الثلاثاء، 25 يونيو 2013

وصايا..6





تقول القصة يا صغيرتي كما هي في الميثولوجيا : أن بروميثيوس سرق النار المقدسة .

 أن زيوس أمر أبنه بخلق المرأة " باندورا" عقوبة للبشرية .

 أن الآلهة فيما بعد قدّمت الكثير من الهدايا كرشوة ٍ لباندورا بعد أن دسّت بينها " الخديعة".

 أن شقيق بروميثيوس لم يستمع لنصح أخيه وتزوج المرأة باندورا .

 أن صندوق "الشر" الذي كان بحوزتها هدية من الإله المخادع زيوس قد فتح . أن الصندوق الذي فتح خرجت منه كل الشرور التي نعيشها اليوم .

 أن قيم الخير كانت مخبئة في الصندوق نفسه .

 أن الشرور قضت أيضاً على قيم الفضيلة لم تبق في الصندوق قيمة معتبرة إلا " الأمل " الذي رفض أن يخرج بعد أن عرف أن باندورا فتحت الصندوق في الشرق الأوسط . !

 منذ ذلك الحين يا طفلتي ونحن نعيش في شرقنا المتوسط "سباق المسافات الطويلة" كما يصفه الميت الكبير " عبد الرحمن منيف . ونعيش أيضاً عالم منيف المنزوع الخرائط .

 ورثت الحكومات العربية"صندوق باندورا" لم تغلقه يا صغيرتي ، لم تعده للآلهة ، لم تعدمه أو تحرقه أو ترميه في أقرب مزبلة وتخلص العالم من الشرور .

 وجدته صيداً ثميناً يا حبيبتي .. حمته ، حافظت عليه ، أورثته للحكومات المتعاقبة ، أمّا باندورا فأحدثت العجب العجاب في شرقنا المتوسط فهي تنام كل ليلةٍ في خدر الملك " الكندي" الذي منذ عاشرها قام يردد : ((اليوم خمر وغداً أمر )) ولا زلنا ننتظر الأمر يا صغيرتي .. وننتظر أن ينتهي يوم الخمر .

 بالطبع اعترضنا يا صغيرتي .. كتبنا .. طالبنا .. شجبنا ، نددنا ، هتفنا بأن يغلق الصندوق وأن تطرد باندورا. لكن الصدى وحده من استمع لأصواتنا والريح .

 قلنا لهم يا صغيرتي أننا مهد الحضارات ، أننا العالم القديم ، أننا مهد الديانات السماوية ، أننا لبنة الإنسانية ، أننا وأننا ، وأن باندورا وصندوقها خطر علينا .

 صغيرتي كم أتمنى أن أقول لك ِ أن باندورا وصندوقها مجرد ميثولوجيا لكني لا أستطيع فالميثولوجيا تحولت لحقيقة في شرقنا المتوسط علينا أن نتعامل معها ونصدقها ولا شيء أصدق ولا أدل على وجودها أكثر من هذا " الشر " المنتشر في جميع أصقاع الوطن العربي .

 كم أتمنى أن أقول لكِ أن الآلهة بقيت في النقوش على جدران المقابر والمعابد وأنها حتى الآن لم تخرج من المتاحف ولا زالت تنام في القطع والمنحوتات الأثرية ، لكنها ليست كذلك ، لا تصدقيهم يا صغيرتي لقد فرّت الآلهة من المعابد والنقوش والمتاحف ، لقد فرّت الخرافة من كتب الأساطير .

 الآن أنا أتطلع حولي وأراها بكل في وضوح في المدينة وفي القرية وفي ملابس الموديل وفي وشاح القرويات وفي المجالس النيابية وفي المجالس الشعبية وفي المنتديات والمدونات .

 أراها في كل مكان يا صغيرتي ، نعم يا ابنتي باندورا هنا والخرافة هنا .. وهيراكليس ابن زيوس الأكبر لا زال منذ قرون يجلس على عرش الشرق الأوسط . صغيرتي .. إن كانت هناك خرافة في هذه الدنيا .. فهي نحن .وكما بيعت النساء الطرواديات للعبودية في مختلف أنحاء اليونان باعونا في سوق "النخاسة العربي " .

 نحن ماضٍ يا ابنتي .. نحن ماضي كالأوثان في قريش.. أما المستقبل فلا يعيشه إلا أبناء هيراكليس .

ليست هناك تعليقات: