غريبُ أنا حتى في اعترافاتي ، في إعلانات توبتي ، في عرض ِ ممتلكاتي ، غريبٌ أنا حتى حين أريد أن أتطهر من إثمي وذنبي ، غيري يصلّي نادما مستغفراً على سجّادة الأرق وأنا أصلي نادما مستغفراً على سجّادة الورق .
غيري يعترف في جلسة ٍ خاصة وأنا أعترف أمام الملأ في جلسة ٍ علنية تحضرها ملائكة السماء وعفاريت الأرض ، غريبُ أنا حتى في وجعي ، غيري ينام مع وجعه على الأرض ووجعي لا يقبل إلا بفراش السماء .
غيري يخشى أن يسقط من أعين القرّاء ، وأنا لا أخشى إلا سقوطي من عينيها ، غيري يداري سوءاته وغلطاته بأمواج البحر وأنا أخرجها من الأمواج كما لو أنها سمكة ثم أشويها في عين الشمس أمام كل سكّان المدينة .
غيري يخاف أن يسقط اسمه ، أن يتلوث حرفه ، أن يتهم بالسواد ، أن يوصف بأنه كالجراد الذي سرق اللون الأخضر من حقول الطبيعة ، وأنا أقول فليسقط اسمي ، فليتلوث حرفي ، فليتهموني بالسواد ، فليصفوني بأنني كالجراد الذي سرق فصول الطبيعة .
غيري لا يكتب عن شرّه عن قبح ِ عمله عن إفكه عن كفره عن إلحاده برب الريح وإلحاده برب العباد ، وأنا أكتب عن كل شيء عن شرّي وقبحي وإفكي وكفري وإلحادي كما أكتب عن إيماني بهذي البلاد وهذا الفؤاد ، أكتب عن كل شيء دون أن أخدع أو أكذب على الملاك الواقف على كتفي الأيسر ، أو أتجمّل أمام كتف ملاكي الأيمن .
غيري يعشق الغموض وأنا غموضي شمس لا يأكلها المغيب ووضوحي صدق لا يغطيه العيب وعيبي رأس لم يواريه الشيب ، غيري متهم بالريب وأنا ريبي ثوب منزوع الجيب .
غيري لا يكتب كيف خان ومتى هان ، وأنا أشرح كل شيء وأكتب كل شيء حتى عن الدخان الذي اشتعل هاربا من تحت الباب ، عن الزمان عن العنوان الذي حاول أن يفر من نافذة المكان .
لماذا أفعل ذلك ؟ لا أعرف .. لكني أعرف أنني لا أستطيع بعد الآن أن أكذب على نفسي وعلى حبري وسطري أو أخون القلم الذي أعطاني الأمان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق