الأحد، 22 مارس 2015

أيامك جنة يا أمي



أبنك الذي لم يعش الدنيا من أجل راحة ولم يتركها من أجل مال ، أبنك الذي ظل مثل الغزال يجري في الغابات الواسعة والحقول الواسعة وخلفه تجري عشرات النبال ،  أبنك الذي لا يزال يرى كل عين ٍ غير عينك بدعة وكل يمين ٍ غير يمينك شمال .

أبنك هذا .. ( أنا) كل نوره دونك ظلمة يا أم النور يا أم الظلال .

كل الأيام مثل التمثال إلا أيامك وكل اللحظات مثل الزوال إلا لحظاتك وكل امرأة أحببتها كل امرأة دربتني على الخيال وعلى الجمال كنت أراها أنت ِيا حبيبة السماء ويا حبيبة الهلال . 

طالما الشمس شمسك تتنفس والقمر قمرك يتنفس والصبح صبحك يتنفس فأنا لا أزال بخير  والأشعار لا زالت بخير والحدائق لا زالت بخير والطيور لا زالت بخير والأشجار لا زالت بخير . طالما أنت ِ ترفعين ذراعك إلى السماء من أجلي فأن أجلي سيموت ضاحكا ً وهو يتذكر بيته القروي ودكان الحارة وحماقات شيخنا ذاك هل تذكرين شيخنا  الأعور الدجال .

طالما بسمتك تتنفس فإني قنينة عطر وشلال شعر ، طالما وجهك يضحك فإني بستان زهر ودر بحر.
أبنك الذي نسى أو تظنيه نسى لم ينسى أن يقول لك كم يحبك بحجم السماء ولكنه كان ينتظر سماء ً أخرى تفهم مشاعر يده وكوناً أخر يفهم إحساس شرايينه وبرجاً أخر يتحدى برج العذراء حتى يقف على قمته صارخا :  أخيرا ً وجدت حرفاً يتهجى طيبة أمي ولغة تسافر مثلها في دمي  .

لم أجد يا أمي .. ليس هناك حرف بقامة طيبتك ، ليس هناك معنى بطول روحك ، ليس هناك في الأبجدية أي شيء يستطيع أن يصف وجهك الشمس وجبينك القمر .

أيامي بدونك كالكتب القديمة التي تحكي قصة راعي ظل يرعى حزنه وحيداً فوق جبل ، كان سيقتله حزنه لولا أنك كل ليلة ٍ في المنام ِالجبلي تأتيه من رحم الكتب المقدسة كالمعجزات لتخبريه أنه سيصبح أكبر من الإمكان وأقوى من عضلات البشر وأنه سيصبح عظيم الشأن وسيكون فوق هذا الشجر وأن حزنه الذي رعاه في قمة الجبل سيصبح نسراً يملك السماء منفرداً  جناحه السحاب وعينه المطر .

أيامك جنة يا أمي






ليست هناك تعليقات: