الخميس، 15 أبريل 2010

أنا بطلة على الورق فقط


دبّت حركة سريعة داخل نفسي تشير إلى حالة ٍ دائمة ٍ تنتابني بسبب الجراح التي لم أقدر على ردمها ، هذا حالي كل ليل ٍ وكل نهار ٍ ، كيف يمكنني أن اجتاز نوبات الجرح والألم وأصطاد البسمات والضحكات ولو للحظة ٍ واحدة ؟ كيف ؟

جافاني النوم ليلة أمس، وهذه الليلة، وليلة غد سيجافيني أيضا ، وكلما نصبت له فخاً هرب بخبثه المعتاد ، لم أدع حيلة إلا وقمت بها لكنه ما أن يحل على جفني حتى يرف بجناحيه هارباً بالخِدر الذي يسري بين مفاصلي ، ليدعني لأشجار الأرق أتسلقها وأعدّ أوراقها وفروعها دون جدوى .



لماذا أفعل هذا ؟ وما الداعي ؟ لماذا أنتحر صحواً ؟

تطوف ببالي إجابات عدة عن الحالة التي أمر بها ، ولكنها بلا شك ٍ لم تعطيني قناعة لجواب !

كيف أهرب من حالة البؤس هذه ؟ بل كيف أهرب من قبضته لأواصل حياتي كيفما أريد ؟ اه ٍ يا ربي أنا مصابة بالهم ِ والكرب وفي كل مرة ٍ أجده غائباً !

لماذا على الفتاة أن تنتظر ، تشتاق ، تسهر ، تبكي ، تفي ، تخلص ، تعطف ، تلد ، تربي ـ تتطلّق ، في الحين الذي فيه الرجل يحب فتاة ويتزوج أخرى ! ولا يحب ولا يشتاق ولا يبكي ولا يفي ولا يخلص مثلي أو مثل جميع النساء ، فقط يمنح لنفسه حقوقاً يشرّعها بنفسه يحب هذه ويتزوج تلك دون أن يجد حسيبا أو رقيبا ولو فعلناها نحن لقالوا سيئة السمعة راودت هذا وذاك عن نفسها ؟!!

اه ٍ يا قلبي ، حيكت حولي الحكايات من بعده ؟ لم يسلم اسمي من أحد حتى تلقفه الليل وبلعه ، أبدا لم أك ُ أتصور نفسي أن ألج إلى عالم الحزن والكرب بزفة ٍ كتلك التي حدثت .

يقول أنه حر ؟ نعم وما المانع في إن يقول ؟ ومن سيحد من قوله، الأب، الأم ، الناس ، الأعراف، التقاليد، أم المجتمع ؟ وكيف لا يقول والكل يعطيه سلطات أقوى من السلطة التي منحها إبليس لنفسه ! فالرجل لديهم ولدى أعرافهم لا يعيبه شيء على الإطلاق فهو حامل لعيبه ، ولا يضيره أن يلعب بهذه البرتقالة أو يدمر تلك أو يأكل واحدة أخرى ثم يرميها أرضا ففي شرع شرقنا المتخلف تعد جرائم وأخطاء الرجل تجاربا وتعد اخطائنا وتجاربنا جرائم ؟! فالمجتمع حرّم علينا ما أحلّه للرجل فنحن لا نحمل عيوبنا ولا تجاربنا ، أو كما قال يوسف بيك وهبي : الفتاة مثل عود الكبريت إذا ولع أحترق " ويا عيني يا ليلي أما الرجل لديهم فعوده لا يحترق مهما ولع ؟!!. أي هراء ٍ هذا وأي شرع ٍ سنّ هذا العبط إلا شرعكم ؟

الدين ساوى بيننا وبين الرجل في كل شيء ٍ حتى في العيوب ، نعم في كل شيء ٍ ، لست هضبة نائمة ولا مائلة، نعم خلقت من ضلع ٍ أعوج ، والضلع الأعوج هو الضلع الذي يحيط بالقلب وإن لم يكن أعوج لما حافظ على سلامته ، ولكن أي عقل ٍ سيفسره هكذا ، ثم َ أنني بالأمس فتحت القرآن الكريم وبحثت في الآيات التي تتحدث عن المرأة والرجل فلم أجد شيئا يميّز الرجل ، أو يجعله أحسن مني في شيء ٍ ؟ تصوروا ماذا وجدت ؟ وجدت في بحثي أن الرجل قوّامٌ علىّ بدرجة ! تصوروا درجة واحدة فقط ، وهو بتلك الدرجة يشحط وينطح ؟؟؟؟ ولعَمَر الله ليتهم يبحثون في ماذا وهبت تلك الدرجة ، هل في صرفهم المال على المرأة ؟ أم في طلاقها ؟ أم في تنفيذ طلباتها ؟ أم في ماذا ؟؟

اه ٍ يا قلبي اه ، ليته فكر في دينه ، ليستخلص منه مكانتي وأهميتي ، ولكنه بلا أذن ٍ تسمع ولا عين ٍ تدمع !







أنا أعلم تماماً أنني بطلة على ورق ٍ الآن ، وإن كاتبي هو من وهبني الأرق كما وهبني الجراح ، بيد أني أكاد متيقنة تمام الإيقان أنه خلقني على هذه البيضاء كنوع ٍ من النقم والثأر ، من ماذا لا أدري ؟ ولكني أكاد أكون جازمة من ذلك .

الآن أسمع تسارع دقات قلبه لربما ألبسني هذه المرة لباس العار أو الخيبة ؟


ربما ..!


****


خالد العلوي

من أوراقي القديمة

ليست هناك تعليقات: