السبت، 30 يناير 2010

أصبحت قطاً متشردا ، ينام في زقاق ٍ ضيق






قولي لها يا "لونا"
أني بعدها أصبحت مُلقى كلفافةِ سجائرٍ في
منفضة ٍ وحيدة ..
وقولي لها أنَّ شيرازً –أيضا- بعدها أصبحت مُلقاةً كحبة ِ توت ٍ في بقعة ٍ
بعيدة ..
قولي لها وأنتِ تموئي باسمها كُلَّ مساء
وأنت ِ تلهجي بدفئها كُلَّ شتاء
أنَّ فروي الذي أحبها لم يقطع الرجاء
أن جلدي الذي أحبها لم يقطع النداء
قولي لها وأنتِ تعضّي إصبعها
وأنت ِ تخُربشي خصلاتها
وأنت ِ تتأخذين من صدرها مخدة لتنامي عليها
أن قطّها ، قط الشوارع الذي تركته
أصبح بعدها لا يشرب إلا الحليب المعقّم .

*******


قولي لها أن قطّها البرّي أصبح
ينزف فروة رأسه حد البكاء ْ
أن شعره الغجري أصبح
يمزّق نفسه حد الانتهاء ..
أن قلبه البربري أصبح
بربريا ميتا ..فيك ِ قد قتله الكبرياء ْ

قولي لها يا لونا ، أني ضيّعت أصابعي
و موائي ، و نابي و ومخلبي ،
وأني بعدها أصبحت قطاً متشردا ، ينام في زقاق ٍ ضيق ،
ويستيقظ على صندوق قمامة !


******

قولي لها أني بعد خمس دقائق ٍ من الآن
سأخسر آخر قميص صوف أحتفظ به
كما خسرت آخر سمكة أحبّتني فأكلتها !

قولي لها وأنا أصارع كلاب الأزقة الآن ،أني أتمنى - يا لونا – أتمنى
حين أموت ..
أن تصنع من موتي كرة من وحل وترميه
في أقرب مستنقع ْ .

الخميس، 28 يناير 2010

عريك عندي أحب من نفاق الطبيعة





يا هناد ..
لا تبدلي ثيابك ..
كما تبدل المشافي مرضاها
والحدائق زوارها
والسماء نجومها
كوني عارية يا هناد
فعريك عندي أحب من نفاق الطبيعة
وخداع الميتافيزيقيا



هناد ..
لا أحب الفضول الذي تثيره الملابس
لا أحبها حين تزين المجالس
أحب أن أرى التفاح تفاحا
وأرى المفارش َ مفارش
أحب أن أرى الأشياء على طريقتها
لا على طريقة المباحث .

هذه الخيالات مخيفة وخطيرة







لا أعتقد أني أستطيع أن أكون لك غير ذلك الخيال الذي زارك في المنام ، لا أعتقد أني أستطيع أن أقبلك فعلا على الواقع أو أستطيع أن أجعل يدي تأخذ مقاسا يتناسب مع خصرك ، لا أظن أني أستطيع أن أنزل لك الشمس فعلا لتقيك برد الشتاء لا أظن أني أستطيع فعل تلك المعاجز ، فبعد كل هذا العمر والتجارب.. أشعر أن الخيال يفقد جماله أن قبل النزول إلى أرض الواقع أشعر أنه يفقد بريقه ويفقد ألقه أشعر أنه سيكون خاطئا إن رضخ لرغباتنا.

تصوري لو أن السماء قبلت أن تنزل إلى الأرض أو أن الأرض قبلت أن تذهب إلى السماء تصوري أن كل شيء حولنا يقبل ويرفض وفق رغباتنا نضعه حيث شئنا ونبدله متى شئنا ، تخيلي لو أن الوادي أصبح جبلا و الجبل أصبح واديا ألست ِ معي بأن هذه الخيالات مخيفة وخطيرة .

الثلاثاء، 26 يناير 2010

هل انهارت القيم العقارية في جنة عدن كما انهارت قيم ساوباولو






هل أمتد تأثير الأزمة المالية إلى السماء ..

هل خسرت حوريات الجنة أسهمها في ول ستريت

هل انخفضت مؤشرات الملائكة كما انخفض مؤشر داو جونز
وشنغهاي وفرانكفورت ..

هل انهارت القيم العقارية في جنة عدن

كما انهارت قيم ساوباولو ومدريد وطوكيو

هل خسر ميكال حمامه ..
هل باع الشيطان مكانه ..
أتكون هذه الأزمة علامة

أتكون علامة من علامات يوم القيامة ؟


السبت، 23 يناير 2010

شاذا كالأخطاء النحوية وغريبا كإعراب العلاقات





أعترف أني خذلتك حين بلغ مني اليأس مبلغ الشيطان وحين لعب أبو جهل بداخلي لعب الصبيان وحين تسامر الشيطان مع نفسي الإمارة باللاة والعزى ، نعم أعترف أنني كنت أسعى فوق حبي الذي أحببتك إياه أن لا ينتهي عمري وأنا مجرد هراء أخرق ، صدقيني ربما فعلت ما فعلت لأني بسيط لدرجة الفضيحة وربما لأن أفئدتي كلها رغم أنها تشهد لك بالحب إلا أنها كذلك تؤمن بأن من يقف على جبل ٍ من جبال الضياع دون أن يجد له مخرج يكون أشبه بمن خرج للناس والنبي يرتل القرآن ليقول لهم : " سمعنا وعصينا ".

صدقيني أحبك .. وسأظل أحبك .. ولحبك عندي طرائق مختلفة لا تنتهي وإني حيث أسعى أجدك حثيثة في روحي وإني وجدت فيك ما لم أجده في أفئدة الناس ممن حولي وجدت فيك قلبا لا يعرف البغضاء وروحا لا تعرف إلا السمو وإني والله حين أذكر قول عنترة لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب أتذكرك أنت ِ وأجد أن من واجبي مهما تقدمت في العمر ومها أسرفت في الأخطاء تجاهك أني أتوب لمحياك ولو على شق كلمة .

حبيبة القلب .. قد أكون اخترت لنفسي أو قد يكون الله من أختار لي هذا النصيب وهذه القسمة إلا أني والله لم أختر قسمة ونصيبا لي غيرك وما انعزالي عنك إلا تأكيدا لحبي وما بعدي عنك ِ إلا إيماني بتواصلي الروحي الدائم معك وما ارتباطي بحياة أخرى أعيشها مع واحدة غيرك إلا تأكيدا على أن هذا الجسد من حقه أن يسكن كما أمره الله مع من قدر له لكن تبقى الروح حرة لا تسكن إلا مع من كانت توأما لهذه الروح ولهذا العقل وإني والله لم ألمس فيك ِ كبرياءً لأني أعلم الناس بأن كبريائك لم يبنى على باطل ولم أخدش فيك ِ جرحاً لأني أعرف أن جروحك بنيت على الحب ولعمر الله أني لو أفنيت كل أعماري في ألف حياة والله ما ارتاح قلبي ولا روحي إلا بحياة ٍ أنت ِ فيها وحياة تطلي على منها ولو عن طريق رسالة أو بسمة .


كل عمري أفنيته وأنت ِ تعلمين أني أفنيته في زراعة ثنايا العمر بالحقيقة التي تخرج عن طريق المألوف لتأتي باللا مألوف فتفيد الناس ، وأني لم أفكر في نفسي يوما إلا حين قلتي أفلا تتفكرون ، أفلا تتدبرون ؟ فتأملت وتدبرت وفعلت .

لا تلوميني لأني حاولت أن أغطي سوءة عمري الذي وجدته محاصرا بين جدران الضياع وشواطئ اليأس لا تلوميني لأني اخترت أن أغرق في نهر ٍ أموت فيه لكن مع بقاء اسمي خارج النهر محمولا على ظهر ولد يخرج من ظهري.

لا تلوميني لأني اقترفت خطأ شرعي يحميني ويحميك من الأخطاء اللا شرعية لا تلوميني لأني نفضت عني العجز وتوكأت أملا ضئيلا جعل لحياتي همزة وصل بين السماء والأرض .

أعلم أننا ربما لن نجتمع سوية تحت سقف ٍ واحد ٍ كما تعلمين وأعلم أن البعد والمسافة والظروف حكمت علينا أن نعيش مبعدين ومحبوسين لكن من يحبس الروح ومن يمنعها صدقيني رغم حبسي وحبسك وبعدي وبعدك لا زلت أشعر أن روحي مستقرة بين ضلعيك ولا زلت أشعر أنك معي في كل لحظة حتى أن بدأ لك أني لست كذلك وإني واثق أنك تعلمين كل شيء وتعرفين أخباري وإن بدت لك بعيدة لكني سعيد أنك كذلك رغم كل شيء ورغم إحساسي بالذنب لكن لا أخالك أنك كنت ِ ترضين أن أفني عمري كالنهر الأحمق الذي يخرج من البحر ليصب في البحر لا أخال أنك كنت ترضين أن افني ذاتي ذائبا في ذوات الآخرين دون أن أفترض لحياتي معنى يساعدني أن أستمر في هذه الحياة حتى بعد أن أفنى وادفن في قبر بالكاد يغطي سوءة حبري .

نعم ربما كنت مخطئ حين أقدمت على ما أقدمت عليه لكني لا أتصور أنك كنت ِ ترضين أن أستمر في ارتداء اليأس والموت دون أن تدعيني أعمل عملا وإن بدأ مجرما في عينيك إلا أنه يجعلني استمد من حبك حب الحياة وحب العائلة وحب الاستقرار وحب التوبة وحب الصراط المستقيم وحب الطريق إلى الله .

وإني أشهد أني لم استدل على كل هذه الطرق لولا مساعدتك ولولا وقوفك إلى جنبي فلا تبخلي على بمثل هذا الوقوف حتى من البعيد فوا الله وحده يعلم أني أحببتك بالنقاء والصفاء وبالاستقامة وإني لا أريد منك أي شيء سوى الرضا والمغفرة والحب

ايا ً كان , فأنا لا أريد منك أيضاً أن تحملي على ّ وأن تغضبي مني وأن تبعدي عني لأني بنيت لحوافي وانحداري جدار أمان يقيني شر الزمن وشر الوحدة وشر اليأس فالله المثل الأعلى يا حبيبتي لله المثل الأعلى.

في صدري ألف حديث أريد أن أحدثك إياه عن ينوء به صدري ولأعزيك على كل ما تشعرين به من كمد وأسى وليتك تعلمين أني أتتبع أخبارك دائما وأعلم مدى الحزن الذي يلم بك منذ وقت طويل أعلم بكل شيء ولا يسعني مع علمي هذا إلا أن أقدم لك الحب والود حتى إن بدأ حبي وودي شاذا كالأخطاء النحوية وغريبا كإعراب العلاقات التي تبدو بمصطلح الناس العاميين تفضي إلى الجحيم لكنها والله لم تفضي إلا إلى الفردوس لو أمعنت ِ النظر فيها حقا ولا تنسي أني من فصيل الأرض لست إلها ً لست يسوعاً لست قرآنا ولا إنجيلا ليمضي بي العمر دون أن أجتر جريرة الأرض .

ماذا أخبرك بعد .. آه ٍ نعم .. اليوم مثلا أحرقت حزني من شدة الفرحة وقلت لخوالدي : ( حرقوا أحزانكم وانصروا إلهكم السعادة ) سعدت لأني أعلم بطيبتك وبنقائك وبفطرتك الطيبة سعدت لأني أكيد أن قلبك لا يحمل بداخله أي طيلسان منحرف الفطرة سعدت لأني أعلم علم اليقين أنك تدوسين على كل آلامك وتحملي نفسك ما لا طاقة لها به وتكتبي وترسلي سعدت لأني أعلم أنك اليد البيضاء التي لا تكف عن منح البسمة لغيرها حتى لو كلفتها تلك السعادة عمرها سعدت لأنك أنت ِ هي من أحببت وأنت ِ هي من راهنت عليها ملائكة السماء وملائكة الأرض أنها ستبقى إلى جنبي ولو على شق بضع كلمات تأتيني من البعيد إلى البعيد .

أتمنى عليك أن لا تبقي هذه المسافة تزداد وأن تكوني هنا بين فترة وفترة أن تعينيني على نفسي وأن تثبتيني على الطريق الذي كنت تحبين أن تريني فيه وأن تجعليني لا أفكر في نفسي إلا وأنا ممتد مني إليك ومنك إلى ّ أن أبقى سامقا لتبقي وأن أبقى عزيزا لتبقي فإننا رغم "الاثنين "واحد. رغم الطين "يد واحدة "لا تفرقها أصابع خمس بمفاصلها .

الخميس، 21 يناير 2010

أظل أخترع وجهك في حقول ِ التوليب ِ




أيتها الراهبةُ الطاهرةُ الجميلة ..
لا تتوقعي أن تدخلي إلى أي كنيسة ٍ
ولا تجدي خطيئة ً تستغفرُ الله أن يتوبَ عليها
لا تتوقعي أي حياة ٍ تعيش على الأرض
لم تجلس في محراب ٍ تتوسل الله أن يغفرَ لها
لا تتوقعي أي عاشق ٍ لم يجمع أثمهُ أثما ً أثما ً وذنبا ً ذنبا ً
وجلس مثلي يحضن هدب راهبة ً مثلك ليشعر أن الله أخيرا ًً
قد قبل توبته ..

أيتها الراهبة ُ التي تظل تحوّل آثامي إلى خُلاصة ِ الأزهار
والتي تظل تلوّن أيامي بلون ِ الأسحار
والتي تظل تكحّل أوهامي بكحل ِ الأشعار
أظل أنا أستغفر وجهك وأستغفر هدبك وأستغفر حبك
مثل الصوفي الذي يظل يستغفر ربه في ليلة ِ الأقدار
أظل أخترع وجهك في حقول ِ التوليب ِ
وأظل أصنع رمشك في كروم العنب ِ
وأظل أخلق جسدك في نجمة ٍ تركتها متوهجة ً في السماء ِ
أظل أحبك ِ وأظل أجدك ِتحت عظامي كما لو أنك غابة كاملة نبتت
تحت عظامي في ليلة ٍ كاملة ِ الأقمار

أيتها الراهبة التي أظل أزرعها في عيونِ كل النساء
والتي أظل أفتش عنها في دهشة ِ كل الصغار
والتي أظل أبحث عن ضحكتها في ضحكة ِ كل الكبار
تظلين في ازدياد ٍ لا يتوقف في قلبي
تظلين أسطولا من النمو الغير مألوف ٍ في صدري
تظلين إمبراطورة كل هذه الصور التي تزيّن حبي
تظلين ولوحدك يا شيخة ُ الديباج والحرير والياقوت شيختي
التي أظل أطلب من الله أن يبقيها حبيبتي
أظل . .





الثلاثاء، 19 يناير 2010

أمامي قبس من نار




أخي الكبير ...
كيف أفعل لأكون أجمل الفرسان
والفرسان أضحوا في عدم
كيف أصنع لأكون رباً كبيراً
والرب صادر النعمْ
كيف أصنع لاقنع الناس أن تؤمن بعقيدة ِ شعري
والشعر مثله مثل الصنمْ
خبّرني ماذا أقول لأبني حين يسألني غدا ً:
لماذا لم أكسّر الصنم ، لماذا لم أهشّم الوهم
وأقاتل العدمْ .؟
ماذا أقول حين يسألني :
لماذا لم أغير الحبر ، أغير القلمْ
أغير الأحزان ، أغير الألمْ
ماذا أقول حين يجبني :
هل كنت كأمة ٍ خلت من قبلها
الأمم ْ؟




أخي الكبير ...
أمامي قبس من نار
وخلفي طور سيناء
وأنا لست موسى فخبرّني :
كيف أفعل لأجعل الناس تحج إلى شرائعي
كما تحج الشرائع في جنة ِ عدنْ
كيف اصنع لأجعل عقلي يقبل التحريف
كما تقبل الطرقات تحريف المدنْ
كيف أفعل وأنا لست سماء ً
ولا ماء ً ولا أرضا ً يركبها التاريخ
كما يركب الرمم ْ .











أخي الكبير ...
قل لأبني غدا ً حين أموت :
أبوك أرخى الشعر على كتفهِ
كما أرخى الكون على كتفهِ السدمْ
أبوك تكاثر الثلج على قلبهِ
كما تكاثر الثلج فوق القممْ
أبوك مات شهيداً دون نفسهِ
كما تموت الدماء دون الشيّمْ







قل لأبني غدا حين أموت :
أبوك كيوسف ِ في حسنهِ
كيعقوب في حزنهِ
كأيوب في جلدهِ
قله له : كان يشبه لحية هارون
وعصا موسى
وناقة صالحْ
قل له : الملاك يخاف من عينيه ِ
الشيطان يهرب من جنبيه ِ
كان كالربِ تشاء الأشياء ما شاءت يديه ِ
قل له :
كان عين البؤساء
كان أمير الفقراء
كان عظيماً جدا ً
ليس في عظمته شيء
كان قديماً جدا
ليس لقديمه حي
كان نادراً جدا
ليس كمثلهِ شيء
قل له : كان أعلم كان أحكم
كان إعجوبةً لا تتكرر
كان أعلم كان أشهم
كان رباً جديدا
لكنه كان أقدم ْ
كان متحدثاً فريدا
لكنه كان أبكم ْ

أسماء نكرة لا تشبه اسمي

افتش في الأسماء ِ
عن اسم يشبه عقلي
يشبه شعري
يشبه جسمي
يشبه اسمي
فلا أجد اسم يليق بطولي
يليق بعرضي
يليق بوزني
لا أجد إلا اسماء نكرة
ممنوعة أن تركض
ممنوعة أن تمشي
ابحث عن ضرس ٍ يشبه ضرسي
عن طرس ٍ يشبه طرسي
عن فرس ٍ تشبه فرسي
تشبه حزني الطويل
تشبه حربي تشبه ترسي
تشبه صبري تشبه يأسي
فلا أجد إلا أرواح نكرة
كأسها لا يشبه كأسي
فأسها لا يشبه فأسي

رحماك يا إلهي القديم

لسنا بحاجة ٍ إلى حمام لنتعلم السباحة ..ولسنا بحاجة لعلو شاهق لنتعلم القفز .. الدماء الممتدة من بغداد إلى دارفور حمام السباحة والغلو الذي نقفز منه كل يوم على الله وملائكته وكتبه ورسله ويومه الآخر أستاذ قفز لسنا بحاجة ٍ لئن ترى فرقنا بعضها البعض من الداخل ومن الخارج فكل فرقة نراها تقسم أنها ملاك منزل و نبي مرسل وأنها خير أمة أخرجت للناس لم نر َ حتى الآن فرقة فينا خرجت وقالت أنها لن تدخل الجنة . ........... ما أبشعنا ليس فينا أحد يستطيع أن يعترف بفشله وبخطيئته ليس فينا من يستطيع أن يتحمل مسؤولية كل هذا الشتات والنفاق والدم المراق تحت مرأى ومسمع من الله .

كائن ٌ خرافي اسمه " خالد "

بالطبع ليس مطلوبا مني الآن أن أثبت أني أنا من يكتب هذه الورقة ، فهل تستطيع الورقة مثلا ً أن تُثبت أني " خالد "..؟

هل تستطيع أن تُثبت أن هذا الرماد هو رمادي ، ونحن نعرفُ جميعاً أن الرمادَ يُساوي الضياعْ ..؟ هل يستطيعُ الضياع مثلاً أن يكونَ أنا ؟!!

هل تستطيعُ الكواكب أن تُثبت أنها جرحٌ أبيض ٌ في قلبِ السماءْ ..؟

هل تستطيعُ العروبة أن تُثبتَ أنها شرخ ٌ ملوثٌ في رحمِ آسيا وأفريقيا ؟

هل يستطيعُ هذا التوتر الذي يدفعني إلى الكتابةِ أن يُثبتَ ظاهرة ( خارج نطاق التغطية) التي أمر ُ بِها ..؟!! ؟

الثاني والعشرون من أيلول كنتُ أنا ، وبعد مساء ٍ لم يك ُ قد خطط للحمل ِ والولادة جئت ُ أنا ، وقبل ظهيرة ٍ موّالها لم يك ُ مولع بانتظار ِأحد خرجت ُ أنا .

وأمّا نفسي أيتُها العزيزة فقد أتت قبلي ، أتت من ثُغاء ِالماعزِ ، وتثاؤب الراعي ،والذئب الذي يتأهب لإلقاء القبض على الشاة القاصية .

وقبل أن تأكل الخطيئة فضيلة الراعي ،وتشمُ كتف الماعز ، ويبصق الدنس على صدرِ الشاة ِ ، تناولت نفسي صوتا ًً وصاحت :
" توقفوا ، توقفوا ، فلقد مات الخندق ، وانتحر الضجر ، وتلعثمت الخطيئة ، توقفوا ، فخالد ٌ منّي بمرتبةِ الخير من السماء إلا أن الأرض في ليلةِ ظلامْ " .!!

كانت الساعة ُ حمى ً صفراء ، وكان القرطاسُ عضلة سوداء ، وكان القلم ُ حرب حمراء ، وبين الصفار ِ والسواد ِ والحَمَار ْ استيقظتُ أبيضا ً كقلبي على شكل ِ خير ٍ يبول ُ دَما ً لا نجاسة فيه ولا رجس ، تماماً كما فعلَ سفيان الثوري من خشية الله ..!!

لا أدّعي أني ملاك ٌ ولا أدّعي أني نغمة التمام .. وليلة القدر .. ولا المسجد لا أدّعي إلا أني والشيطان كمنكرٍ يسأل أحدهم : " من ربُّك " ؟ فيقول : " الله " وكنكير ٍ يسأل أحدهم : " من ربُّك " فيقول : " الشيطان " .

نعم ٌ شيطاني أعرفه ُ ولكنّه لا يعرفني ، وأسبره ُ ولكنّه لا يسبرني إلا إن شئت أن أخصّب الفحم قليلا ً بدافع الدفء في الشتاء ، مثل الشيطان ونفسي كمثل ِ رجلين رفعا يديهما للشمس ليقيسا وقت ذروتها ، فأعطت الأول حرارة جهنم وأعطت الآخر وقت الظهيرة المفعم بالدفء .

أنا ونفسي تستيقظنا التفاصيل الصغيرة ، وتملؤنا حركة مواطن بسيط مرفّه بالنشاط والعمل ببلوغ الأحداث العظيمة، وتُسعدنُا رائحة السلام والإسلام المنبعثة من ضحكة طفل ٍ يركض كالموسيقى ..

نحن ونفسي يا - سيدتي السيدة - كينونتنا أن نهرب من الفضيحة ، وأن نرفض المتردية والنطيحة ، ماهيتنا أن نتماشى جنباً إلى جنب ٍ مع الحنين وبسم الله واللهم اكفني بحلالك عن حرامك ، خلقنا المشغوف بالمحاضرات والندوات والمؤتمرات أملى علينا أن نُدمن الإنسانية و نتعاطى الرحابة و نتزود بالعلم و نتحلّى بالتروي ، وأنا رجل ٌ رغم صبري وحكمتي وفلسفتي لا أوّجل الإجابات البديهية إلا إذا رأيت الكلمات غريقة ، والآذان سحيقة .

نقيصتي الوحيدة يا عزيزتي لا تكمن في أياميني ولا شمائلي ولكنّها تكمن فيمن يتعاملون مع أظافري بقلة ذوق ٍ ومع أصابعي بقلة ِأدب ، بعدم اهتمام ، بعدم انتباه ، بعدم تقدير هذا الكائن الخرافي المليء بالأعضاء والأنحاء والأجزاء والأحاسيس والتفاكير الذي أسمه " خالد "

الاثنين، 18 يناير 2010

ماذا كنت أفعل ُ هنا ؟



ماذا كنت أفعل هنا ؟ هل كنت إضافة ؟! هل كنت نمطا بدائيا يندرج للآخرين تحت خانة " نمط تأويلي " يحاول أن يرضي طبيعته البشرية بالفضول ؟

ماذا كنت أسأل حقا َ ؟ هل كان لوجود الله قيمة ؟ هل كان لوجودي قيمة ؟ هل كنت أضفي على الأشياء قيمة ؟ هل كنت أحمل فكرة الله وفكرة خلق العنصر البشري ونهاية العالم والعالم الآخر كما كنت أحمل طفلي الصغير بين يدي ؟
هل آمنت بالله حقا ً ؟ هل آمنت بنفسي حقا ً ؟ هل أفرطت في تصديق الأشياء ، هل حفظت الدين كما حفظت الميثولوجيا ؟ هل شعرت بأهميتي البشرية كما شعرت بتعدد الإلهة في الملاحم القديمة ؟



هل كان الإله العظيم يسكن عقلي أم أني لم أكن أراه إلا في خارج العقل ؟ هل مارست الإلحاد يوما ؟ هل خرجت خارج الحدود الطينية وسافرت بعيدا عن الطفولة البشرية واجتزت الزمن حتى وصلت لحقل ٍ من المعارف الخاصة التي من خلالها بت جامعا للمعرفة للإلهية ولم أعد بحاجة ٍ لمنقذ ؟



هل كنت أشعر كما ينبغي تجاه نفسي ؟ هل نظرت لنفسي يوما نظرة الكائن الخرافي الأسطوري الذي انتصر على الديناصور في معركة التطور ووصل لمرحلة لم يعد فيها بحاجةٍ للنمو والارتقاء ؟



هل كنت منتميا إلى الدين كما كنت منتميا إلى الطبيعة ؟ وهل كنت منتميا إلى الطبيعة كما كنت منتميا إلى نفسي ؟ وهل كنت منتميا إلى نفسي كما كنت منتميا إلى عقلي المختلف ؟!



هل كنت أشعر أني أسطورة حقا ً تنقلت بين حياة البرية إلى حياة المدن إلى حياة التكنولوجيا ؟ هل كنت اركيولوجيا في بحثي عن الأسطورة بين آثار الشعوب ؟



هل وجدت الله حقا ؟ هل وجدت نفسي ؟ هل وجدت الأشياء التي أبحث عنها ؟ هل وجدت الإجابات ؟

يقولون :" في الطفولة يجد المرء نفسه على تخوم الأسطورة " ويقولون : " في مرحلة الشباب يجد المرء نفسه فجأة خارج الأسطورة " وفي المراحل التي تليها يجد المرء نفسه أشبه بالجثة قبل أن يعرف حقيقة الأسطورة " .
أستطيع أن أقول أني لم أجد نفسي بعد ، لكني أجزم أني لم أكن كافرا ً ولا ملحدا ً في لحظة ٍ مضت عني بالأمس أو في لحظة ٍ ستأتي إلى ّ في الغد . وفكري المتسائل هذا ليس أكثر من فكر ٍ يحاول أن يقطع كل علاقة ٍ مع الموروث كما قطع كل علاقةٍ مع المعاصر ليس أكثر من فكر ٍ قطع كل علاقة مع الملائكة كما قطع كل علاقة ٍ مع الشياطين ثم ّراح يؤمن بالأشياء عن طريق التمحيص والتدقيق .



