الأحد، 23 يونيو 2013

وصايا..4


 صغيرتي .. كيف حالك ِ اليوم .. في أي عام ٍ أنتم وأي مكان ؟

إن كنت ِ تسألين عن العام فنحن الآن في عام 2013.. والمكان ( صحراء محترقة - شبه الجزيرة العربية ) أما الأخبار كما هي منشورة أمامي الآن كالآتي :

-اللجنة الدائمة للمساعدات السكنية تعقد اجتماعها الخامس

-اللجنة المحلية لشؤون الأراضي تعقد اجتماعها

-الاجتماع الرابع للجنة الشؤون البلدية بمسقط

-الأمم المتحدة: اكثر من 45.2 مليون نازح في العالم عام 2012

-إخلاء برج "إيفل" في باريس بعد تهديد شخص بالقفز من أعلاه

هل رأيت ِ يا صغيرتي.. اجتماعات .. تتبعها اجتماعات .. تتبعها اجتماعات .. ومساعدات .. تتبعها مساعدات ومساعدات .. لا جديد يا ريّان .. فالاجتماعات هنا يا صغيرتي أكثر من اجتماع "يسوع" بحواريه ، والمساعدات التي تنفق من أجل أن تبقى الحكومة غنية ومترفة أكثر من المساعدات التي تنفقها من أجل أن يبقى المواطن فقير ومعدم . وسياسة أن يكون المواطن أرنبا ً يلحس أقدام الحكومة من أجل جزرة لا زالت كما هي . حتى أن الحكومة -هذه الأيام- تدرس إمكانية إيصال الجزر للمواطنين الأرانب عن طريق " خدمة المنازل "  .

أما على الصعيد  الإنساني  فالمهجرون في شرق المتوسط كل يوم يسجلون أرقاماً لا تستطيع "موسوعة جينيس" أن تتحملها يا صغيرتي ، أما الإرهاب وحوادث الإخلاء والتفجيرات فهي مسلسل ٍ يومي نتابع حلقاته حلقة بحلقة مع أننا نعرف النهاية مسبقا ً .. –ليس ذكاء منا يا صغيرتي – لكن التكرار يعلّم الحمار وحمارنا قد تعلم النهاية جيداً ، تعلم هو وحمار كاتب السيناريو وحمار المخرج أن حمار الحكومات الغربية والعربية سيكون بطلا في الحلقة الأخيرة بعد أن يرفس صدر الشعب  .

ريّان .. أخبريني يا طفلتي هل لا زالت لديكم حتى الآن "حمير" ؟

 لا أعني حمار الحكيم بالطبع .. تفهمين ما أقصد .

 بالمناسبة  كنا نناديه أحياناً العم "صابر" دللناه كثيراً يا صغيرتي .. لسنا وحدنا من نفعل فالحكومات أيضا خرجت علينا عبر المحطات وقنوات الأخبار من أجل أن نفعل ومن لا يفعل .. -كما حدث مع أحد أصدقائي- جهاز المخابرات سيقنعه أن يفعل .

الحكومات العربية تعرف أن الحمار حيواناً أليف وتعرف أكثر أنه منتشر بكثرة في أفريقيا وآسيا ، وربما طوّعت تلك المعرفة أكثر مما يجب حين جعلته أكثر احتمالا للمشقة في " الخليج " .

الحمار أصبح رفيقاً للإنسان ..

 الأمر ليس جديداً يا صغيرتي فمنذ البدء كان الحمار رفيقاً للإنسان .. وكان ينافس معه  دورة الانقراض منذ 12 ألف سنة منذ الجد الأول للحمار في بلاد الصومال .

 نحن في مأزق يا صغيرتي .. فهذا يعني أن  الحكومات كانت تعرف منذ ذلك التاريخ أن الإنسان يجب أن " يدجّن" وأن يعود ليجاور زميله في "المملكة الحيوانية " وربما لهذا تقيم  له الـبرامج التدريبية من أجل أن يتعلم فن " النهيق " واتيكيت " البرسيم " وبروتوكولات " هز الذيل"  .

بطبيعة الحال يا حبيبتي .. هناك من يتمرد .. في كل مكان هناك الشاذ وهناك المميز .. وهناك من لا يحب الخنوع ولا المهانة ولا الاستسلام كـــ " الحمر الوحشية " وهنا في هذه البقعة التي نتشارك فيها العادات والتقاليد قضوا على الحمر الوحشية وعلى الشاذ وعلى المميز وعلى الكرامة لم يعد هناك تمرد يا صغيرتي حتى أن الحكومات هذه الأيام تكريماً لإخماد "ثورة الحمير" قامت تطلق مصطلح " جحش" لمن يحاول أن يرتكب حماقات أسلافه .  

أما على مستوى " الناس" يا صغيرتي .. فالناس يحبون " الحمير" ويكرموهم وأحياناً يدللوهم –تعرفين السبب بلا شك- فالرباط وثيق بينهم والسبب وجيه لذا لا تسأليني لماذا ندلل " الحمار " .

قبل أن أذهب يا صغيرتي إليك ِ أخر الأخبار :  هذه الأيام الحكومة العربية-الخليجية تجري بحوثاً حول إمكانية الاستفادة من جلود الحمير في مجالات اقتصادية وطبية .. نعم يا صغيرتي .. ربما سيأتي يوم يضطر فيه "حمارنا العربي -الخليجي" بدافع التجربة- التي سيرغم عليها بطبيعة الحال- أن يبيع جلده من أجل أن تثبت الحكومات نجاح فكرتها .

حسنا دعينا يا صغيرتي نأخذ الموضوع على محمل " حسن الظن " دعينا نقول : ربما تفعل ذلك  لتوفر وتخفف من التكلفة الاقتصادية والعبء الهائل على الميزانية باستخلاص عقاقير ومنشطات لا تحمل آثار جانبية وتحافظ على منسوب" الصبر" حتى لا ينفد وينفجر في وجهها ...

بعد هذا كله .. هل سنظل يا صغيرتي نستخدم كلمة " حمار" في الشتائم السوقية التي نطلقها على بعضنا البعض .. أو نطلقها كصفةٍ على الغبي دون النظر للقواسم المشتركة وللعمل الشاق الذي يقوم به المسكين دون كللٍ  أو ملل تماماً كما نفعل ؟

ربما سيغضبون مني الآن يا صغيرتي .. فحتى الآن لدينا من يرفض هذه المفردة .. تصوري.. يرفضونها على الرغم من أنهم يطبقون كل معانيها لكنهم لا يطيقون سماعها .. لماذا يا صغيرتي ؟

لأننا تعودنا أن نهرب من الحقائق ..

 نسمع عنها من بعيد لكننا لا نقربها ولا نفكر أصلا ً أن نقربها .. تعودنا أو عودونا أن نستمع لكل تلك القصص الهائلة عن " الحمار" وأن نعيش عيشة " الحمار" وأن نأكل ونشرب ونعمل كـ " الحمار" لكن تكرماً وترفعا من الحكومات ولأننا ربما نحسب عليها كـ"بشر" ولأنها في منتهى الآدمية ترفض أن نطلقها صراحة وأن نعترف بها.. تفضّل أن نستخدمها عن طريق " النية" .

لكل "حمار" ما نوى يا صغيرتي ..

 لكل حمار ما نوى ..

قبل أن أرحل لا تشتري أبداً قصة عنوانها " مزرعة الحيوان " لا تنفقي مالك هباء إن أحببت ِ قراءتها ستجديها فيما حولك ِ.. أو عودي لقراءة تاريخنا العربي فهو مليء بقصص " الحيوان" .

لاف يو ..


أبوك .

ليست هناك تعليقات: