السبت، 6 فبراير 2010

لقائي مع د. سهيل زكار نائب رئيس اتحاد المؤرخين العرب

خالد العلوي ود. سهيل زكار


حوار : خالد العلوي


نحن امة اقرأ هذا مؤكد نحن أمة أقرأ وكتاب وقلم أنا قرأت كل الكتب المقدسة المسيحية واليهودية وغيرها ولم أجد فيها قلم .

في الإسلام فقط يوجد قلم ويوجد نون والقلم وما يسطرون في الإسلام فقط جاءني جبرئيل وفي يديه نمط فيه كتاب وقال أقرا .

هذا ليس موجود في دين أخر نحن امة القراءة والإنتاج وإثراء الفكر والجدل والنقاش ونبدأ الحوار وننتهي منه ونحن إخوان ومتحابين .


جاء ذلك في اللقاء الذي أجريته مع الأستاذ الدكتور سهيل زكار نائب رئيس اتحاد المؤرخين العرب في القاهرة وفيما يلي نص اللقاء :

هل الحضارة هي الدين أم هي الصاروخ ؟

- السلاح دوما قتل الحضارة السلاح قتل الإنسان والديانات بعضها صنع حضارات وبعضها أسهم بصنع حضارات وبعضها كان دوره في مكان بناء وفي مكان آخر كان غير بناء ومهدّم وطبعا الدين مرتبط بالإنسان صحيح أن الدين مصدر علوي وإلهي لكن القضية تتعلق كيف يفهم الإنسان الدين وكيف يتعامل معه فإذا كان الدين للمحبة ولتنظيم الحياة وللطهارة والحفاظ على كل شيء خلقه الله كما أراده الله فهذا يؤدي إلى نشوء حضارة مزدهرة وأما إذا استخدم من قبل متعصبين أو مهووسين أو أناس أصيبوا بلوثة فظنوا أنهم مخولون من قبل الله أو قوى غيبية فهذا يؤدي إلى الدمار على العموم ليس تعصبا مني فأنا تعاملت مع التاريخ العربي والإسلامي بشكل خاص وتعاملت مع التاريخ الأوربي والآن منذ مدة أخرجت عدد كبير من الكتب في تاريخ الأديان لا سيما المسيحية واليهودية وعملت لسنوات طوال في تاريخ الحروب الصليبية ولدى موسوعة كبيرة ربما تكون الأولى من نوعها في العالم سيتجاوز عدد مجلداتها المائة مجلد هنا الإسلام بناء وعمل حضاري وأكرم الناس عند الله اتقاهم وليس أغناهم ولا أقواهم لان الله تعالى كلف بالإسلام نبينا المصطفى وهدم الطبقية وألغى الفوارق الاجتماعية فأصبح المعيار التقوى وليس المعيار الغنى أو العضلات أو المقدرة على استخدام وحمل السلاح إنما مع الأسف أوربا فهمت المسيحية هذه الديانة المسالمة بشكل معاكس فشرلمان مثلا خاض كل حروبه ضد الأوربيين وضد المسلمين في الأندلس فقط ليرغمهم على وجهة نظر خاصة هي وجهة نظر الكاثوليكية في أيامه وحين نقرا مثلا في ملحمة رولاندو أو نشيد رولاندو الذي أصوله ترقى لأيام شارلمان نجد أن شارلمان قد أوصى أتباعه بأن لا يقبلوا من المسلمين إلا السيف أو العماد في حين أننا حين نقرأ السيرة النبوية نجد في معركة بدر أنه صلى الله عليه واله وسلم لم يكن يسمح للمسلمين بمطاردة المهزومين من أهل بدر والمعروف في المعارك أن معظم الذين يسقطون فيها هم الفارون وحين نقوم الآن بالكشف عن مقبرة من مقابر المعارك نجد معظم القتلى مقتولين من ظهورهم أو من مؤخرة رؤوسهم أي ليس بالمواجهة المباشرة وذات مرة أنا قمت بإحصاء سريع للذين قتلوا في كل المغازي النبوية فوجدتهم لا يتجاوزن الثلاثمائة والثلاثين إنسان بالمقابل نجد أنه عندما دخل الصليبيون إلى القدس قتلوا سبعين ألف إنسان حتى الحيوانات قتلوها وقبل ذلك بأشهر عندما هدموا مدينة المعرة أكلوا لحوم المسلمين بعد أن قاموا بشوائها وعندما دخل صلاح الدين إلى القدس لم يسفك ولا نقطة دماء وعندما جاءت الحملة الصليبية الخامسة لتحاصر دمياط مات في دمياط سبعين ألفا و عندما دخل الصليبون بالحملة الرابعة إلى مدينة القسطنطينية التي هي كاثوليكية مسيحية قتلوها واستباحوها ، لهذا تجد أنه في كل المعارك الإسلامية لم تستباح مدينة بعد فتحها بينما حتى في العصر الحديث جيوشنا التي تخلقت على أخلاق الأوربيين استباحت أعراض وبيوت الناس مثلا عندما دخل الجيش العراقي إلى الكويت تصرف مثل ما تصرف جنود هولاكو أو أسوأ بل أكثر اقتلعوا البلاط من بعض البيوت حتى يتاجروا به واخذوا أدوات القيشان وغيرها وهذه ليست أخلاقنا ولا أخلاق الحضارة ولا الدين الإسلامي في الإسلام أيضا من قتل نفسا بشرية كأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها كأنما أحيا الناس جميعا ودائما اكره ما على المسلمين الإعدام والقتل في حين نجد الآن الذين جندتهم المخابرات الأمريكية وغيرهم يمتهنون القتل ويدّعون الدفاع عن الإسلام وما تم في 11 سبتمبر وما يتم الآن في كل النواحي هو إساءة ليس لها نظير للإسلام بفضل البدع التي أوجدها بن لادن وعصابته فتجد الآن حماس التي تقاتل في سبيل البقاء وتحرير القدس صارت إرهابية وإسرائيل التي تتشكى منذ سنين من الهولوكست تنفذ هولوكوست أخرى في غزة ولا احد يقول لها لماذا تفعلين ذلك وبالسابقة التي خطها صدام في حربه الظالمة ثمان سنوات وباجتياح الكويت وبالكثير من الجرائم الصدامية التي كدت أن أكون إحدى تلك الضحايا لولا أن الله تعالى كتب لي نصيب أن أبقى لكنت قتلت مع من قتلهم ، ماذا فعل صدام بالعراق انظر يا سيدي الفاضل صدام ترك خلفه جرائم خلفت الآن مليونين وثلاثمائة أرملة إذن هنا توجد فوارق فالعرب لم يبيدوا بتاريخهم أمة واحلوا مكانها أمة أخرى محلها ، فالانكدكسون عندما ذهبوا إلى استعمار أمريكا الشمالية عدد الهنود الحمر حتى عصر إيزنهاور بلغ مائتين مليون إنسان من الهنود الحمر الذين أبادوهم هذا يعني أن كل مواطن أمريكي بيته قائم على قبر أسرة من الهنود الحمر وأتذكر أنه منذ سنوات بسيطة الرئيس الحالي بوش أراد حفر مسبح في البيت الأبيض فوجدوا أثناء حفرياتهم مقبرة من اكبر المقابر للهنود الحمر هذا غير موجود بالحضارة العربية ولا بالدين الإسلامي عليه الصلاة والسلام في معركة احد وعمه حمزة مسجى وبطنه مبقورة وكبده ملاك كان وهو يعيش ساعة من أصعب الساعات وهو عليه الصلاة والسلام الدم يسيل من فمه ومن وجهه يقال أن جبرائيل نزل وقال له أمر تطاع فقال اللهم اهدي قومي أنهم لا يعلمون فتجد أن هناك فرق بين حضارة تريد هداية الناس وحفظهم وبين حضارة تريد تدمير الآخرين والدنيا الآن قد تحولت إلى مصالح وصراعات أنا مقابل الشر اعرّف بالخير التزم بقواي بتوازني بعقلي وبالوقت نفسه اعرّف بالشر ولا أحاول مطلقا أن انتقم الانتقام ليس من أخلاق المسلمين اتبع الحسنة السيئة تمحها وخالق الناس بخلق حسن .

هل أنت مع من يريد استخدام أداة الإقناع سواء من العالم العربي أو الإسلامي عن طريق التكنولوجيا المدمرة ؟

- سابقا كانت توجد منظمة عسكرية يطلق عليها فرسان التيوتون بعد تحرير عكا وانتهاء الحروب الصليبية رجعت لألمانيا سعت لأبادت سكان بروسيا الأصليين وهولندا ولتوانيا وفي يوم من الأيام جاء وفد من هذه البلدان إلى الفاتيكان ليقول للبابا نريد أن ندخل بالمسيحية لكن لا نريد أن نعمد بالدم نريد أن نعمد بالماء والآن يريدون أن يعمدوا بالصاروخ نحن لا نريد أن نعمد لا بالصاروخ ولا نريد أن نعمد الإنسان بالدم لاسيما أن الإنسانية الآن دخلت عصر المعرفة وعصر المعرفة هو البناء الثقافي وجعل كوكب الأرض قرية للسلام وللوئام للإنسانية جميعا ونقرع الحجة بالحجة ولا نقرعها لا بالصاروخ ولا بالسيف والهداية من عند الله تعالى هذا منطقنا لكن منطقنا ونحن عشائر وقبائل وفرق وطوائف بهذه الطريقة م الشتات لا يصح الذي يصح أننا نتوحد وما يوحد المسلمين أكثر بكثير مما يفرقهم فكل مسلم مهما كان مذهبه يقول لا اله إلا الله محمد رسول الله ويتوجه بالصلاة إلى الكعبة لا توجد مشكلة أما والله أنا يتهم البعض بأنه موال لأهل البيت أو أنه محب لآل البيت هذه مفخرة وأنا كمسلم أقف في كل صلاة وأقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد هذه ليست مشكلة الحب ليس مشكلة لكن أنا لا أقدس ولا اعبد إنسان أنا اعبد الله تعالى وأذكر أني كنت مرة في محاضرة تشاركت فيها أنا والعلامة الإسلامي محمد فضل الله العالم الكبير وكان يقول أن بعض الأئمة من المعصومين فقاطعته قائلا ليسوا بمعصومين لأن العصمة مرتبطة بالوحي أن هو إلا وحي يوحى قال نعم قلت له إذا كنت تؤمن بعصمة الأئمة معنى ذلك أن الوحي لم يتوقف بانتقاله عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى نعم أعود وأقول لك قد توجد توجهات واختلافات أو وجهات نظر لكن تبقى دائما الاختلافات ووجهات النظر هي من تبني الحضارة والنقاشات هي التي تبني الحضارة لكن لا تصل إلى الكمال لان الكمال مرتبط بالله تعالى ولزاما على أن أوسع صدري واسمع للآخرين كما عليهم ذلك إنما نحن واجبنا أيضا أن نعمل عملا يغضب الله تعالى ويغضب كل الأئمة وكل السادة وهو أن نسفك دماء بعضنا بعضا وأذكر أني مرة في دمشق أن احدهم تحدث عن السيدة الرقية وقضية كربلاء وأنا بخصوص هذه القضية قلت أني لا اعرف سنة ولا شيعة لأني على دين محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام الذي من المؤكد لم يكن شيعي ولم يكن سني وكل الناس لم يكونوا شيعة ولا سنة أن الدين عند الله الإسلام أنا لست مستعدا أن انتمي إلا للإسلام ولنبي الإسلام نعم توجد مدارس وأفكار هذا ليس خطأ دائما يجب أن نتطور ونتعايش مع متطلبات العصر المهم الوحدة لم فنحن حين نشكل وحدة منسجمة كل واحد يعترف بحقوق الآخرين سنحقق النجاح فمثلا الكويت عندها ثروة هذا حقها في أن تحتفظ بثروتها لكن لي حق عليها أن تساعدني بقناعتها أما أن اغتصب الكويت واخذ ثرواتها بالغصب والقهر هذا لا يجوز ولا يصح مطلقا لا يجوز الاغتصاب عليه الصلاة والسلام لم يصادر ولم يغتصب أموال احد هذا منطقنا للتعايش ونحن لامس الحاجة لئن نعود للانسجام والتعايش لنعود لنقود الحضارة الإسلامية .

هل نحن حقا أمة ( لا تقرأ ) كما بات معظمنا اليوم أم أننا ( أمة اقرأ ) كما كنا فعلا ؟

نحن امة اقرأ هذا مؤكد نحن أمة أقرأ وكتاب وقلم أنا قرأت كل الكتب المقدسة المسيحية واليهودية وغيرها ولم أجد فيها قلم في الإسلام فقط يوجد قلم ويوجد نون والقلم وما يسطرون في الإسلام فقط جاءني جبرئيل وفي يديه نمط فيه كتاب وقال أقرا هذا ليس موجود في دين أخر نحن امة القراءة والإنتاج وإثراء الفكر والجدل والنقاش ونبدأ الحوار وننتهي منه ونحن إخوان ومتحابين .

هل المذهبية أصبحت جسرا يأخذ المسلم إلى التقوقع داخل مذهبه ليجعله يعمل في عزلة تامة بعيدا النقيض الآخر المخالف له في المذهب ؟


لكل مدرسته إلا أن هذه المدارس في الأخير تصب في قال الله وقال الرسول وتتبع أحسن القول وأحسن العمل فتجد مثلا عندنا أن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه كان شيخ مالك وشيخ أبي حنيفة وتجد أن مالك شيخ الشافعي الذي هو شيخ احمد بن حنبل فكيف يكون من حقي كمسلم أن ادخل بعمليات شجار وجدل وصراع وهم أنفسهم استقوا من بعضهم البعض أو واحد منهم كان له فضل على الآخر هذا لم يعد يجوز ولا يجوز أساسا ناهيك أن الوقت لم يعد يسمح لنا بمثل هذا التمايز والاختلاف والشقاق نحن نريد أن نضرب المثل الأعلى الذي تركته لنا شخصيات كثيرة هي أمثال عليا فأنا مثلا حين أقرا مثلا سيرة الإمام علي فأنا أرى أن أمامي مثل أعلى لكن والله لما أقرا سيرة الملك الغربي الأول للقدس فهو لا يمثل بالنسبة لا معنى أخلاقي ولا فروسية لكن أنا التزم بمثلي الأعلى الحسن السيرة والسلوك ممن يخدمون الدين والبشرية لأننا بحاجة لتلك الأمثال لنأخذ منها ما يدخل في الصواب .

رأيك بحوار الحضارات ؟

- نحن نعاني من مشكلة التبعية والفعل وردة الفعل فالاستشراق طرح لنا مشاكل ما زلنا نعيش فيها وتجد منا أبطال يشتمون المستشرق الفلاني ليؤثروا على الجماهير فيشتمون بعض تلاميذ المستشرقين أيضا وغير ذلك أنا اذكر عندما كنت طالب جامعة كان هناك أستاذ لغة عربية وكان شيخ دين في نفس الوقت استلم منصب ديني عالي في بيروت أتذكر أنه كان على الدوام يشتم طه حسين بأسلوب مقزز وهذه ليست أخلاقنا فالاستشراق حركنا وما زال يحركنا انتقل الاستشراق من الغرب الأوربي إلى الولايات المتحدة تلاميذ أستاذي برنارد لويس الذي يحمل عقلية الشرق شرق والغرب غرب طرح لنا هنتغتون نظرية صدام الحضارات وطرح لنا احدهم نهاية التاريخ والتاريخ لم ينتهي بانتصار الولايات المتحدة وسقوط الاتحاد السوفييتي التاريخ انتهى فعلا وقولا مرة واحدة فقط عندما وقف النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم بحجة الوداع ليقول أن الزمان قد استدار كيوم خلق الله الدنيا هذا نهاية التاريخ فعلا وقولا الإسلام حقق نهاية التاريخ والإسلام الآن عندما يتخلص من الدنس والشوائب التي علقت به يمكن أن يستأنف فتح صفحة جديدة للحياة البشرية في كل أنحاء الدنيا فعلى الرغم من كل ما يعانيه المسلمون الإسلام ينتشر في الغرب وفي الولايات المتحدة بقوات ذاتية ينتشر في أفريقيا أكثر من 80 % من سكان أمريكا أصبحوا مسلمين الإسلام يمثل الناتج البشري السماوي كله وبشكل صحيح .

وكيف يمثل الإسلام الناتج البشري السماوي كله وبشكل صحيح ؟

- سأضرب مثل بسيط أنا مهتم بالتاريخ وبالتاريخ القديم عندما أواجه عدد من المشاكل أعود إلى المفهوم القرآني وتنحل الكثير من الأمور أمامي فقط اجرد المفهوم القرآني من الإسرائيليات يعني مثلا كانت عندي مخطوطة من التوراة عمرها ألف سنة أحققها واجهت في سفر الخروج أن موسى عندما ذهب للقاء ربه أن هارون هو من صنع العجل الذهبي بينما في الإسلام نجد أن من أضلهم هو السامري فلما واجهت مثل هذه المشكلة وبحثت من هو السامري وبعد عمل طويل وتقصي وبحث مضني وجدت أن السامري ينتمي إلى الحضارة السومرية التي هي أول الحضارات التي قامت في جنوب العراق هذه الحضارة بقيت أربعة آلاف سنة مجهولة وهنا المعجزة فهل النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله قام بعمل كشف أثار ليعرف من أين أتى السامري ومن هو السامري إذن هذا وحي من عند الله أنا تعاملت مع كل النصوص الإنجيلية ونشرت هذا الكتاب من أشهر وعندي كتاب أخر حول موضوع حول إنجيل يختلف عن الأناجيل المطبوعة بين أيادينا وفيه اختلافات جوهرية لكنك حين تمسك القران تجد أنه وكأنه انزل الساعة وصيغة التوحيد الطاهرة هو ما تحتاجه البشرية .

هل حفظ الإسلام حق المرأة حقا ؟

- لا يوجد دين من الديانات قدس وصان المرأة وحافظ على حرمتها غير الإسلام ماذا يفعلون الآن عندما يحرضون المرأة في الغرب فالحضارة الغربية أو الرأسمالية قائمة على عملين العمل الأساسي هو استهلاك جسد المرأة فهم حتى حين يبيعوك فرشاة أسنان لابد أن يقدموا ثديين عاريين فوق كيس الفرشاة لتشتريها يبيعوك أي شيء عبارة عن جسد امرأة والمرأة ليست سلعة المرأة أخت وزوجة وعرض والمرأة هي التي تشكل الركن الأساسي في بناء الأسرة في مجتمع صالح لذلك الآن إذا تابعنا هذه المسيرة فبلا شك سوف نهدم مجتمعنا وأخلاقنا وعلينا دائما أن لا ننجرف بسرعة ونفكر ونحاول أن نتعامل بعقل ومنطق مع الأمور ونحن امة العقل وأمة المنطق .

كيف تقيمون إلى الوضع المأساوي في غزة الآن ؟

- أنا لست مندهشا أنا متوقع هذا منذ مدة وهناك محاولات لاصطياد الفرص أو اقتناصها وأول هذه المحاولات تهديد سوريا عن طريق لبنان بإرسال المدمرة وأخيرا انتقلنا الآن إلى مرحلة الإبادة لكن الدخول إلى غزة لن يكون ثمنه سهلا بتوقعاتي ودراساتي أن يكون عدد القتلى لا يقل عن عشرة آلاف إنما إسرائيل ستخسر أكثر من ألف مقاتل لكن يا ترى مصر وهي مصر وشعب مصر وجيش مصر هل ستقبل أن تكون إسرائيل مسيطرة على كل حدودها هل ستقبل كرامة أهلنا في مصر بفتوتهم وشجاعتهم كل هذا يخيل لي أن في مصر ما زال هناك رجال أشجع من المعتصم عندما سمع وامعتصماه فقال لبيك وأنا اعتقد انه في دمشق وفي الكويت والإمارات والرياض وفي كل مكان توجد قلوب تقول لبيك يا غزة فقط لننتظر بعض الوقت .

كيف تقيمون العملية التي قامت بها تركيا في شمال العراق ؟

- كانت هناك عملية كبيرة جدا وتوريطة لها أول وما لها أخر عندما تورط الجيش التركي في شمال العراق كانت الحسابات أن يتواجد هناك حتى ثلاثة أيام لكن الجيش بقى ولم يخرج ولم يكن من المقرر أن يخرج وبهذا تجد أن السيناريو كان سيكون مثلا أن تتورط القوات الإيرانية أيضا وتفتح أمامها جبهة ولربما يحدث صدام إيراني تركي وربما القوات السورية والعراقية تتورط بشكل ما وعندما تم إدراك هذا السيناريو انسحبت القوات التركية وبدأت تعيد النظر في الحسابات .

على ماذا يقوم النظام الأمريكي من وجهة نظرك ؟

- نحن لا نمتلك مراكز دراسات لنعرف النظام الأمريكي اقتصاديا وعقائديا اجتماعيا لكنه قائم على المضاربة الاقتصادية والنظام الأمريكي على سبيل المثال شركة بلاك ووتر لديها لوبي في مجلس الشيوخ يدافعون عن مصالحها ويقبضون رواتب وقد دفعوا ملايين الدولارات لإنجاح بوش في الانتخابات هذا هو النظام الأمريكي وفي نظام التجارة هناك صراع بين القوى المتنافسة فمثلا أنا قد أخوض عملية تجارية اخسر فيها لأجعل خصمي يفلس ويخسر .

هل تعتقد أن حزب الله سيجر إلى حرب أخرى أم أنه سيجر نفسه إليها ؟

-حزب الله لا يستجر لكن ينتظر الفرصة لأنه لا يجوز الإنسان يدخل للمعركة إلا عندما تكون حساباته صحيحة وأتوقع قبل القمة أثناء القمة أن يحصل شيء من المفاجئات كل شيء وارد لكن علينا أن نتمتع باليقظة وتأكد أن ما يصيب الغزاوي يؤلمني وما يصيب اللبناني يؤلمني نحن امة واحدة وأنا والله لما غزا صدام الكويت ما في احد في سورية تجرأ وصعد على التلفزيون والإذاعة وتكلم الذي تكلمته لأن آلام أهل الكويت آلامنا وعرض السيدة الكويتية عرض أمي وأختي أنا هذه مشاعري في كل مكان من البلدان العربية وأنا لا ازاود لان هذه المشاعر موجودة عند كل عربي ومسلم أذكر مرة أني و في إسلام أباد التقيت مع عدد كبير من أساتذة الجامعات وتحدثنا عن السلاح النووي فقال لي أحدهم والله نحن نشعر أن تحرير القدس من الصهاينة واجبنا قبل واجبكم قلت له فهمت لان صلاح الدين لم يكن عربي كان كرديا لكنه كان مسلم هذا هو الإسلام الذي منحنا الهوية والشخصية .

مسار التطور التاريخي للمجتمع البشري خلال المراحل السابقة اثبت فشل فكرة قيام دولة واحدة تقود العالم أو حضارة واحدة تقوده ما رأيك على ضوء هذه الفرضية أو المسلمة بما تمارسه بعض الدول بإقامة الدولة الواحدة والحضارة الواحدة التي تسعى بأن تكون قيمة على العالم ؟

- في ظل الإسلام قامت الدولة المركزية بالسلطة ببعض الشؤون واللامركزية في معظم الشؤون والمهم هو التنسيق المهم هو الشرعية افترض مثلا مجلس القمة العربية عمل مجلس رئاسي وهذا المجلس الرئاسي قام بالتنسيق أو عملنا مجلس شيوخ عربي مثل ما في أوربا وبقي لكل كيان أموره كلها وكل كيان يتدخل في الأمور الخارجية وغيرها بما يمثل مصالحه هذا ممكن وإذا قامت هذه الكيانات وتنافست فيما بينها في العطاء الحضاري والتنافس الخلاق والمبدع الذي يؤدي إلى تطوير حضاري وصناعي هذا شيء جيد جدا فبلد تتطور صناعيا وبلد في الخدمات وبلد يقدم إنتاج فكري على سبيل المثال الكويت تمتلك إمكانات مادية لا بأس بها لكن ما في بلد عربي حتى الآن أنتج ما أنتجته الكويت من إنتاج فكري يكفي العربي وعالم المعرفة وغيرها من هذه السلاسل التي تقدمها الكويت على كل الصعيد العربي والإسلامي والكويت عندها نوبل العرب جائزة التقدم العلمي ولديها أمور والكويت ممكن أن تسهم أيضا بالمزيد المزيد وبلد أخر نفترض الجزائر تمتلك الحديد تتجه للصناعات المعدنية المهم أن يكون التنافس تنافسا وليس صراعا ويكن في سبيل المصلحة العامة مصلحة الجميع وعلينا أن لا نمد أعيننا إلى ثروات غيرنا يعني الله تعالى نبه في القرآن الكريم مرارا انه لا يجوز أن تمدوا أعينكم إلى ما متعنا به غيركم من جمال ومال وهذا التنسيق ممكن وبهذا الواقع حين تتنقل في الوطن العربي لن تشعر بالغربة فانا حين كنت في مدريد بكيت ودموعي تساقطت لان الأرض كانت تكلمني عربي لكن أنا هنا في الكويت الأرض والإنسان والبناء وكل شيء يكلمني بالعربية اشعر بتواصل روحي بيني وبين كل شيء وهذا موجود في كل منطقة من الوطن العربي ولنكن متعاونين ولنبتعد عن التعصب والضغائن نختلف في الآراء والاجتهادات لا يوجد مانع العلماء يمارون فأحيانا قد نصل إلى حد لكن لا يجوز تبادل بعض الكلمات إنما نعود إلى الأصل في صلح الحديبية عندما قال سهيل بن عمر لا واللات قال له عمر امصص بظر اللات فنظر له رسول الله وقال يا عمر هذه العبارة لا تجوز إذن علينا أن نحتكم بأخلاقنا واصلنا .

رأيك في الخلاف بين دمشق والسعودية ؟

- أنا بحكم معرفتي بالملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين سليل آل سعود وتعلقه بسوريا وتعلق الشعب العربي بسوريا أرى أن هذا التعلق يكفينا لحل المشكلة وحل كل الأمور القضية ليست قضية غالب ومغلوب أما الضغوطات التي تمارس فهي ضغوطات لا أتصور أنها ستحقق نتائجها على مستوى الأشقاء وأعتقد أن أولاد عبد العزيز لديهم من رجولة عبد العزيز ما يمكنهم من الوقوف أمام كل الضغوطات هؤلاء عرب اقحاح وعبد العزيز رحمه الله عندما التقى بروزفلت أملى عليه شروطه بالنسبة لفلسطين ومواقف المملكة تبقى حتى الآن من اشرف المواقف أمام القضية الفلسطينية وعندنا وثائق تثبت ذلك لكن لا يجوز أن نعيش في أثار سايس سبيكو التي يريدون أن يعيشونا في خلافاتها لينسونا أنفسنا هذه طريقة الصياد عندما يغافل الفريسة ويلهيها حتى يقتلها ويقتل اكبر عدد وهذه الخدعة لم تعد تنطلي علينا .

كيف تنظر إلى تاريخنا العربي والإسلامي بشكل عام وأنت احد الباحثين فيه ؟

- التاريخ كله من صنع البشر يصيبون ويخطئون إنما على العموم النقاء في هذا التاريخ والعطاء الحضاري والإنساني أوسع بكثير من غيره إنما القضية أننا منذ أكثر من أربعين سنة نتمنى ونريد أن نعمل على كتابة هذا التاريخ إلا أننا لم نبدأ بعد وأرى أن الأوان قد آن لنبدأ والحقيقية هذا يشكل بالنسبة لي هم من الهموم الآن فقد دخلنا في عصر جديد ولو حاولنا كتابته قبل الألفين حتما كنا سنحتاج لإعادة التاريخ وفق المعطيات الجديدة فعلى سبيل المثال كنا نعيش قبل الألفين في ظل المدرسة الماركسية أو الفرويدية هذه المدارس كلها أصبحت جزء من الماضي وهناك مدارس جديدة الآن نحن أيضا نحتاج إلى مدرسة عربية إسلامية لست مضطرا أن استورد على ّ أن أتعلم من تجارب الآخرين لكن لي تجربتي وهويتي أنا حضارتي لم تصنع في الغرب الأوربي وأثناء بحثي الطويل وجدت أن ثلث آيات القران الكريم تاريخ لماذا لا نحاول استنباط فرضيات أو نظريات لتفسير التاريخ عبر تفسير القران الكريم ونحاول تطبيق هذه النظريات على كتابة التاريخ الإسلامي ونبدع فيه وأنا أتمنى أن يطيل الله في عمري ويمنحني الوقت أن أبدا بمشيئة الله في هذا المشروع وتخطيطي أن يكون هذا المشروع في خمسة وعشرين مجلدا .

ماذا يمثل لك القلم ؟

- المتعبد لا يتمتع بشيء بقدر ما يقول سبحان الله وهو ساجد على الأرض أنا سجودي بقلمي أؤدي صلواتي وفروضي الخمس لكني أنا أرى أن المداد يعادل دماء الشهداء وعلى هذا الأساس أوقفت نفسي كليا في سبيل هذه الأمة لم يتبقى عندي أي هموم سواها و أتمنى حقا حين تباع نسخ الموسوعات التي لدي أن اشتري لمكتبتي مبنى وأصنع منها مركزا للدراسات التاريخية فمكتبتي فيها الآن أكثر من خمسة وثلاثين ألف عنوان تصلح لئن تكون نواة مركز ونحن امة الأوقاف لماذا لا نستأنف هذا وأنا دائما اردد كلمة اسمعها من زوجتي حين تقول لي سهيل الكفن ماله جياب ولا احد يحمل معه يوم القيامة إلا عمله وهذا رسولنا العظيم يقول يا فاطمة بنت محمد لن اغني عنك من الله شيئا الذي يغني هو رحمه الله ونتمنى شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم .

كيف تنظرون إلى المستقبل ؟

- أنا عملت مع التاريخ مطولا والتاريخ العربي والاممي وتاريخ أوربا في القرون الوسطى والآن تاريخ الحروب الصليبية أرى في المستقبل أن إسرائيل ستزول من الوجود عاجلا أم أجلا الآن تمتلك القوة الداعمة لها لكنها ستزول مثلما زال الصليبيون ، قرنين وحاولوا بعد ذلك وتحالفوا مع المغول وخططوا لكنهم فشلوا وعندما ظهر بين صفوف الأمة نور الدين صلاح الدين وبيبرس أناس نذروا أرواحهم لله تعالى تحقق النصر لأن كل الأمة باتت صلاح الدين ونور الدين وبيبرس إسرائيل لن يتاح لها البقاء وأنا قلتها في أكثر من مقابلة تلفزيونية لمحطات أجنبية أنها ستزول أن هذا الكيان المفروض بقوة السلاح سيزول أن السلاح سيزول فجنكيز خان دمر الدنيا لكن الصدأ أكل سيفه ونخره وانهارت الإمبراطورية أين هم مغول جنكيز خان لكن سيف المجاهد المسلم قوامه العقيدة والحضارة ولهذا بقى وكان سيفا للحفاظ على الحياة لا سيفا للقتل وستتحرر القدس وسيزول الكيان الصهيوني نحن الآن أكثر من ثلاثمائة مليون بعد بضعة سنوات سنصبح مليارا عدا عن الاثنين مليار مسلم ، عدد الإسرائيليين في العالم كان قبل حوالي عقد من الزمان أربعة عشر مليون الآن أصبح أقل هم في تناقص وأيضا التوريطات التي ورطها ورضاها المحافظون الجدد في أمريكا ستجلب الدمار الاقتصادي لأمريكا فالجيش الأمريكي الآن يعاني مما عانى منه وأقصى في فيتنام فقد تجاوزت نسبة الخدمات 60% وإذا عندك عشرة محسوبين بالقوات المسلحة لا تجد من العشرة ثلاثة يستطيعون أن ينزلوا إلى الميدان فيه مائة وخمسين ألف جندي أمريكي أو أكثر مقابلهم من بلاك وتر حراسات مائة وخمسون ألف أصلا الجيش هو الذي يحمي حمى الوطن ويقوم بالمهمات القتالية أما أن تجد جيش نظامي لأقوى دولة في العالم يتم حفظه من قبل مرتزقة هذه ظاهرة مرضية وظاهرة تستنزف الأموال والطاقات وتهدم كل النظام لأن كل واحد من عناصر البلاك وتر راتبه الأدنى ستمائة وخمسون دولار إلى ألف وثلاثمائة دولار هذا يعني أن كل واحد مع المرابحة والنفقات يصل راتبه إلى خمسة آلاف دولار في اليوم اضرب هذا العدد على مائة وخمسون ألف عنصر لذلك قيل أن نفقات حرب بوش حتى الآن تجاوزت الألفين مليار وأربعمائة مليون دولار بحياتها أمريكا لم تصل إلى هذا العجز وأنا كبشر لا اشعر بالشماتة وبالفعل اشعر بالحزن على فناء الإنسان أيا كائن ولي أصدقاء حتى من الأمريكان وأمريكا فيها شعب طيب لكن أنا احزن أن هناك بلد ينهار عوض أن يقوم هذا البلد بعناصره البشرية وبحضارته البشرية ليسعد العالم عوض أن يقتلهم أنا لا أريد الانهيار والموت لإنسان أنا أتمنى الحياة لكل البشر خالفوني عقائديا أو غيره فالهداية من عند الله تعالى فانا حين أسعى إلى هداية إنسان ما إلى الإسلام فهذا يعني أني أحبه لأنه باعتقادي انه عندما يدخل إلى الإسلام سيكون مآله الجنة وحين لا يدخل سيكون مآله النار إذن أنا أحبه حين ادعوه إلى الإسلام وبالفعل أنا لا أحب الانتقام والعالم كله الآن سأم من سفك الدماء طالما دخلنا عصرا المعرفة لتكن المعرفة في سبيل إنسانية أفضل هي ميدان التنافس والعطاء وكفانا صواريخ وأسلحة دمار شامل وإنفاق عسكري وغير ذلك الكوكب الأرضي لم يعد يحتمل وكلنا دفعنا هذا العام وقبله ثمن المتغيرات المناخية .

