في ضريح ٍ من العجز يصلها بباب ٍ من الضعف يصلها ببوابة ٍ من بوابات الجوع النابض بالفناء !

بدأ الكاهن يرخي على أوراقها الصفراء الظلال ، وبدأ بإلباس جذعها المأكول الشفاء ، وبدأ يغدف عليها كل ما لذ وطاب من أكسير الحياة ، بدأ يمزّق أصالة كربتها ، بدأ يفرق دخانها ويرمم الرماد ، بدأ وهي تحارب هذا المد الآتي إليها بكل ما ملكت من أوثان ٍ تصهل ، كان يعلم أنها ستفعل لذلك ألقم أوثانها حلمة إيمان وجعلها ترضع كل ما تخصّر عن الكتب المقدسة من أوطان ٍ لله تسكنها .





الكاهن يعلم أنها مملوءة بأشياء ٍ تغريها أن تترك كل ما تحت الخفاء وتلبس كل ما هو متشح بعين ٍ سبخة وبسحنة ٍ وسخة وبقلب ٍ يتنطع في سواد الزوال ، لكنه آثارها ، وأقدام الأوراد التي ترقيها الخطوات ، والذي ُينبت كل ما أكلتهن السبع العجاف فيها .

في هذه الآنية يتململ الرأس الملقى على دفة ِ كرسي في القاعة ، صدرها المخطوف يحاول أن يعود ، لثغة الفطرة تحاول أن تعود ، دموعها تحاول أن تتنهد ، نظراتها تحاول أن تكون حاسمة وأن تلقى الثبات على ظلّه وبعين ٍ محترمة / ومخرومة تحاول أن تقول سأظل أستثنيك أو لا سأ …… !!







الخميس، 22 أكتوبر 2009

بحيرة البجع

تعلمين أني أعشق موسيقى تشايكوفسكي كما أعشق موزارت
هديتي إليك الليلة
( باليه بحيرة البجع لتشايكوفسكي )

الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

ربما هكذا كنت أنا !


يحدث أحيانا أن يسير الإنسان بدون وجهة ٍ معينة أعني أنه يسير لمجرد السير فقط أين يريد أن يذهب ؟ أين المكان ؟ ومتى الزمان ؟ كل هذه الأشياء لا يعرفها ولا تكون مهمة وقتئذ بالنسبة إليه والحقيقة أنه أمر جيد أن تسير أحيانا وتسير لتلقى الصحراء تحيط بك من كل الجهات فتفتح باب سيارتك وتسير قليلا على الرمل ثم تتذكر بعض الذين خنقوك وبعض الذين شنقوك وبعض الذين يتخذون من قلبك صالة للألعاب والتسلية وتتذكر كل المواقف المؤلمة في نفسك ثم تحفر بعد أن تتذكر كل ذلك حفرة عميقة في الصحراء ثم تدفنهم فيها .

شيء جميل أن تفعل ذلك ، تشعر وكأن ولدت من جديد . أسألوني فقد فعلتها قبل قليل .

يحدث أحيانا أن يسير الإنسان إلى وجهة ٍ معينة أعني أن يسير إلى هدف ٍ معلوم ، يعرف مكان الهدف ويعرف متى زمان التحقيق ويمضي لتحقيقه ، هناك أشياء يضعها هذا الإنسان ليحمي هدفه من التفتت كالظروف العرضية أو بعض الحاقدين أو الساعين له بالسقوط لكن الشيء الذي قد لا يضع له اعتبارا أن يتفتت هدفه من أقرب الناس إليه ، على الإنسان دائما أن يضع في اعتباره أن صفعة القريب أشد من صفعة العدو ، عليه حين يمشي إلى أي هدف ٍ كان أن يضع في ذهنه أن كل امرئ يتعامل معه ليس شيطانا حتى يتأكد من ملائكته وليس ملاكا حتى لا تفاجئه شياطينه ، على المرء أن يعرف أن الحب الشديد والكره الشديد يعميان البصر والبصيرة وعليه يجب أن يضع على حبه وعلى كرهه ألف نظارة ليستطيع أن يرى ما حوله جيدا ً . ربما هكذا كنت أنا .!

يحدث أحيانا أن يعدك أحدهم بشيء ثم يخلف وعده ثم يعدك ثم يخلف وعده ثم تغفر له فيخلف وعده ثم يأتيك بكلمات معسولة فيرضيك ثم يخلف وعده صدقوني أي علاقة تقوم على كل هذا الإخلاف من الوعد لن تحمل أي خلق ٍ مهما مر عليها من زمن فالذي يحمل في صدره " عرقوب " لن يحمل في نبضه " الشرف " .

يحدث أحيانا أن تعطي أحدهم أكثر من حجمه وأكثر من شكله فيظلمك بنفس الحجم والشكل الذي أعطيته له وربما بشكل أكبر ، كررت هذه التجربة حتى شاب شعر رأسي أيم الله أني لم أرى أي جدوى في إعطاء أي امرئ أكثر من حقه فالمرء كالإناء علينا أن نسكب فيه ما يوافق حجمه وشكله تماما دون زيادة أو نقصان .

لأننا إن سكبنا ما يزيد عن الحجم والشكل المطلوب فإن الإناء سيضيق على وسعه وسيبدأ بقذف الماء إلى الخارج دون أن يهتم لكرمنا أو لأي زيادة قمنا بإعطائها له ، وإن قللنا عنه الماء أيضا نكون قد ظلمناه ولم نعطه حقه ، إذن لا شيء أجمل من أن نعطي كل امرئ ما يتناسب مع حجمه وشكله بالتمام والكمال لا نزيد على الشكل أو الحجم مقدارا ولا ننقص منه مقدارا ثم علينا بعد ذلك أن نراقب الإناء ونراقب ردة فعله ونراقب أصالته ألم يقولوا " كل إناء بما فيه ينضح " وألم أقل أنا " كل كلب ٍ بما فيه ينبح " : ) إذن فلنراقب . ربما هكذا كنت أنا .!

يحدث أحيانا أن تعتقد أن الوهم ابن الحقيقة مع أن العكس هو الصحيح فالحقيقة بنت الوهم لذا عليك أن تنقل أفكارك الداخلية وكل ما حصلت عليه من معرفة إلى الحجر الذي تشكل في وهمك قبل أن يصبح حقيقة وإلى البيت الذي تشكل في مخيلتك قبل أن يصبح واقع وإلى البرج الذي تشكل في أحلامك قبل أن يصبح صرحا حتى لا تنسب ابنا لغير أبيه وتنسب فتاة لغير أمها .

يحدث أحيانا أن تعتقد نفسك وحيدا لكنك تجد حولك الأصحاب في كل مكان وتظن نفسك يتيما فتجد لك أهل في كل مكان ، وتظن أنك بلغت سن الشباب والشيخوخة في ذات الوقت ثم تجد من يضعك في سنك الحقيقي في لحظة ، يحدث أحيانا أن تعتقد أنك تشبه الأسماك المحكوم عليها أن تسكن العمق ويحدث أحيانا أن تعتقد أنك مثل صخرة طانيوس التي خرجت فجأة ثم اختفت فجأة ، أو تعتقد أنك مثل النهر الأحمق الذي خرج من البحر ليصب في البحر ، يحدث أحيانا أن تعتقد أن الموت يحاصرك من كل الجهات وأن حيوانات الغابة البشرية ستنقض عليك في أي لحظة ومع هذا يحدث أنك رغم كل شيء لم تمت ولا زلت تعيش .



يحدث أحيانا أن تجد شخصا لا يعرف كيف يعيش لكنه يعرف جيدا كيف يموت ، يحدث أحيانا أن تراه ميتا وهو مليء بالحياة وأن تراه مثخنا بالجراح وهو سليم معافى ، يحدث أحيانا أن تسأله عن سر هذا التناقض في شخصيته فيقول لك لقد ترعرعت في الحدائق وكبرت على الاختناق وتعلمت في المقابر ، نعم يحدث أحيانا أن ترى شخصا كهذا يعيش بين عالمين ويموت بين عالمين إلا أنك قد تراه رغم كل شيء صلدا ً كجبل ، ربما لأن الموت علمه كيف يدخل إلى عمق محددات الموت ولا يموت وربما لأن الحياة علمته كيف يستفيد من الحياة دون أن يعيش .. ربما هكذا كنت أنا !

يحدث أحيانا أن تفتح بوابات الماضي على مصراعيها ، ويحدث أن تدرب ذاكراتك على التقاط كل ما يثير الخوف والهلع والقبح من العالم ، يحدث أحيانا أن تحدث معادلات لسوء فهم ٍ بينك وبين الطبيعة وبينك وبين الوعي واللاوعي فتسلك طريق الخطأ وطريق الاستنتاج الغير مدعوم بالعقلانية ، لكن يحدث أحيانا أن تتشكل من بين كل هذه المواد مواد أخرى تثير السخرية في نفسك فما فائدة أن تعيش مثلا إذا لم تحاول أن تكتشف القطب الآخر من نفسك . إذ ما فائدة أن لا تصاب بالجنون إذا كنت عاقلا لدرجة أنك لا تحتاج لأي كائن من كان ؟ ما فائدة الطبيب إذا كنت لا تمرض أبدا ، ما فائدة الحياة أساسا إذا كنت متمتعا فيها ولا ينغص بالك شيء ؟ ما فائدة الجنة إذا عشتها على الأرض ، وكيف ستقنعك جهنم بشرها إذا لم تزرها في الواقع ؟

يحدث أحيانا أن تحتاج إلى نقطة ارتكاز تنطلق منها إلى الجوهر الحقيقي للأشياء الخارجية لكن صدقني لن تصل إليها أبدا ما لم تصل إلى نقطة الارتكاز للأشياء الداخلية في نفسك . ربما هكذا كنت أنا .. !

يحدث أحيانا أن يسقط جسدك مغشيا عليه أكثر من مرة كما حدث معي ليلة أمس ، يحدث أن تشعر وأنت في حالة الإغماء وكأنك تعبر صحراء تنافس حرقة رمالها أنفاسك ، تشعر وكأنك نخلة لا تشرب إلا الماء المالح ولا تستظل إلا بالظل الكالح ، يحدث أحيانا أن ترى الجمال بأم عينك يدفن بين الكثبان الرملية ، وترى الدهشة بأم عينك تلحق سرابا يغتالها خلف ذلك التل ، يحدث أحيانا أن تشعر وأنت مغشي عليك بأنك أصبحت قارة جديدة لن تكتشف إلا على أيدي أمراض العصر . ربما هكذا كنت أنا ؟!

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

اقبليها مني


شفاك ِ الرب من كل مكروه


اقبليها مني
حبي الأبدي لك



بحث التجاذب التقني والسياسي للملف النووي الإيراني


أحد الأحبة القرّاء المهتمين بالشأن السياسي والإيراني ربما قام شاكرا بتلخيص ما كتبته في بحثي المنشور عن " التجاذب التقني والسياسي للملف النووي الإيراني " والحقيقة أني وجدت تلخيصه عن طريق الصدفة لكني اعجبت بالتلخيص كونه يوفر على القارئ جهد القراءة المطولة للبحث .
أترككم مع الملخص :


التجاذب التقني والسياسي للملف النووي الإيراني"



خالد بن محمد العلوي, حركة التوافق الوطني, الكويت, فبراير 2008, 34 ص.


+ بمقدمة الكتاب, يقول المؤلف: " بدأ تاريخ الملف النووي الإيراني عام 1960, في عهد الشاه محمد رضا بهلوي, حين كانت إيران تتمتع بعلاقة قوية وجيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية, حيث أنشأ الشاه منظمة الطاقة النووية الإيرانية, ومركز طهران للبحوث النووية. إلا أن المركز لم يأخذ دوره البحثي إلا في عام 1967, عندما تم ضمه لجامعة طهران, وأشرفت عليه منظمة الطاقة النووية الإيرانية. وما أن بدأ العمل في المركز حتى أهدت الولايات المتحدة الأمريكية للمركز, مفاعلا نوويا صغيرا بقدرة 5 ميغاواط, لأغراض البحث, وكان لهذا المفاعل التدريبي قدرة على إنتاج 600 غرام من البلوتنيوم سنويا من وقوده النووي المستهلك, قبل أن تنقلب الولايات المتحدة الأمريكية على إيران وبرنامجها النووي, وتنقلب معها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي, وذلك بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران, وتغيير النظام".

+ بالفصل الأول ("أهمية الطاقة الذرية في اقتصادات الدول والبدائل المتاحة") يؤكد الكاتب على دور الطاقة الذرية في الاقتصادات الوطنية, سيما بجانب تطبيقاتها بالمجال السلمي, وبالمجالات الصناعية والزراعية والطبية وما سواها.

ويلاحظ أن الدول المتقدمة غالبا ما تلجأ لمصادر الطاقة الذرية, لتلبية احتياجاتها الاستهلاكية, في حين أن دول العالم الثالث لا تزال تركز اهتمامها بجهة المحروقات والحفريات, والأشكال النمطية التقليدية, غير المتجددة والمتطورة.

ويلاحظ أيضا أن الدول المتقدمة تلجأ للبدائل النظيفة وغير الملوثة بيئيا, مثل طاقة الرياح, والطاقة الشمسية, والطاقة الجيوحرارية, والطاقة المعتمدة على الجرانيت الحراري والبحري وما سواها. إلا أن ذلك لا يزال غير معمم, إما بسبب التكلفة المرتفعة لهذه البدائل, أو بسبب تدني الجدوى بالقياس إلى مصادر طاقة أخرى, سيما النفط والكهرباء الواسعي الاستخدام, والمهيكلين منذ زمن بعيد لنظم الإنتاج والاستهلاك.

إن استعمال الطاقة النووية, يقول الكاتب, لم يعمد إليه في إنتاج الكهرباء إلا أواسط خمسينات القرن الماضي, وتطوير البحوث والتطوير لإيجاد طاقات بديلة, لم يتم اللجوء إليه إلا في أعقاب الأزمات البترولية الكبرى.

وتمتاز الطاقة النووية بتواضع تكاليفها, بالقياس إلى الفحم الحجري مثلا, أو الغاز الطبيعي. ثم إن محطات الطاقة النووية "هي الأكثر أمنا, مقارنة بجميع المنشآت الصناعية الكبرى المماثلة...ونسبة الحوادث الصناعية في المحطات النووية هي الأقل على الإطلاق".

أما الخوف من الإشعاع, فهو مبالغ فيه بنظر الكاتب, إذ "إن مقدار جرعة الإشعاع الذي يتعرض لها الإنسان خلال كشف أشعة إكس واحدة, يعادل ما قد يتعرض له العيش بالقرب من محطة نووية لمدة 2000 سنة, فضلا عن أن تصميم وتشغيل المحطات النووية, يخضع لأشد أنواع التدقيق والمراجعة والاحتياطات الأمنية".

وعلى الرغم من أن المحطات النووية تحتاج إلى استثمارات أولية عالية (حوالي 1000 إلى 2000 دولار للكيلوواط المركب) مقارنة بمحطات الطاقة المعتادة (أقل من 800 دولار), "فإن المصاريف التشغيلية للمحطات النووية وحاجيتها الداخلية للطاقة, منخفضة وقليلة التغير نسبيا, كما أن عمرها الافتراضي كبير جدا (حوالي 40 إلى 60 سنة), وكلما عظم حجم الطاقة المركبة للمحطة النووية, انخفضت تكاليف وحدة الإنتاج".

ثم إنه بحكم تقنينها, فإن المحطات النووية تمتاز بأنها لا تسهم بتاتا في انبعاث غازات أكسيد الكربون, أو الكبريت إلى الطبقات الجوية, "الأمر الذي يشكل أكبر مثالب مصادر الطاقة الكربونية, نظرا لما تسببه من تلوث بيئي على مستوى الأرض كلها, فضلا عن الإسهام في تعظيم الاحتباس الحراري, الذي يهدد برفع درجة حرارة الأرض على المدى البعيد".

+ بالفصل الثاني ("دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية, والغرض من تأسيسها") يتحدث الكاتب عن هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة, والمكونة من 139 دولة. وقد أنشئت بغرض "تشجيع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية, والحد من التسلح النووي".

ومنذ حادثة تشرنوبيل الشهيرة, بدأت الوكالة تركز كثيرا على "التحصينات الأمنية والوقائية, حيث أنها هي المركز القائم لوضع المبادئ والركائز والمعايير, في ميدان السلامة والوقاية".

وتستخدم الطاقة النووية في العديد من الأنشطة من قبيل تسيير السفن الحربية, وخصوصا الغواصات التي بفضل هذه الطاقة, تستطيع أن تبقى تحت البحر لشهور عدة, دونما حاجة للجوء للموانئ بغرض التزود بالوقود, ثم تستخدم في توليد الكهرباء, وفي تحلية مياه البحر, ناهيك عن إسهامها في فروع الأبحاث الطبيعية والصناعية والزراعية وغيرها.

وتتعهد الدول النووية الكبرى بالعمل بشروط منع انتشار الأسلحة النووية, إلا أن دولا كإسرائيل والهند وباكستان, لم توقع على البروتوكولات الإضافية, وبات بإمكانها تطوير هذه الأسلحة, دون رقابة من لدن الوكالة الدولية.

+ بالفصل الثالث ("الملف النووي الإيراني: النشأة والتطور") يتحدث الكاتب عن طموح الشاه, بستينات القرن الماضي, لبناء 23 مفاعلا نوويا لإنتاج الطاقة الكهربائية, إلا أن كل ذلك توقف جراء ثورة العام 1979. أما اليوم, فإن أهم المواقع النووية الإيرانية, توجد ببوشهر, حيث توليد الكهرباء بالطاقة النووية, بفضل المساعدة الروسية منذ العام 1992, ثم محطة أصفهان, ومفاعل نطنز, كمحطة لتخصيب اليورانيوم, ومحطة أراك للمياه الثقيلة.

ولما كان لإيران احتياطات هائلة من النفط والغاز, فإن العديد يشكك في الغاية من تطلعها لإنتاج الطاقة النووية, ولحد الساعة, لا يعرف المرء بالتدقيق هل تريد إيران الطاقة النووية للاستخدامات السلمية, أم بغرض إنتاج أسلحة نووية بالمستقبل.

+ بالفصل الرابع ("التعاطي مع الملف النووي الإيراني قبل وبعد الثورة الإسلامية") يعاود الكاتب الحديث عن العلاقة بين إيران والولايات المتحدة, وكيف أن هذه الأخيرة اتفقت مع إيران بالعام 1978, لتزويدها بكل ما يحتاجه المفاعل, بما في ذلك الوقود النووي, وكيف يتم تطويره.

إلا أن الثورة أوقفت هذا التعاون, على الرغم من أن مفاعل بوشهر 1 كان قد أنجز العمل فيه بما يقارب 90 بالمائة. بعد الثورة والحرب الإيرانية العراقية, عاودت إيران نشاطها النووي, إلا أن الولايات المتحدة كانت تتعقبها, وتحول دون إتمام تعاقداتها مع الدول الغربية الأخرى.

وتخوف الولايات المتحدة غالبا ما يشير إلى مفاعل بوشهر, ذي القدرة الكبيرة على إنتاج البلوتنيوم, الذي قد يمكن من تحوير أي مفاعل نووي سلمي, إلى مفاعل نووي للبحوث والتجارب التسلحية.

وعلى الرغم من أن القانون الدولي, ومعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (وقد وقعتها إيران سنة 1968), يعطي لإيران الحق في الحصول على التكنولوجيا النووية, "فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعارض وبشدة أي تعاون مع إيران, على أساس أن طهران تقوم بتحويل التكنولوجيا النووية والمواد التي تتلقاها, من الاستخدامات المدنية إلى الاستخدامات العسكرية".

وتعود أزمة إيران مع الدول الكبرى ووكالة الطاقة إلى العام 1995, عندما وقعت إيران مع روسيا اتفاقية, يتم بموجبها بناء الروس لمحطة طاقة نووية بمدينة بوشهر جنوب إيران. وشككت الولايات المتحدة بالاتفاقية, وادعت أن بها بنودا سرية, تتمحور حول تزويد روسيا لإيران بمحطة للطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.

إلا أن التحرش الأمريكي ازداد أكثر بعد غزو العراق واحتلاله, وازداد معه تشبث إيران ببرنامجها, ودفعها بحجة أنه للاستخدامات السلمية الصرفة.

ويعتقد الكاتب أن الملف النووي الإيراني سيبقى معلقا, لأنه أخذ طابع النزاع السياسي, وليس التقني, بل ويتم استخدام البعد التقني, لبلوغ غايات سياسية. ويرى أنه لا حل لأزمة الملف النووي الإيراني إلا الحل السياسي والدبلوماسي, مع استبعاده لنجاعة الحل العسكري.

http://www.elyahyaoui.org/nucleaire_iran.htm

يحيى اليحياوي
الرباط, 19 يونيو 2008



اشكر للكاتب جهده


وللإطلاع على البحث كاملا الرجاء زيارة هذا الرابط





فيديو محاضرة فلسفية ( الكويت) صيف 2005





في محاضرة في دولة الكويت حول فلسفة الأشياء وفلسفة الوجود (( 2005))

الاثنين، 19 أكتوبر 2009

ردود ومداخلات على موضوع ( قناع التأسلم ) الكويت أنموذجا

ردود ومداخلات على الحارة العمانية حوار حول ( قناع التأسلم الكويت أنموذجا )
مقتطفات من المداخلات والردود
مداخلة إدارة الحارة العمانية :
يقال أن انتشار موجة الإسلامي السياسي في الشرق الأوسط تم في السبعينات، في سبيل مواجهة المد الشيوعي.كانت الكويت إحدى أهم مراكز الإشعاع التنويري في إقليم الخليج العربي، وعلى مستوى الدول العربية سابقاً من خلال نظامها التعليمي المتطور حينها، وسخاءها الكبير في مجال نشر الثقافة والمعرفة من خلال مجلة العربي، وسلسلة عالم المعرفة، ومجلس الكويت للثقافة والعلوم -إن لم أكن مخطئا في الاسم-.نسأل الكاتب خالد العلوي، ماذا حصل في الكويت لنرى الإسلام السياسي يشوش العملية السياسية في ذلك البلد؟وهل حقا فقدوا الكثير من رصيدهم الشعبي في الانتخابات السابقة؟
لك الشكر والتقدير
رد : خالد العلوي
مرحبا بالإدارة الفاضلة ،، ماذا حصل في الكويت ؟
سأحاول أن اختصر قدر استطاعتي لأن الحديث يطول فيما حدث وما يحدث وما سيحدث .ما حدث في الماضي وفي الستينيات والسبعينيات تحديدا أن الحكومة الكويتية كانت حكومة مبادرات وليست كما هي اليوم حكومة " ردود أفعال " فقد كانت في الماضي تستشف هموم الشارع وتتلمس قضاياه وتستشعر ما يريده المجتمع وتسارع بالقيام به لذا مرت الكويت بفترات ازدهار على كافة المستويات في الماضي لأسباب عديدة ساهمت في رقيها أهمها ما ذكرت أن الحكومة كانت تدفع بالمجتمع إلى أعلى وتبادر إلى تحقيق ما يتمناه ويريده الشعب أما اليوم فالحكومة أصبحت لا تبادر ولا تتحرك أصلا إلا إذا رأت أن هناك ضغطا شعبيا عليها أو رأت الكويت ستقع في أزمة تستدعي منها التدخل .أما ما يحدث الآن يا عزيزتي (( الإدارة )) هو أن أغلبية التيارات الإسلامية السياسية التي تتاجر بورقة الدين وتتمسح به أكثر من ممارسته تنظر إلى العملية الديمقراطية على أنها مستوردة من الخارج " كلعبة الجولف " لذا هي ترى أن هذه العملية لا تصلح للعالم الإسلامي ولا تصلح للكويت لذا فهي تحاول أن تقوض هذه الديمقراطية وأن تنفذ مكانها أجندة خاصة تنادي بأسلمة القوانين وإحلال خلافة إسلامية هي أقرب لمعقتد محمد عبد الوهاب في الخلافة الإسلامية من معتقد محمد بن عبدالله النبي الأكرم وقد قاموا بتلك المحاولات فعلا عندما تقدموا في عام 81 بطلب تعديل على المادة الثانية من الدستور ليكون الحكم إسلاميا مفصلا على مقاس أجنداتهم وعندما لم يتحقق ذلك بدأو في سياسة أخرى وهي أسلمة القوانين و اللحى والشوارب والدشاديش والمدارس والحضانات والمراكز الثقافية كما قاموا بالفصل بين الطالبات والطلبة في المعاهد والكليات والجامعات وسعوا ولا زالوا بالمطالبة بأمور لا تمت للواقع الاجتماعي الكويتي والسياسي والاقتصادي بصلة وما يمكنهم من الاستمرار في مطالبهم هو تواجدهم تحت قبة البرلمان فالتيارات الإسلامية في الكويت أكثر تنظيما من غيرها رغم أن تواجدهم في هذا المجلس أصبح قليلا مقارنة بالمجالس السابقة والسبب يعود إلى الاقتتال الذي حدث بين الحركات السياسة المتأسلمة والانقسام والطعن الذي أزاح الأقنعة عن الوجوه وجعل من الشعب الكويتي يتلمس حقيقة هذه الحركات ويرى أن أكثرها كاذبة ومخادعة أو تطوع الدين لمصالحها الخاصة والضيقة .
هذا من جانب الحركات المتأسلمة ناهيك ِ عن أن الحكومة أيضا تتوجس خيفة من الديمقراطية وترى أن الدستور كان سقطة تاريخية لعبدالله السالم مؤسس الدستور فهي تخاف أن تنقلب هذه الديمقراطية عليها .على الجانب الآخر أيضا نجد أن هناك حرب ضروس بين مشروع بناء الدولة الحديثة ( دولة المؤسسات ) وفق دستور 62 ومشروع الحكم الذي كان يفترض أن يتوافق مع مشروع بناء الدولة الحديثة لذا بتنا نرى أن مشروع الحكم والحفاظ عليه والتسابق من أجله أصبح مقدما في الكويت على مشروع الدولة الحديثة لهذا أهمل مشروع بناء الدولة وتعزز نهج الانفراد بالسلطة والاستئثار بها الأمر الذي أدى إلى تعارض بين المشروعين النتيجة ؟أن هذه المشاكل صبّت في صالح الإسلام السياسي وحركاته فهذه البيئة الموبوءة جعلت من الحكومة وأقصد أعلى سلطة سياسية فيها تنشغل باقتتالها الداخلي بين لواءات وجناحات الأسرة والحفاظ على مشروع الحكم إزاء بناء الدولة الحديثة كما ذكرت سابقا الأمر الذي أبعد عين الرقيب عن هذه التيارات المتأسلمة التي أتيحت لها الفرصة ان تتغلغل داخل طيات المجتمع وتقوم بجمع الأموال بلا رقيب أو حسيب من خلال الهيئات الخيرية ولجان الأعمال الخيرية التي تجد أنها منتشرة أكثر من "التاكسي الجوال " ليس في كل منطقة بل في كل رأس عائلة أو "فريج " أو شارع الأمر الذي ساهم في نمو هذه الحركات وجعلها تنشط وتكبر تحت اسم الدين وهناك حقيقة لابد من ذكرها أن الحركات المتأسلمة تصل إلى النساء أكثر من الرجال فهي تستهدف النساء بصورة أكثر كون أن النساء يتعاطفن أكثر من الرجال مع أي شيء ديني حتى وإن كان خارج من بطن المخيال الاجتماعي أو ( الميثولوجيا ) التي لا تقرب الدين من قريب أو بعيد لذا تجد حتى في المجتمعات الغربية وليس العربية فقط أن معظم النساء يصوتن للتيارات المحافظة والدينية أكثر من التيارات التقدمية .
لكن ما يشع بالأمل أن التيارات التقدمية لا زالت تناضل ولا زالت تقف في وجه كل من يريد أن يعيد الكويت خطوة للخلف بكل جهدها وقد لاحظنا في الانتخابات الأخيرة أن الشعب الكويتي جدد ثقته بالتيار الوطني والليبرالي والتقدمي الذي يؤمن بالتعددية السياسية والحريات الدينية والثقافية بانتخابه ولأول مرة أربع نساء أغلبهن محسوبات على التيار الليبرالي كما أن الشعب بدا أكثر بعدا عن الحركات المتأسلمة وأكثر تصدي لها ولمحاولاتها والدليل تراجع تمثيل الحركات المتأسلمة في البرلمان الكويتي الحالي
مداخلة ابن بركة :
مقال جميل ورائع أيها الأخ المبدع دائما، خالد العلوي...-فحينما يرى المسلم المتدين أو المتأسلم المتشدد بأنه الأصلح والأجدر والمخلص لهموم مجتمعه، فلن يدخر جهدا لأجل أن يقود القاطرة، فتلك هي القيادة... ومع ذلك سترى رماح وسهام معارضيه تمطر عليه بغزارة، ويساء الظن فيه، حتى يتهم بأنه يخدم نفسه ومصلحته السياسية...وكذلك الحال لدى العلماني لن يدخر جهدا لأجل قيادة القاطرة، إن كان يرى ويثق بأنه الاجدر والاصلح من غيره... فهناك سترى نفس الرماح والسهام تنهال عليه كالمطر، ولكن من قبل من كان يرميهم بالأمس، حتى يساء الظن به ويخدم نفسه ومصلحته السياسية... كل هذه التهم يتم التراشق بها بين التيارات، وكأن لسان حال المجتمع وأفراده (التي تحاول التيارات استقطابه)يقول: فخار يكسر بعضه بعض.
مداخلة دراوسي :
كأنك تعني أن الديمقراطية هي نوع من التدافع الحاصل في البلد؛؛ ولكن هنالك اختلاف بين تدافع وآخر فالسياسة أغلبها أوتار حساسة وكل موقف تستتبعه مواقف وفي حالة بعض الأحزاب فإنهم كثيرا ما يخفون ‏برامجهم خلف برامج انتخابية وهمية تغري الناخب ‏ ‏لتتبعها عواقب مؤلمة بعد انتخابهم ،، اذا المشكلة بشكل عام تكمن في ‏أرضية التدافع وهي هنا الديمقراطية ، فهذا المصطلح ‏المقدس لدى الكثير من السياسيين ومنهم المتأسلمين تحوم حوله الكثير ‏من الأسئلة ‏اللتي تجعله عرضة للنقد والامتحان..
رد خالد العلوي :
ابن بركة ، درواسي .. الحبيبان ..
في حديثكما كثير من المنطق السليم ..
دعونا نوضح الصورة أكثر عن الديمقراطية نحن نقول أن الديمقراطية في الكويت تحديدا لأنها الوحيدة التي تمارس هذا النهج الفريد حتى الآن في الخليج العربي تظل حتى الآن في نطاق التجربة وتحتاج إلى المزيد من الوعي حتى تصل إلى مرحلة شبيهه بما يجري في الغرب من حياة ديمقراطية راقية .
نحن نطرح هذه التجربة حتى نتثقف ونعرف عنها في حال ما عشناها في يوم ما وكما قلتم أيها الأحبة دائما سنجد في الطرف الآخر من يعادي ثقافة الآخر ومن يحارب نهجه فإن كان خير الخلق حورب وقوتل فما بالنا بمن هم دونه نحن نقول أن هناك مشاكل جمة تواجه العملية الديمقراطية وتؤثر في مسيرتها وفي عملية الحراك الديمقراطي كما أن هناك بالتأكيد ثقافة إن لم تكن معادية للديمقراطية فهي غير مرحبة بها وتتوجس منها وتخاف منها وأغلبية التيارات الإسلامية تقوم بذلك وتحارب الديمقراطية .
وتأكيدا على حديثكما أقول أن الكتل البرلمانية داخل مجلس الأمة الكويتي متباينة الأداء وكل كتلة لديها مشروعها السياسي الخاص ( فخار يكسر بعضه البعض ) وهذا المشروع السياسي قد لا يبدو ظاهرا للناس فالمواطن العادي لا يستطيع أن يتابع ما يجري من أحداث خلف الكواليس ولا يستطيع أن يفسر تصرفات السياسي في العادة فهم يتابعون الأحداث لكنهم يعجزون عن تحليلها كما يجب وعليه تدور هذه الكتل في حرب ضروس مع بعضها البعض حرب اقتصادية وسياسية وفكرية وهذا الصراع بالأخير يؤدي الى انتصار كتلة من الكتل سابقا كانت الكتلة الإسلامية تنتصر في الغالب أم اليوم فنرى ان الكتلة الشعبية والليبرالية هي من باتت تتقدم .
على ّ أن اذكركم أيضا وأقول أن العملية الديمقراطية ليست انتخابات فقط فهي نهج واسلوب حياة كذلك لكن ما نراه في الكويت لا يتعدى " الانتخابات " بمعنى : نعم هناك كتل سياسية وهناك حركات وهناك تجمعات لكن لا ننسى أن قانون الأحزاب لم يسن بعد وإن كانت الاحزاب متواجدة تحت مسميات اخرى كحركات وتجمعات لكني بالمجمل لا أستطيع أن اطلق عليها مسمى حركات سياسية بالمعنى الصحيح تماما لأنها تفتقر لأبسط مقومات الحركات السياسية فهي لا تمتلك برامج واضحة ومفصلة على أرض الواقع ولا نعرف شيئا عن تمويلها كما أن اسلوب عملها لا يرقى لمستوى حزب باستثناء حركة وأخرى ربما لذا أنا أرى أنه من الصواب أن نطلق عليها تجمعات انتخابية وليس حركات أو تجمعات سياسية لأنها لا تستهدف إلا الوصول إلى البرلمان
أخيرا أيضا للتذكير أقول : أن الديمقراطية حتى عند الغرب هي من أسوأ الأنظمة لكنها أقل الأنظمة سوء وهم في الغرب لا يقولون عن النظام الديمقراطي أنه نظام مثالي لذلك ترى أحيانا داخل الأغلبية أغلبية في الاغلبية وربما هي من تحكم فتعتبر أقلية بمعنى أن الأكثر نشاطا والأكثر جهدا والأكثر تأثيرا هو من يحكم بالديمقراطية .
لكما الحب

دمع الرب يملئ الأرض

شيخة كلما تساقط المطر
ورأيت دمع الرب يملئ الأرض ساءلت نفسي
كيف تتجلى عظمته ؟
كيف تتخطى حكمته ؟
أنظر طويلا إلى هذا البكاء المستفيض
وأفيض إجابات بين نفسي ونفسي وأقول:
عظمة الرب لا تتجلى في الأشياء المخلوقة من قوته
بل في الأشياء التي تعيش على دمعته
وحكمة الرب لا تتجلى في الأشياء المخلوقة من عزته
بل في الأشياء المعلّقة على مقلته
كلما تساقط المطر
ورأيت الرب يبكي كشيخ ٍ كبير ٍ ضحى بسعادته
من أجل أسرته الطبيعة .
يزداد إيماني به وبحزنه المطر
أزداد قناعة بأن الأشياء التي يخلقها البكاء تأتي بديعة
كدمعة الرب حين تعانق فم طفل في السودان أضناه انتظار ماء البلوغ
حين تعانق انتظار نخلة في الصومال ِ برّح جذرها الخضوع والخنوع
دمعة الرب تروي الطبيعة كرواية ٍ حكتها الجدات
عن ساحر ٍ نمرود
تروي القلوب كحكاية ٍ حكاها الكهان عن إله ٍ محمود
كلما تساقط المطر
ورأيت دمعة الرب
يزداد إيماني به وبحزنه المطر
يزداد إيماني به وبالإبداع الذي يصل إلى ذروته
كلما بكى وتوجع
كلما تساقط المطر
ورأيت دمعة الرب
خالفت اعتقاد الناس
بأن الرب معتكف عنهم ببكائه
كي لا يضل الناس بلونه المخطوف
وبتسارع الأنفاس
كلما رأيت دمعة الرب ورأيت ما تصنع من إبداع ٍ حسّاس
قلت في نفسي :
قل أعوذ برب الناس
ملك الناس إله الناس
من شر الوسواس الخناس
الذي من دمعه أحيا اللؤلؤ والمرجان والألماس
الذي من بكائه أخرج التين والتفاح والأناناس

ارقصي

مدخل للظاهري :

ارقصي على دوائر النور والاقتدار
فمن رقصك ينبعث النور
ويموت الاحتضار
من رقصك يأتي المسافر
الذي أماته الانتظار
من رقصك تخلق الأحلام
على شفاه ِ الصغار
من رقصك يصبح الليل قمرا
من رقصك تصبح الشمس نهار
ارقصي على السفوح ِ
على الجبال ِ على الجدار
ارقصي على نهر الليطان ِ
على نهر الأردن ِ
على المحيطات على البحار
ارقصي فمن رقصك تخلق العذوبة
ويخلق السمك ويخلق المحار
ارقصي فوق الشعر ِ
تحت النثر ِ
بين الكلمات ِ
أعلى المعنى
أسفل السطر
ارقصي على القوافي
كما ترقص الأوزان في رأس الشعر
ارقصي بجنون السحر
غيّري مياه البحر
لوني مياه النهر
اعيدي اكتشاف الرحيق
اعيدي اكتشاف الزهر
تدللي
فلمثلك كان الدلال
ولمثلك خرج الله بليلة ِ القدر
ارقصي
دعي خلاخل القدمين تدندن
دعي اللا ممكن يصبح ُ ممكن
دعي الممكن يصبح مستحيلا ً
دعي المستحيل يصبح مُحسن
ارقصي حافية القدمين
ارقصي كأرض الحرمين
فرقصك مؤمن ..
رقصك ِ مؤمن .

(شيخة ) 1

شـــيخــة )

تسحبيني أنت ِ من رذاذ حبري ومن تراب قبري ومن أقدام عمري ، تأخذيني من قدري وتمضين بي فوق رؤوس الأشقياء لأعلمهم أنني أمير كل هذه البلاد العجيفة وأني أمير طهر الشوارع وسلطان نظافة الأرصفة وملك اليراع الأخضر وشيخ السواقي التي لا تسقي نخيل الظلام .تسحبيني أنت ِ من غواش الأقبية الغارقة في أربعين نارا من نيران الرجس ، تسحبيني فوق كل ما تخصّر من الدنس على ليل الدماء ، تمشين بي ناحية البئر لأورد كل سلاطين الأمم وكل تيوس الأمم مياه تُشبع بطون الرمم .

أميرة أهل مجان واليمامة والعرب أنت ِ ، سلطانة كل ما ركب الزمان وكل ما خطى خطوة ناحية المكان وكل من دك أرض الكيان ، شيخة قلبي لا أحد يساويك في نظري إلاك ِ ولا أحد يوازيك في نفسي إلاك ِ ولا أحد يرقى أن يصعد سماواتي إلاك ِ .. كل هؤلاء النسوة حبيبتي كلهن لا يساوين باسق حذائك .

أنت ِ زعيمتهن التي تعلمهن الطهر ، وانت ِ مولاتهن التي تعلمهن أسرار العطر ، أنت ِ كبيرتهن التي علمتهن كيف يصلي الفجر لله شكرا أنه أنت ِ ، وكيف يصلي العصر لله حمداً أنه أنت ِ ، أنت ِ كل ما أنبثق في نظري من طبيعة وكل ما صعد إلى أنفي من عبق ، وكل ما تسلق إحساسي من شعور .

أنت ِ أنت ِ .تسحبين منّي كل الرجيم ، وتحطّين بدمّي كل النعيم ، تخرجيني مما علق في الليل من أوضار ، وتدخليني في كل ما دلف إلى الشمس من أنوار ، تعطيني كل هذا العلم الذي فتقته الرياح ، وتسلّميني إمارات كل هذه المدن التي رتقها الصباح ، لا تغلقين شيئا ً ببابي ، لا تحبطين شيئاً من أعمالي ، دائما تنصفيني دائما حتى وإن كنت شر هؤلاء الرفاق ، حبيبة صدري حلم قريب حلمي والبعيد أنت ِ ، وسمائي السادسة والسابعة أنت ِ ، وأرضي المسجورة بالحب أنت ِ ، لوحة هذا الأفق أنت ِ ، قطر هذا القلب أنت ، رسّام هذا الكفّ الممتلئ بالحمام واليمام والسلام أنت ِ أنت ِ .

من خارج الاستعارة ومن خارج كتب البلاغة والبلغاء ومن خارج كتب العربية كلّها ومن خارج كل الأكاذيب والهراء أنا أحبك ِ أيتها اليوتوبيا ، أحبك ِ أيتها المسافرة في جسدي كالدماء ، أيتها العالقة بحبيبات لحمي كالمسام ، أيتها السماء المشرّعة الرحمة أحبك ِ .


يا سرّي الذي لا يعلمه ثالث إلاي ، يا عشقي الذي لم يعرفه سواي ، يا ست النساء الأولى في عشائر عمري ، يا سيدة القبائل الأولى في واحات صدري ، يا " أمّورة " هذا النابض شمالا يا عصفورة هذا القفص دلالا ً يا ترتيلة الصدق المسافر إلى الله في كل دعاء أنا مع كل شراييني نُحبك ونحبك ونحبك ملء الأرض والسماء ْ.


حبيبة كل الظلال الوارفة حطّي في هُدب عيني ، واهجعي على رمشي ، وسيري على عرش جسدي ، والعبي بالشعر والأوزان فوق شفاهي افعلي ما تشائين وابقي في الجوار ، جوار دمّي وقلبي وشرياني وعظمي ومسامي ولحمي وكرياتي البيضاء ، جوار كل الروح التي أهدتك حب تجاوز الأطوار .

قولي عن أميرك " العلوي " أنه ضحكة النهار ، قولي عنه أنه أمير الكبار والصغار ، قولي عنّي أني جباه ٌ عريضة ٌ من الصدق لم يدنسها غبار ، قولي أني مدينة ٌ لم يسكنها إلا أمثالك اللؤلؤ والعقد والسوار ، قولي لهم أنك أميرة كُل هذا الحوار . كلّه .

قولي أني أنا العلوي دقّات النبض في ساعات قلبك الوارثة ، قولي لهم أني أرضك الأولى والثالثة ، قولي لهم أني سمائك السادسة ، ضعيني في التاسعة ثم قولي لهم هذا أميري هذا هو سلطان كل سماواتي العاصفة بالحب ِ بالورد ِ بالقمح ِ بالعاطفة .

قولي لهم عني أنا العلوي شيخ الشروق وشيخ البروق وأنه كان أول الحاضرين إلى روحك وأنه كان أول السابقين إلى بوحك وأنه كان أول العارفين بجوفك وأنه كان أول نعمة من حب تحمل نوحك إلى سماء الابتسامات والفرح والطوفان.قولي لهم عنّي أنا العلوي الذي ما ارتقى إلا سلالم روحك وما صعد إلا حلمات علمك وما ذاب إلا في كتاب رمشك وما قرأ إلا دواوين صدرك أنه قصي ّ عن فاحشة التاريخ وعن أبواب الجهل وعن سوءة فرعون وأنه في ليلة ٍ مثل هذه الليلة كان الوحيد والفريد الذي عاش حتى على حنّاء يدك ْ .

قولي لهم عني العلوي بالغ كل العبارات وعاقل كل الجمل وعاقر كل السبخ ومصلح كل أزميل أعوج ، قولي لهم أني كنت في أول الأمر حقيقة وفي أخر الأمر حقيقة وفي نهاااااااية النهاية حقيقة لا تقبل القسمة إلا على نبضك ونبضك ونبضك ، قولي لهم أني مطروح من جميع الحسابات التي لا تساويك ومرفوع عن كل الأماكن التي لا تحتويك ومجرور في كل الزوايا التي دسستِ إصبعك فيها .

قولي لهم أن ربّ القرية الظالمة حين دلف على درج ظفري سقط ، وأن إمام القلوب المقيتة حين تجاوز صبري سقط ، وأن كل الرهط من أصحاب الأرض السابعة حين حاولوا أن يحرّقوني سقطوا ، قولي لهم أني الخلود في الماء وأنهم الخلود في مسيلمة وهيروديا ، قولي لهم أني الفضاء كل الفضاء وأنهم الفناء كل الفناء .

قولي لهم عني أنك حبيبة عمري وأنك وحي عشقي وانك أميرة عشبي وأنك شيخة رسمي وأنك كل الذين سبحوا باسم رب الحب في هذا القلب وأنك كل الذين حمدوا رب الحب في هذا النبض وأنك كل الذين بنوا أحلامهم في صدري وأنك كل الذين حققوا الأمجاد في عمري .قولي لهم أنك أول من ارتمى في قلب هذا العلوي ،وأنك أول من ظفر بنبض هذا الأبي ، وأنك أول من ربح رهان هذا الشقي ، وأنك أول من فتح باب هذا العصي .قولي لهم أنك أول من جعل العيون تجهش مغشيا عليها من الدمع ، وأول من جعل الروح تهتز مرميا عليها من الشمع ، وأول من جعل هذا القلب يئن ملقيا عليه من الجمع ، الجمع الجميل ، يا أميرة الجمع .

قولي لهم أنك كل الفرق التي دخلت إلى قلبي ، وكل اليافطات التي حملتها كريات دمي ، وكل القبائل التي ذرفتها محاجري ، وكل العشائر التي تتنفسها رئتي ، قولي لهم أنك هذه الأسمال وهذه الأحمال وهذه الأثقال وهذه الأعمال وهذه الأقوال وهذا الثقب الذي لا يسده إلا حبك .حبيبة عمري لا تتعبي ،،كفّي عن سؤالي . فقط قولي لهم أنك ِ أنا .. أنا يا عمري أنا .

الجمعة، 16 أكتوبر 2009

قناع التأسلم ( الكويت أنموذجا )



المتأسلمون لا يؤمنون بالديمقراطية كنهج يؤمنون بها كوسيلة

الفارق كبير بين أصولية وأخرى


لا يمكن لأي مراقب سياسي بصير ومطلع على خبايا وخفايا وأهداف وأعمال الأصولية الإسلامية في العالم العربي والإسلامي أن يطلق على جميع التيارات والحركات المنتمية إليها حكما عاما يشملها جميعا كونها تختلف حسب تاريخها ومعتقدها وجغرافيتها والظروف السياسية والاجتماعية والمحلية الخاضعة لها . إذ لم لا يمكن أن يقول أي مراقب للمشهد السياسي في الكويت مثلا أن تلك الحركة المتأسلمة شبيهة بتلك الحركة المتأسلمة الأخرى إلا في بعض القضايا المشتركة المتعلقة بالأصول عدا ذلك فالفارق كبير في الفروع بين الواحدة والأخرى فما تقبله حركة أصولية في دولة ما قد ترفضه حركة أصولية في دولة أخرى وما تؤمن به ثالثة في زمن ما تكفر به رابعة في زمن آخر وما تقدمه خامسة من فتاوى في قضية ما ترفضه سادسة برفعها فتاوى تنقض تلك التي قدمت والدليل ما شهدته الساحة الكويتية مؤخرا من تصريحات نارية واقتتال وانقسام بين بعض الحركات المتأسلمة الأصولية على خلفية قضية شراء أصل الدين وإسقاط القروض وغيرها من القضايا التي جعلت كل أصولية تعارض أختها وتزعم أنها أحق بالدين وبالسماوات وبالله وبالجنة من غيرها .

المراقب للمشهد السياسي في الكويت لا يدان أن أطلق بعض أحكامه على بعض هذه الحركات كونها خاضعة لنفس المكان والزمان والجغرافيا والظروف الاجتماعية والسياسية ولكونه يراها ويتلمسها عن قرب ويرى ما تفعله بعض الحركات المتأسلمة من متاجرة بورقة الدين .

الدين عند المتأسلمين قناع

التاريخ البشري يؤكد أنه لا شيء أنجع وأخطر وأسرع من ورقة الدين في السيطرة والانتشار على المجتمعات المتدينة أيا كانت يهودية مسيحية مسلمة كون الدين جزء لا يتجزأ من فكرها وسلوكها الأمر الذي جعل بعض تلك الأصوليات تجد في الدين ضالتها المنشودة ولهذا لبسته قناعا واتخذته حجة لكل عمل تعمله ولكل قول تقوله حتى وإن جانبها الصواب فمن خلال الدين تستطيع أن تدخل إلى كل البيوت وأن تقنع الآخرين بما تشاء الأمر الذي أعطى تلك الأصوليات فرصة واسعة للانتشار والتغلغل في طبقات المجتمع بعد أن جعلها تنمو بسرعة تحت سمع وبصر الدولة من خلال بنائها لشبكات اجتماعية تشمل حضانات للأطفال ومدارس لتعليم القرآن ومؤسسات اجتماعية وإصلاحية وأنشطة رياضية وثقافية تقوم بها وتشرف عليها وتتغلغل من خلالها إلى كافة شرائح المجتمع لفرض الوصاية والسيطرة عليها عن طريق الترغيب بعد أن فشلت في تطويعها عن طريق الترهيب إذ أن هذه الشبكات الاجتماعية ليست أكثر من قناع تلبسه وتمارس من خلاله عملها الأصولي المتشدد والمتزمت .

تناقض التأسلم

في الانتخابات الأخيرة في الكويت وفي زحمة القضايا المطروحة على الساحة الانتخابية أطلت بعض الحركات الأصولية والمتأسلمة عن طريق مؤسساتها أو عن طريق ندواتها الانتخابية وتصريحاتها بتصريحات وآراء تخالف العرف الاجتماعي السائد وتخالف مواد الدستور في المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وتخالف مبدأ الحرية والديمقراطية فتلك أصولية خرجت لتؤثم كل من صوّت للمرأة فهي من جانب تحرّم التصويت للمرأة ومن جانب آخر تطلب من المرأة أن تصوت لها ومن جانب نقيض تماما تحتقر المرأة ومن جانب براغماتي بحت تحتاج لصوتها ودائما في كل ما تفعل وتقول ترى أنها على حق دائم وغيرها على باطل حتى وان قادها هذا التصرف والقصور المشين في الوعي الى ان تخسر اخا كريما أو اخت كريمة او مصلحا اجتماعيا صالحا أو مصلحة اجتماعية فاضلة رشيدة وكفؤة على الجانب الآخر .

ما يكشف القناع

المراقبون لأعمال هذه الحركات المتأسلمة يعتقدون بأن ما يفضح عملها ويكشف قناعاها الذي تختبئ خلفه أنها تمارس العمل السياسي والحزبي وهي من الداخل ترفضه وتقسم على العمل بالدستور وهي من الداخل تحنث بالقسم لأنها تظهر غير ما تبطن وهذا ما صرحت به أيضا حركة سياسية متأسلمة حين أكدت بأن قسم النواب الإسلاميين على الدستور قسم يحتوي على مواربة فالنائب المتأسلم يقسم بالظاهر بعكس ما يضمره بالباطن وهذا ما يجعل المراقب للمشهد السياسي يؤكد أن ما يجعل تلك الحركات المتأسلمة أن تفعل ما تفعل وتجيز ما تجيز كونها تجد أن في يدها ورقة رابحة وهي ورقة الدين وعليه هي تحلل كل الوسائل لنفسها لأنها تسعى إلى غاية أسمى في نظرها وهي استلام السلطة والسيطرة على مجريات ومقدرات البلد وإعادة المجتمع إلى النفق الضيق الذي تعيش وتعمل من خلاله بعض الأصوليات والحركات المتأسلمة .

المتأسلمون يشبهون دون كشوت

المتأسلمون عموما وفي كل مكان لا يؤمنون بالعمل الديمقراطي ولا بالتعددية السياسية كنهج لكنهم يؤمنون بها كوسيلة تبرر غايتهم المغلفة بالمواقف والأقوال المخالف أكثرها لما يبطنون والدليل ما تفعله بعض التيارات الأصولية المتشددة في تعاطيها وتعاملها مع بقية التيارات التقدمية في الشأن السياسي والثقافي والاجتماعي فانعدام الوعي في العقليات التي تشكل وتخلق القرار الديني والسياسي والثقافي في الجانب الأصولي يجعلها تتعامل مع بقية التيارات التقدمية والتيارات الوطنية الأخرى بوعي قاصر لا يحتوي ولا يتفهم الخطاب السياسي والديني والثقافي عند الطرف الآخر وهم بذلك يشبهون وعي دون كشوت في قتاله لطواحين الهواء, ولانه -دون كشوت- لم يفهم ولم يحتو الآلية التي تحكم الطواحين ثار عليها, و راح يحاربها . وهذا ما تفعله بعض التيارات الأصولية والمتأسلمة في تعاطيها وتعاملها مع الشأن السياسي سواء من خلال عملها تحت قبة البرلمان أو من خلال تعاطيها السياسي مع التيارات التقدمية والوطنية الأخرى أو من خلال حملاتها وندواتها الانتخابية فهي حين لم تفهم آلية عمل الآخر النقيض لها وشمول نظرته راحت تحاربه لمجرد أنه تقدمي وليبرالي ومعتدل ووسطي.

الدين والقبيلة

المسيرة الديمقراطية في الكويت تحديدا نجحت بفضل التقدميين في تحقيق قفزات نوعية في الماضي لأنها كانت تسمع وتعي وتفهم وتدرك وتحلل كل ما يصدر عن القرار السياسي والديني من فائدة ومنفعة بعكس ما تشهده المسيرة الديمقراطية اليوم التي اختلطت فيها ورقة الدين مع القبيلة وورقة الموروث مع المعروف بسبب الممارسات التي صدرت من بعض المتأسلمين من أبناء القبائل وربطوها بالدين وبهذا اختلطت بمفاهيمه وهي ممارسات وموروثات مغلوطة لا تعدو كونها عادات جبلت عليها بعض طوائف وقبائل المجتمع والدين منها براء .

ميزة التقدميين

من الأضداد تعرف الأشياء وفي العمل السياسي إن كانت الأضداد تتفاضل فهذا ليس من أجل التفاضل وإنما من أجل التكامل ومُشاركة الناس عقولها واحتواء أحدها للآخر النقيض بعيدا عن المثل القائل "نأكل على طاولة معاوية ونصلي وراء علي " والميزة التي تحسب للتقدميين أنهم يؤمنون بالأضداد وبالتعددية وبالنقيض الآخر ولا يكفرون به ولا يرفضونه جملة وتفصيلا كما تفعل الكثير من الأصوليات والحركات المتأسلمة معها فالتقدميون ينطلقون من خلفية ثقافية وسياسية تملي عليهم أن يكونوا منفتحين على كل الجهات يناقشون كل الأفكار الجديدة ويرفضون السكنى في نفق مظلم بل يصرون على إشعال الأنوار في جميع الأنفاق المظلمة من أجل التنوير والتطوير والرقي .


خطيئة الرجعيين

خطيئة الرجعيين تكمن في أنهم يصرون على العيش في نفق مظلم لا يقبل مراعاة الظرف الزمكاني ( الزمان والمكان ) ولا يقبل التغيير متناسين أن قانون التغيير ينص على أن كل شيء يتغير إلا قانون التغيير نفسه والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يضع للزمن قيمة ومن لا يتغير فالزمن خصمه شاء أم أبى .



أسس صناعة الأزمات

المراقب للحركات المتأسلمة في الكويت يعلم تماما أن أسس صناعة الأزمات لديها لا يقف عند ضعفها التقديري في موازنة الأمور السياسية والدينية والثقافية أو في مصادرة القوة التقديرية السياسية والدينية والثقافية لدى الاخرين فحسب, بل ينشأ من هذا الضعف لديها مناطق عديدة للطعن والقذف والتسابق على التسلح والمعارضة لذلك يؤكد المراقبون أنها تقوم بما تقوم به وتفعل ما تفعله انطلاقا من هذه المناطق الضعيفة والهشة التي تحاول من خلالها مدارة سوءاتها الدينية والسياسية والثقافية .

خالد العلوي

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

خواطر مريض لم يطب بعد

الأرض من تحتي تهتز ، والسماء من فوقي ترتعد ، والكون من حولي يبتعد بخطوات ثقيلة نحو التلاشي ، رباه من أنا ؟ متى جئت إلى هنا ؟ كيف جئت ؟ سألت الكثير ممن حولي ، لا أحد يعرف ، جئت من أي رحم ؟ من أي مرحاض ؟ من أي مصيبة ؟ من أي كوكب ؟ من أي قبر ؟ لا أحد يعرف ، أشعر أني عاري بدون كساء ، وبدون وعاء ، وبدون وجهة ، أشعر أن نوايا العالم ليست حسنة ، وأشعر أن نواياي لا تساعدني على الحركة !
أوه ، أشعر أن عيون العالم تترصد نظراتي ، هنالك شيء لا أفهمه ؟ لماذا تشرق الشمس ؟!!الوحدة تهجم علىّ مرة أخرى ، والغيوم تواصل تحليقها فوق سمائي ، والهموم هذا المساء تصر أن تحتسيني مع عشرين ملعقة ملح ، غداً علىّ أن لا أنتظر الشروق ، علىّ أن اضغط على عيني لتبكي ، وأن اضغط على أعصابي لتحترق ، وأن اضغط على مساماتي لتطفح العرق بشكل وافر ومقرف ، علىّ أن أتساقط من عين نفسي كالمطر حين يبكي بدموع ٍغزيرة ، علىّ أن لا أندهش، فأنا أكبر خطيئة وضعت قدميها على الأرض .كيف حالي ؟
الوصفة التي كتبها الطبيب تخبرني عن حالي ، فيروس الكبد الوبائي ( حامل للمرض ) ، مع حساسية شديدة ضد العالم ، مع ألم ٍ شديد في الركبة ، مع قصر نظر شديد يجعل الصداع صديقا لرأسي ، أوه ، كم أمقت الصداع حين يتكاثر في رأسي ، اشعر حينها أن رأسي يكبر حتى يضاهي العالم ، وأشعر أن هذا العالم المضاهى ملئ بالمستنقعات التي سرعان ما ينمو بجانبها طور جديد من النباتات الوعائية ، التي تنمو وتتوالد بسرعة بيد أني أشعر أن رأسي لم يعد يحتمل المزيد ، من يستطيع أن يقول للصداع لا ؟ لا أحد يستطيع ، فكيف استطيع أن اقول للفيروس لا ؟ ، وأقول للحساسية كلا ؟ ، وأقول ألا قد شهت يا ألم الركبة ؟ كيف ؟ لا أحد يعرف .كليتي ، تنتظر توقيع الأوراق لتُسرق مني ، وبعدها سأعيش على مصفاة ٍ واحدة للدم ، غدا على أن أسير بها طويلا كنوع من الامتنان على ما قدمته طيلة السنوات الماضية لجسدي ، سأقوم بجولة عريضة معها ، أريد أن أتلاشى فالموقف أصبح شديد الوضوح ، اغضبوا مني ، اشتموني ، لن أرد ، لن أقول كلمة واحدة ، حتى كلماتي الماضية سأشطبها ، حتى ملامحي سآخذها معي قبل أن تأخذوها ، أريدكم أن تنظروا إلى بحقد وبكره شديد ، فأنا أكرهكم وأكره حياتكم ، سأموت إنسانا كخالد .
لا أعرف حقا إن كنت أستطيع النهوض غدا لوحدي ، أخشى أن يتأخر الأصحاب ، لماذا أخاف أنا ؟ الألم يبدو هادئا حتى الآن ، علىّ أن أبدو أكثر اتزان وحكمة ، على أن اسحب يديّ من تحت الوسادة واضعها على الأرض ثم أنهض ، رؤوس أصابعي ستساعدني على النهوض ، لا بد أن اذهب بقدمي للقعود حيث لا أحب ، يجب أن أعوّد نفسي على ذلك مذ الآن ، فابنة البحر التي كانت تقول لا تفعل ، ذهبت في رحلة مزاج قاتم ، ساعد قوتي على التبخر !
قبل خمسة أيام وفي مثل هذا الوقت ، كنت أضحك ، لم أنم طوال الليل ، كنت أواصل متعة السهر ، كنت أقوم بحفلاتي الليلية الخاصة بين القصاصات وأدمغة الآخرين ، لم يك ُ في وسع أحد أن يعرف كيف أتنفس ، وكيف أتحمس ، الآن الكل يسمع صوت أنفاسي ، والكل يعرف أني فقدت الحماس ، وفقدت من كنت أتحدث معه ، الآن أنظر إلى وجهي المصفر فأرى إنسانا أخر لم ألفه من قبل ، ولا أعرفه ، إنسان أبعد ما يكون عني ، ليس بيني وبينه شبه سوى الصورة !
تمتعوا بالغباء من بعدي ، تمتعوا بالشر ، تمتعوا بالخيبة ، تمتعوا بتلك القصاصات البليدة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، تمتعوا بكل شيء ، لم أعد أصلح للكتابة ، لم اعد أصلح لأرف برمش عيني كما ترف الحمامة ، لم أعد أصلح إلا للكآبة والرتابة ، تمتعوا وأنا سأبقى نائم ، لن أفيق ، لا أريد أن أفتح أذني أو عيني عليكم ، لا أريد أن يوقظني أحد ، لا أريد ، واصلوا الأكل ، وواصلوا غسل الصحون ، وواصلوا العادة ، أريدكم أن تنسوا وقع أقدامي ، ووقع أقلامي ، ووقع اسمي ، ووقع شكلي ، ووقع عنواني ، ووقع قرآني ، ووقع مزماري ، ووقع كل شيء يمت لي بصلة ، انسوا أنني كنت لكم أخ ، انسوا أنني كنت لكم حبيب ، انسوا أنني كنت قويا وساحرا ، انسوا أنني كنت أمضي معظم يومي كله أدون لكم شيئا يأكله العقل لتشعرون بالفائدة ، انسوا ، فأنا لست أنا الذي كان قبل بضعة أيام ، أنا إنسان أخر لا يستطيع التراجع .
إذن أنا لست سامقا بالمقدار الذي تصورته ، عرفت أني ضئيل ، أشد ضآلة من خائن ، كل الأشياء لا تأتي إلا في الوقت المناسب ، كانوا يكذبون علىّ حين كانوا يقولون أن الأشياء لا تأتي في وقتها ، تعالوا لتبولوا فوق الأشياء ، و من قال لكم ذلك ، بولوا عليه ثم تعالوا لتبصقوا فوقي ، لأني لن أهدأ، سأظل أردد رغم الوهن والتعب، أنكم لا زلتم تعيشون في صفيحة ٍ مملوءة ٍ بالبول ،حتى الكلمة تلك الكلمة التي كانت تلقيها على مسامعي قبل سقوطي وبعد، أين ولّت ؟ في الصفيحة ؟ لا ، لا تقولوا لي امتحن أفكارك من جديد ، عليكم أن تمتحنوا أنفسكم قبلي ، عليكم أن تهزوا رؤوسكم ثم تخضّوها ، عندها فقط ستعلمون أن الكلمة كانت مثل رؤوسكم صدئة ومسعورة ونجسة .
شخير الحقد المتطاير حولي ، وشخير الإعياء ، وشخير الموت القادم يخبرني أني أشد سفالة من شخير الأشياء ، يخبرني عقلي أني مذنب ، ويخبرني ضميري أني نمّام ، ويخبرني وجعي أني معتدٍ أثيم ، وتخبرني هي أني مجرد سعال أو صرصار ، وإلا لحافظت على ّ أكثر من أي وقت ٍ سابق ، لا جدوى من الحديث الآن ، لا جدوى من التقيؤ ، لا جدوى من التواطؤ ، لا جدوى من المفاجئة أو التفتيش ، لا جدوى أصلا من الشخير ، أمي وحدها تعلم ما الجدوى ، منذ أنجبتني وهي تعلم ، أما أنا فلعين، أمؤ كمواء القطط وأبول كالكلاب .هل ما زلت موجودا بالفعل ؟ روحي بدأت تركض إلى الخارج ، تركض كالفضيحة ، تنتشر ، وتتكاثر ، ثم تتبخر ، بعد نصف ساعة من الآن ، لا أدري حقا كيف سأشعر ، من سيحمل من على كتفيه ؟ هل أستطيع مواصلة حملي ؟ هذا الحمل لا يشبه أمي ، آه لشد ما كنت قويا في الأيام الماضية ، الآن أشعر أن يدي تضطرب ، أشعر أني أصبحت شيئا أخر ، مشوش ، وسقيم ، لا عليكم واصلوا غزوي ،فقد حانة الفرصة لأرفع راية الاستسلام .
‏05‏/08‏/2004

عرب صليم

من فضــــلِ الله عليّ أنه منّ عليّ بذاكرةٍ تساعدني دائماً على تذكر أصدقائي وأحداث أصدقائي وذكريات أصدقائي .. و من هنا ، خاصةً لك أنت أيها الصديق الذي لا يعلم أنني سأكتب عنه .. ولا يعلم أنني سأفتح قلبي عنه ..ولا يعلم أي شيء ٍ عن المنتديات وعن الصفحات التي سأتحدث فيها عنه .. سأتحدّث .
نعم أنت لست نصر الله ، و لا صليم ، و لا العقاد ، و لا البحتري ولكنّك أعلم عنّدي و أفضل من هوميروس و أحمد مطر وناجي العلي وطفولة أحمد عرابي .قلت لي ذات مرّة ونحن نستفيض في حديث ٍ عن الذكريات ، أنك تتذكر جيدا حكاية سقوطك من على سطح المنزل حين كانت فوهة المدفع تقذف منزلك من على الجبل المقابل لقريتك الصغيرة والجميلة ( عرب صليم ) ، قلت لي أنك حين وقعت على الأرض وقع معك التاريخ والتوقيت واليوم ولحظة الهجوم الغاشم على قريتك .
قلت لي أنك لا زلت تتذكر حادثة قبل حادثة وحكاية بعد حكاية ، كنت تجري مرّة في القرية لتشاهد الألعاب النارية ، والدّخان ، والسباقات ، والملاحقات ، حتى أعترض سنّك الصغير جنّدي أمسك بتلابيب ثوبك الصغير قائلاً لك : " عاشت إسرائيل " لم تك تعلم ما هي إسرائيل ، ولم تك تعلم لماذا يحاول أن يفسد هذا الفم الكريه فرحتك بمشاهدة الألعاب النارية ، لكنّك بعد سبق دقائق وبعد أول جرح ٍ ترسمه السكّين عرفت ماذا تعني إسرائيل .. وعرفت أن الألعاب النارية لم تك إلا قنابل وقذائف صاروخية تحتفل بتشويه قريتك الحبيبة ..... ( عرب صليم ) .
جرّتني ذكرياتك إلى تذكّر أحد الأصدقاء في حديثه عن نشأته ،فقد كان يتجلّى في حديثه وبكل فخر ٍ يخبرني عن ترفه ِ ودلاله .. وغنجه الأشبه بغنج الإناث ، يخبرني عن بأس أبيه وسلطته ونفوذه وكيف أنه لا يطلب شيئا منه إلا وناله ،وعن دلال والدته له التي أعطته عين العصفور قبل لبنه ..!يحدثني عن المصّيف وكيف أن أبيه يرغو ويزبد في وجه كل من تسوّل له نفسه أن يلمس أو يتعرض لقطته المدللة بلسان ٍ أو ساق !!
يتحدث ويتحدث ويتحدث، عن الراحة ، عن السعادة ، عن المال ، عن الملل ، عن أبيه الذي قرر أن يشتري منزلا في لندن وكان يريده في سكتهولم، أحسستُ برغبةٍ مُلحّة في التقيّؤ ، قلتُ له : أعتقد يا رفيقي أنّك لا تعرف شيئاً عن حياة الآخرين ، عن إنسانية الآخرين ، عن أمراض الآخرين ، عن جوع الآخرين ، عن استشهاد الآخرين ولا أعتقد أنك سمعت بفلسطين إلا مجازا أو صدفة ، ولا أعتقد أن ثقافتك المترفة جعلتك تسمع مثلا ً عن قرى في جنوب لبنان كـ " النبطية " و " جرجوع " و " حبوش" و" عرب صليم " على الإطلاق ، فأومأ برأسه مؤكدا ً أنه لم يسمع بالأسماء الأخيرة وأما فلسطين فسمع بها طبعا من نشرة الأخبار .. يا الله .. ..يا الله .. يا صبر أيوب على بلواه .!!
ازدادت رغبتي بالتقيؤ ومع كل كلمة ٍ كان يقولها تقفز إلى ذهني صورتك يا صاحبي العزيز ، صورتك وأنت تركض بين رصاصات إسرائيل ، صورتك والسكين تمزّق فخذك الصغيرة ، صورتك وأنت تسقط من على سطح المنزل لأن شظية خاطئة أصابت السطح فأردتك على الأرض كبيرا في عين الله وملائكته وصغيرا في أعين الجبناء ، صورتك وأنت لا تصيّف إلا في كلمة " لا حول ولا قوة إلا بالله " صورتك وأنت لا تشتري إلا " الله اكبر " صورتك وأنت تشيّع كل يوم ٍ قتيلاً من أهلك ، صورتك وأنت تحاول أن توقف النزيف المندلع من جبين أخيك .. ..!!
صورتك وأنت تحدثني عن الطفولة " طفولتك " .شتّان يا صاحبي شتّان بين حياة عمر الشريف وعمر المختار ، شتّان يا صاحبي شتّان بين من يعيش عيشة الاستحمار .. وبين من يعيش عيشة الاستغفار ... بين من يحمي وبين من يبيع .. بين من عطره العرق وبين من عطره الإتكال ... بين من تقول كل أعضاءه بصوت ٍ واحد يا " الله " وبين من يقولها بصوت ٍ مفرد ٍ عنوانه " العادة " . شتّان .!!
21-5-2005

الشخصية العربية والموروث

الشخصية العربية لا زالت تعيش بين تشتت الماضي وتراثه وبين حاضره العلمي وتصادمه الثقافي مع الحضارات الأخرى ، مما أدى إلى خلق معادلات عديدة من التناقض والانفصام في سلوك وثقافة العربي .
فالشخص العربي لا زال أسيرا لكهوف الموروث فقط ولا زال مقيدا بفكر العادة والتقليد أكثر من الفكر المبني على المنطق والبحث العلمي والتحليل والدقة والاستفادة من الحضارات السابقة ، لهذا نجد نصف سكان العالم العربي يعيشون بعقليتين وبثقافتين ، فلا زالت الشخصية العربية تعيش بعقلها وعقل آبائها وبثقافتها التي اكتسبتها عن طريق العلم في عصرنا الحالي وعن طريق الثقافة التي ورثتها عن طريق الآباء والأجداد والموروث .
لهذا نجد أن إيقاع الشخصية العربية في عصرنا الحديث لم يتغير كثيرا عن العصر القديم فلا زالت الشخصية العربية تنأى بحالها عن دراسة حركة التاريخ والمتغيرات الإنسانية والمتغيرات الزمكانية ( الزمان والمكان ) لذلك نجد أن تلك الشخصية لم تسهم إسهاما بناء ً على أيدي مثقفيها في خروج الأمة العربية من أزمة تخلفها إلى واقع الحضارة الحديثة التي نعيش بين كنفيها .
وربما يعد من أهم أسباب ذلك أن المجتمعات العربية والإسلامية تحديدا تنبذ المثقفين فيها وتركلهم وتلصقهم بالخارج لمجرد أنهم أتوا بفكرة جديدة أو استحدثوا طريقة غير طريقة المنطق المبني على التفكير اللاهوتي فيها ولمجرد أنهم استخدموا وارتكزوا على علم المنطق والفلسفة الذي يخالف من وجهة نظرهم منطق وفلسفة رجال الدين في حل عوامل أزمة التخلف ، مما أدى إلى ربطهم بالغرب وترسيخ مفهوم أنهم غربيون ومتأمركون في المجتمعات التي يعيشون فيها .
الغريب أننا نجد أن الثقافة الغربية هي من انتصرت في مفهومها الثقافي والمعرفي للأشياء رغم أن ثقافتهم وبحثهم المعرفي انطلق من الطبيعة منذ ما يقارب 400 سنة تقريبا في حين أن الثقافة العربية والإسلامية انطلقت قبل ذلك من الإنسان والروح إلا أن الجانب الإنساني والروحي لم يقدم للشخصية الإسلامية والعربية الأولوية والصدارة في الجانب المعرفي والثقافي رغم أنه الأدق والأصوب وهذا يشير إلى خطأ ما في طريقة النظر إلى الأمور وإلى الحكم على الأشياء والسبب يعود إما لنقص في الوعي والإدراك في الإنسان العربي والإسلامي وإما في أن الأدوات التي يستخدمها في البحث والتحريك والتمحيص إذ ربما تكون الأدوات التي يستخدما أدوات متخلفة أكل منها الدهر وشرب هذا إذا كنا نؤمن حقا أن ( الروح – الإنسان ) أهم منطلقات المعرفة .
خصوصا أن المفهوم الثقافي والمعرفي في المجتمعات العربية والإسلامية قائم على أساس الدين الذي يرتكز على روح الإنسان ونفسه إلا أننا نجد أننا في شرق المتوسط نتجنب الخوض في روح الإنسان ونفسه وفي نقاط قوته ونقاط ضعفه وفي إقصاء الموروث ولو قليلا عنه لدراسة النفس الإنسانية وحاجياتها من واقع المكوّن نفسه ومن واقع المنهجية العلمية لمتطلبات وحاجيات ورغبات تلك الروح .ولذلك تجد أن كل فكرة يأتي بها المثقف العربي للتجديد والحداثة مرفوضة فالموروث الديني بكل ما فيه من أوهام أصولية أو إضافات رجال الدين أو سلطتهم أو سلطة القادة الذين يجترون الفتاوى من رجال الدين من أجل تكفير كل مثقف أدلى بدلوه معتمدا على المنطق مبتعدا عن الموروث إنما هي صورة تقريبية تؤكد لنا أن أهم وسائل الانطلاق من الذات ومن النفس الإنسانية معدومة ، وأن ما أنطلق منه الدين لم يتحقق بل تحقق ما أراده القادة ورجال الدين الذين قاموا بإقصاء الدين نفسه الذي قام على ( الإنسان وروحه ) وعلى العقل الحر والفكر النير ربما بسبب خشيتهم أن تحدث في المجتمع ثورة تشبه الثورة التي أحدثتها المجتمعات الأوربية على الكنيسة.
والمتأمل حقا في الشخصية العربية يجدها بعيدة كل البعد عن إحداث تلك الثورة التي يخشون أن تقع فالشخصية العربية شخصية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالشخصية الإسلامية والتاريخية ومن يتأمل حتى في مقالات وكتب المفكرين العرب يجد أنها لا تشير لا من قريب ولا من بعيد على إحداث مثل تلك الثورة على الدين وإنما هي لا تتعدى المطالبة بإحداث نوع من التغيير في أنماط التفكير وفي ابتداع طرق لمعالجة الأزمات مبنية على المنطق والتحليل العلمي دون الضرب في الدين وفي أدواته .
المصيبة أننا كعرب وكمسلمين ننتمي إلى حضارة ورثت كل حضارات وفكر ومعرفة الشرق القديم ومع ذلك لا نزال نقف في نفس المكان ولا نتحرك خطوة إلى الأمام في حين أنه يجب علينا الاستفادة من كل تلك المعرفة التاريخية وأن نستفيد من كل ذلك الوعي البشري ودوره الأساسي في تحريك وتغيير التاريخ .
نحن لم نقل ولا نقول أن علينا نبذ الموروث ونبذ الدين كما يقول الغرب لكننا نقول يجب أن نكون موضوعيين في نظرتنا للموروث تحديدا فالشرق أقدر من غيره على التطور وأجدر بذلك فعليه أن ينطلق من الطبيعة الجديدة والمعرفة الجديدة والعالم الجديد الذي يعيش فيه وأن ينظر إلى الوعي الكوني ودوره في تحريك وتغيير التاريخ كما ينظر إلى الموروث الذي لم يغير فيه إلا خريطته النفسية نحن بحاجة إلى تغيير الخارطة النفسية كما نحن بحاجة إلى تحريك التاريخ وتغيير مساره والاستفادة من الموروث كما الاستفادة من تجارب وخبرات حضارات الشرق القديم من أجل التطوير والتغيير والتحريك والصدارة .

كم ذرية ليعقوب بداخلي الآن تذوي

آه لو تعرفين كم أحبك ِ
كم ادعو الله في النهار ِ أن يجعلك ِ لي فلا يستجيب
وادعوه في الليل أن يجلبك ِ لي فلا يستجيب
آه ٍ لو تعرفين كم دعاء هاجمت به السماء من أجلك
بيدي ولساني وقلبي وأنفاسي
آه لو تعلمين كم مرة عنفني الرب لأجلك
كم مرة ألقى بجحيمه في إحساسي
أحبك فأخبريني ماذا أقول للقدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل
الذي اتكل عليه الآباء و أتكل عليه الطفل القابع على ثدي أمه
أحبك فأخبريني ماذا أقول لثغري الذي يردد اسمك
لقلبي الذي يسبح بذكرك
لعقلي العالق بفكرك
ماذا أقول والرب أحاطني بعقارب ِ كثيرة
تلدغني كلما قصدت قربك


ماذا أقول وكل الذين يعلمون عن عشقي يستهزئون
والذين لا يعلمون يشمرون على أنيابهم كأسد مفترس
ويأكلوني من وسط قلبي وعلى امعائي يقترعون
ماذا أقول والرب من أجل حبك ضيعني كالمتاهة
وقسمني كالقرون
أحبك فأحصي كل عظامي الميتة
احصي شمع قلبي المذاب
احصي أيام عمري المسكوبة
احصي كم عين التهمتني كم لسان نهشني
وكم أكلتني البطون
آه لو تعرفين كم قارة بداخلي الآن تغرق
كم إنسان بداخلي الآن يموت
كم طامة بداخلي الآن تنهق
كم حزن بداخلي الآن يفوت
آه لو تعرفين كم ذرية ليعقوب بداخلي الآن تذوي
وكم مزمار لداود في صدري الآن يموت
آه لو تعرفين كم صرخة لأجلك أطلقها قلبي
كم مجدا للرب أعلنته من أجل حبي
كم سامرائي قتلت
كم هارون خاصمت
كم لوح مقدس من أجلك أحرقت
آه لو تعرفين كم نارا آنست من أجلك في سيناء
وكم طور وجبل انحدرت منه إلى ترابك

الموت يترامى حولي حين أكتب

لماذا تحدث لي كل تلك الأشياء حين أتذكرك ؟ لماذا يترجل عقلي مني ويذهب إلى سوق الجياد ليمتطي جوادا يقطع به المسافات ليلحق بأفكاره التي انطلقت خلفك؟ !

لماذا يقفز قلبي مني إليك وكأنه بهلوان مغامر لا يخشى أن تؤدي به حركاته الخطرة إلى الموت أو الشلل مقابل أن يسمع صوت صفقة واحدة أو ثناء واحد من فتاةٍ تعرف أن البهلوان الذي عرض نفسه للموت يعشقها ؟!

لماذا تتغير الأشياء العادية التي كنت أقوم بها قبل أن أراك بصورة عادية ؟ لماذا يتحول عملي الكئيب في لقاء الأشخاص الذين لا أطيق رؤيتهم إلى عشق لتقاسيمهم وأسمائهم وأشكالهم كلما رأيتك تطلين علىَ من خلالهم ؟

لماذا تتحول قراءتي الروتينية للجريدة بأخبارها المملة إلى شغف ٍ لا يمل كلما رأيتك تركضين بين صفحة الإعلانات المبوبة وتختبئين بين الكلمات المتقاطعة وتضحكين لي من افتتاحية رئيس التحرير وتعانقيني أمام مانشيت الصفحة الدينية ؟

لماذا تصر يدي أن تصبح كناسا يزيل الامتعاض الذي خلفه الأسى على خديك والكنّاس نفسه ينسى الامتعاض الذي أمتلئ به خده ؟

لماذا تلح أبجديتي أن تختار أجمل الكلمات وأكمل العبارات من دكان اللغة حين تريد أن تحدثك وأبجديتي نفسها حين تريد أن تحدث نفسها تلتقط البالي والمهمل من ذاك الذي تركوه خارج دكان اللغة ؟
لماذا حين تبصر عيني يدك ممسكة بمقبض الباب تتمنى أن تصبح مقبضا وتتمنى أن تصبح باب ؟
لماذا تكون كل أحاسيسي رافضة لكلمة " الحب " حين تراك رافضة أن تحتويها هذه الكلمة التي لا تحمل مني سوى أربعة أحرف ؟وحبك حتما أكبر من الأحرف ومني ومن قاموس الأبجديات .
ماذا تفعل عيناك في جسدي ؟ ماذا يفعل عقلك ؟ ماذا يفعل حسنك ؟ ماذا يفعل ذاك الشعر الطويل بيدي حين يداهمها كليل ٍ ليس له آخر ؟
كموسى و بني إسرائيل أغدو حين أراك أتوه مني في صحرائك لأربعين ليلة كل ليلة ٍ بسنة .
كأيوب ٍ قلبي يسقط مضرجا بالأوبئة والصبر كلما رآك تتمنعين عنه لأربعين سنة .
كذي النون عقلي يسجن في بطن حوتك حين تقسين على أفكاره فلا يلفظه الحوت إلا إن آمن بأفكارك.
كالرهبان الذين كلما سمعوا الذكر فاضت أعينهم بالدمع تصبح عيني كلما سمعت بذكرك .
كالبركان الذي كلما فار تنوره أجهش بالحمم يصبح قلبي كلما فار تنورك .

لماذا حين أشتاق إليك أشعر أني أملك موهبة النحت أكثر من دافنشي وأجيد قراءة النجوم أكثر من غاليليو ؟
ولماذا حين أفقدك أشعر أني سأبحث عنك بين أكوام القش كما لم يفعل آينشتاين في بحثه عن الإبرة المفقودة وسألح في طلبك أكثر من إلحاح يهوذا على التوبة بعد أن خان يسوع .

لماذا حين تغيبين عني أشعر أني سأعيش لأموت قبل أن أشهق الشهقة الأولى ، لماذا أظل أتمنى لحظتها أن أملك قرار دخولي إلى الحياة لألغي القرار قبل أن أدخل .
لماذا أظل أقول ما فائدة العيش والولادة في عالمٍ كتبت شهادة وفاته قبل شهادة ميلادي .

لماذا حين تغيبين أشعر أنني أحمل عشرات الفلاسفة من أولئك الذين لا ينفكون يتقاتلون داخل ردهات عقلي من أولئك الذين يطرحون أسئلتهم عن كل شيء عن الرب عن اليوم الآخر عن نار مالك وفردوس رضوان عن الإلحاد عن الكحول عن أنهار الخمر واللبن عن الماضي الذي كنت فيه أعيش
عن هذا الموت المترامي حولي حين أكتب ،
عن الحاضر الذي أصبحت أموت من خلاله حين أكتب ، عني حين أسكب الحرف حين أنقش العبارة حين أرسم الكلمة حين أزين الجملة حين أدون المفردة حين أرفع المبتدأ وأنصب الخبر ، حين أسأل نفسي الآن ما الفرق بيني وبين جاري الطيب الذي مات قبل أمس ؟
لماذا أظل أردد أن الفرق في الروح وأنا نفسي أقسم أني استطيع أن أحصي حتى المليون أناس موتى وهم على قيد الحياة يعيشون بلا روح ولا طعم ولا لون

لماذا ؟ تحدث لي كل تلك الأشياء وأنت لست معي ؟