حتما ً لا أفعل ذلك بقصد استخراج شيء غريب لم يستخرج بعد أو إضافة أفكار أخرى لم تضف بعد ، لست إلها ولست في مكانٍ يخولني أن أقول للأشياء ( كوني فتكون ) أيضا لست بصدد استئصال ( لا ) الـ زائدة لكني بصدد إجراء ( واجب ) وفق حدود هذا البشري الذي يرفض أن ينظر إلى الموروث والمعاصر نظرة " المقدس " ثم يزعم أنه أنتقل بفكره إلى الجزء الأكبر من العالم المتحضر الذي لم يعد فيه بحاجة ٍ بعد للرسل والأنبياء .



هل أعد متبصرا ً ...؟ أم أن حديثي هذا ليس أكثر من تخيلات وأسئلة منتظمة خاضعة لقوانين الشك والإيمان ؟
بالتأكيد لست أول من يشك ولست آخر من يؤمن لكني أحاول أن أفتح ميدان أخرى للماضي للحاضر للمستقبل ، للبلاهة للعقلانية للجنون بعيدا عن " أساطير الأولين " وعندي من الأسئلة وكما ترون ما يطرح نفسه بثقة ٍ وعندي منها ما يأتي بغباء ٍ محكم !



لكني أسطورة !



أسطورة مثخنة بالدهشة والمجون والفظاظة والوضاعة والمقت والعبث والانضباط والتوازن وحسن السير والسلوك . ! أسطورة ينتابها الفضول ، تبحث عن لسان الأصول ، تسأل عن الله عن التكوين عن الأصول عن الفصول عن الدنيا عن الآفاق المعزولة .



تنقب في ما وراء الطبيعة كما تنقب أمامها ، تمحّص في آثار الشعوب في الخرافات والحكايات في محاولات ٍ منها في إخراج الحقيقة العالقة في ذلك السيل التراثي التاريخي الممتزج بالمخيال الاجتماعي .



ماذا كنت أفعل هنا ؟ لا أشك بتاتا أن الكتابة التي تحمل بين أجنابها إنسان معرض للتلف أو الإصلاح أو تحمل ( نوعي ) الـ مصاب بالإعياء والدهشة تجعل القرّاء يتعاملون مع التلف والإعياء والدهشة كما يتعاملون مع الخشب أعني حين يلقونه في النار فيتطاير قبس النور والمعرفة منه ليمدهم بالدفء .



رغم ذلك هناك معطيات كثيرة لا يمكن أن تحملها الكتابة والدفء ليس نهاية الأشياء وليس بدايتها لكنه محرّك ومحفّز .



الكتابة لا تستطيع أن تحمل مع ذلك الإنسان المسافة التي قطعها في التنقل بين القرون ولا تستطيع أن تحمل الفارق بين عموميته وخصوصيته ولن تحمل حتما إرادة الماضي وعزم المستقبل لكنها قد تحمل الألم المتأخر والمتقدم و تحمل ما دون الحجر وما فوق المعدن من علامات .



علامتي الوحيدة هنا أني كنت أنقش على الأحجار الورقية بعض الأحاجي والتساؤلات عن أسطورة ٍ معرضة للانتقاد لأنها لم تستخدم الكلام المنطوق للإفصاح عما يجول في كنهها ومعرضة للسخط لأنها لبست لبوسا سفسطائيا ومعرضة للاحترام لأنها بثت سؤلها المكتوب في الساحات ِ العامة لكنها بلا شك تستحق التأمل المقرون بالتفكير العميق لأنها لم تطرح إيمانها الراسخ أمامك ولم تعلن كفرها الفاضح وراءك لتحاكمها.



هي لم تصف الغيب ولم تقم بدور المشرع . إذ كل ما قامت به أنها جمعت حزمة من الأسئلة التي تحملها كل أسطورة بين طياتها وألقتها في نار " التنوير " .



ماذا ستحمل من تلك النار ؟ ماذا ستُخرج منها هذا أمر مرهون بك . أما بالنسبة لي لست مجبرا على الاختيار لأني وجدت الله ، وجدت نفسي ، وجدت الإجابة وجدت الجنّة .




وجب التنبيه

وجب التنويه ،
بأنني " مسروق "
أنا ( مسروق ٌ) يا سيدتي ..
من حلم ٍ كان ..في مضغة ..!!