كيف تنظر إلى إلى موقف بني أمية التاريخي من آل بيت الرسول الكريم بكل صراحة ؟

غالبا ما اختلفت طرائق المؤرخين لدى بحثهم حول قضية من قضايا التاريخ ، كبرت أم صغرت ، وقد اعتمد بعضهم أسلوب السرد مع شيء من إثارة الخطابة ، وهنا لجأ بعضهم إلى الأسلوب الذرائعي ، بجعل القضية موضوع البحث شاهدا على فكرة او اطروحة لدى الباحث ، وهذا قد انتشر كثيرا وما زال منتشرا في الوطن العربي ، وساعد على بقائه ليس الحركات الدينية فقط ، خاصة في مصر ، بل الأسلوب الماركسي أيضا ، في إخضاع قضايا التاريخ إلى فرضيات مسبقة .

القرآن الكريم فيه مادة تاريخية وإخبارية كبيرة ، وهناك حاجة لجمع هذه المادة ومحاولة استخراج النظرية الإسلامية الربانية لتعليل التاريخ وتفسيره ، وهذا أمر أنا أعمل في مجاله المهم ، والذي استهدفه الآن معرفة الموقف القرآني من آل البيت ، للتوصل إلى التعرف إلى موقف الأسرة السفيانية الأموية وحلفائها من آل الرسول ، التي وراء حرمان الإمام علي كرم الله وجهه من الخلافة بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ، وصولا إلى فاجعة كربلاء ، حيث كان الهدف التصفية الجسدية لآل البيت ، أو بعبارة أخرى حين نقرن فاجعة كربلاء مع اجتياح المدينة المنورة ، ثم محاولة اجتياح مكة ، نجد أن السلطة التي اغتصبت حكم الأمة الإسلامية قامت بردة سلطوية رهيبة ضد الإسلام ، لكن إرادة الله جل وعلا كانت هي الأقوى ، وحكمها كان الحاسم .

الأحداث التي وقعت بعد انتقال النبي الى الرفيق الاعلى كثيرة جدا ، ليس ادناها البت يوم السقيفة بشأن السلطة من دون استشارة الامام علي ، ومع ذلك كان موقف الإمام علي ايجابيا ، فهو لم يرغب بالسلطة للتسلط ، بل لحمل الرسالة على الوجه الأكمل لانه بعد انتقال النبي الى الرفيق الاعلى بات الامام علي هو أعلم الناس بالاسلام .

حين وصل الامام علي الى الخلافة اراد تحقيق مشروع فيه إلغاء لجميع التجاوزات لاعادة الامة الى الطريق القويم ، في سبيل استئناف حركة الفتوحات ونشر الاسلام ولكنه اعيق اولا في البصرة ثم في صفين وذلك على الرغم من امتلاكه وحده الشرعية الصحيحة ومن دون الوقوف هنا عند احداث معركتي الجمل وصفين لعله تكفي الاشارة هنا الى ان الامام علي كرم الله وجهه استطاع بما أوتي من علم وحزم وفهم للاسلام ان يوجد شرعة قتال اهل القبلة وفيما هو يعمل في سبيل ايجاد حل لعصيان معاوية بن ابي سفيان اغتيل ، فبايع اصحابه ابنه الحسن ، ولكن الحسن آثر عدم متابعة القتال وتصالح مع معاوية بن ابي سفيان فيما عرف بعام الجماعة علما بأن الامام الحسين لم يكن راضيا عن هذه التسوية لكنه آثر عدم تسبب المشاكل لاخيه الاسن منه الحسن وانسحب الحسن إلى المدينة المنورة وهناك دس له السم من قبل زوجته بتحريض من معاوية .

استولى معاوية على مقاليد السلطة وادعى لنفسه لقب الخلافة واراد عبثا منافسة آل البيت النبي صلى الله عليه وسلم فلقب نفسه بخال المؤمنين ، وبعدما احتكر الحكم سعى الى تأسيس اسرة ملكية ترتبط به شخصيا لا بعشيرته ولذلك خالف الشريعة وقواعد الاخلاق العربية واستلحق زياد بن ابيه بنسبه وسلطه على العراقيين وخاصة على مدينة الكوفة فساسها بالسيف والنار والنفي واراد اجتثات المناصرين لآل البيت النبوي فاعتقل الصحابي الجليل حجر بن عدي وارسله نحود دمشق مع مجموعة من اصحابه وعندما وصل هؤلاء الى مرج عذراء خارج دمشق قام رجال معاوية باعدامهم من ون ذنب او محاكمة وبذلك خيل لمعاوية انه اجتث انصار آل البيت من العراق فكان ان ذهب الى الحجاز وتوعد هناك ابناء الصحابة وتهددهم وارادهم على بيعة ابنه يزيد وخوفهم من الاعدام بلا تردد .

وكان يزيد يبغض الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما ، ويكره الأنصار وبعدما تولى السلطة بعث إلى واليه على المدينة يطلب منه اعتقال الحسين إن رفض أن يبايعه أو قتله وحينما دعا الوالي الإمام الحسين إليه كان الحسين محترزا أحاط نفسه بحراسة ورفض البيعة وهذا حقه لا بل واجبه لأنه إمام المسلمين وان عليه جمع الخلافة مع الإمامة .

غادر الإمام الحسين المدينة إلى مكة ، وهناك تلقى دعوات متوالية من أهل الكوفة يدعونه للقدوم إليهم وكان الموقف دقيقا وقد زاره بعض السادة من أبناء الصحابة يعرضون تأييدهم عليه ويقرون بأولويته ويقدمون له النصيحة كل حسب اجتهاده ، وكان رضي الله عنه مدركا لواجباته وانه الإمام الحق وعليه العمل للوصول إلى الخلافة وتولي شؤون المسلمين وإعادتهم إلى طريق القرآن الكريم طريق جده المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو لم يكن فقط السبط الوحيد لآخر الأنبياء بل كان أيضا وارث علم أبيه وجده وان عليه الاستجابة للدعوات التي وجهت إليه لا بل كان متوجبا عليه حمل أعباء المسؤولية التي آلت إليه بقرار الهي واجب التنفيذ فجده المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما كلف بالرسالة حمل المهمة بأمانة وشجاعة وإخلاص وحين قيل له ( أصدع بما تؤمر ) أعلن الدعوة إلى الإسلام وكان همه الوحيد إرضاء الله تعالى وهكذا بات الآن موقف الحسين عليه السلام ، فالرسول صلى الله عليه وسلم حين قرر الهجرة إلى المدينة بعث بمصعب بن عمير ليحضر له الأجواء ومثل هذا فعل الإمام الحسين أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة للتحضير لقدومه وكان يحق للإمام الحسين السفر إلى حيث أراد وهو بالوقت نفسه لم يعلن الثورة ضد يزيد بن معاوية لأنه لم يكن معترفا بحكم يزيد ولا بحكم أبيه من قبله بل هو نهض للقيام بما توجب عليه .

يستشف من مختلف المصادر انه كان عارفا بقرار سلطة يزيد بتصفيته وأسرته جسديا وحين نصحه بعضهم باللجوء إلى جبال اليمن أو أماكن أخرى أو البقاء في مكة كان متيقنا من أن سلطة يزيد لا تحترم الحرمات مهما كان نوعها يضاف إلى هذا أن هذه السلطة امتلكت الجيوش الجرارة والأموال الطائلة وهو لم يكن يمتلك لا المال ولا الجند وقدر أن من المناسب السفر نحو العراق وكانت عيون يزيد منتشرة في كل مكان توافيه بأخبار الحسين ساعة بساعة وحين علم يزيد بمغادرة الإمام الحسين مكة وبوجود مسلم بن عقيل في الكوفة كلف عبيد الله بن زياد بولاية الكوفة وبقتل الإمام الحسين مع من رافقه من آله وهدده إن لم يفعل ذلك بإلغاء قرار أبيه معاوية بإلحاق زياد ابن أبيه بنسبه .

تمكن ابن زياد من البطش بمسلم بن عقيل وبكل من ساعده وكان لديه عمر ابن سعد بن أبي وقاص مكلفا بعمل وولاية ، فطلب منه التوجه على رأس جيش كبير ضم عدة آلاف للتصدي للإمام الحسين ، وتهدده أن رفض بعزله عن الولاية أي استخدم الوسيلة نفسها التي كان يزيد قد استخدمها معه حين تهدده بإلغاء انتساب أبيه إلى أبي سفيان ، وانصاع عمر بن سعد للأوامر وأردفه ابن زياده بقوات جديدة ، جلها من الأعراب الأجلاف مثل شمر بن ذي الجوشن وخولي بن يزيد الاصبحي حيث أن خولي هذا هو الذي حز رأس الإمام الحسين .

جيش عمر بن أبي وقاص قد تجاوز العشرين ألفا ، حين التقى بركب الإمام الحسين فمنعه الماء أولا، وأراد محاصرته ومنع الأطعمة عنه ، حتى يتمكن من اعتقاله ولكن التعليمات جاءته بقتل الحسين وآله ، فقد كتب ابن زياد إليه مع شمر بن ذي الجوشن يقول : ( أما بعد ، فإني لم أبعثك إلى الحسين وآله لتطاوله الأيام ، ولا لتمنيه السلامة والبقاء ، .. ازحف إليه ، فانه عاق شاق ، فإن لم تفعل فاعتزل جندنا وخل بين شمر ذي الجوشن والعسكر ) وكتب إليه أيضا : ( امنع الحسين وأصحابه الماء ، فلا يذوقوا منه حسوة ) ونفذ عمر بن سعد الأوامر وهاجم آل البيت النبوي بجيشه الكبير فاقترف أعظم جريمة عرفها تاريخ الإسلام والإنسانية .

كان عمر بن سعد بعدما نفذ المذبحة الرهيبة لم يقم بدفن أجساد الشهداء فتولى دفنهم سكان جوار كربلاء ولئن كان موكب رؤوس الشهداء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمه من كربلاء إلى الكوفة رهيبا لقد كان ذهاب الموكب إلى الشام إلى عند يزيد بن معاوية أكثر رهبة فقد كان الطريق نحو دمشق هو طريق الآلام حقا طريق لم يعرف مثله آل البيت والشهداء بالقداسة ، ولذلك تحولت جميع محطاته إلى أماكن مقدسة نسجت حولها روايات ملحمية مؤثرة مثل الحكايات حول جبل جوشن في حلب ومشهد السقط ومشهد جبل زين العابدين إلى الشمال من مدينة حماة ولكن المشاهد الأعظم كانت في دمشق وعلى مقربة من قصر الخضراء مقر السلطة السفيانية الأموية وكان مما ورثته السلطة السفيانية الأموية عن الدولة البيزنطية ، عادة التشهير بالمقتول من أعداء السلطة بوضع رأسه على سنان رمح مع كف يده اليمنى ، وكان يقف جندي باللباس الرسمي فيمسك الرحم بيده ، عارضا إياه في أهم ساحات المدينة وكانت الساحة الأهم أيام يزيد قرب قصر الخضراء وكنيسة يوحنا المعمدات التي صارت المسجد الأموي وفي ذلك الجوار جرى إنزال ثكالى آل البيت ولا شك أنهن كن يبصرن رأس الإمام الحسين المعروض وكان بينهن صبية صغيرة السن هي رقية بنت الحسين ، وهنا ليتصور الآلام التي عانتها هذه الحفيدة النبوية الطاهرة ولكن إرادة الله جلت قدرته أعظم من قدرة يزيد وغير يزيد ففي موضع إقامة نساء المصطفى صلى الله عليه وسلم مقام الآن بناء مسجد جميل على ذكرى السيدة رقية .

لقد زالت من دمشق جميع المعالم التي لها علاقة بيزيد بن معاوية ليس فقط لأن يزيد لم يعمر طويلا بعد كربلاء ثم اجتياح المدينة المنورة بل لان أهل دمشق تمسكوا بعقيدة الإسلام عن قناعة وإخلاص فكل مسلم مندوب لحب آل البيت بناء على أوامر الله عز وجل وتقليدا لحب المصطفى صلى الله وسلم لسبطيه والأحاديث الصحيحة حول هذا كثيرة جدا من ذلك :
- اخذ النبي صلى الله عليه وسلم بين الحسن والحسين فقال : (( من أحب هذين وأباهما وأمهما فانه معي في درجتي يوم القيامة )) .
- ... (( أجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين على فخذيه وفاطمة في حجره واعتنق عليا ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ))
- عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل عليا والحسن والحسين وفاطمة كساء وقال هؤلاء أهل بيتي وخاصتي اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا )) .
- نزلت ( إنما يريد ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) في خمسة ، في : (( رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي ، وفاطمة والحسن والحسين )) .
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا شجرة ، وفاطمة أصلها وفرعها ، وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرها وشيعتنا ورقها ، والشجرة وأصلها في عدن والأصل والفرع واللقاح والورق والثمرة في الجنة )) .
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا )) .
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ))
- عن جابر قال : دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي على أربع والحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره وهو يقول : (( نعم الجمل جملكما ، ونعم العدلان أو الحملان أنتما )) .
وكان بعدما جرى عرض رأس الحسين في دمشق حمل هذا الرأس الشريف ليطاف به في بلدان فلسطين ومصر ولذلك حين اختلف الناس حول المكان الذي دفن فيه الرأس ادعى كل بلد عرض به شرف ذلك وهذا يعني أن دم الحسين وحد أمة الإسلام وطالما انه نجح في هذا فقد كان هو المنتصر وان الهزيمة لحقت بالطاغية والطغيان ومنذ استشهاد الإمام الحسين اتخذه المسلمون مثلهم الأعلى فآثروا الشهادة على الاعتراف بشرعية اغتصاب السلطة وما زال المسلمون متخذين إياه مثلهم الأعلى قلدوه في إعماله وفي فكره وسلوكه ولسوف يستمرون هكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وقد شهدنا وشهد العالم اجمع كيف استطاعت مجموعة صغيرة من المسلمين التي سارت على درب الحسين أن تلحق الهزيمة بالجيش الصهيوني الذي يعد الأقوى في الشرق الأوسط ومع التأكيد على أن الإمام الحسين هو إمام المسلمين جميعا نهض في سبيلهم ومثل بسيرته الإسلام وجده المصطفى صلى الله عليه وسلم وأبيه الإمام علي كرم الله وجهه وهو حين توجه من مكة نحو الكوفة لم يكن على رأس جيش ولم يكن يريد قتال احد من المسلمين بل أراد جمع شمل المسلمين بعدما مزقهم الطغيان وأراد إزالة الظلم والاستغلال وتبديد أموال المسلمين فبفضل ذلك كان يمكن للمسلمين استئناف أعمال الجهاد ودعوة الناس إلى الدخول بالإسلام من دون إكراه فالإسلام آمن بحرية المعتقد ودعا الناس إلى كلمة سواء وان لا يعبدوا إلا الله ولا يشركوا به شيئا والإسلام دين حرم سفك الدماء بغير حق لأن (( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا )) ( المائدة : 32) وآمن الإسلام بالحوار وقرع الحجة بالحجة بدلا من قرعها بالسيف وفي القرآن الكريم حاور النبي إبراهيم عليه السلام رب العزة ونقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير ) ( الحجرات : 13) ومما لا شك فيه أن الإمام الحسين كان في أيامه اتقى الناس ، وهو حين خرج نحو الكوفة آمن بتعارف الناس على أساس التقوى لا على أساس التسلط والجبروت وسفك الدماء واستغلال السلطة للردة على الإسلام وان المسلمين الذين تعلموا من الني صلى الله عليه وسلم واقتدوا بسيرته كما مثلها الإمام الحسين صاروا الأمة الوسط فاستحقوا أن يكونوا شهداء على الناس واستحقوا الاستخلاف في الأرض فقد ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ) ( النور : 55 )
وفي الحقيقة صلح الإمام الحسين بمجمل سيرته وبشجاعته وبتضحيته في سبيل أمة جده أن يجمع بين الإمامة والخلافة فوقتها كان سيحكم بالحق وإذا كانت أجيال أمة الإسلام اتخذته مثلها الأعلى نحن الآن بأمس الحاجة لهذا المثل الأعلى حتى نوحد بين صفوف المسلمين جميعا وان نوقف الاقتتال فيما بينهم وان نحاور الناس ونضرب المثل بسيرة الإمام الحسين وسيرة أبيه وجده وان نتمسك بموقفه الشجاع فهو آثر الشهادة على الذل ورفض الاعتراف بشرعية الأمر الواقع التي ملها يزيد والتي تمثلها الصهيونية البغيضة في هذه الايام الصهيونية التي تحتل القدس والأراضي العربية في بلاد الشام وصحيح أن الإمام الحسين لم يصل إلى السلطة لكن نحن لدينا سيرته التي تصلح أن تكون دستورا لجميع المسلمين والبشر أجمعين .
وفي يوم القيامة سوف يكون شفيع الحسين والذين استشهدوا معه النبي صلى الله عليه وسلم ويروى أن ابن زياد دعا الصحابي نضله بن عبيد الاسلمي المعروف بأبي برزة فسأله : (( كيف ترى شأني وشأن حسين يوم القيامة ؟ قال وما علمي بما يصنع الله يوم القيامة ؟ فقال لك الأمان أن لا أضيرك ، ولكن أخبرني برأيك ، فقال : أما إذا سألتني عن رائي أن يشفع لحسين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن لك زياد )) ، وهذا أمر طبيعي لأن (( الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين )) ( الجاثية : 19) وهناك إجماع بين المسلمين على أن أول (( ذل دخل على الإسلام قتل الحسين وادعاء معاوية زيادا )) .

ولا ريب أن من كان شفيعه يوم القيامة النبي صلى الله عليه وسلم سوف يؤتى كتابه بيمينه ، ويا ويل الذي اعتز بالسلطة مثل ابن زياد فهو سيؤتى كتابه بشماله ، والله جلت قدرته يقول : ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هآؤم اقرءوا كتابيه ، إني ظننت أني ملاق حسابيه . فهو في عيشة راضية . في جنة عالية .قطوفها دانية . كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية . وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه ولم ادر ما حسابيه ياليتها كانت القاضية . ما أغنى عني ماليه . هلك عني سلطانيه . خذوه فغلوه . ثم الجحيم صلوه . ثم في سلسة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه . إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ).

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

سرقتني من نفسي بهالحوار قريته مرتين لانه يحتاج لتركيز ولقيته وايد غني بالمعلومات الثقافية والتاريخية حور ممتع وقدرة ممتاز على ادارة الحوار اخوي خالد انت مبدع

مشكور على اثراءنا

اختك

ندى

Unknown يقول...

الاخت العزيزة ندى هو حوار طويل ومرهق في القراءة بلا شك لكنه زاخر بالمعلومات القيمة ويجعل المرء منا يتفكر فيما كان جيدا ويفاضل بين الصحة والخطأ فيما ورد

لك أصدق التقدير على حسن قراءتك

أخوك