الأحد، 29 مارس 2015

رعيةٌ واحدة وراعٍ واحد

الحب ليس رجلاً يحب تصنيف المنازل قبل أن يدخلها وبالطبع هو ليس امرأة تهوى تخمين الأسقف التي ستقع ، الحب لا يشغل باله بالتصنيفات والتقسيمات ولا يهمه أصلا باب المنزل الذي يقف أمامه إن كان طيّباً أم شريراً فهو يفتح  الباب ويدخل ولا يهمه أطلاقاً قبل أن يفتح الباب أن يخمن أو يفكر أي سقفٍ سيثبت وأي سقفٍ سيقع . 

الحب عاصفة سحرية تجعل فيما بعد من رياح الشر عبئاً يجب التخلص منه أمام كمية الريح الطيبة التي هبت بداخلنا .
الحب شجرة نحن أغصانها ولولا الشجرة لما ثبتت الأغصان ولا نمت ولا أتت بثمرٍ كثير .

 ووحده الغصن الذي قرر أن يترك الشجرة من يقع ووحده من يجف ووحده من يرمى في النار ليحترق .

الحب مدرسة وليس مدّرساً  يرغمنا على الحفظ والفهم كما يتوهم البعض هو مدرسة نحضر في فصولها كل حصص الأخلاق والعطاء والتضحية والفضيلة لننجح في الوصول بإنسانيتنا إلى مرتبةٍ بشرية أفضل وأجمل من التي كنا عليها .

 المدرسة لا تجبرنا على النجاح هي فقط تحثنا عليه ولو جبرتنا لما سقط أحد فالخيار كل الخيار في النجاح أو السقوط في أيدينا فلنا أن نسلك ما نشاء من ردهات ونختار ما نشاء من فصول ، وفي الحالتين سواء نجحنا في الردهات أم سقطنا في الصفوف ستظل المدرسة مستعدة لاستقبالنا من جديد مهما كانت نتائجنا ستظل تستقبلنا حتى ولو لم نتخرج منها أبداً .

الحب لا يستهدف بداخلنا البذرة الجيدة والخيّرة كما يتوهم البعض فالحب لم يأت ِ ليستهدف الأرض الطيبة أصلاً فأي عظمة في أن يسقي الحب أرضاً أشجارها تثمر المحبة .

 عظمة الحب تكمن في استصلاحه للأراضي التي تحمل بين تربتها بذر سيء وخبيث نمى وكبر وأثمر الشر . عظمته تتجلى حين يسقيها من ماء فضيلته ويراها تنبت أمامه كالعمل الصالح. 

الحب ليس رجلاً يحب سرقة المنازل وليس امرأة تهوى جمع الذهب ، هو ذلك الشيء الذي يأتي لكي يمنحنا حياة أفضل ونظرة أشمل وتصالح وتسامح مع النفس ومع الآخرين.  بالتأكيد لن يستطيع سارقاً أن يمنحنا مثل تلك الأشياء ولو سرق الكون بأكمله ولن يستطيع ذهباً أن يشتريه لنا ولو شرى المجرة بأسرها . 

الحب ملاك وربما يحلو للبعض أن يشبه هذا الملاك   بـ"اللص" الذي يسرق كل ما نملك دون أن نشعر ونحن نيام ، أما أنا فلست من هؤلاء الناس ولست مع تشبيه الحب  بـ "السارق " لأن الحب ليس سارقا ً ولا لصاً على الإطلاق بل هو أكثر شرفاً من أشراف السماء وأطهر من صفحات الماء .

الحب دائما يأتي من الأبواب فهو لا يقفز من الشبابيك والنوافذ كما يتوهم البعض ولا يلبس قفازات تخفي آثار جريمته فإن كان سارقاً فهو سارق أبله لأن آثاره وبصماته موزعة في كل مكان ومن السهل القبض على سارقٍ أحمقٍ مثل هذا ، كما أنه أيضاً لا يستخدم سلالم الخدم ولا يتسلل من فتحات التهوية ، حتى تلك التي يصعب فتحها أعني الأبواب المغلقة بإحكام يستطيع تجاوزها بمنتهى السهولة بواسطة مفتاحه السحري ( السمو والجمال)  . 

نعم ليس الحب من يسرقنا ويتسلل إلى منازلنا عبر الشبابيك والنوافذ وسلالم الخدم بل أفراد العصابات ، وليس الحب من يطعننا من الخلف بل الخونة ، وليس الحب من يرتدي قناعاً بل زعماء المافيا ، فالحب حين يأتي منازل القلوب .. يأتي كالمعجزات وأمام أعين الكل يقول للكل : (هذا أنا )  يأتي كالانفجار ليعلن أمام السكّان أنه حضر . 

ومتى خرج من منازل القلوب خرج كما يخرج الأنبياء فلا تتبعه من الأرواح والأنفس إلا تلك التي انصتت لصوته وآمنت بدعوته أما تلك الأرواح والأنفس التي لم تنصت ولم تؤمن فبالتأكيد ستظنه غريباً وستنكر ما حمل من تغيير وستراه سارقاً جاء لينهبها ويسلبها .

هل يدعى سارقاً من أتى في الليالي المظلمة التي ليس فيها بقعة ضوء حاملا شمعته أمام الملأ قائلاً كما قال يسوع : ( أنا هو) أنا هو نور العالم   .

هل يسمى لصاً من أضاء الناس في ظلامهم ليقول لهم : كونوا مثل هذه الشمعة التي تريد من نوركم أن يشتعل ويبدد ظلمة الأنفس التي أرهقها الذئب وحكايته التي لا تنتهي مع القرية ومجتمع الأغنام.

يقول لهم: أنا الراعي، لا تخافوا ، يقول لهم كما قال يسوع :  اسمعوا صوتي :  رعيةٌ واحدة وراعٍ واحد .


ليست هناك تعليقات: