في الحزن يفضّل أن نتلاشى
مثل سعينا الذي ضل في البلاد ِ الغريبة
في الموت يفضّل أن نتغابى
مثل الغباء الذي سكن أبيات القصيدة
في الحزن ِ تبدو الجبال خلفنا عدو
وتبدو الأرض أمامنا سلاح
في الحزن تبدو الدروب خلفنا كلاب
وتبدو المسافات أمامنا نباح
في الحزن ِ ترمي العشيقات عشقهن للعابرين
وتترك الحبيبات بكارتهن عرضة للخاطفين
في الحزن ِ ..
لا يوجد شرف لم يغتاب
لا توجد فضيلة لم تنعاب
في الحزن ِ ..
كل البلاد تسكنها الأكاذيب
كل القلوب تحركها الألاعيب
في الحزن درجات الجنة تختفي
وصفحات السماء تنطوي
ونار القصائد تنطفي
في الحزن ِ لا توجد بحار
لا مراكب ، لا أمواج ، لا سفينة
لا يوجد سمك يمزق حلم الشباك
لا يوجد عمق يخاف على كنوزه الثمينة
في الحزن ِ
يبكي النهار وتتوجع الشمس
وتصرخ الأشجار وتجوع المدينة
في الحزن ِ
ينسى الإمام صلاته على أبواب المساجد
وينسى ربه بين جدران المعابد
وتعتل روحه وتمرض فطرته
ويتحول قلبه إلى صحراء ٍ قديمة
في الحزن ِ
الكل يعشق أن يموت
الكل يحفر قبره بيده
الجائعون والمتخمون والصالحون
الكل يطلب أن يموت
ما دام الموت ربّان السفينة
...
في الحزن ِ
تغلق المنازل أبوابها في وجه الصالحين
وتسقط المنازل من درجاتها أقدام الطامحين
في الحزن لا تبصر الهموم نجوم السماء
أو شموع الغابرين
في الحزن ِ ..
ندفن اسمائنا في القوافل لتنبحها الكلاب
وندفن أرواحنا في الطريق ليسرقها التراب
في الحزن ِ تبدو الآمال كفتيات القبيلة اللائي فتشن عن ماءٍ
في وجه السراب
في الحزن ِ تشيخ السماء فجأة
وتأكل الأرض أقمارها
تنتحر الكواكب فجأة
وتفقد الدنيا أنوارها
في الحزن ِ تسقط الضحكات على الطريق
وتنفث الحسرات أبيات الحريق
تصغر المراكب في عين المضيق
وتُكبر القلوب أصوات النهيق
في الحزن ِ ..
إذا الحزن عسعس
نفقد الكلام ونفقد السلام ونفقد الحمام وننطفي
مثل الموت الذي زار أعين الأنام.
مثل الشارع الذي فجّره الزحام