الأربعاء، 29 فبراير 2012

مجابهات عاطفية



قال لها :

طفلتي الناكصة ...عندما يكون النكوص باسم المصلحة والغباء فلا بأس من جلب بعض الطقوس التي يستلزمها الحديثُ نيابةً عن الحب الذي نكصتي عهده وفق مصطلحٍ لغوي وقع في( لغتك الشيطانية) حيث كفرتي بحبي وبأمة (قلبي ) و بدّعتي وتفننتي في خلق ِ العلل ِ في عهدي ، و تناوشتي بنيرانك ِ غاباتي و أزهاري وحماماتي و زرافاتي و خرفاني بحجةِ مخالفتها لسننك ِ ، ودساتيرك ، وفتاويك ..تماماً حكمتي علىّ كما حكمت نملة ذات يوم على مثيلتها قائلة : ( نملة) تحاول أن تكون كــ ( نخلة ) حرّقوها وانصروا نملاتكم !!ولا أدري أي داعٍ دعاك لمثل هذا الحكم السافر القبيح وكأني عالمُ كُفر تقيمين الحد عليه بغبائكِ المسلم ؟!! – ولو 0 و .. تحت أي مسمى ، هو نكوص ورماية وإصابة قلب ، وموت أخر لقيس ونكوص أخر من [ ليلى ] .!!
حدث الحدث ربما يكون باسم هيئة مصلحتك وإفكك وربما الواقع !! ولكني في الحقيقة – وبأي حال ٍ – تبسمت حين وصلني نبأ صيحتك النملية !! وقلت لنفسي على علم ٍ كما قال احدهم ذات يوم ٍ : لو أن البعره ترى وشاهدت صخرة لقالت عنها فيلاً ضخم !!فماذا يقول مثلك يوم يرى مثلي رغم إني بحق ٍ ضخم جثة العلم وعريض منكب الثقافة وضليع في قراءة العارف والتالف عن بعد ٍ ؟!! إذن لابد أن تقرصيني ها ॥



فقصور النملة الذهني واضح إذن حتى على الأعمى منّا . فلا بأس أن تحاولي قرصي لا بأس ..فالأقزام مثلك[ طفلتي] دائما يحاولون التشبث بقامةِ عملاقٍ ليتحولوا من اسم ٍ نكرة الى معرّف يحمل نيك نيم وباسورد – لا بأس - توقعتي أن أكبو فكبيتي أنتي وكُبّكِبتي في الوحل – [ -


طفلتي الأكذوبة لم يكن جهلك ِ معضلتي اليتيمة في تأريخ معرفتك ِ ، لأن هذا التاريخ حسب دار رعاية القصور الذاتي عاطل وفاشل ! والفشل فعلاً معضلة بالنسبة لمثلي فكيف أعالج فاشلا عاجزاً ومتفكك ، إذن لن تفلح محاولاتي في السيطرة على الغباء والجهل ِ أبداً بل ستسفر عن انبعاث حالات ٍ جديدة من انفلات المرض ، وقد حدث هذا يوم قررت أن أهبك ِ ذرة معرفة ، فتتابعت المعضلات حتى أشبهت الحمى أو الطاعون الذي تداعت له سائر أعضاء جسمك ، فكيف لعلم ٍ أن يُسكب في إناء ِ الجهل ؟ بالتأكيد سيتداعى الإناء لأنه بالأصل متداعي وأخرق والعلم سيصيبه في مقتل لسببين :


أولاً : من خلقه الله ليتداعى سيظل يتداعى ، لأن كل شيء يحافظ على كينونته ، هكذا قدّر الله الأشياء أن تحافظ على كينونتها ولا تأخذ كينونة سواها .
ثانياً : لأن كل إناء بما فيه ينضح ، وإناء الجهل لن ينضح بعبقرية .!!
! أما وقد حدث وانتشر المرض – فلا ينفعك الآن تجاوز كل هذه الآفات – مهما أكثرت ِ من [ِ الصلاة .. أو التمسح برقيّةٍ أو دعاء ٍ دعاه الخليلي أو ابن تيمية أو الخوئي لزوال العلل ِ رحمهم الله .
بيباي يا شاطرة .



فقالت له :

أيها الفتى لا تزال كما عودتنا ، صاحب المنطق المطلق الشرعية ، وصاحب المنطق المطلق في إضفاء الشرعية الزائفة ؟
أختلف الأمرُ وتضاربت نظراتنا وتطايرت بصائرنا ، فلبستَ لحاءً من الشرعية والعبقرية المزيفة ...وألبستني لحاء ً من الجهل ِ والغباء المفرط ، ثمَّ استخرجت من بئر ِ علمك نوايا وقحة ترفعك إلى السماء وتلقيني الى الحضيض ؟ قسمتَ لي عصا الجهل والعبط وجعلتني أمسك بها وألصقت بيدك عصا المعرفة ، ثمَّ جعلتني مذنبة وصاحبة جنحة جنحتها بحقك دون أن أراعي العهد والحب وتلك المعرفة التي لقنتني إياها أو علمتني –وبدوت ناكصة وناقصة - ؟؟ ثمَّ تقوّلت علىّ بالمرض والقصور الذاتي - آمنت بالله – وأسرفت في كيل السوءات بحقي حتى بلغ بك الأمر أن تسلبني حق الدعاء أو العمل الصالح إلى الله ؟؟
أيها الفتى - أنا – قطعت رقبتك لأنك أطلتها ، وقطعت عهدك لأن لا عهد لك ، وقطعت غاباتك وأحرقتها لأن أحراشها مملؤة بالوحوش ِ التي ستسفّه البشر وتأكل أحقيتهم وما لهم وما عليهم ، وأخرجتك من عالمي لأن لا مكان لمثلك بجانب الكعبة والمسجد الحرام .

و باسم ما وصفتني به من صفاتٍ ، وبذكر ما ذكرته عني من عثراتٍ يسعدني أن أزف َ لك وأقول لك :

أنك بدائي وهمجي ولا تملك لسان صدقٍ عليّا ، ولن يشد الله من أزرك وأنت تتحدث بطريقة ِ الطائفة المنصورة وكأنك تضمن الحق والصواب فيما قلت وفيما ستقول ؟؟

أيها الفتى أعد تشكيل ذهنك ووعيك ، وسارع بتشييد دار علمك من جديد بعد أن تضع في ساسها بعض الأوليات / الأولويات عن الله والقرآن والسنة والفضيلة- باختصار- عن مكارم الأخلاق ، ثم أذهب لتتعلم الطريقة المثلى للحوار وللمناقشة فلا تلبس بنطالا ليس لك، لتبدو كالغراب الذي غير من حركته فلا فلح في الحركة الجديدة ولا فلح في العودة الى حركته ، تبدو لي كريكي مارتن إلا أنك تفرق عنه لكونك تأكل الثريد .
أيها الفتى : هل رأيت خطابي إنه تاريخي أليس كذلك ؟ , أتصدق الآن ابتسم وأنا اكتبهُ لك ، وأعلم أنهُ إن عُدتَ عُدنا ، وإن خصفت علىّ بسوءة خصفت عليك كل ما لا يروق من سواءات .
صدقني لست ُ مهيضة جناح ، ولا أحملُ لواء النواح ، الكفاح أو الكفاح رمزي ، وإن كنت لا تصدق [ جرب أن تطُل برأسك هيا وسنرى أي قامة ٍ تلك العظيمة التي تدعي انك تملكها] ستتمكن من الصمود أمام جيوش علمي .

بيباي يا شاطر

فقال لها :


بعد بناء الأولويات والأوليات / أتيتك ِ لأقول لك ِ رحم الله إمرء أهداني عيوبي ، فقد خلقتي برسالتك معادلات من التوازن و الطمأنينة والإصلاح و احتواء فكرة الطرف الآخر .
تتصورين أنني خنعت لك ِ ولتهديدك ولنباحك بحديثي الهادئ هذا ، كلا والله ولكني أدعو الى الشكر في المقدمة حتى يتسنى لي الجزاء أو العفو في المؤخرة .

قلت ِ ما قلت ِ ، ودافعت ِ عن نفسك ِ بما دافعت ِ ،- وأيمن الله - أن الكلمات القاصمة التي ظننتي أنها ستصيبني برعبٍ فشلت في إنجاز مهمتها ، لأنها لم تتعدى الهراء أو الإنكباب على نعلي .
يا فتاة : أعترف أنك تملكين بعض كلمات ٍ ورقية تمكّنك حقاً من الوقوف أمامي طويلا ، ولكنك حين وقوفك ستتأكدين أن تلك القامة التي أخذتك بها الظنون قادرة بالفعل على الإحسان لمن يسيئون إليها أكثر من الذين يحسنون لأنها [ حسنة بالأصل ] لذا سيكون العفو هو ردي عليك ِ وردي الوقتي لأنني لا أضمن وفائك فقد تعوّدتي النكوص من قبل .
يا فتاة : -لعَمَر الله- أنك لم تفلحِ بقولك أن الكعبة والمسجد الحرام ليسوا مكاني ، وأيم الله أنك أردت الدفاع عن نفسك باسم الدين فعقرته عند باب الكعبة ؟
ما فعلتي ذلك إلا لأنك لم تقرأي كتاب الله جيداً ؟ افتحيه لتعلمي أن مكان كل ذي شنب ولحية هناك فوقها وتحتها وعن يمينها وشمائلها للذود عنها ، أما أنت فكالمخلفين من الأعراب ِ بحجة الأولاد والمرض والحيض ستقعدين عند أول سهم !

يا فتاة :


لستُ أرى الآن إلا تركك ، ولكن رجائي هو الآتي : ان تحتكمي الى المفتى العام أو المشترك العام -كما يروق لصاحبي أن يسميه- في إنسانيتنا [ الضمير ] هل تجدين في نفسك القدرة على رفع القلم بوجهي ؟ والأهم من هذا ، هل ستدركين المثابرة ؟؟

باي باي شاطرة ..

خليط ٌ من ثلاثك : خطيئة وحقيقة وغطاء










لست ُ في صومعة ِ العشق ِ راهباً ، ولا في صومعة ِ الوهم ِ كاتباً ، ولا في بوتقة ِ الدنيا راكباً ، كلا ، فأنا خليط ٌ من ثلاثك : خطيئة وحقيقة وغطاء ]


أنا بطريقة ٍ خاصة ٍ كنت ُ ولا زلت ُ أصنع ُ من وخزات ِ الوهم ِ [ جيلاتي أمل ] وخمسة أطباق ٍ من فاكهة ِ العمل أٌقدّمهن َّ إلى قلقك ِ ليصدّق استقامتي ليعود إلى دار ِ قلبي مطمئنا ً أن لا أحد غيره دخلني ومثّل في حياتي دور البطل !



لا .. لست ُ أطيق ُ الولوج إلى غرفة ِ الحب ِ فردا ، ولست ُ أطيق ُ أن أراك ِ تدخلين إلى عرش ِ نبضي كحية ٍ تسعى ، لذا أوجدتُ لك ِ الجواري والغلمان يحلفون ويقرّون بأنك ِ وحدك ِ الأنثى الأولى التي قد كسبت عرش نبضي ، رغم أنها قالت في مثلي الأسوأ !



لا .. لست ُ أروم فضيحة ، ولا أحوم حول متردية أو نطيحة ، ولكني كنت ُ أعالج ُ الصبر فيهن َّ بأقراص ِ الإخوة وأشهد ُ على أن أقراصي أبداً ما كانت قبيحة . لا .. لست ُ أرضى أن أهبط منك ِ إلى تلقاء نفسي ، لا .. لست ُ أحبّذ فكرة أن لا تديرين فنّي ، لا .. فأنا على كل حال ٍ أتفاقم قلوباً كلها تصعد ُ لك ِ ، لذا وجب عليك ِ الإحسان إلى نفسك ِ أو فلتحسب عليك نقيصة ..!



قد تريني مهرجا ً ، أبسم ُ لهذا وأضحك ُ لتلك ، وأطلق حرفي خلاصاً لحزن نيّة ، إلا أنني على بيّنة ٍ من أمري وأعلم ُ أن المهرج َ أفصح عن دوره للملأ الأدنى والأعلى ، ومن واجبي أن أخبرك ِ أن تسهري عليه وأن تقومي عليه ، لأن المهرّج ذات يوم ٍ سيتوّج سيداً في لحظة ِ يسودها الانتباه الأخرس ، وستعلمين بعدها أن مهرّجك ِ كان في الأصل ِ نبيّا ً ، جاء ليبشّر القوم بالنور ِ ، ويبشرك بالحب ِ والسلام ، فلا تشربين القهوة سحقاً عليه ، لا تفعلي ، إنه رسولك ِ طارد الغمام ومُطلق الحمام ! لا تفعلي .



لا ... لست ُ متسللا ً إلى عالم ٍ نظّم أفعاله مشايخ ظنّك ، وقسّم دويلاته رهبان غضبك .. لا .. لست ُ خبز َ المساء ، ولا خمر العشاء ، ولا فتاتاً يتقاسمنه وهنَّ يشربنَّ الحساء .. لا لسنَّ السماء التي تظللني ، وسماواتي كلها العزة والإباء ، إنما هن ِّ تسعة من الشهور جابهنك ِ تسعاً فأنتصرتي ..!



لاءات كثيرة سأطلقها اليوم معترضا ً وغاضباً ، فلست ُ ألعبُ ، ولستُ أنهب ُ وأسلب ُ ، ولست ُ أرعب من ألاعيبك وأحجياتك ، ولستُ أسحب نفسي خلفاً من تقدّماتك وسط أجمّة كثيفة من تصرفاتك ، لا ، افهمي جيداً واحذري أن تقولي أمامي ( لن آتي ) حين أناديك ِ ، متشحة بالغرور ِ وقائلة بالاستواء ! احذري .. فأنت ِ نعم أفضل نساء عالميني ولكنك أيضا نغم لا يأتي ولا يخرج إلا على صوت ِ حنيني وأنيني ، لذا لا تدّعي البأس والقوة ولا تكوني عاثرة حب .



فلست ِ فريقاً يلعب في صف ِ الواهمات ، ولست ِ غريقاً يغرق في بحر الغارقات ، أنت ِ الملاك الملاك الذي سيتنزّل علىّ في أية ِ لحظة ٍ ليسري بي إلى جنة عدن .

احاسيس لا يفهمها معظم الرجال ...!!







1) يبدو هذا الشعور غير مفهوم في البداية كون أني أعشق هذا الرجل وأموت في هواه .. وأعيش في ملكوت فضاه فهذا يعني أنه يجب علىّ الحفاظ عليه وعلى حياته .. إذن لماذا أشعر أحيانا أني أريد أن أخنقه أو أن أسمعه يصرخ عاليا من الألم ... أحيانا لا أدري أشعر أني سأموت من الغيظ وأتمنى أن أجعله يهبط ليقبّل الأرض من تحتي لأسامحه ولن ..
لا أدري ولكنّه يصيبني بالغيرة المجنونة والشك والألم .. والأرق ... والجنون .. وأشعر أن هذه الروح تضيق عليها ضلوعي ومفاصلي ولا أحد له علاقة بهذا الضيق سواه .. وفي ذات الوقت لا أحد يستطيع أن يمنح عظامي وضلوعي الوسع سواه ...
أوه أشعر أني أصبحت كريح ٍ شديدة على سطح ماء ولكنّها لا تستطيع أن تحرك الموج مسافة ستة أقدام ...! أشعر أني ضائعة ...!


2) منذ أن أحببته وأنا نقلت عنوان سكني من المدينة إلى الغابة ... وهذا ما يدهشني فكل امرأة يرزقها الله الحب ينبغي أن تنقل سكنها إلى الحديقة .. فلماذا أعيش أنا في الغابة بين كل هذه الحيوانات المفترسة من أسد الشك وذئب الغيرة وخرتيت الأرق وجوارح اللامبالاة !! لماذا أشعر أني أعيش تحت رحمة مخالب وأنياب اللا مقبول واللا معقول ..!!


3) حاولت أن أتغلب على كل هؤلاء المتجمهرات حوله ، حاولت أن أقف لوحدي معه دون أن أشعر أن تلك المرأة التي تجتاز الشارع المقابل معجبة به أو تعرفه !
حاولت أن أثق في نفسي ودائما حين أتغلب على نفسي وأثق بها وأصالحها أتفاجأ أن كل شيء ينكمش أمام عيني حتى هو ...!! ولا أستطيع أن أفسّر ماهية هذا الشعور...!


4) نعم أنا أحبّه أكثر من الناس ومن حضرة المديرة ومن موعد طبيب الأسنان ومن الطبيب نفسه ومن نفسي ومن كل رجل ومن كل امرأة وأعلم أنه يحبّني بذات الطريقة ولكن لماذا أشعر إذن أنني سأدخل إلى مصحة ٍ نفسيّة والسبب حبّه ...!!

5) كل صاحباتي وصديقاتي يقلن َّ لي : يجب أن تتحرري من هذا الحب لتعودي طبيعية وحيوية كما كنت ِ !

نعم أنا أفكّر في أن أعود طبيعية وحيوية كما كنت لأرتاح من هذه المعاناة ... ولكنّي لا أستطيع يا صديقاتي فبدون حبّ هذا الرجل بالذات سأشعر أني عادية ..
عادية جدا ً .. وسأكون امرأة لا معنى لها سوى أن تضحك وتلعب وتستمع إلى الحكايات العادية ... وتسهر على مسلسلٍ عادي وفيلما عربي بالأبيض والأسود .. أو قصة أكشن مكررة ..!! وأنا لا أكره شيء بقدر ما أكره التكرار والرتابة والروتين .. والحب وحده المنقذ ... نعم رغم وطأة عذابه إلا أنه المنقذ حقا ..!!

لا صديقاتي لا .. لا أستطيع أن أكون مجرد امرأة لا معنى لها سوى أن ترزح تحت عبء الروتين والرتابة ...!! دعوني مع ألمه .. مع عذابه .. مع أرقه .. فذلك أهون على من حياة ٍ اعتيادية أعرف أحداثها مسبقا ً ...!!

6) بالأمس طلبت منه أن ننفصل لأني لا أستطيع أن أتحمل كل هذه الأشياء .. فأنا امرأة حساسة جدا .. شديدة الحساسية من كل كلمة ٍ أسمعها عنه ومنه .. وإليه ... أبكي كثيرا ... وأفكر كثيرا .. وأختنق أكثر .. لذا طلبت أن ننفصل .. ليس لأني أريد أن ننفصل فأنا لا أستطيع أن أعيش بدون هذا الرجل لا أستطيع ولكنّي أحببت أن أسمع ما يقول .. كان متمسكا بي جدا ً وهذا أسعدني جدا .. كان يبكي ويرجو أن أبقى وكنت أبكي وأنا أتخيل كيف سأعيش لو تركني ..كيف ستكون حياتي بعد الموت .. لا أستطيع أن أقول له أنني كنت أمزح .. فمن يمزح في مسألة فراق ؟ ولكني حقا كنت غير جادة في طلبي إذ كل ما كنت أريده أن أسمعه يقول أنه يحبني دون نساء الأرض أجمع ..فهذا ما كنت أحتاج إليه لحظتها .. أن يغازلني ويدللني ويشعرني أني بطلته الوحيدة .. وامرأته الأولى والأخيرة ..
سامحني حبيبي فهنالك أحاسيس لا تستطيع أن تفهمها منّا معشر النساء ... سامحني لأنكي أبكيتك .. ولأني أرهقت عيناك الحبيبتان سامحني فأنا أشعر أني مجنونة مضطربة في بعدك ..!!

7) حبيبي يجب أن تعلم أن الناس لم تعد مثالية كما كانت لا الرجال ولا النساء لذا أعذر غيرتي وأعذر شكّي وأعذر خوفي عليك فنحن نعيش بين أوباش ٍ يميلون إلى القرد أكثر مما يميلون إلى عنترة العبسي وعشق عبلة ... والإنسان. ..!


8) حبيبي .. أنا أعلم أني لست سيدة الأساطير .. ولست سيدة الأعاصير .. ولست سيدة الأقاصيص والشخصيات التي تملأ بها أوراقك ..
صدقني لا يهم أن أكون سيدتهن بقدر ما يهم أن أكون سيدتك الأولى .. وتكون رجلي الأوحد .. !!

9) الحقيقة بنت الوهم .. وأنا بنت وهمك .. فإذا كنا نتوهم أولا ً ثم نبحث ثم نصل إلى الحقيقة فإنك قبل أن تحبني كنت وهمي ... فبحثت عنك وتقصّيت عنك حتى أوصلتك إلى الحقيقة . تعبت كثيرا لأجدك ..وحاربت كل من حولك لتجدني .. ربما سيظل هذا الشيء غير مفهوم بالنسبة إليك لأنك لم تعشه كما عشته أنا ولكن يكفي أن تعلم أنني أتيتك منذ الوهم في أفكاري حتى أصبحت حقيقة في حياتك ...!


10) صدقني كل دهشتي أنت .. وكل غيرتي أنت .. وكل خوفي أنت .. وكل ألمي أنت .. وكل فرحي أنت .. وكل أوراقي أنت .. حتى حقيبتي أنت .. ماكياجي أنت .. أدوات زينتي أنت .. لون وجهي أنت .. بسمة ثغري أنت .. حجابي أنت .. وأنا كلي أنا أصبحت أنت ... فأرجوك أيها الرجل الذي أحبّه حد الموت أن تحافظ على حياتي بأن تستقر في دورتي الدموية دون أن تحرّك عواصفك ورياحك .. أرجوك ..!!

11 ) حبيبي النور يتبعه الظل ... ومنذ أن كنت وهما في رأسي وأنا أتبع نورك وأدفع عنه الشر والأكاذيب والظلام ... والأقبية الغارقة في دياجير المتاهة .. أبدا لم أشعر أني خاضعة خضوعا تام لأحد في حياتي كلها .. إلا لك أنت .. أبدا لم أشعر أني أستطيع أن افعل شيئا لأحد سواك أنت .. وأبدا لم أشعر أني أستطيع أن أقول نعم على كل شيء ٍ أو أقبل كل شيء إلا معك أنت ..و أبدا لم أشعر أنني في حالة انعدام وزن إلا حين أجلس أمامك أنت ... ماذا عنك أنت ؟

12 ) لن أقتلك ... سأترك الخطر العظيم يعيش في عيني وقلبي .. وسأترك الموت يمر كل ليلة على وسادتي الخالية من كل شيء إلا منك .. سأتركك تضحك .. وتبتسم .. وتلعب الورق مع أصحابك .. وسأبقى أنا أنتظر سؤالك عني ... لا بأس سأشرب جام غضبي وأبلع الضيق ...ليس من أجلك فقط سأفعل هذا ... بل من أجل نفسي أيضا .. فلو قتلتك أو منعتك أو شعرت أني ضايقتك سيكون الإدمان على المخدرات وتناول الكحول والموت أهون على من رؤية دمعة تقطر من عينيك أو من سماع صوتك متألما كله أسى وبحة ألم وحشرجة وبكاء .. باستطاعتي أن أتحمل وقوف كل جبال العالم على صدري.. باستطاعتي أن احملها على صدري ولكنّي لا أستطيع أن أتحمل غيابك لا أستطيع أن أتحمل بكائك .. لا أستطيع أن أتحمل أن أراك متألما .. لا أستطيع أن أتخيل أنك لست هنا ... لست معي .. لست ... في حياتي .. لست في هذه الأرض وهذه البقعة التي أقف عليها .. لا أستطيع ... لهذا من أجل نفسي أيضا .. لن أطلق في وجهك غضبي .. ولن أدعك تشعر بشيء ... سأتركك لنفسك وستفهم حتما حين نتبادل الأدوار ... لماذا أشعر بهذا الشعور ؟ وستقدّر حينها مشاعر اللحظة .. ...!

13 ) دللتك كثيرا ... جعلتك طفلي الذي لا يطلب شيئا إلا وقالت له أمّه لبيك ... لم أدعك حتى تنبس بما تريد .. لأني كنت أحمل لك كل ما تريد قبل أن تفكر به .. ولكن متى سأكون أنا طفلتك المدللة .. التي تأتي لها بالأشياء قبل أن تطلبها ..
صدقني حبيبي .. لن أطلب الكثير .. لن أطلب منك سوى أن تأتيني بالاتجاهات الأربعة لألقاك أين ما ألقيت وجهي .

مجرّد أحاسيس وماذا بعد ..؟ !!!





1) لم تمضِ على نبوءة الحب التي ألقتها في جوفي بضع نظرات حتى وجدتها تخطف اللحظات القلائل التي أخلو فيها بنفسي وتستحلها .. ثم تلقي بنفسي وبخلوتي في كف صبيّة تشبه عيناها .. تشبه شفتيها .. تشبه ذراعيها .. تشبه خاصرتها .. تشبه نعليها .. تشبهها حقا حين أرى طيفها فجأة يطل أمامي من المرآة دون إذن ٍ أو طرقة باب ..!!



2) ليلة أمس كنت فيها كشاب ٍ أراد أن يجمع حقائق الكون بين يديه ثم يعرضها للكائنين ولكنه أنتبه فجأة ليجد نفسه صفر اليدين وصفر الشفتين وصفر الحرفين .. وكأن ليلة الأمس كانت تصّر أن تجعل الشاب أمام عملية قيصرية يقوم بها الضياع في خاصرة الثقة ليجتزها .. !!




3) حين أشعر أنني أحب أو أريد شيئا أو أتمناه .. أتأكد حين أتأكد من حبي أنني لن أهبط إلا في قريش أو في بني قينقاع .. فحظي أبدا لم يأخذني في يوم ٍ من الأيام للإقامة في مكّة أو وهبني إجازة أقضيها في مدائن الحريّة حيث بلال يبوح بالأذان والصدور تتسع ..
دائما ما أجد نفسي رحب الصدر والكون ضيّق .. أو واسع البال وصدر العالم مغلق .. وعليه يافطة مكتوب ٌ عليها ممنوع الدخول قبل الدفع ...!!
دائما ما أشعر أن العبودية لا زالت هنا ..
لا زالت تستخدم في العمل الاجتماعي والحب الاجتماعي وفي الدور الوطني وفي اللبس الوطني وفي النشيد الوطني .. دائما ما أشعر أنني لست حرا في شيئا أردته حتى في علاقتي مع الآخرين الأجناس تتداخل في بعضها عندي والمعارف تتداخل عندي والأصوات تتداخل عندي وأنا أتداخل عندي ..!!
.. حتى أني أحيانا أشك أني قلت شيئا أو عرفت شيئا أو كتبت شيئا ..!!




4) أشعر في لحظات ٍكثيرة أنني سأقوم بتقديم مشروع ٍ بنائي إلى البحر ليقوم بتشييد مدائن قوامها الأسماك والمرجان... وسأكتب في المشروع أن الحاكم يجب أن يكون من سلالة الموج الذي لا يهدأ حتى يرى الرمال حوله متساوية ومستقيمة وكل ذرّاتها تأخذ الشكل نفسه دون تمييز ٍ أو علامة ..!!



5) سألتني صبيّة وهي تتحسس الألم العريض على وجهي :
أنت لا تعرف أن تصوغ الألم فرحا .. على وجهك .. فكيف تستطيع أن تصوغ الفرح على الورق .. والحب على الورق وبداخلك غابة من الحرائق المشتعلة .. ؟
فقلت لها :
أنا كما قلت ِ حقا ..
ولكنّي أحاول أن أضع حجرا على همي لأجعل الناس تصعد عليه لتصل إلى سماء ٍ عظيمة تلاشت اسمها " الإنسان "



6) أضع أصابعي على ذقني وأواصل التفكير .. وأحيانا التكفير .. لا يهم كيف أصوغ العبارة .. المهم أنني أصوغها .. والأهم أنني أستطيع أن أكسر دوائر الحيرة والتساؤل .. والأهم من هذا كله أني أتمكن أحيانا من الوصول إلى المعاني الغائرة .. وأفك سراحها ... والأهم من الأهم هنا .. أنني في الأخير دائما ما أكتشف أنني لست إلا خيال مآته في حقل ٍ كبيرٍ من الوهم اسمه العالم ..!


7) تتجمع الصور والتراكيب في رأسي على شكل مجموعة .. وأحيانا على شكل مجموعات بيد أن تلك الصور والتراكيب تعمل عمل المنجل على عنقي ..

لا تتركني ألقط أنفاسي إلا حين أصب جام الدماغ على الورق . .. ليس صحيحا أن الكاتب يستطيع أن يصب كل شيء على الورق ..
فما يتبقى في فمه وذاكرته وجرحه أكثر مما يكتب وأكبر مما يُحس ..!!





8) مساكين أنتم ... أصبحتم قريش وتعتقدون أنكم مكّة .. أصبحتم بني قريضة تنقضون العهود والمواثيق وتعتقدون أنكم الطاعة والعهد ... مساكين أنتم تعتقدون أنكم رأيتم رحم الغيب ... وطعنتم شيطان العيب ... وثقفتم المشركين حول الكعبة وأنتم لا تفعلون إلا سرد القصص والنوم في سيف عنتر العبسي .. والقتال بحصان المهلهل الميت !! ومسكين ٌ أنا أعتقد أني مثلكم خرجت من عنق الزجاجة .. ومن فروة الأرنب .. وأني استطعت أن أصل إلى تلك الشعيرات البيضاء التي ستأخذني إلى المعرفة والحكمة .. والتي جعلتني أخالف كل شيء ٍ بحساسية ٍ كبيرة ... وبصداع وتقيؤ ...
مسكين ٌ أنا مثلكم .. لأني اعتقدت لبرهة ... أن ولادة الحب الحقيقي في الصدور أسهل من ولادة غراب .. ولكن الغربان وحدها من أثبتت أن الولادة عندها أكثر سهولة من ولادة الحب .. والظلام وحده أثبت أن ولادة المساء أسهل من ولادة الشمس للنهار ..!!


8) أبدو حزينا قليلا صحيح ..
لا تحزني يا ورقتي .. لا أعاني من شيء ٍ على الإطلاق إذ كل ما أفعله أني أزفر وبقوة ..



9) ماذا أفعل أنا الآن .. ؟
أكتب أحاسيسي حيال بعض الأشياء .. وكل الأشياء .. والأحياء .. على طريقة لعبة الجولف ... كل حفرة أعني كل لحظة أسقط كرة في حفرة .. ولا أستطيع الجزم على سقوط الكرة بقدر ما أستطيع أن أجزم أني الساقط فيها فعلا ... !!



10 ) حين حادثتني سألتني ماذا أفعل ؟ قلت لها : أكتب .
قالت : إذن ستخرج الورقة حزينة بعض الشيء فصوتك لا يبشّر بخير !! ومضت !!
بيني وبينك يا ورقتي ..

كل ذي شأن أصبح يخالف شأنه .. وكل ذي إحساس أصبح يخالف إحساسه ..
فالسماء تبشّر بالمطر ... وفجأة تجد الأرض حبلى بالجدب ..
والوجوه تبشر بالضحك .. وفجأة تجد الأفعال حبلى بالفخاخ والمؤامرات ..
فكيف الحال بك ورقتي !..
هل كثيرا عليك أن تبشّري بالخير في فقرة .. والنصح في فقرة ٍ أخرى . والإعراض في فقرة .. .. أقلّها أنت ِ تعملين ما لا تعمله الأوراق الأخرى ..!!





11) اليوم كنت وصديقي نتحدث ونتجاذب أطراف الحديث تارة .. وأطراف الدموع تارة أخرى .. وأطراف المفروض في تارة ٍ أخرى ..
الحقيقة أن كل تارة ٍ تجاذبناها لم تثمر تمرة واحدة نستطيع أن نأكلها دون مضضٍ ...
وكنت حين أتحدث في شيء وأبوح بما ينوء به صدري يقول : الله كريم ( خليها على الله )
وكنت أقول مجيبا : ( والنعم بالله ) ولكنّي بيني وبين نفسي أخجل من الله كثيرا فكم من الأشياء التي في أيدينا تغييرها نتركها عليه .. وكم من الأشياء الحقيرة نصيّرها إليه .. وكم من الأشياء الدنيئة نجعلها إليه ... كم ؟
ونحن .. أضعف الإيمان .. لا نستطيعه .. التغيير .. الكلام .. اللسان .. الصدر .. القلب .. الإعراض ... كل شيء يتفاقم ويكبر من حولنا .. ليس الخطيئة وحدها تتفاقم فنحن نتفاقم كالخطيئة ونكبر ... ونضطرب .. حتى نفقد كل فعل ٍ وكل إرادة .. وكالببغاء نردد دون حول ٍ ولا قوة .. دع الأمر لله .. !!( والنعم بالله )
كم أخجل من هذا الرب الكريم الرحيم واسع العظمة كم !!




12 ) حين يشعر المرء أنه يريد أن يكتب مشاعره وأحاسيسه التي شعر بها خلال يوم واحد عليه أن يكتبها على ورقة بحجم السماء ليدوّن كل شيء ٍ ولن يدوّن إلا الفتات ..
هذه أحاسيس ثلاث ساعات خلت ... وورقتي هذه لا تتسع لثلاث ساعات خلت بكامل تفاصيلها فكيف ستتسع لأربع وعشرين ساعة ؟ وكيف ستسعني .. إن كنت لا أسع نفسي .. !!






13) أنا رجل ٌ لا بد من استدعائه من المقابر حتى يكتب .. ولا بد من الحصول عليه ومعه سيجارة ليحترق.. ولا بد من المرور عليه عند خطورة لتعرف حقيقته ..
أنا رجل ٌ بيانه المفهوم ... وعنوانه المجهول ..
أنا رجل ٌ عميق الوجدان .. غائر الجرح .. حاد الغموض .. كل عناصري تخشى التسرب .. وكل خلاياي ترهب الوسائط ..
أنا رجل ٌ من وهم ٍ من خيال ٍ .. لا يمت لواقع واقع .. ولا لدافع ٍ دافع ..
أنا رجل ٌ كسوته الحروف .. وشرابه اللغة .. وسعاله الخواطر ..
أنا رجل ٌ يشعر أنه وفق التعبيرات الممكنة أراد أن يغوص في أعماق نفسه في أعماق الأشياء في أعماق الآخرين .. في رحم الأرض .. ورحم السماء .. في رحم الغراب وقلب الحمامة فوجد نفسه يعيش تحت ناب أفعى ..!!
أنا رجل ٌ غير مشروع ..! أشبه كثيرا القوانين اللا مشروعة في بلادنا العربيّة ..!
ببساطة أنا رجل ٌ متمرس على الإعراض عن كل شيء .. حتى عن نفسي .. ومتفلسف في كل شيء حتى في اسمي .. وإليكم الحقيقة :
أنا رجل ٌ مشوّه بالتميّز .. والأفكار .. والكتابة ... والآثار القديمة .. وفي تصوّري أنا جنين ٌ ناقص لم يكمل شهره التاسع بعد ..!

من المفارقات المضحكة في التاريخ





1) في صباح 7 كانون الأول عقد المحارب دالي العزم على محاربة الجيش بنفسه ، بعد أن أبيدت السرية التي كان فيها عن بكرة أبيها بواسطة المدفعيات التي فتحت عليهم من جانب العدو ،و بعد أن سارت الأمور على غير ما يرام ، وجد المحارب دالي نفسه وحيدا بين الأحراش ، لا أحد معه سوى ظله ، كان عليه أن يتخطى النهر لينجو بجلده ويكون في أمان ٍ من القوات المتقدمة حوله لكشف المنطقة ، نزل الى النهر بهدوء وعمل فيه عمل الغواصة ، غاص عميقا بعد أن أخذ معه قصبة سكر وكورها وفتح فيها فتحه تساعده على التنفس تحت الماء ، كان الجند يحثون في البحث عن كل من تبقى ، ومن وجدوه أسروه أو قتلوه ، أخد يسبح بعيدا ويكفخ بجناحيه المياه في العمق بمحاولات يائسة للنجاة من الكولونيل توم هاك ، الذي أشتهر بشدته وقسوته مع أعداءه ، بعد عدة ساعات من السباحة طفأت الغواصة البشرية دالي الى سطح النهر مجددا ، ثم اخذ يلتفت يمنة ويسرى بترقب وحذر لكي لا يراه أحد ، وحين اطمئن أن لا أحد يراه حاول أن يخرج من النهر مسرعا ، لأن أصوات الجند لا زالت تملأ الفضاء ، وصوت بنادقهم يشق سكون الغابة ، قبع لحظات قبل الخروج ، وحين تأكد أن لا أحد قربه أطمئن وعزم الخروج ، وهو يسير خارجا من النهر وعلى بعد مترين من اليابسة هجمت عليه التماسيح ومزقته .!!!!!!!!


2) في عام 1765 جلست قبيلة سوماتو للاستماع إلى حديث العرافة ، التي راحت تقص لهم أن نهاية القبيلة ستكون على يد قبيلة هياتسو بعد اسبوع ٍ من الآن ، اشتدت ملامح الحيرة والغضب والخوف في ملامح زعيم القبيلة الشاب ولياهاتو ، ماذا يتوجب عليه أن يفعل ، وكيف سينقذ القبيلة ؟ لا وقت لديه ، اسبوع واحد لا يكفي حتى للهرب ، عاد إلى العرافة من جديد سألها في حيرة ٍ قاتلة : هل أنتي متأكدة أنهم سيقصدونا بعد اسبوع من الآن ؟ قالت : ما أراه في غيبي يقول أنهم سيأتون إلى هذا المكان وسيكونون كثر وسيحدث هرج ومرج في قبيلتنا إني أرى ضجيجا وزحام ، بماذا تفسره يا سيد ولياهاتو ، لا شيء يجمع بيننا حتى يأتون سوى البغضاء ، مؤكد أنهم جاءوا لحربنا هذا مؤكد . عاد السيد ولياهاتو إلى حيرته ، ثم عقد العزم على القتال ، وخطب في قومه يحثهم على اعداد العدة وعدم التخلف فإما العيش على هذه القبيلة بالنصر وإما الموت عليها ، فتجهزت القبيلة بأكملها للقتال واخذوا ينتظرون نهاية الاسبوع ، وفعلا عند نهاية الاسبوع بدأت حشود قبيلة هياتسو بالتقدم ناحية قبيلتهم ، إذن فقد صدقت العرافة ، ما أن سمع السيد ولياهاتو بالخبر حتى أمر ابناء قبيلته برمي الرماح واطلاق السهام قبل وصولهم إلى القبيلة ، ليضمن ان الحرب ستقع خارجها على الأقل وأمرهم بالتقدم ، ما أن بدأت السهام والرماح بالتطاير ، حتى تعالت الصيحات من جانب قبيلة هياتسو فحدث القتال ومات فيه من مات ، وبقى فيه من بقى ، وحين اسدل الليل سدوله توقفت الحرب ، فارسل ولياهاتو رسولا الى زعيم قبيلة هياتسو ليسأله الرجوع الى دياره وعدم الاستمرار في الحرب لانها ستؤدي الى هلاك القبيلتين ويسأله عن السبب الذي دفعه للهجوم على قبيلة سوماتو ، حين وصل الرسول الى زعيم قبيلة هياتسو نقل إليه كلام زعيم قبيلته ، فسأله زعيم هياتسو : وكيف عرفتم أننا جئنا للحرب ؟ فرد عليه المرسول : العرافة أنبأتنا أنكم ستأتون ، وقالت لنا إنها الحرب ، فضحك زعيم هياتسو عاليا ، عاليا ، وقال : ما جئنا للحرب أخبر زعيمك أني اريد أن اراه ، وبعد مشاورات بين ولياهاتو وقبيلته قرر أن يذهب ويقابل خصمه ، وفعلا تقابلا ، تكلم زعيم قبيلة هياتسو قائلا : سيد ولياهاتو من قال لك أننا جئنا لنحارب ؟ قال السيد ولياهاتو : العرافة أنبأتنا ، قال زعيم هياتسو : ولكننا جئنا خاطبين ، جئت لأخطب اختك السيدة سليهاتي ، وقد جئت بجندي وكنت انوي ابقائهم خارج القبيلة حتى امضي ببعض جندي اليك ونتفاهم ونصفي جميع الامور من بيننا ونكون قبيلة واحدة ، عقدت الدهشة لسان ولياهاتو ، فطلب منه ان يقسم براس ابيه الزعيم إن كان هذا الصدق، فقسم ، فبهت ولياهاتوا وقال ضاحكا : وهؤلاء الجنود الذين ماتوا ، اوه ، سأقتل العرافة ، ضحك زعيم هياتسو عاليا قائلا : بل أنا من سيقتلها جعلتنا نفني بعضنا الأخر وما جئنا إلا للزواج ، وتم الزواج بعد أن مات من القبيلتين بسبب نبؤة العرافة الصادقة السيئة التأويل ما يقارب 300 محارب ، وفي الحين الذي كان فيه الناس يفكرون بالموتى بحزن كانت السيدة سليهاتي فرحة أن مهرها كان غاليا غاليا جدا ومكلف ؟!!!!!!!!!!!!!!


3) في 20 أيار 1798 أمر قائد سلاح الجو السوفييتي الطيار دياكوف بالطيران فوق الاراضي الالمانية ، ثم محاولة الافلات من الرادارات وكل أجهزة الرصد والتحليق فوق قرية حددها له في الخريطة ، وأمره ان ينزل بمظلته ويدع الطائرة تشتعل في مكان ٍ اخر حتى تحول الانظار عنه الى البعيد ، ثم كان عليه أن يسير إلى دوق إحدى القرى المجاورة وهناك عليه أن ينتظر ليتلقى التعليمات من الدوق نفسه ، فقد كان عميلا لهم ، تلقى دياكوف الأوامر بسعة صدر ٍ ، لانه كان من أمهر واشجع ضباط قائد سلاح الجو السوفييتي ، وفعلا بدأت العملية بالتنفيذ ، في صباح الـ 20 من ايار ركب دياكوف طيارته وتوجه فوق الاراضي الألمانية وتمكن من الهروب من الرادارات ببراعة ومهارة ، ثم انتقل لينفذ الجزء الأخير من الخطة ، عليه أن يجد القرية الآن ويفتح مظلته ويهبط فيها ويوجه الطائرة للموت في مكان اخر، وتكون مهمته بعدها الوصول ماشيا الى الدوق ، وهو في طريقه لإنجاز اخر الأوامر حدث ما لم يكن في الحسبان سرب من الطيور المهاجرة دخل الى محركات الطائرة بالخطأ ، فتعطلت طائرة دياكوف وهو على شفا حفرة من نجاح المهمة فأضطر أن يسحب مظلته ويقفز قبل أن تتوقف الطائرة عن التحليق وتسقط ، قفز دياكوف من الطائرة ليجد نفسه هابطا في معسكرات جيش القوات الألمانية ، بعد أن كان قاب قوسين أو ادني من تحقيق حلم الانتصار ، وهكذا صدر حكم الإعدام على دياكوف أمهر ضباط قائد سلاح الجو السوفييتي بسبب سرب طيور افسد عليه الخطة !!!!!!!!!







ملاحظة : جميع الأشياء التي قرأتموها غير حقيقية على الإطلاق التواريخ زائفة والأحداث زائفة ، كل ما قرأتموه كان محض خيال ، خيال الكاتب .

خالد العلوي




1) الحزن يا صديقي فعل ماضي مستمر ، والفرح يا صاحبي فعل مضارع مجزوم ، وبيني وبينك أنا بينهم كحرف ِ جر ٍ تجر به الأرض أسمالها !!!

2) صديقك من أصدقك القول ، وفي الحين الذي أصدقني صاحبي النصح كانت تمنحني المزيد من الألم ، اليوم تأكدت أن الفرق بين الصداقة والحب كالفرق بين الفردوس والحطمة .!

3) أستطيع ان اقسم لو شرّحتموني أنكم لن تجدوا بداخلي سوى الحب ، واستطيع ان احلف بأنني لم أجده في أغلبكم إلا نعت .!!

4) أشعر بالذنب تجاه الأشياء ، أشعر بالعجز الكامل تجاه الإعانة ، وذلك العجز غالبا ما يدفعني للدخول في سيرك ثم تقديم العروض المضحكة بقصد النسيان والتناسي والتخفيف ، ولكني دائما بعد انتهاء العرض أرى الكل يضحك وينسى إلاي …!!

5) كل شيء ٍ كان أخرسا أمامي ..

الموبايل .. الجريدة ..

في هذا المساء ॥ وبالصدفة نطقت الستارة اخيرا لتقول :

انظر خارج النافذة لعلك تجد حديث …

فنظرت ُ طويلا ً .. ثم قلت : بلى ، لقد وجدته !

انظري ستارتي الأوراق المتهاوية يحادثها الحفيف …!!



6) موزارت ، باخ ، شوبان ، هل تدركون فاتكم أن تسمعوا صوتها وإلا لكنتم أوجدتم موسيقى لم تُسمع بعد ! صدقوني وحدي فزت بها ، ووحدي أصبحت قائد الاوركسترا وعازف السيمفونية .!!

7) تعودت أن أرى العالم بتواضع نملة ، وتعودت أن لا اخشي غرور الفيل ، وبيني وبينكم بين الفيل والنملة حكاية لا تستهينوا بها ، أولها أن النملة على صغرها عظيمة وأخرها تستطيع أن تهزم الفيل.!

لم أعد أصدق أن هذه الحياة تضم بين جنبيها شيئا معقول ، فكل ما حولي غير معقول ، أنا وأنت وهم والحياة ، لا شيء معقول البتة سوى الكذب !!

9) لا زلت عند قناعتي التي تقول : أن الإنسان لا يموت دفعة واحدة ، وإنما يموت بطريقة الأجزاء ، فلكما مات قريب مات جزء ، وكلما ذهب حبيب مات جزء ، وكلما بات غريب مات جزء ، حتى يأتي الموت الأكبر ليجد كل الأجزاء ميتة فيأخذها ! رباه كم تبقّى من أجزائي ؟!!!!!!!!

10) دائما ما أراهن على النسب الصغيرة لأني أدرك أن العليا لم تكن لولاها ، لذا لا تلوموني إن وجدتموني أراهن على صغار القامة !!

11) أريد أن أغفو على الورقة ، أريد أن أنام فيها ولا اكتب أو اكتب ، لا أدري ، المهم أريد أن أعقل حديثي في السطر وأنام ، ورقتي هل تسمحين لأني والله ِ لن أجد حضنا أبيض كحضنك !!

12) لا أعلم لما على أن أضع ألف قالب من الثلج فوق رأسي حتى لا انفجر ؟ ولماذا علىّ أن أواصل تقديم الأعذار والاعتذار لكي يرضى العالم وأنا انفلق ! ليس مهما أن أرضى أو لا أرضى فما يهم العالم أن أواصل تقديم الأسف ( الأسف ضريبة يأخذها العالم على كل أخلاقي ) إنّا لله .

13) تمتم القلم : ( طق طق طق ) ردت الورقة : ماذا ، صاح السطر ( ظهر الحق )) !!

14) علّقت على أذنيها بعضا من أشعار المتنبي عن عاشق ٍ يصلي في عينيها ، بعد ستين قصيدة انتحرت القافية ، وبعد ستين خاطرة اغتيلت المفردات وكانت هي السبب ، بعد ستين لحظة أذنها اليمنى أرسلت لليسرى رسالة مملوءة بالطنين تخبرها بأن الله جعلها صمّاء ..!

15) ملاحظة : لا شيء يستحق الملاحظة ، لا المداعبة ولا الملاعبة ولا المعارضة ، فكل ما يستحق الملاحظة تبخر ……..!

16) أحبك


17) عند البيسين حدثتني عن الفلسفة وقالت : هل أنت فيلسوف ؟ وأشارت الى الماء قائلة : انظر الى صفحة الماء ، الفلسفة كهذه الصفحة إلا انك يجب ان تخترق الصفحة لتنظر الى القاع .

فقلت لها : كيف تجدين خالد في قلبك ؟

قالت : في العمق

قلت : تلك هي الفلسفة ، أن تسكن قيعان الأشياء ..!!

18) في البلكونة ولوحدي استغرقت تماما في متابعة الفيلم الذي تقوم ببطولته بنت القبيلة التي راحت تقطع الشارع رواحا وغدو بطريقة مغرية وشاذة !

فرأيت الشيطان يتمثل امام عيني ويقول لي : هيا ماذا تنتظر غازلها ؟

التفت الى تلك المتسمّرة اسفل نافذتي وأطلت النظر ثم قلت لها :

يوجد مستنقع قذر في اخر الطريق القي بنفسك فيه وموتي !

أخيرا هزمت شيطاني !

19) الصحراء هذا المساء كالسرطان ..

قاسية ، مؤلمة ، حارقة

حتى النياق باتت تذبل وتتحول الى ضباع ! كل شيء تغير سبحان الله إلا أنا !!

20) افكر جديا لو كان الصداع نبتة لكنت زرعته في القطب المتجمد ليهدأ قليلا ثم اعيده الى ذهني ، الرفاق لا يتخلون عن الرفاق ) أيا رفيق اهدأ قليلا واستكن فإني احبك رغم الألم !
21) ( الارواح جنود ٌ مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف ))

حبيبتي من قبل أن نبدأ مشوار الذاكرة ، كنت مجنداً في انتظارك …!!

ومن قبل أن نبدأ مشاوير المعرفة كانت روحي تمخر الناس لترسو على ضفاف عرفك ! هل رست ؟

ليس بعد !! أسألوها ؟

22 ) قناعتي هذا المساء تقول أننا لو كنا بحجم حكيم الاقزام لكنا اكثر حبا للنمل واكثر احتراما للنحل واكثر ودا لدودة القز ، ولكنا تركنا هذا الغرور الاحمق الذي يصوره لنا شيطاننا بأننا الكل في الكل ، بعد ان نرى الخدمات اللاتي يقدمنها لنا الحشرات !!

هنالك حشرة تعمل ما لا تستطيع عمله

وتنتج ما يعجز كل اجدادك عن عمله

وتنفعك من حيث لا تنفعها

ثم بكل غرور ٍ وتيه وغباء تأتي لتطأها بأقدامك !!!

لعنة الله على هذا التيه ! حشرة بضآلتها تتفوق على حجمك الضخم قل لي بالله علامَ تغتر !!!

23 ) كل شيء يهون في سبيل الحب :

الحرية ، الديمقراطية ، الوقت ، السجن

إلا الكرامة لا تهون ولا تُهان !

24 ) البحر هذا المساء يشاور الموج ليقوم بعملية هجومية على الشاطئ

الكل كان يترقب الهجوم إلا الرمال كانت هادئة ، باردة ، ناعمة ، دقيقة ولا تبدي أية عاطفة !!

25) قالت :

انتظرتك اليوم الأول ولم تعد ، واليوم الثاني ولم أرك ، في الثالث ركبت جوادي وقلت ليأسي أتبعني !!!

26 ) هي كل اللغة ، في كل العالم

تقرأ هؤلاء الناس .. تحدد فواصلهم

تمنح الأول علامة تعجب ، والثاني استفهام

والثالث تعطيه بعض الأدوات إلا أنا علّمتني الاستيعاب !!!

27) أنظري الى هذه النباتات الوعائية التي لا تحمل جذور بل اشباه جذور ، هل تعلمين تشبه من ؟

مخاوفي !!!

28) ما زالت القنينة تقص رواية العطر ..

وما زالت الزمردة ترعى من عشب الصدر ..

كل شيء كما كان حبيبتي .. العطر والصدر والشعر .. حتى القلم ما زال يكتبك حتى الظفر !!

29 ) المغامرون الخمسة ، تختخ ، رجل المستحيل ، المكتب رقم ( 19 )

شرّلوك هولمز ، هل تذكرين ؟

ياااااااااااااه ما أجمل أيام الهبل !!!!

30) عزيزتي سأتركك الآن

وكلما اشتقتِ إلى ّ انظري الى الوراء ستجديني ممتدا كالمسافة

الرصيف رقم "7"





هذه الكلمات التي اكتبها هي كل الكلمات التي أعلنها حبي هذه المعزوفات التي أعزفها هي كل ما تبقى من أنغام عزفي فأنا شاعر ٌ لا يملك رصيدا ً في الدنيا إلا الكلمات ولا يملك مخزونا ً في الدنيا إلا النغمات أنا شاعر ٌ لا يملك أي تركة ٍ أخرى أو ثروات أنا شاعر ٌ سيموت وحيدا ً دون أن يترك لكم مالا ً أو ذهبا ودون أن يترك لكم ماء ً أو خمرا ً فبعد أن دخلت بالأمس إلى غرفة ِ العمليات قررت أن أقيم َ بعد موتي منفيا خارج القبر وخارج العمر وخارج هذا البرزخ المليء بالحساب والرياضيات .

أنا يا حبيبتي رغم قناعتي بأنك إيقاعي وشعري إلا أني مقتنع أيضا أنك لا ترقصين على إيقاعي ولا تطربين على شعري إلا في الأوقات التي تكون فيها ضفيرتك مستريحة على كتف الأريكة وفي الأوقات التي يكون فيها ظفرك ملقيا ً بين أيادي الطلاء الأحمر ، بالرغم من كل الحرية التي أحاول جاهدا ً أن أبثها على مشاعري نحوك وبالرغم من أني أضغط على قواعدي وصواريخي أن لا ترمي حريتك أشعر أن محتويات هذه التركة الثقيلة من الضغط العصبي ستجعلني في الأخير ِ أقف أمام مرآة وأنا في ذروة انهياري وأهشم الخط الفاصل بيني وبين المرآة التي تحمل وجهي
.
بحياتي لم أجبر أحدا ً أن يحب مراسلاتي الخاصة أو يكرهها ، وبحياتي لم أطلب من قطة ٍ أو قرميد أن يخفي شعوري أو ينشره ، وبحياتي لم أكره كل الذين كرهوني وبحياتي لم أرفض كل الذين رفضوني ، نعم قد يمارس الغير سياسة الإحراق وقد يمارس من يحقد علىّ إيقاع النار على جثتي الطينية لكني مختلف عن الآخرين أو أظن أني منحرف عنهم أيضا فتركيبتي الحسية واللفظية والعاطفية تكره أن ترى أي شكل ٍ من الأشكال يمشي حافي القدمين ، وترفض أن يركب الشر باصاً يوصله لمبتغاه فكيف وأنا أتعامل مع هذا الحقل المزروع في صدري لك ، كيف وأنا أحمل لك كل هذا الكنز من اللحم والعصب والهدب والدم والهم والخلايا والأنسجة أستطيع أن أجبرك على شيء ٍ .

أنا لا أبتغي أن أضغط عليك لتقومي بمحادثتي أو مراسلتي بالأوامر الجبرية ، ولا أشتهي أن أحبسك داخل إطاراتي الخاصة وأقيدك بأصولي وقيودي ، فكوني أشعر بكل ما تحمله النفس خلف ستائرها أرفض أن أحطم إطارك العام وأرفض أن أفرض عليك ِ معادلاتي الصارمة وأرفض بتعبير ٍ آخر أن أدعك تقيمي في منطقة ٍ في صدري لم يصل النور إليها بعد .

أنت ِ امرأة مستريحة ، وامرأة تكدّس الضحك في شاشات التلفاز وفي حقيبتها اليدوية وفي حشو الكرسي الوثير وفي فم الصديقات وفي الموسيقى المنسابة من المذياع ، وأنا رجل ٌ متعب ومحروق رجل تكدّس النار حريقها في ثيابه وفي فمه وفي أعصابه وفي أوراقه غير أني حين أجد نفسي أنها ستحاول أن تنقل لك ولو شرارة من هذه النار تجديني أنفر بعيدا حتى لا أفسد عليك ضحكة أو أحرق فيك ابتسامة .

أنا أنفر ليس عنك فقط أنا أنفر عن الجميع خشية أن يحترق أحد ، أحب أن أحترق لوحدي أو تعودت أن أحترق لوحدي أو تعودت أن تشتعل النار بثيابي وأهدابي وتمر على أصابعي ودفاتري قبل أن تفرغ من زيارتها وتذهب .

لن أطلب منك ِ شيئا ً كما أني لن أطلب من الآخرين شيئا ، فهذه الكلمات كل ما تبقى من غبار مفرداتي وهذه المفردات كل ما تبقى من طين لغاتي وهذه اللغات كل ما تبقى من لهيب ِ احتراقاتي ، فيا حبيبتي إني أدعوك للتفكير في الخط ِ الفاصل بيني وبين الناس وللخط الفاصل بيني وبين نفسك وللخط الفاصل بين غباري وطينك ، أدعوك أن تفكري في مدى الشجاعة التي يتحلى بها الناس ليلقوا من يحبوا في النار وأن تفكري بالشجاعة التي تحلوا بها ليدخلوا الجحيم من أجل أن يدخل أحبتهم إلى الجنة ، فكري جيدا من يستحق أن يدعى بطلا ومن يستحق أن يعطى وسام الشهادة ومن يستحق أن يمنحه رضوان طيلسانا من كوثر .

إنني لا أستطيع أن أفصلك عن كياني ولا أستطيع أن أفصلك من جحيمي وجنتي ، لا أستطيع أن أفعل مثلك أو مثل الآخرين الذي يقومون بفصل حبيباتهم عن أصابعهم وأجسادهم ، لا أستطيع أن أبعدك عن هذه الأوتار التي تغني ولا أستطيع أن أنفيك خارج الغيتار ولا أستطيع أن أقذفك خارج الموسيقى ولا أستطيع أن ألقي برأسي خارج الشرفة ولا أتخيل أنك هناك في الأسفل تلوحين إلى ّ بيديك ، أنا لا أستطيع أن أفعل مثلهم أن أخرجك خارج هذه الغرفة وأبقى وحدي أو أخرج خارجها ولا تكوني معي ، لا أستطيع أن أتصور ولو للحظة أن السماء تمطر دون أن أتصور أنك قطرات المطر التي تبلل ثيابي .


قبل قليل يا حبيبتي كنت عائدا ً إلى عشي الصغير ، تعرفت عليك في الزحام ، رأيتك أنت ِ الزحام ، رأيتك تقودين كل هذه السيارات وتصدميني ، رأيتك كل هذه اللوحات ، رأيتك مكتوبة على كل اليافطات فأين السبيل منك لتخليني ، أنا في حالة عشق يا حبيبتي أنا في حالة صدام ومجابهه وموت أنا في حالة تجعلني مثل الحطب ومثل الفحم ومثل الحمى التي ترتعش مفاصلها وأنت في حالة تبدو دائما كالشارع الذي يتدفأ ناعما ً بالرصيف رقم " 7 " .

انتحار كتابي




هل من المعقول أن يتوفى جسدي كتابيا وأعيش تحت تأثير الموت الحبري في مناطق الحرف المكشوفة ؟ لا زلت لا أفهم أساطير كتاباتي وغرائب قصائدي وألغاز فلسفتي الواقعة تحت تأثير أدوات لغتي المسخة .

لا أظن أني أديب متكامل بل أني أكيد أني واقع تحت تأثير أدب يمسخ وجودي كما لو أن هذا المسخ يشبه طفلا يحاول أن يلعب بوجودي عن طريق الرمز والاستعارة .
أشعر أني متنافر ومبعثر وغريب على ّ لدرجة أني بت أرى الكتابة تعبث بإيماني وبيقيني وبثوابتي وببراعتي في الحياة التي أطلبها عن طريق هذا المسخ الساكن في عقل ومخيلة أصابعي .
هل الكتابة كابوس ؟
هل يعقل أني عشت حياتي تحت تأثير الكوابيس الكتابية والأحلام التي تحاول أن تهرب من الواقع المعاش إلى الخيال المرتعب من الحقيقة المرة ؟ هل يعقل أني أخلق من خلال الكتابة عالما سرمديا لا يمت لواقعي بصلة عالما يقفز على أركان الكتابة ليصل إلى أركان الكآبة التي تسوغ حياتي بالحزن الذي يتفاقم حولي كالانفصام والفوبيا والوحدة والعري ।


علاقتي بهذا الشتات تكسبني خبرة في معرفة درجات القرف والوساخة والرعب والهلع من العالم والكفر بكل العالم والإيمان بكل العالم في ذات الوقت دون أن أنساب مني إلى الطرف الآخر من العالم الذي أصل فيه إلى اليقين الذي لا يغلب ।


كم أمقت الكتابة حين تصبح كبائعة هوى تحاول أن تقضي ليلة معي مقابل حفنة من شبق أو تحاول أن تجعلني أنال وطري منها دون أن تكون لها محاولة لصدي ومنعي كم أكرها حين تجعلني أشعر بعد ذلك وكأنها باغية قذرة أو عشيقة مخدوعة أو زوجة مهملة لا تستطيع أن تغير شراشف الحبر المتسخة بدمائها ।


الرغبة في الكتابة أصبحت تهرب مني كما تهرب بيوت الدعارة من يوميات رجل جنسي لا هم له إلا جمع أفخاذ النساء في أجندة أعماله اليومية والرغبة في الحياة وفي الحب وفي الجنس وفي الموت لم تعد تشكل لي هاجسا كما كانت تفعل في السابق بل أني أصبحت أرى دنيتي وكأنها امرأة لعينة لا هم لها إلا أن تراني أزني بحزني و أرتعش من رأسي حتى ركبتي دون أن تتدخل في منحي لحظة راحة .

إني أمارس الموت كلما أمسكت قلما ؟ بل أني أعانق عزرائيل كلما أطلقت حرفا ، أشعر أني أملئ مسدسه بالرصاص كلما كتبت جملة ليقتلني ، أشعر أن هذا الصديق الذي يحمل موتي معه إينما يذهب مستعد لإنجاز عمله مثلي رغم كل هذا التحفظ على الحياة الذي أحاول أن أصطنعه أو أخلقه في عالم كتابي منزوعة منه الأرواح

أعتقد أن المعركة معي قد بدأت وأعتقد أن المعارك تشعرني بالكثير من الاحترام لنفسي لأني أقف دائما في المعارك موقف البطل الذي تأخذه السيوف إلى النضج في عالم البرزخ ।


أشعر أني وحفاظا على هذا الاحترام فيما بعد سيكون عملي المحترم هو البحث عن جواهر الجنة الملقاة في أنهار الخمر والكوثر أشعر أني سأجلبها من أجل الحوريات حتى يحفظن تلك القدسية الموجهة للزوار .
أشعر أن ميزان حياتي الميت سيكون خالدا في برزخ ٍ يخرجني خارج جسدي الكتابي وروحي النثرية ، أشعر أني سأكون فردوسا لا يسكنها الكذب والالتواء والسعال والمرض ।



أشعر أني سأشفى من مرض الكتابة هناك وأن العلاقة بالكتابة وبالكتب وبالقراءة وبالبحث والتمحيص والفلسفة لن تكون ملحة في رأسي كما هي الآن بل أني أشعر أنها ستكون كفتاةٍ هربت من منزل والدها ولم ترجع .


أشعر أن علاقة هذه الفتاة بمنزلها وبأبيها وبأمها في ذلك المنزل البشري لن تكون هنا كما هي في المجتمع البشري لن تكون هروبا ولن تكون معاناة ولن تكون رسوبا في اختبارات القدرة على تحمل تعاليم الأسرة بل ستكون علاقة شبيهة بعلاقة الطبيب مع الممرضة التي يرسلها من أجل تمريض التعب .

ربما أنا أكتب الآن في لحظة من لحظات الانتحار الكتابي والاحتضار الكتابي لكني أكيد أني ما أن أنهض من هذه اللحظة المريضة سأكون في لحظة تشبه روشتة الطبيب التي يصف فيها دواء للمرضى الذين أضناهم النوم والعجز والوهن وسأكون حينها كما كنت قبل أن أتقيأ وانتحر واحتضر كتابيا سأكون مكانا للنوم وللعمل وللقوة وللهدوء وللراحة وللحب وللإنجاب وللكتابة وللقراءة وللحياة وللموت بعيدا عن وهن القلم .

ثقافة الاختلاف


أقول للذين لا يفهمون بعض الأساليب الكتابية والعملية والذين لا يسبرون غور الخطوة التي ينطلق منها أثري وأثر بقية الأدباء أقول ينقسم المثقفون كدأبهم دائما عند كل معركة ٍ من معارك الأمة إلى ثلاثة أقسام :
1) المثقف الديني
2) المثقف الاجتماعي
3) المثقف السياسي

ويذهب كل واحد ٍ مع قسمه ليحلل ويمحص ويكتب ويقول وكل يغني على ليلاه التي أخذته لكني حين أسأل نفسي ما دمت أعد نفسي من المثقفين أين موقعي من هذه الأقسام الثلاثة وأين ليلاي؟ أجد أن نفسي تلقيني تارة في قسم الثقافة الدينية إزاء الحرب وتارة أجد نفسي تلقيني إلى الثقافة الاجتماعية التي تتمخض عنها الحرب وتارة أجد نفسي تكتب وتقول وتناقش الأحداث السياسية بإستراتيجية بعيدة النظر فيما تحدثه وستحدثه الحرب ।

هو أمر جيد أن أنقسم أنا كما ينقسم المثقفون إلى أقسامهم فالأقسام باجتماعها تكمّل بعضها البعض إلا أني حين أفرغ من التفكير في كل قسم ٍ وقبل أن أبدأ بوضع قلمي على الورقة أجد أني أكتب منطلقا من الثلاثية الدينية والاجتماعية والسياسية أجد أن الأقسام بثلاثيتها تسكنني .

لا أزعم أني أفرق عن الآخرين لكني أزعم أني كأولئك الذين حين ينطلقون في صوغ أفكارهم ورؤاهم يصوغونها ابتداء من لا إله إلا الله وانتهاء ً بأن محمدا عبده ورسوله ثم أتبع قولي وعملي ورؤاي بمخزوني الاجتماعي الذي ورثته من البيئة التي تربيت فيها أو البيئات التي تربيت فيها وفقا لنظرية البيئة / الطبيعة وأيضا من الموروث الثقافي الإسلامي الاجتماعي التي وجدته بين يدي ابتداء من رسول الله ومرورا بمن بعده بمن بعده مستفيدا بمن بعدهم أيضا ومرورا بابن خلدون ومقدماته ومالك بن نبي فرضياته ومصطفى محمود ونظرياته وانتهاء بخالد العلوي وفلسفاته كما أني أنطلق أيضا من ثقافتي الدينية التي تربيت عليها كما تربيتم عليها من أن الحق حقا والباطل باطلا ومن أن الساكت عن الحق شيطانا أخرس وحتى رد الأمانات إلى أهلها ، كما أني أيضا أنطلق من ثقافتي السياسية التي يفرضها على ديني الذي أسقاني منذ صغري أن من نام غير مهتم ٍ بأمور المسلمين ليس بمسلم وحتى أعظم جهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر .

إذا ً أنا لست كافرا ً ولست منفرا ً ولست أحمقا ولست خارجا ًً ما أنا إلا روح ألقاها الله في جسد ٍ لا يخشى سواه وما أنا إلا عطسة ما خرجت إلا لتقول يرحمكم الله وما أنا إلا امرئ يحاول بأضعف الإيمان أن يحق الحق ويبطل الباطل حتى لو كلفه الحق أن يجد نفسه مسجى على خازوق ٍ أو ملقى في منفى لا يسأل عنه فيه إلا الله .

أنا هنا لا أطلب من الذين لا يفهمونا إلا التفهم ولا أطلب من الذين يخالفونا إلا الاختلاف الذي قال عنه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله أنه رحمة والذي جاء عنه في الأثر أنه يدل على الائتلاف ، الاختلاف ثقافة يا سادة ثقافة تقودنا إلى التكامل وإلى التوافق نحن نختلف لنتكامل ولنتشارك لنصل إلى وجهة تقريبية للحقيقة ونختلف لكي نبنى من اختلافنا نقاطا بيضاء كهذا البياض المزروع بفطرتنا لنطلق بعدها إلى ما يرتضيه الله منا من قول ٍ ومن فعل ٍ فاللذين لا يعرفون عليهم أن يعرفوا أن لا حقيقة مطلقة على هذه البسيطة كلها إلا وجود الله سبحانه وتعالى ورسالة محمد باعتبارنا على دين الإسلام وحتى هذه الحقيقة المطلقة التي نتبناها كمسلين هي حقيقة نسبية عند من يخالفونا في الدين والعقيدة ، كل شيء نسبي يا سادة لا شيء إلا الله ورسالة محمد عندنا حقيقة مطلقة وكل شيء عداهم معرض للتساؤل ومعرض للنقاش حتىلنصل إلى نقطة ٍ ربما يؤيدها الأغلبية إلا أن حتى هذه النقطة ستجد اختلافا وستجد اعتراضا من أحدهم بلا شك ।



لسنا أوصياء ً على الناس لنفرض عليهم ما نريد ولست وصيا ً على عقول الناس لأقول لهم أن الحق معي والباطل معكم أو لأقول لهم خذوا الكلام مني وخذوا الحق مني والباطل والكذب ستجدوه عند الآخرين ، لا أيها السادة أنا لست نبيا ً مرسلا ولست ملاكا ً منزلا ً ولست معصوما فالعصمة لا تكون إلا لنبي ، أنا من المؤمنين بثقافة الاختلاف ومن المؤمنين بثقافة التكامل ومن المؤمنين بثقافة الحوار ومن المعارضين وبشدة لثقافة الخوار وثقافة الجدل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع من المعارضين لمن يأتي وهو مصاب ٌ بعمى في الألوان ليقول لي أن هذا اللون أبيض واللون لا يقربه البياض من بعيد ٍ ولا قريب ٍ إلا بعمى ألوان عينه ، من المعارضين لكل من لا يجيد قراءة الأحداث أبعد من أنفه والناس رجلان رجل عينه في عقله وآخر عقله في عينه .

أنا من المعارضين لكل من يأتي ليلقي بمجامير كلامه على الملأ وهو يغرق في شبر جهالة والناس تسبح في نهر ِ ثقافة أو يأتي أحدهم وهو لا يعرف الفرق بين حلال الله وبين حرامه لأنه غارق في المشتبهات أو يأتي أحدهم متعلقا بشعرة معاوية والناس متعلقة بحبال محمد أنا من المعارضين لكل هؤلاء وإن خاطبني أحدهم فليبشر مني بخيبته فإني والله لا أخشى في الله لومة لائم ولا أخشى فيه قول الحق .

فلنختلف يا سادة وفقا لشرط الاختلاف " الائتلاف / التكامل / عدم قطع حبل الود " فإني لست القديس بولس ولست اليسوع ولست معصوما ً أنا بشر يخطئ ويصيب ولم أزعم أبدا في ساعات خطئي أن خطئي صواب ولم أخرج يوما على الملأ لأقول سلوني قبل أن تفقدوني لأني لست عليا ولم أكتب يوما أنام ملء جفوني عن شواردها لأني لست المتنبي أنا لا أذكر أني خرجت أو أني كتبت غير أن الله غالب ٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .


في نصوصي الكثير من السينما






دخلت إلى الحياة كالجندي الذي يدخل إلى أرض المعركة متسلحا بالإصرار والعزيمة على مواجهة الموت والتحلي بالحياة وكالطائر المولع بالتحليق إلى فضاءات الحرية ، لغتي في كل البلدان تمر كأسراب الحمام وتنشر أزهار المعرفة ، ففي كل بلد لحياتي أصدقاء وفي كل مكان لموتي أعداء يعرفوني وأعرفهم .

البعض يظن أني أشغل مساحة أكبر مني ، و البعض يظن أني في مكاني الصحيح ، والبعض يظن أني تجاوزت المساحات ، لكن تلك النزعة التأملية مني إلى ّ تخبرني أني خارج الظن والاعتقاد و المساحات والأمكنة فراسبوتين يعلم جيدا أني حين أنطلق أصبح أكبر من ديوان أو كتاب نثري وأكثر من محطة لسياق الأعمال الأدبية وأشد من تأثير المكان وحضوره وأقوى من الصحراء بطقوسها المختلفة وأجمل من البحث والمغامرة وأشهى من فلسفة الإيقاع .


في نصوصي الكثير من السينما وفي أشعاري الكثير من الإخراج وفي نثري العديد من الأبطال وفي فلسفتي الكثير من البطلات اللائي شهدن على فضاءاتي الواسعة وفي قصصي أنا وأنا منزلق كوني وانفجار بشري أدبي عظيم لم تعرفه دور النشر ولم تقتنيه المكتبات بعد .

أنا .. من أنا ؟
..
..

أبي آدم .. أمي حواء وقابيل القاتل أخي لا زال يحتل جميع مساحات العنف اللانهائي ومشاهد القتل المتواصلة لا زال مصرا على المضي قدما في مشروعه دون رادع ووازع وقانونية وإنسانية لا زال مصرا على الخروج عن القانون وعن عصر الإنسان وعن يوتوبيا افلاطون ليدخل في العصور البدائية المظلمة أما أنا لا زلت ذلك الأخ المستباح الدم الذي جاء غراب ينقب في الأرض ليعلم القاتل كيف يورايني ليواري سوءته .

هل يصبح هابيل سفاحا ويثأر بعد كل تلك المدة الكونية الفاصلة من قاتله ؟ هذا الإيقاع الدموي لا أخال أنه يناسبني ولا أعتقد أنه يستطيع أن يستنطق قناعة من قناعتي ، فأنا أتجنب بالمطلق قتال الإنسان للإنسان فبقتاله أقتل الكون وأقتل الطبيعة وأقتل الجمال وأقتال اللغة وأقتل الكتابة وأقتل قيم الفروسية عبر التاريخ وهذا مشروع أقسم جازما أنه لا يتماشى مع مشروع الإنسان الذي يسكنني .

من أنا إذن ؟ الكل يسألني من أنت ؟ وأظل أقول للكل السائل أعلم أني لست أنا ، لكني سأصل إلى نفسي عمّأ قريب ، لكني قديم ، يجب على القديم أن يعلم كل التفاصيل الجميلة والمتوحشة التي خلّقته يجب عليه أن يعلم كل شيء عن ذلك الوجدان الساقط فيه كسقوط الكرة الأرضية في درب التبانة عليه أن يعرف كل شيء أكثر مما تعرف الصحراء عن أشعار امرؤ القيس وعنترة العبسي .



هل أنا غامض حقا ً كراسبوتين؟ أم أن وضوحي المطلق يعد غموضا للذين لا يحبون الوضوح ؟ وهل إذا كنت ممزقا وموزعا على تلك التصنيفات والفئات سأصبح قابلا للفهم وللتفسير من خلال الكتابة أم أن لقارئي أن يفهمني من خلال الكآبة أكثر ؟

لا أعلم لكني شديد الإعجاب والتقدير بكآبتي التي تجاوزت سن المراهقة ، كما أني فخور جدا بكتابتي التي وصلت لسن البلوغ مع كل هذا التقدم في العمر .

النقاش مع نفسي أحيانا يعد عقيما جدا ، فخالد العلوي الذي أناقشه يدور حول نفسه من غير جديد بعكسي تماما فأنا لا أحب الدوران ولا أحب أن أصبح دونكشوتا أقاتل طواحين الهواء كما يفعل بل إني أرفض اللا نمطية واللا منهجية والفوضى التي يتخذها أحيانا أسلوبا كتابيا وحياتيا يحب أدارته وتنظيمه وفق مبدأ " إدارة الفوضى " أو " الفوضى الخلاقة " بالتأكيد هناك إضاءات مهمة تسجل له فيما يفعل أحيانا لكني بالمجمل ضد ذلك الأسلوب الذي يدفعه إلى التعريف عن نفسه وفق سياق إعلامي وصحافي ومهني فقط لأنه بذلك يسقطني من حساباته ويجعلني في انغلاق وأنزواء فكري وثقافي وفلسفي وإنساني وحضاري بعيدا عنه هو بذلك يعاديني ويعلن الحرب على ّ .

هذه هي المعضلة الحقيقية بيني وبين خالد العلوي ( أن تعلن الحرب على نفسك ) كم حذرت ذلك العلوي أن لا يفعل لكنه فعل وهو نوع أعتبره من أنواع الشجاعة الكاذبة الهامشية التي لن تحفظ ولن تحقق له أي بطولة على أرض المجابهة .

حتى حين قبلت الحرب ودخلتها وجابهت نفسي ودافعت عن حبي لليلى اجتاحتني حالة من الشعرية المحمومة بالانغلاق على الذات والأنزواء على النفس وأضحيت قتيل نفسي ؟ هل جربتم أن تقتلوا أنفسكم ذات يوم بأن تجعلوها تحب إنسانا كان يجب ألا تسقط في حبه ؟ هل تفهمون ذلك الإحساس أعني أن تجدوا نصفكم الآخر أخير لكن شيئا غريبا يدفعكم لئن تحاربوه وأن تبعدوا كل نصف ٍ عن نصفه لأن اكتمال الأنصاف يعني الموت لكليهما معللين ذلك بأن الطاقات والإمكانيات والقدرات والمهارات الفردية لكل منهما تجعل من الصعب على أي واحد فيهما أن يتنازل للآخر عن كل ما يملك رغم كل ما يكنه القلب للآخر من حب .

لم أستطع أن أواكب هذه المواجهة . خسرت الحرب.. ومثلي خسرت ليلى .. لكن الأنفس ربحت .. بالتأكيد فعلت فهذا الاتقان الذي تملكه في الدفاع عن حقوقها هو أكبر من أن نجابهه ونواجهه . لهذا منذ ذلك الحب الأول والأخير وأنا أعلن أن هذا العلوي لن يكون إلا جسدا عربيا عقيما لم يفهم نفسه ولم يعرفها ذات يوم إلا في تلك المجابهة وتلك المعركة التي خسرنا فيها الحرب سوية .

حتى حين سألتني ليلى .. وقالت لا تتذكر الذكرى فربما ستجعلك تكرهني . كنت واثقا أني في خضم الأحداث كنت واقعا في غرام كرهي لها كغرامي لها ، كنت متأكدا ً أن عيني لمحت كل تلك العيوب التي بدت كالهوامش الثقافية على صفحة كتاب مغبر وقديم لكني أحببت الهوامش وأحببت الكتاب وأحببت القديم ومن عادتي وأنا القديم أن أحب القدماء مثلي مهما فرقتنا الأماكن والظروف ووزعتنا باتجاهات معرفية وثقافية وشعورية لم ولن نلتقي فيها .

في أعلى رأسي عربة تعرج






لغتي التي تنام الآن بين يدي كأنها طفل رضيع ، أضمه بحنان وبشوق وبلهفة ، أتطلع إليه وهو ينمو بين يدي وهو يتحرك ويكبر ويصرخ ويطلب أن أجلب له الحليب ، أخال أني سأكبر مع لغتي كما لم أكبر من قبل .

لغتي التي أهزها برفق الآن لتنام قريرة العين ، أشعر أنها تدفن في تلك القريرة منتهى هزائمي ومنتهى آلامي ومنتهى وهني الذي أطفأني في منتصف الحرف .

لغتي يا الله كم أحتاج إليك الآن لتربتي على أكف دمعي المجهش بأحزان الفقراء ، يا الله كم أطمح أن تطفئ كل هذا السعير المتقد في حرفي وهذا اللهب المشتعل في كبد لفظي ، يا الله كم أنا رمادا ً بدون هذا النفس الذي تمنحيني إياه ، كم يلزمني لولاك لأتحول إلى أرض ٍ ميتة ٍ وكم كان سيلزمني لأحول تلك الأرض ناحية الحياة مرة أخرى ، لغتي لست مدينا للغربة ٍ وللهم ولانقياد قدري ناحية الضنك بقدر ما أنا مدين لك بربيع ٍ من العمر زارني مرة في ليلة ِ عرس .

لغتي أنت ارتواء الحرف لهذه الروح المنهكة بالحبر ، ماذا كنت سأفعل لولا أنك كنت الناطور الذي يحرس كلمي من ثعالب العلل ، ماذا كنت سأفعل بكل هذا الرصاص من الكلم الغبي الذي يصيب عقلي بأيد ٍ خانها العلم فاختارت قتله ، ماذا كنت سأفعل لولا أنك وهبتني حفرا عديدة أستطيع أن أدفن فيها ما أشاء من جثث ٍ كافرة أكلت لحم الشريعة كما أكلت عظم الفضيلة .

لغتي وأنا في قمة غضبي الآن وألمي وأنت ِ تسمعيني أصرخ للغضب وللألم ولي " يا لكم من حمقى " تهدهدي على غضبي وعلى ألمي وعلى ّ وتبعدين عني كل هذا الصراخ المربوط بخيوط الدماء وتبدليه برأس ٍ يشهد لله بالوحدانية وبالقضاء وبالقدر .

لغتي ، كيف لي أن أعبر لك عن فرحة ٍ مكسورة ٍ ، كيف لي أن أخبرك عن فرحة والدة بولدها الذي ولد قبل أمس بدون قدم ، أو كيف لي أن أصف لك شعور أب رزقه الله بطفلة ٍ عمياء اليوم ، أو كيف لي أن أشرح لك إحساس رجل صالح نسوه أهله البارحة في جهنم ورحلوا عنه إلى الجنة .

لغتي ما بين الفرحة والحزن رابط أزلي إذ أن الفرحة أحيانا لا تستطيع أن تخرج بدون أن تعاني مثلنا من وعثاء المرض ، حتى أنت ِ أحيانا تفعلين ذلك تسيرين في ليلة ٍ حزن بين القبور المهجورة في محاولات مشعة بالأمل لدق مسامير النبوءة عليها لتنتعش بالحياة ولتفرح وتسعد لكن القبور وأعني تلك التي انتعشت وفرحت وسعدت ترينها ترد الجميل إليك بعصيانها الذي راح يحرض الجيران الميتين بالسعادة التي سيجدونها في نحرك .

أنا طين ُ غاضب ، وأرض تعبت شرائعها ، وسماء سأمت أعمدتها من التعليق ، أنا قبر مليء بالسبخ وبالدخان وبالدود تجدين في أعلى راسي عربة تعرج يقصدها الفقراء لتحملهم إلى حزمة ٍ من النور المكسور وهم يحلفون برأس العربة أنها أسرع من حافر الخيل ، وتجدين في أسفل رأسي طفل أضاع أمه قبل عام في زحمة الضيق ، انظري إلى ّ جيدا ستجدين في عيني مخبرا يفتش عن وصلة للأمل ليستجوبها ستجدين تحت أذني مخفرا يتابع كل ما يدور من حديث ٍ يصل ليطهره من النور وليمدني بالظلام الذي احتاجه ، ستجدين تحت فمي عريشة من عنب ٍ أسود تكوّن يوم أخبروا حبري أنه إرهابي انشق على نفسه وراح يفجّر الآفاق بالقنابل .

لغتي ، أنشدي الله أن ينصرني لأني أنشده أن يفعل ، أنشديه أن يمدني بصلاة ٍ تستطيع أن تركع وتسجد خاشعة دون أن تتذكر ما تيبس بداخلي وما تكسر ، أنشديه أن يمنحني بعض صبر أيوب لأستطيع أن أفرش البسمة في وجه الملائكة ، ولأستطيع أن أدفع الشياطين عن الحي الذي حبس بداخلي .

لن تتفهم أيها المترف




لن تتفهم أيها المترف هذا القبول والرضا المتفرد في قلوب الفقراء حتى وأنت تطأهم بأقدامك ، لن يتفهمه عقلك المتخم بالمال والمليء بالدنانير والذهب ، كما لن يتفهم " كرشك " تقبلهم لـ تكسر الرغيف المتيبس في بطنهم الفقير لان " بطنك " الثري يترفع عن رغيف ٍ ارتبط بهم أكثر من ارتباطك بالطبقة الارستقراطية التي تنتمي إليها .

لن تتفهم لماذا يحب الفقير أن يدفع ثمن الرغيف عرقا في حين انك تدفع عوض العرق دينارا ذهبيا وأنت تنعم بجلدٍ جففته أجهزة التكييف ، لن تتفهم تلك الثورة التي تخرج من عجوز ٍ أسقطها احتلال طبقتك لشيخها المسن أرضا في حين أن والدك الشيخ الثري لا يسقط إلا واقفا ً ليرتع من وهن الضعفاء شبعا لا يعرف الجوع والعطش .

هذا الفقير ، هذا الضعيف ، هذا الذي لا تعجبك رائحته ولا يعجبك هندامه ولا طريقته في المشي وفي التعبير هو أقرب إلى الله منك بسحنته الفقيرة ورائحته الكريهة وطريقته البسيطة هو أقرب إلى الفردوس من سنسفيل أجدادك لأنه كل ما تبقى من بساطة ٍ وفضيلة ٍ خلدها آدم الأول ولم تغتالها أرض أمثالك بعد .

هذا الفقير ، أيا كان ، أيا كان دينه ، معتقده ، انتمائه ، موطنه ، هو أكثر قدرة منك على كسر قيود الألم وأكثر فعالية منك في أوقات المحن وأكثر جلادة وصبرا في المصائب التي ينزلها أمثالك في شوارع الله وفي أرض الله لتخنق البسطاء ، هؤلاء الحفاة العراة الجياع هم أقرب لكليم الله موسى منك وأقرب لروح الله المسيح منك وأقرب لحبيب الله محمد من ابتهالك في ليلة ٍ من ليال القدر ، هؤلاء أقرب للسماء لأنهم لم يبيعوا أقدامهم للظلام مقابل لقمة حرام تسد جوعهم ولم يخونوا الله في سبيل أن يمنحهم الشيطان كنزا من شبع ، هؤلاء لم ينتهكوا حرام الله ولم يقولوا لأوامر الله في حياتهم كما قلتم " ربنا سمعنا وعصينا " هؤلاء كل ما تبقى من ريح الجنة ومن نهر الكوثر ومن لجين الفردوس .

هؤلاء أفضل منك لأنهم لا يأخذون لقمتهم عبر باب " الواسطة " ولا يلوذون برجال ٍ يجلسون على مقاعد ٍ من فضة ٍ وذهب ٍ ليمنحوهم رغد المعيشة ، وليس لقربهم من فلان ولعلان أي شأن في العزة والكرامة التي تراها فيهم ، لكنك تفعل .

هذا الفقير لم يغتصب يوما شفافية امرأة رفعت سريرتها إلى الله كما فعلتم ولم ينتهك حرمة فؤاد ابتسم بعينيه لصاحب العزة كما انتهكتم ، لم ينتحل شخصية طفل ليشرب نخب السلام على رأس رجل فجرته قنابل الإرهاب كما أرهبتم ، هذا الفقير منذ تعلق لبه بحب الإله وهو كما هو يسوق أقدام المغفرة والحب للعالمين على ظهره دون ملل ٍ أو كلل .

هذا الفقير وإني أميرهم أمير الفقراء المتشح بفقري في المكان نفسه مكانهم لا أمد يدي لأمسح ما علق بشفتي من طعام ٍ إلا وطعامهم الميت من الجوع يأكل مني ويقتل ما قُتِل فيهم هذا ولتعلم أيها المترف أني لا أدعي الدفاع عن الفقراء لأحظى بشيء من شرفهم وعظمتهم ولأحرك القلوب الثكلى والعيون الباكية ناحية فقري ووهني وإحساسي بهم لأني لولاهم لولا فقرهم وفقري ما كنت سترى معظم كلمي يفقأ عين الشبع اللفظي ليجول في شوارع الكتابة حافيا دون حذاء .

ليس بوسعك أن تتفهم لماذا " الفقراء يدخلون الجنة " لكن بوسعك أن تضحك على المقولة كما ضحك عليها عادل إمام في مسرحيته " الزعيم " لأن الأغنياء لا يجيدون فهم الرابط بين الفقر والجنة لأنهم يبررون جشعهم الثري بمحاولاتهم لـ شراء الجنة كما اشتراها عثمان إلا أنهم نسوا أن الأخير اشتراها قبل غناه بدمه المسفوح على وجه المصحف .

ليت شعري لو أنكم تستطيعون أن تتصالحوا مع أنفسكم كما نفعل نحن ، ليت شعري لو أنكم تقدرون على ترتيب أوجه الظمأ كما نفعل نحن ، ليت شعري لو أنكم استطعتم أن تمدوا موائد الرحمن في دواخلكم كما تمدونها في الشوارع ليدحرجكم الله إلى جنته .

ليت شعري لو أنكم تستطيعون أن تزيلوا كل ما علق في أصابعكم من دماء الأبرياء ومن مال ٍ جاء عن طريق الركوب على ظهر البسطاء ، ليت شعري لو أنكم قدرتم على حرث محاصيل أنفسكم السيئة كما تحرثون محاصيل القرية التي امتلأت بالحسنات .

ليت شعري لو أنكم تستطيعون الإحساس بغصة طفل يتيم ، أو صبية فقيرة أضناها الجوع والعطش فماتت وهي تنظر إلى السماء وقلبها يشهق قائلا " ألا بعدا للقوم الظالمين " ليت شعري لو أنكم جربتم أن تعيشوا في منزل طيني أنهكه المطر وأرهبته الرياح فتساقطت طينة أهله قبل أن يتساقط .

ليس في عمري متسع للضحك






ليس في عمري متسع للضحك وليس في سحنتي متسع للملاح الذي تعلق بفانيلة سفينةٍ ناجية ، أحملي فأسك وكسري رؤوس الإلهة وحطمي نبوءات الملائكة واصرخي بي وأنا في صلاة الجماعة وأنا في صلاة الوتر وأنا في غرفتي أصلي الذنوب المسدلة أن يخطف أحدهم نيتي الطيبة وأن يزرع مكانها أي تجعيد ٍ ربّته الفضائح .

ليس في هؤلاء من يقدر أن يفتح وأن يغلق عني نافذة المشاهد وليس فيهم من يستطيع أن يلقيني في الأعمال الشاقة المؤبدة أو يتركني للنار الموصدة أو ينشرني تحت صلاة الهجير كالضغينة ، ليس في هؤلاء أحد يستحق أن أجعله يعتلي صدري الآن ثم أغلق الصدر عليه .
عيشي في الساعات وفي الأيام وفي الشهور وفي السنين عيشي واحسبي متى سأنساك وتخيلي كيف ينسى من مزق الساعة وحطم الأيام وخاصم الشهور وقتل السنين ذكراك ، تخيلي كيف ينسى من شأنه العام والخاص حين يمشي في الأسواق يتلفت ليبحث عنك وحين يكون مع نفسه يحمل إزميلا ويفتش عنك ، تخيلي كل المشاهد العامة وكل المشاهد العارية التي يعيش كل أدوارها إنسان دخل في صراع ٍ مع الزمان دفاعا عن ناقوسه وناموسه .

لست صانعاً لألعاب الـ قوى ، ولا أجيد العاب الخفاء ، ولست متهما بأني ألعب بالمفردات لأني أجيد إطلاق سراحها ، لكني متشح بالوسائل ومتسربل بالفضائل مهما حاول أن يستظرفني السوء ومهما حاول أن يقصيني الذنب وإني والله لست أكثر من طينة ٍ تعيش على المحك وتكتب على المنتهى ، أنا أدور فيك كما يدور الأتان بالرحى وإني بلغت فيك ما بلغ السيل بالزبى وإني والله لو تأملت وجهي الاستعارة وعيني التهويم وشفتي الاختزال وقدمي الارتجال وقلبي السقطات وروحي الغلطات لما وجدت أكثر من ألم ٍ يحاول أن يترجم صرختي لكل اللغات التي تثير اهتمامك .

لا أكتب لكي أفتح مجالا للاستعراض لست بهلوانا ولا سيركا لكني أيتها الناتاشا الخالدة أخلق من أعمالي قبل أحاديثي نصوصا روحانية لا يفهمها من يملك دكانا للعامة ولا يجيد قراءتها من يملك سردابا للخاصة وحده المختص بروحي مثلك من يستطيع أن يقرأ عوراتي كما يستطيع أن يقرأ حسناتي ، لست المهلهل ولست ابن تيمية ولست السيد السيستاني لست أكثر من فضيحة ٍ عاشقة كل همّها أن تركب باصا ً لتصل إلى سترك .

تمرق بين صفحاتي فتاة تتحسس ألمي وتمرق أخرى تضوّع قلمي وتمرق الدنيا قبيل المروق لتطوع نهمي لكني أتركها على بركتها وأترك المروق على مصلحته وأترك كتفي وجذعي وقدمي وأمضي وحيدا لكي لا تجلس فتاة غيرك إلى جواري ، لكي لا تعلق إحداهن أي مسبحة ٍ على عظامي ، لكي لا تقول إحداهن عني أن شكلي كان وقورا جدا أو تقول كان شكله حقودا جدا أو تقول لحيته كانت تختلس النظرات أو تقول أن أنفي سرق منها رائحة ، سأغلق النافذة وأغلق الصفحات وأغلق الفتيات وأغلق الجذع والقدم وأغدو طريقا طويلا لا يهاب التلقي ولا يهاب التصدي ولا يهاب لله في خلقه شؤون ولا يهاب منشأ الأسطورة ولا يهاب قطاع الطرق ولا وعاظ السجون سأغدو ذلك الطريق الذي سيقفز من فوق رقاب كل فتيات الأمة والذي سيتجاوز كل رجال الأمة من أجل أن يصل إلى عليائك .

هأنذا أجيء إليك فارغ مليء الخواء ، هأنذا أجيء إليك بعريشة من الشرايين وأعدك باسم يباسها أن لا أحمل إليها غير مائك ، هأنذا أجيء إليك بكل الخرزات المطلسمة لاتحول أمامك أديبا جفّت مقاسات لغته ونفدت أملاح شفته وتيبست أفراح محبرته وهاجرت روحه كطائر أغريقي في كتاب ٍ أصفر ٍ مغبر ٍ كوجه الشمس الذي أعلن الرحيل .

هأنذا أجيء إليك والظلام يتهاوى والنساء تتهاوى والمجرة تتهاوى والكواكب تتهاوى والأخدود تتهاوى والكون كله في عينيّ كربطة ِ عنق ٍ لا تعرف أن تربط نفسها ، هأنذا أجيء إليك وغرفتي المهجورة وسراجي المكسور وبركتي المغمورة ونخلي المنحور وألمي المسجور يتناثر كالملح على جراح الوسادة المعقودة بأحلام التوبة .

على مرمى الحقول أحدهم ينبئني أن القمح سينضج وأحدهم يقسم أن السنابل ستعود والثالث يردف أن ما سحقته الجرادة من لون ٍ أخضر سيتدحرج من نبتة الأرض وسيطلع ، الكل يحلف ويقسم ويعد والكل لا يعلم أني لا يسكنني انتظار القمح ولا السنابل ولا الخضار الكل لا يعلم أن ما يسكنني لا يمكن أن تغلقه عروة الطبيعة ولا انشوطة الديالكتيك الكل لا يعلم أن مجمرة الروح لا يطفئ لهيبها إلا وجهك البرد السلام المؤمن المصلي لله لي لحظة حب ٍ عاطفة ، الكل لا يعلم أنني أنتظر من تأتي على حين طفلة وعلى حين غفلة وعلى حين أول الدرب الحي لتنقذ تقاسيمي التي ألقت في الموت حجله فرأت فتاة تحمل في ردنها كل ما تيسر عن حياة السجون .

هأنذا أجيء والغمّة تسبق عيناي وعيناك ِ الدمع تمر في صفحة السجادة ومريم العذراء مجهشة بالبكاء حين علقوا على باب ذاكرتها صليبا يشنق ابنها اليسوع مع رجل ٍ يشبه الرماد ْ ، هأنذا أجيء إليك ِ وعمرا طويلا قد مضى وعمرا قصيرا سينتفض فوق كفي ليخبر كل جيراننا الحالمون أن غدا ً سيجيء دون ميكال الطيب ودون مطره ، هأنذا أجيء إليك والحب العتيق فاعل خير والخير الصديق عيون السماء الخجولة والخجل الرفيق أسفار الأسف والأسف العريق يشجب الحقل الذي لم يزرعني عسلا يتصفى من سمام الإبر .

هأنذا أجيء إليك وإيقاعي الأعمى الأطرش لا يقيم فرقا بين يباس ٍ ونضارة و هـأنــذا أشق طريقي في أنشودة لقرية ٍ غشاها الضباب فقام لحنها يشهق وقامت بيوتها الطينية تستلهم الصبر من معزوفة الجبل ، هأنذا أجيء إليك وطيفك يجتاحني من كل الجهات ويمد نفوذه في كل الرئات ويفتح نفقا لعلتي التي تأبى أن تخرج من بين جنبي .

هأنذا أعظم الخاطئين وأصعب الخاطبين وأكثر المجرمين الذين مثل هذا الأفول قد زاروا قلبك ، هأنذا أكبر أقصوصة ظلّت تناجي مسائك الكلوم وأكثر ناحبة ضلت عن دربك الكروم وأصعب ساقية ردمها طمي كفي المطهم بالعثرات .

هأنذا أجيء والعبيد في لثغاتهم يعرفون أني أجيء كحديث الملوك ، وهــأنذا أجيء والملوك في رواحهم يعرفون أني أجيء كهذا العويل الذي قسّمني إلى بضع وسبعين ثلّة من دم ٍ مراق ، دقات عظامي تصطك ونبضات روحي تصرصر ولوحدي أنا أجيء كهذا القحط لأسكب المكان خضارا وأنا يابس ، لوحدي أنا يا أيتها الناتاشا أتنفس مختنقا دون أن تقرأ مشكاتي كفا تتضرع لله أن تحف يداكِ مماتي ، هأنذا طينة لا تجيد أن تسقي حجاج بيت الله الحرام من زمزم ولا تعرف أن تذبح لهم من غنم نفسها إربا من اللحم أو تدعو لهم أن تمطر السماء عليهم ما شاءت من البركات على ألمي .

هأنذا أجيء إليك ِ فخذي من وجهي فمي وخذي عن كاهلي بدني وخذي جلّت قدرة أخذك كل ما حط على أجنحة حبري وكل ما تداخل مع ميزان نثري وكل ما تزاحم معي من يوم الجمعة فأنا أيتها السبيل الحق سفينة نوح لكني لم استوي على الجودي بعد ولم أنجو من الطوفان .

هأنذا أجيء إليك ِ وأمة قايين ضوء انكساري وفجري المبتور وقمري المشتبه به ، هأنذا أجيء وحديقة النخيل تحمل معها إضبارات من البلح الذي لم يوشوش الشام ولم يباع في مكة ، هأنذا أجيء إليك ِ وأفياء الوجود ترميني مع كل حرف ٍ بحصاة ٍ وسهم ، هأنذا أجيء والغربة تشويني كدجاجة ٍ على تنور ينفخ بطني بسيخين من الذنوب العالقة بالطين وبكلمتين من الليال المدرعة بدرعين من الخطوب ، وهأنــــذا أجيء وعسكر الأخطبوط واقف على الباب ليحولني إلى مرثية تتجاوز أبواب المسامات وتلقيني في حرف ٍ بلا معنى وفي ورقة ٍ بلا لحد .

هأنذا أجيء إليك ِ والبنادق لا تشيخ ولا تزيح عن رقع ثيابي هأنذا وكل الذين يصلبون قبيل الفجر وبعيده يعلمون أن مسمارك دق جدراني الأربعة بمطرقة العاصفة ، هأنذا وأحلامي لا تبلغ عتبة الفجر ولا تغادر سلّم الليل ولا تفصل جسدها عن روح الحدود المتشحة بأردية الجرح وببلاغة الدم القاطر على مصحف عثمان .

هأنذا كل ما يمثّله المنثمل المنتشي بملامسة الزهر الأسود وبمعانقة نحلات سكرى بزيت البارود تلفظ فيه النحلة عسلها عبر الزوايا المعتمة للانكفاء ، هأنذا أجيء ولندن تذهب لمقابلة خطيبها وأستراليا ترتع النشوة في بارات نتالي والهند تفيض بصحة طاغور وهــأنذا ولوحدي الذي يرمي كل هذه الصيدلية من يده ويتناول عوضا عنها أربعة أيام ثم شهر من الجوع والسعال .

هأنذا ولم يسبق لي أن زرت كل ما تعسر من وجع ٍ أزوره ولا آلو على نفسي مرضا أو غبار ، هأنذا أدس أصابعي في حطام زبد البحر الممتد لحدود الملح وأشرب من فيض هذا القذف المرير الزبد وأرقص غرقانا على ألحان بحر ٍ ظل موجه يعزف الماء الأسود .

هأنذا مضغة أصغر ذرّاتها تتذكر لكم فتّشت عنك بين جدران الأرحام وبين ثقوب المصران ، هأنذا والطور يهرب بسيناء وسيناء تهرب بإني آنست نارا ً وإني آنست نارا ً تهرّب موسى إلى عهد الخطاب الجليل وأما الصحراء فتترك لي لتأخذني إلى ليل ٍ مثخن ٍ برفات ذلي البلاد .
هأنذا أجيء إليك ِ وأمي هناك تحدّث جاراتها عن ولد ٍ أمرد ٍ رحل قبل أن تقرع على سهوله الطبول وقبل أن تمر على روابيه الخيول وقبل أن تغرف من عينيها دمعة يحدثنها الجارات عن ولد ٍ يشبه ولدها جناه الغزاة قبل ليلة ٍ من الوصول .

هأنذا أجيء إليك والجارات لا زلن يحدثن أمي أن أحبلي بآخر لعلّه يجيء بلغة السيول ولغة المثول ولغة التعويض لقرميد البيوت التي تقشّر عنها لونها الأحمر وتركها تتعفر بكف الريح تتفجّر من قلب التراب .

هأنذا أجيء إليك ِ وأبي هناك يحدث جاره في القبر عن أبنه الذي ذهب في رحلة الشتاء والصيف وهو في قمة الالتزام بجدرانه الطينية فسقط كالخريف وتراجع كالربيع وعجز عن مواصلة الطريق وعناقيد الإغماء تستلب منه الحياة ، هأنذا وأبي يقول لصحبه أني في مأزق طيني لا يستطيع الوقوف على قدميه ، صحبه الطيبون يحيطونه لثلاثة أيام عن حكاية ٍ لشاب ٍ أمرد كان حزنه الكبار وفرحه الصغار احتلت قوات الاحتلال فمه لأسبوعين ، صحبه الطيبون يرتلون عليه أحسن القصص عن ذلك الشاب الذي يشبه هم أبنه ويقولون له لا تحزن فإن المعاملة السيئة التي يتلقاها ستأتي حتما من المعتقل لتجاورنا هذه الرحاب .

هأنذا أجيء إليك ِ ومزنة هناك تحدّث رفيقاتها في الحواري عن أخيها الذي تبخّر عنها فجأة وتركها تغلي أشواقها في قدر ٍ أثافيه تسلب منها أبسط حقوقها في السؤال ، هأنذا ومزنة يكابد دمعها خيال أخيها بخوذة ٍ صفراء على رأسه وبصمات المدفع الرشاش على جسده فيسقط قتيلا في خيالها فتبكي وتبكي رفيقتها ، مزنة الطيبة تتجه إلى الله أن أنقذه من هذا العقاب الذي حاذى عنقه ، هأنذا والصديقات يجتمعن حول مزنة يترنحن بتشجيعهن ويقلن لها سيأتي يجر أسماله صدقينا فهو يشبه جارنا ذاك الذي اغترب منذ عام ثم باض دمه في موسم التمر و .. ، وتلوّح مزنة وهي هناك في وجه الصديقات أن ألقمن هذا الحديث كل ما ترشق من الدعاء لمغادر ٍ آت ٍ يشبه القرآن .

هأنذا والأصدقاء في فرنسا يعلمون و في حي ناتاشا يعلمون وفي الدير الذي ربّى ذاك الصليب يعلم أنني صلبت بأمتي الكاملة جراء فريتي وإني تبت بأسناني وبلساني وبفمي وبوجهي وبأعضائي ، وأني بجميع أشباري وذراعي أقبّل ثرى كل ما تخصّر من ذلك الشسع الذي سوّر داري .

هأنذا انتقل من شريان ٍ لشريان ومن مكان ٍ لمكان ومن مفعول ٍ به إلى مفعول فيه إلى فاعل إلى مضاف إلى مضاف إليه إلى ضمير ٍ سقطت في قلبه خمس رصاصات ٍ لينحرف عن جادة ناتاشا ولا يفعل .
هأنذا فبلغي سراة المنتقمين إنني سلمٌ لربي أخمصي ودمائي وحرّكي كل دومات الجندل وكل تبوك وكل الذين فرّوا من الروم والذين جزّوا الرؤوس في آب ٍ أنني فداء ٌ لكل ما صالت به خيلك ولكل ما غدفه على ّ سوقك من خرقات ٍ تحدّث وجعي الأحمر .

هأنذا وجريرتي في كل أرض ٍ تتقى وأن الخطيئة التي لا جيش لها حين صاحت وامعتصماه جرّ عليها المعتصم جيشا من لحم لا يحييه إلا السيف وتلك اليمن رأبت عين جريرتها ترع الحب وردمت شقوق سريرتها ساقية السلام ، هأنذا أذاكر دافتر سيف بن ذي يزين وأراجع كراريس غزوة مؤتة أمد يدي نحو التاريخ يا ناتاشا فترجع لي الأيادي من غير أصابع .

هأنذا وخالد يصيح بين يدي في يوم مؤتة تتكسر في يدي تسعة أسياف وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة رمح أو ضربة سيف أو رمية سهم لكني أموت على فراشي كميتة ِ البعير ألا شاهت أعين الجبناء ، هأنذا وناتاشا تعسفني الإجهاش والبكاء وتضورني جوعا ً على سطر ٍ تخصّر بنار .

هأنذا تشتق مني آنية اللظى ويؤخذ مني كل ما يغمس في جحيم برومثيوس ويسلب مني حين تصير غصون النخل رماحا ولا تقتلني فالناتاشا حوّلت لحمي إلى نزع ٍ أخير لا يسكن الفناء ولا يفارق طحين الأسى ولا دقيق الدرن المستديم .

هأنذا تطعن عيني نظراتها الأتقياء وتقتل صدري دمعاتها الشرفاء وتدوي بقلبي قسوتها الغرباء ، هأنذا أطوف طوابير الذين يحزنون وأعود للثلة التي ضرّجها المختصمون وأعيش في عار الهزيمة وأموت في فاتحة الطعون ، هـأنذا لم اكتمل بعد ولم أضرب أنواء كل هذا الجند المحتشد على جانبي وعرس ناتاشا يمضغ الحرث ويلقّن الأوراد الحداد عن جوع ٍ سقط في لجة ٍ لضرير .

هأنذا أتساءل والثالوث الأب الابن روح القدس في هذا الليل العويل يسحبون الطويل إلى قصار الأخاديد ويلقون القصير في أطوال حفرة تسخر من ظرف الزمن الذي أوقع هذا العامر بالنهاية إلى ظرف المكان .

هأنذا ورقة مكتوبة بخط العراء يجهضها الهواء ويقدسها الخواء ويلعب بها الفضاء من رأس سطرها حتى لون حبرها المستنفذ ، هأنذا تصيبني قداستك بأربع حسرات من العجائز وتصيبني بثلاثة شيوخ من الكمد وأنا أكرم نفسي بشرب كل ما التقط ثقب قلبي بالرايات الحمراء .

هأنـذا زاوية ٌ أخرى يطويها حد الستار ورواية ٌ أخرى تنهيها هي عندما تحلل الفصول إلى تجديف ٍ لا يستطيع أن يُتم استدارتها يجفل كرمال الحزن ويخاف كطين غير مخمص بالعزيمة ويخلع التماسك عند مقامات الرغبة في التقيؤ حين تطرق هي غياهب جب غير مسمى الأجل .

هأنذا يدخلني الناس من كل حدب ٍ ويفتحني الحفاة والعراة والجياع ليضعوا قدم أكلهم الكبيرة على لحمي العدم ، هأنذا وسواد الليل تنبجس منه مواعيد لقلب ٍ انهكته سورة غافر وعذبته سورة التوبة وأضنت روحه آية الكرسي .

هأنذا وبلادي هناك تبكي من بين أظهرها كل وثائق الوفاء وتدعو أن يردّني الله عليها وتبدأ ترتيلها باسم رب أمري فيتجلى رب همي ليلحس البلد وليمضغ الوثيقة وليردني إلى مناسك ذوت على محاجرها خمّارة العم سام وحطّت على مآقيها بومة خالتي قتاد و تبطل الصلاة بريشتها التي يسحقها الركام .

هأنذا وليلعن الله كل من دنّس اللون الأخضر وليعلن الله كل من أكل الصبيان والنساء وأذرع الثقاة وليحرّق عليهم العيون والبطون وليمنع عنهم كل جار ٍ سرّجته البركات وليلقيهم مثلي على الأعراف بأعين ٍ معصوبة تحاول أن تستشف طريقها وتحف يقينها وأحشاؤها مقتولة الجنود والنظرات والدماء .

هــأنذا جريمة ٌ تعلّم الحروف الرماية ، وتدرّب اللغات التصويب ، وتشعل ألعاب الحواة في المدارس والبيوت وسعف النخيل ، وتلقي بشراك نعلها الآثم خارطة الطريق لتمشي ناتاشا أخلص الطرق إليها وأنا أجيء إليها كما أنا وطينتي النار .
.
هأنذا فارفعي عني ظلال المدينة وسوقيني إلى ريح ثغرها يشويني على أثافي الشمس لأهذي بحريقي عن ميت ٍ أرسلته المقابر ليفتش في حياة العراء عن ما دبرته المناشير ليعود إلى صحبه المنتظرون في أربع الجدب ليقص عليهم كل حديث ٍ رآه عن شيطان ٍ أكل ظهر ملاك وعن ملاك خان الله فعلّق في بابل .

هأنذا تطول حكاياتي وتكتريني العيون الجائعة وتحتويني زبانية أعظم الطامرين وتكويني الرياح الصفراء وتقلّبني في كبد سمائي صدق العيون التي صانت الأطمار و خانت السكة المستطيلة ، هأنذا والأذرع مكوّمة فوق صدري ترتخي الأظفار في شبكية عيني وتحفر النميمة بطيني وأنا أنض عن نفسي كل هذه الأذرع فلا أذرع إلا لشبّاك ٍ يطل على راهب ٍ دنّسته الخطيئة .

هأنذا والرفقة الذين ولّوا مع الحب تحت جناح الليل يسألون الطرقات كيف يستميلوا شمعة يتلمسون بها الخطوات ، فترد الطرقات منذ مرور القاسيات علينا خطف الإله عنا الطعام فأصبحنا صوما ً لا نفطر على شيء ٍ إلا البكاء على حبيبته المنتظرة بنت الذوات .

هأنذا وسلالم المدينة تقيل الصعود ومنابر المدينة تستقيل عن الخطابة هأنذا والمدينة ملئ بالمخبرين والمخبرات وملئ بالثقوب الكبيرة التي باتت تحدّث الكهوف أن استعدوا باسم رب سارق النيران سنوسع لكم الأفواه لتأكلوا النور ملء الرضا .

هأنذا تعانق قلبي ناتاشا تعلق روحي بجديلتها ثم تمشّطني يسيرا يسيرا باتجاه كيد الهباء ، هأنذا والمراعي الخضراء في قصّتها لا تمسها السبع العجاف ولا يأتيها الطير يأكل من رأسها ولا يأتيها ساقي الرب خمرا وحدهن البقرات السمان سيأكلن يباسي وعجافي وسيدعن أرضي البور بورا من البثور والدثور .

هأنذا أخرج من معسكري الصمت وأحدّث الناس عن شتلة ٍ شالها جنة الفردوس وأنفاسها مسك عليين وخطواتها اللجين وحديثها الرضوان ، هأنذا أقول وأنا أترك الصلاة وأدخل في سنابك كفري أن الله خلقني من انفتاق الجرح بسروالين من الدم الذي أهريق على باب المدينة ، هأنذا ذاك الذي ضيّع الدين وامتهن العواء وراح يمزّق أوراق الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن الحزين ينشد أذكار التمائم على شرك ِ جند المدينة .

هأنذا أسحب كل الرجال من شواربهم وأسحب كل النساء من أذيالهن وألقي بالعالمين في البقاع البعيدة ثم أخابر البلدية أن تكنس عني كل هذه القمامات التي حدّثتني عن عشتار ٍ تلين الحديد وتقرّب البعيد وتؤتي الطلع النضيد وتزّين الدنيا بالدفء كما زيّنتها بالبرد وتضج علينا بالخبز وببعض سلام روته لنا الجدّات عن ربّة الزرع التي سدّت الرمق بجودها .
هأنذا وعشتار هناك تشرب الخمر وتعاقر قافلة النشوة وتحدّث كأساتها أن لا تلتفت إلى جام حلمي الصغير وقلبي العظيم وأن تزهق فيه أرواح الماء وأن تخرج منه أكواز الأنبياء وأن تجعله يتجخى على جداره الصدري برئتين ردمتها النصال .

هأنذا كانت لي جنتان أمدها متان وكانت لي أبواق تصيح بالبسملات السمان وكانت لي كائنات المطر تأتيني دون أتان وكانت لي قبة ٌ خضراء لم يطمثها إنس ولا جان وكانت لي أكف سيدها الخضر أذان ، وهــانذا أخيرا ً أُدان وتدان معي بأي آلاء ربكما تكذبان فأصيح كما صاحت الجن أنك تعالى جد ربنا لا نكذب بأي آلائك ويا ويا .. رحمان ، صلاتي إليك ِ و و ، وآيتان .
هأنذا وبعض البشر يجلون نهري وبعضهم يخثّرون دمائي وبعضهم يختزلوني في هذا المد الخائف وبعضهم يجزّرني في هذا الجزر المتوقد بأمواج متراجعة ، هأنذا واليم يرقب شعبي ومرجاني ويرقب لسان الناس الذي يحكي عن طفل ٍ خطفه البحر وتزوج حورية حوّرته إلى نصف ٍ بشري ونصف ٍ سمكي ثم تركته لأسماك القرش .

هأنذا منذ عشرين أدس مواجعي في الرمل فتنبت مواجعي أشجارا ً من الدمع وهأنذا منذ عشرين استزيد من الرمل فيستزيد وجعي أشجاره إلى غابة ٍ من الشمع الأسود ، وهأنذا منذ عشرين اقتني لوجعي نبوءة يثرب فتهرب يثرب بعد أن تلقمني نبوءة الصدّيقة ناتاشا عن غلام ٍ سيجيء في ليلة العاشر من محرّم بوجهين من الطف .

هأنذا والأحاديث الشهيّة تغادرني عشية اللغة وصباح الحرف وتغادرني ومدخل أوراقي عريساً فقير لا يملك مهر المفردات ، هأنذا وفقري عند مدخل داري ينادي رب ّ أيوب أن يخبئني في حي ٍ لأبن آوى يبادرني بنهاش ٍ يمر على لحمي .

هأنذا وناتاشا تستزيد أوجاعها في غيّابات صدري وتسافر أوردتي إلى يباس ِ عجوز ٍ تغفو على سلّة ٍ من الذكرى تروي أقصوصة شيخها الكهل الذي بعد عسر ِ المعيشة طلّقها منذ عشرين بين ضلوعي وأطلقها منذ عشرين بين دموعي وأعد لها كل ما استطاع من إثم ٍ ورباط وهم ٍ لتتعسر أنوثتها وتتعثر بطلوعي .

هأنذا منذ عشرين أسمع أخي الكبير يتلو على مسامع الضياع اسمي ويقول ستجري في هذا الولد سنة البلد الذي زارته الريح ذات كره ٍ صقيع فحولته إلى نشور ، ستمضي فيه لعنة الريح التي جففت رمل الأرض وجعلتها عارية ينبض الستر بفؤادها الوهم .
هأنذا والكل يصمني بصمات السمن والزيت والكل يتهمني بصفات ِ القمح والهيل والكل الآخر يحمل منديل دموعه ويترحم على ّ قائلا كان مبدعا ً بين يديه تشرق اللغة وضاءة ناتاشا ، وكان لامعا بين يديه تحمل الحروف نبوءة النور ، وكان بارعا ً بين يديه يتوضأ الصبح ويصلي الفجر وتتبتل الأفلاك بصدق وجهه الإيمان ، وكان عشرينا من عمره حين سلخ ربوة كل ما تعسّر على الأسطر وحين بقر بطن الدفتر وحين داج حبره الناصية .

هأنـذا أجيء إليك ِ منذ الطينة الأولى وكيري النافخ الوعثاء تكتريه النواصي وتعض على نواجذه الجراحات القاتلة ، هأنذا أظهر كما خلقني الله باسمي وبلغتي وأطعم كل زناد ٍ تقوّل عني الحديث بأني منذ عشرين كنت ولا زال أول الحديث وناتاشا حبيبتي هناك حين عانقني الوحل بأم روحها رأت أن المحدّثين كانوا كُثر لكنهم كانوا أوحالا ً لا تستوي فيهم الغايات ولا تخضهم الشهور التسع نظافة ، وحدي كنت وبوحلي أول عابر للحديث وأول وحل ينجو من وحولته ليسكن سحرها الأخضر .
هأنذا أجيء إليك والصالون يأبّن صوتي والماعون لا يقبل فوتي والشاه الذي ضرب الرخ لم تستهويه ألاعيب الأيام فنام مع أوهام الحصان الذي يحرس القلعة ، هأنذا بعد أن خنت الرفاق وخانني الرفاق وخاصمت العناق وخاصمني العناق وهجرت الوفاق وهجرني الوفاق لوحدي هنا والغربة تحدّث رقعة الشطرنج عن ملك ٍ حاصرته البيادق.

هأنذا وبيبرس يقود المماليك يخبّرني قلبي العجوز أن نبضي الأشيب أخيرا سيطوف بدياره المطهّمة ليعلن الخفوت لكل الساكنين في بيوت العنكبوت .

يسألني كثير من الناس؟؟ من أنت؟


عندما انطلقت أول رصاصة..كان صدري أول من تلقّاها ..وعندما بُعثت أول حمامة ..كنت أخر من يراها !! نشأت بين الموت الأول والسلام الأخير ، وتعلّمتُ الحياة وهي مسروقة ٌ مني ، وأثناء طوافي حول فلان وفلانة وفلان بكل حب ٍ ، كانوا يطوفون حولي بالرصاص ، لست ُ ابن َ الدنيا ، ولست ابن أمي ولا أبي ، أنا ابن الهرج والمرج والملامح الغائمة .

أنا ، على أطراف القرية من ناحية اليمين ، بعض الرجال الراحلين بشيء ٍ من الشمس ، وعلى أطراف القرية من ناحية الشمال ، بعض الرجال العائدين بشيء ٍ من الظلام ، وفي داخل القرية كنت ُ نداء المؤذن للجنة بصوت ٍ متقطّع ، ونداء مالك للنار ِ بصوت ٍ مرتج !! ولدت ُ في قرية ٍ لا تترد أن تسجد َ للشيطان إن أتاها أمره ُ ، ولا تترد بالسجود ِ للرحمن إن أتاها غضبه ُ ، نشأتُ هكذا و ، عندي سجدتان.!!! كالقرية !

الذي يظن أني أحمل ُ أواني بلقيس وحُليها ، ما كان عليه أن يظن ، والذي يظن أني أحمل ُ سقاية الملك ، ما كان عليه أن يظن ، والذي يظن أني أحمل ُ بندقية و دبابة ، ما كان عليه أن يظن ، فكيف لمثلي أن يحمل شيئا ليس له .؟   !!!!! فأنا في عمق ِ الأحراش أفعى ، وفي عمق ِ الأعراف دنيا ، وفي عمق ِ الإنسان كأكياس الذهب ، وأنا الذي في أحايين ٍ كثيرة تمره الدهشة ، فيضحك عليها ، ويقول ُ: ويحك ، ويحك ، أما عرفت ِ أنني ابن العجب .!!!

أحسنت ُ بمقدمي ، وأحسنت ُ بفمي ، وأحسنت ُ بدمي ، وأحسنتُ حين تمددت ُ كالحقول ِ لكم ، وأحسنتم حين حرّقتم مساحاتي ، ومزّقتم بذراتي ، واستحللتم دمي ، أحسنتم ، ولكنكم لا تعلمون أنني ما بعثتُ للعدم ، فحقلي يُثمر روحي في كل لحظة ٍ تحرّقوني فيها ، على كل البسيطة . !!   ! بسيطتكم  !

لا أقول ُ أني أعرفكم ، ولا أقول ُ أني أعرفني ، ولا كان فيكم أحداً يعرفني ، ولكني أعرف ُ أن هذه المعرفة تتعرض لغيبوبة طويلة ، حتى يوقظها اليقين . !
أن تضعوا افتراضا ً ، أنني في مكان ٍ لا تصله الشمس ، و في ظلام ٍ دامس أحيا ، فذلك قرض تقرضوني إياه ، سارده لكم عند أول صفعة । !!



معرفتي بالسحر ِ لا تتعدى هاروت وماروت – إذن _ لما اُتّهم بالسحر ِ وأنا في مكان ٍ طاهر ، بخوره الصلاة ، ولما اُتّهم بأنني مارد ٌ من مردة البحار السبعة ؟   ! حسنا ، حسنا ، لكم ما شئتم ، أنا ساحر ٌ ومسحور ، والمارد الذي يسكنني قديم ، هرب من قبضة سليمان على هيئة علم ٍ لا يحل إلا في جسدي   !! وسحري الذي تعلّمته لن ينقلب ُ علىّ ، فالذي علّمني قال لي : بسحرك هذا لن تستطيع العودة إلى قبرك إلا حين يبعث ُ سليمان   !!

لست هدهد سليمان ، ولا ناقة صالح ، ولا بقرة موسى ، ولا كبش إسماعيل ، ولا قربان هابيل ، ولا أمتُ بصلة ٍ لبني إسرائيل أو عربائيل ، ولم أك ُ يوماً فداء ، فأنا النداء ، النداء الذي كان في أول الأمر روح ، وفي ثاني الأمر نوح ، وفي ثالث الأمر بوح ، وفي أخر الأمر مئذنة لا تعرف ُ المذهبية أو التعددية أو النرجسية ، بكل أدب ٍ وتواضع ٍ وخشوع ٍ تصيح : الصلاة قائمة يرحمكم الله .   !!

أنا أشك ُ في ناتج الألفاظ ، أشك ُ في المتلقي ، وأشك في القائل ، وأشك ُ في اللغة ، وأشك ُ في نفسي إن كانت كتبت أو قالت .   !!!! أشكُ في الجميع حتى أصل إلى عتبات الحقيقة   !

يعيش على هذه الحياة من لا يفهمها ، وتعيش الحياة بداخل من لا تفهمه ، وأعيش أنا بين الفهم والجهل ِ كالأسطورة   ، لا أنزل إلى الواقع ، حتى أبحث ، هل استطيع أن أفهمها أم أنها لا تفهمني ؟   !!

لا أحد يدرك أي غموض ٍ يكتنفني ، ولا أي وضوح ٍ يعرفني ، ولا أي سابقات إنذار ٍ تجهلني ، فالكل يعلم أني [ إما طيب أو شرير] ، -أوه- أنتم لا تعلمون كم تورطت في فهمي   ؟!!!!

جميعكم تتكلمون بالمستوى نفسه ، وتعيشون رغم اختلاف طبقاتكم بالعيب نفسه ، وتأكلون رغم اختلاف أوانيكم وموائدكم الإثم نفسه ، حسناً عليكم أن لا تدمجوني معكم ، فأنا أتكلم وأعيش وأأكل : أمام المستوى، و يسار الطبقة ، و يمين الإثم .!   ؟!!!

لست ُ شعاعاً شمسياً لأنكسر ، ولكني الشمس نفسها ، ولست تختاً رملياً يكسرني السحرة ضربا ، لأني السحر نفسه ، عليكم أن تتيقنون من ذلك ، وإلا لكنت مذ قديم المحطة [ كمسري ]  !!

ما الذي يمنعكم أن تحرّقوا جسدي ، أو تصنعوا منه مقبرة ٍ بعيدة بُعد الشمس عن وجوهكم ، ما الذي يمنعكم أن تشحذوا جيوشكم ، أو تتوجهوا في حشد ٍ عظيم لقتلي ، ما الذي يمنعكم من قهري في يوم الزفّة ، لا أملك عصا موسى ، لأشق بها البحر عليكم ، أو أرميها كثعبان ٍ يتلقف زوركم ، ولا أملك الرياح ، لأمرها بحملكم للموت ، فما بالكم إذن لا تقتلون ؟ ألأنكم تتحركون وتهاجمون وتتعلّمون وتتزينون وتأكلون من زوايا ضيقة جداً ، أم لأنكم في الأصل لا تمشون وفق قوانين كروية الأرض ؟   ، أم لأنكم تعلمون أنني سأظل أسير إلى ما لا نهاية إلى الله   ؟!!  )

عندما أقول أن سرعتي تساوي صفر ، هذا لا يعني أنني قد بلغت ُ العدم ، فما على وجه البسيطة كائن تصل درجة تردد موجته إلى الصفر، إلا في علم ِ الافتراض ، ولست فرضيا ً ، لذا عليكم أن تعلموا أن سرعة صفري ستقوم بالانقلاب في أي لحظةٍ على العدم ِ والحياة   !!
سألتني : من أي خلية ٍ نشأت ؟
فقلت : من خلية ٍ تكبر لتعود صغيرة ، ثم ّ تكبر لتنقسم إلى ثلاثمائة قسم ، كلها خارج المتواليات الهندسية ، لا تموت ولا تخسر ، إذ كل ما في الأمر أنها ستنام قليلا في قبر ثمَّ تبعث ُ من جديد    !!!

وتقول لي من أنا : وأقول أنتي إيمان ، أو سلطان ، أو شيطان ، لا يهم من تكوني ، ما يهمني الآن أن تعرفي من أكون   ؟!!!
أخيرة :

خلّوا ..!!
سبيل ,
أملي !!

شخص واحد من عشرة سيجيد ترجمتي





إليكم وقد سار جذيمة قرب ديار الزباء فتحول إلى " راعي بقر" وجاء قوم وذهب قوم وكل قوم تحدثوا قيل عنهم (( أصحاب العصا)) فحدقوا بـــــ(( بخالد )) فقال :- " إذا اقبل جذيمة غدا فتلقوه " فهتفت الزباء بالموازييك المعتاد ( ( قصير)) لأنك لم تمسك عصاي ؟!! ما أحسنك من عروسٍ هتف القوم بها " لا تضيّعي دم الملك " فهتفت :" ادفنوه ؟!!




ذات (( ذات)) سيعقدون الندوات عن خصلاتي الساقطة وسيحاولون ربطها بالذاكرة والكرسي والفراش والفرشاة وسيجتهدون في تجميع أشلائي المتناثرة دون حس ٍ أو إحساس ، ستتوجه أياديهم نحو وجهي ، وجهي الذي أصابني لا زال معلقا على السطح لم البسه يوما كما اعتقدتم رغم حياته المبكرة إلا أنه يملك كل الحيل البارعة للخلاص والنجاة ، لن يفلحوا في تجميع خيوطي في مملكات العناكب فالخصلات عندي تختلف في اللغة والتكوين والتعبير وصدّقي أو لا تصدّقي أن شخصاً واحداً من عشرة سيجيد ترجمتي !


ذات (( ذات )) ستثور العناصر الأربعة وتخلق إنسانا قادر على فهم الخصائص أكثر من علماء الأحياء ، إنسان باستطاعته أن يرى العالم لا على انه ضيف غبي فيه ، بل على انه من يوجه نحوهم أسوأ ما فيهم وعيناه مغرورقتين بالدموع إلى أن تقع عيناهم على ما وقع فيستلهمون طرق تحطيم طبقات العمى التي تراكمت على أعينهم وسينالون الشفاء !!


ذات ( ذات ) سيفقدون القدرة على التأثير وعلى السير وسيضطرون أن يسيروا على أنوفهم وستسخر الثمار منهم وستشير الكلاب إليهم بأصابع الاتهام والتآمر وخيانة الله ولن ترسم العاصفة لهم طريقا آخر للهلاك نحو العدالة/ الحق بل ستتدهور اهانتهم وحالتهم وسيبدون أغراب حتى على دارون بعد أن زاد عدد الأذيال فيهم عدد الخواء ॥!!


ذات ((ذات)) ستستهوينا العبارات والإيحاءات المريبة والقريبة وبمضي الوقت وتقدم الجمل والعبارات والتعاريف نحو البلوغ سنقع خارج التعريف والإيحاء وسنبدو كهمزة غير متصلة لا بألف ولا حتى بنبرة!! فنكتشف أننا سذج وحمقى وان اللغة كانت لعبة يفصل بيننا وبينها التفوق الكبير!! فتتمرد الأحرف فالأرقام وهكذا دواليك حتى تتمرد الأقلام والصحف فنكتشف أننا خدعنا لأننا لم نكن نكتب الحرف بل كنا نكتب الحرق!!


ذات (( ذات )) على قدر الإمكان وقدر الذات والتظاهر سنجازي العدل باعتباره علاج ولن نشفى ولن نستطيع ان نقاوم الحافز والإيحاء فنكذب عليهم ببساطة ونجرف معنا خيوط الحركة والتحديد والتجديد فنكوّن خرافة ونكون نحن على قدر الإمكان قذارة لا تحتاج لعامل نظافة !!


ذات (( ذات )) سيتساقط الزمان فينا !! الغابات والبحار والأشجار والمحيطات وسنأكل في وجبة الغداء كهف!! وفي العشاء ثلاث ساعات من الصدمة!! وحين نضطر للتقيؤ سنتقيأ التذوق!! بعد ان انفتحت الشهية للخراب!!


ذات (( ذات)) سنحدث في المستقبل فجوة فنتوهم أننا عرفناه وبتنا لا نحتاج لنبي ولا لعرافة ولا لمعجزة!!فقد كشفنا الحركات والسكنات وصعدنا القمر واحتللنا القدر والفهم اصبح سريع فتسقط عشرات السنين بعبقريتنا في المجهول ونبدأ الجلسات بالانعقاد!!لن نتعاطف مع أنفسنا عندما تحين لحظة الانتقام والاستجماع المجهول أعطانا الفرصة ،، ولكننا تمادينا في الانحلال العلمي والخلقي من كل النواحي حتى أغضبناه !!


ذات (( ذات )) الماء ،، ذات ليل ،، سيتساقط صبحاً من أعلى القمة جارفا معه حبيبات النهار وكريات الوهم ليتفتت ظلاما في الأسفل !!سيصعد الدخان الى رئتي سالكا طريق المدفأة في شتاء جسدي !!حتى انتبه أنني نسيت السيجارة مشتعلة فأنتبه عليها فأدخن الافلاطونيات وجوته فيتساقط مع الرماد شعر الفروة حتى تصبح رؤوس المعاني صلعاء فيبتسم حلاق الماء !!




ذات (( ذات)) ستهتز المرايا وتتبعثر الصور في أجزاء الساعة ويموت العقرب فتشهق الشظايا فاصاب في إصبع حرفي فتنزف المرايا صورة ، 2، 10 ، حتى تكتمل قطع الدماء
ذات (( ذات )) ستمضي العربة وتدور العجلات حتى تضغط بحوافرها عظامي وعظام القطط لكي يهرب الحقد لابد من ضغط شديد على الانتقام!! يجب ان يطير الدخان ويموت الحصان !! وتتطاير جسيمات الكره في شواطئ النظافة!! فتهتز العربة فالشارع فالمارة فتنطلق الصفارة ويبدأ العد : حرف ، 2، 3، 4، 5 حتى تنفجر الأشلاء الى فضيلة!!


ذات (( ذات)) سأسمع صوت صريري يهتف (( أرجوك دعني )) !! فأسكبه خارج عظامي واغلق خارجي عليه !!


ذات (( ذات )) ستهرب اللغة من المعجم والقاموس والأفواه وتصبح المكتبات غير مشوبة بالقواعد والنظريات المقترحة فكل الحروف ستكون هي !! وانا و(( أنت )) لن نكون سوى مظلة !! عندما يبللها الماء !!


ذات (( ذات)) سأسكب في اسمي ناراً وارقب اشتعال الخاء ثم الألف فتبتسم النوافذ وتنفتح الأبواب على ناري فأعلم أنني عدت هذه داري وهذه مرّآتي وتلك هي نوافذ الحقد وتلك ابتساماتي الصفراء تهيأ نفسها لمأدبة قذارة عندها تبدأ النار بالاضطرام فيهرب الألف ويتبعه اخيرا الخاء نحو النجاة وأنا احترق !


ذات (( ذات )) عندما يسقط الماء ستدرك الحداثة هلع وسيصاب العالم باللعنة وتغدو المتطورات عمياء صماء !!وسيرى الناس المباني والمقاعد والصفوف والأواني ترقص في محابر السين !! سيتخلى التطور وينحاز الظلام وترفضنا الطبيعة ؟ !!


ذات (( ذات )) ستحمل أمك وتلدك!! فتغار الجارة فتلدك !! فتحمل أمي فتلدني !! فيحكم البطن العالم فيلد الشك !! أو جنين الرحمة !!(( في كل ظلمة لابد من إشراقة نهار )) !!


ذات (( ذات )) ستمضي الساعة ... العاشرة فالسابعة فتنفجر الثواني مخلفة ضجة فيصاب العالم بداء الوقت وسعال الزمن وغبار الجزء فتقع قرنية العين أثر اتساخ العقرب ولن ينفع أن نزيل المتكدسات بساعة رملية فتنبح الأرض وتعوي السماء وتحدث الشمس ثغاء فنستحسن مواء الرياح !!


أصناف عجيبة وقميئة وساحرة

أحيانا أحاول أن أحلل كل من أعرفه بطريقة ٍ علمية ، أو أن أتخذ معه سيكولوجية فرويد في التحليل أو بعض الفلاسفة والعلماء أو أنظر إليه بعين المؤرخ ، ولكني دائما ما أنجح وأفشل في آن ٍ واحد ، فالنفس الإنسانية قارة لم تكتشف بعد ولن ، فكلما وجدت نفسك تعرف إنسانا معينا أكثر ، فجأة تكتشف أنك لا تعرف شيء سوى أنك لا تعرف ؟!!! وكنت أراهن وما زلت أن سر هذه النفس في ذلك المجهول الذي لا يعطيك نقطة محددة إلا وأهداك بعدها عشرة مجاهيل ،!!


ربما يمكننا أن نتقصى عن حالة فلان أو فلانة وسبر غوره إن عزلنا طبقة من طبقاته ، أو مارسنا طريقة البحث الجيولوجي على نفسه الإنسانية ، ربما بهذه الطريقة سننجح ، ولكن أن أخذنا النفس الإنسانية بجميع طبقاتها فلن نصيب إلا الفشل ، فالنفس لا تؤخذ أجمع أبدا أو توضع تحت مجهر للدراسة فهي متداخلة وشائكة في كثير ٍ من النقاط مذ الأنا وحتى أنـــ [ ــا هم ] وهذا ما يحير كل علماء النفس وما سيحيرهم ، الغريب هو أن هنالك مرضى تم وضعهم تحت مجهر وأصابوا الشفاء ، عن نفسي أقول أصابوه لأنهم فصلوا الأجزاء الباقية وأخذوا ما ظهر على السطح ، وكل ما هو مرئي وواضح كان علاجه أسهل ، أما تلك الأجزاء المخفيّة فلا تعرف حتى تنزو إلى السطح أو تؤتي بوادرها على سلوك المريض بشكل ٍ واضح । مأخوذ ٌ أنا بهذا السر وما زلت أعيش العجب منه والدهشة !!يستهويني البحث والتمحيص ، أجول بين نفسيات الناس ، أبحث في الوجوه والأنفس ، عن السر الذي لم يكشف بعد ، لن أقول أني فهمت أو وصلت ، ولكن سأقول يتم اقتلاعي من جذور الفهم كلما وصلت !


وجدت البعض يعيش وكأنه جزء من تاريخ ٍ قديم ، ووجدت البعض يعيش ونفسه الحضارة ، ووجدت بعضهم لا زال يحيا في كهوف العصر الحجري ويبارز الديناصورات ويعبد النجوم ، ووجدت البعض ليس مهتما لشيء في الحياة أبدا حتى لنفسه ولا يكلف نفسه مشقة المقارنة أو المجادلة أو التقصي أو المعرفة ، لا يكلف نفسه إلا النوم العميق أو الموت ، ووجدت البعض نرجسي وأناني ، كثير التمجيد لنفسه بشيء فيه وبشيء لا يمت له بصلة ٍ من قريب ٍ أو من بعيد ٍ ، حتى إذا ما رأى برج القوس قال أنا، وإذا رأى الحوت قال أنا ، وإذا رأى الجوزاء قال أنا ، وإذا رأى الطوفان قال أنا وكل من خلفي تراب ।ووجدت البعض يبحثون في ذاتهم يتقصون ، يريدون معرفة تلك النفس التي تحركهم ، يحاولون بكل همّة اكتشاف ذواتهم ، قبل اكتشاف الآخرين ، وجدتهم يفهمون التغيرات ويفهمون التقلبات ويفهمون لماذا يختلف الناس ، ويعلمون من هم ومن هؤلاء ومن أنا ، ووجدت البعض كالهيكل القديم المبني من سعف النخيل ، وكأن عاصفة عصفته وتركته أنقاضا، ووجدت البعض يبحث عن طبيعة الحياة ويحاول أن يكون فيلسوفا [ وجودي / تجريبي /سفسطائي /كلبي كديوجين ]، لا يهم المهم أن يصلوا ببحثهم إلى مرحلة متقدمة فإذا أصابتهم الدهشة قالوا وصلنا إلى مرحلة ما وراء الطبيعة والميتافيزيقيا ، ووجدت البعض يبحث عن ذلك السر الرباني من خلال الرسم واللوحات حتى إذا ما عجزوا عن تفسير تلك الملامح التي بدأت تنزو وتلوّن اللوحة قالوا : هذه هي السريالية صدق سلفادور دالي !! ووجدت البعض يعيش بين مرحلتين مرحلة العصر الأول ورجل الكهف ومرحلة العصر الأخير ورجل الموبايل والروك أند رول ، الحقيقة أنني وجدت نفسي في قارة ٍ موحشة وموغلة في القِدم ، قارة ليست بمأهولة ولا مؤهلة لرفع ستائرها ، فكل ستائرها مسدلة على ذاتها ما لم يرفع صاحب المسرح ستاره ليراه الجمهور بوضوح، وجدت أني أعيش وأنمو بين أصناف ٍ عجيبة وقميئة وساحرة في نفس الوقت !


ضعوا في بالكم بأني لست فرويد ولست لوقا ولست فريدريك ولا سارتر ، ولكن أجدني مضطر أن أقول بعد كل ما رأيت أن الفهم السيكولوجي للنفس أشبه بالخرافة أن صدقتها لابد أن يأتي شيء ويكذّب ما صدقت ، وإن كذبتها فاجأتك الحقائق !لكن لا بد من تحطيم باب هذه المنغلقة علينا ، لابد من الدخول ، كيف ، ومتى ، وأين ، هذا أمر ستعرفونه بنفسكم حين تقرعوا الباب مستئذنين للدخول، نصيحتي هي أن تكونوا حذرين لأنكم ستقتحمون أشد المعاقل خطورة وأكثرها مهابة ।فالخوف والظلام والنور والفرح والحزن والشقاء وكل المشاعر وكل السلوك وكل التصرفات ستجدونها في الأسفل ، كونوا على حذر لكي لا تكسروا شيئا ثم يصعب إصلاحه ، عليكم أن تتقدموا بصورة ٍ واعية لتوقدوا الشمعات في كل الأزقة النفسية ، وتزيلوا بعض الران والصدأ الذي علق بها . !!