الثلاثاء، 23 فبراير 2010

لقائي مع الأديبة السعودية سمر المقرن صاحبة " نساء المنكر "








جمعني حوار صحفي مع الروائية السعودية سمر المقرن قبل عدة أشهر نشر في الصحيفة الرسمية والحقيقة أني رأيت أن من حقكم الإطلاع على الحوار والتعرف عن قرب على كاتبة رواية " نساء المنكر " الزميلة الصحافية في صحيفة أوان الكويتية والروائية السعودية سمر المقرن التي أثارت روايتها الحنق والغضب من المتشددين في المملكة ونالت الإعجاب من المتنورين داخل المملكة وخارجها ,

بعيدا عن الصحف والمجلات سأترككم مع الحوار كما هو بدون تلميع أو تزويق .


أترككم مع سمر المقرن . وأنا .. في هذا الحوار

في بداية الحوار اعلنت أمامي الكاتبة الصحافية والروائية السعودية سمر المقرن أنها ستنتقد في روايتها القادمة من يسمون أنفسهم بالليبراليين في السعودية الذين ينظرون إلى المرأة باعتبارها "ماكينة تفريخ " ووسيلة للترفيه والمتعة والجنس فقط.

وأشارت المقرن إلى أنها أرادت عبر رواية "نساء المنكر" أن تكشف الهوة الشاسعة بين المرأة وبين السلطة من جهة وبين المرأة وبين المجتمع من جهة أخرى.

وأوضحت المقرن أن إشكالية المرأة الكاتبة ليست مع الرجل عموما، إنما مع الصورة التي أنتجتها الموروثات الثقافية والسائد الاجتماعي للرجل في الجزيرة العربية.


واعترفت الكاتبة السعودية أنها لم تكن تتوقع النجاح الباهر الذي حققته رواية "نساء المنكر" قائلة "في الحقيقة لم أتوقع لها كل هذا النجاح، نعم كنت أتوقع أن تثير ضجة وتهز الأوساط الأدبية والثقافية في السعودية، لكن على مستوى المبيعات لم أكن أتوقع ذلك، لكنها حققت كل هذا، فأنا الآن فعلا أعيد طباعتها للمرة الثالثة، والرواية لم تكمل سنتها الأولى بعد، فقد كانوا يقولون إنني كاتبة جديدة ولن أحقق شيئا على مستوى المبيعات، لكنني نجحت حتى في هذا المستوى وحققت مبيعات جيدة".



وفيما يلي نص الحوار:

خالد العلوي : لماذا نلاحظ أن الرواية النسوية في السعودية أصبحت تشبه الـ "توسونامي"، لكثرة الإصدارات الروائية من جانب ولجرأة الرواية التي تكتبها المرأة السعودية من جانب آخر؟

المقرن: الرواية السعودية اليوم لم تعد تعبأ بمكونات العمل الروائي السابق عليها شكلا ولغة وتوجها، وكتبت نصها الخاص الصادم للسلطة بمختلف أشكالها والمعبر عن مرحلة زمنية مختلفة في معطياتها، فجاءت النصوص مغامرة حاملة توجها جديدا في الكتابة الروائية على مستوى اللغة وأساليب السرد في التعبير والإفصاح والمكاشفة حول قضايا المرأة الاجتماعية والفكرية في مجتمع تقليدي انتقائي ومن دون الوقوع في ظلمات التجريب، فاحتضنت الشبكة العنكبوتية كثيرا من الروايات الجريئة التي تكتبها السعوديات عبر المواقع بأسماء مستعارة، وعبر حلقات يومية أو أسبوعية لتجس بذلك نبض القارئ وتقيس ردود أفعاله من وراء حجاب كما حدث مع "أنت لي" لتمر حنا ورواية "الأوبئة" لوردة عبدالملك ورواية "بنات الرياض" لرجاء الصانع.


كل العوامل السابقة ابرزت روايات نسوية تمحورت حول معاناة المرأة وسيطرة القيم الذكورية على المجتمع السعودي، ويمكن أن نصفها بانتفاضة الرواية النسائية وليس تسونامي الرواية، فالمرأة السعودية في انتفاضاتها حملت الكم والكيف الذي اتسم بغزارة الإنتاج نتيجة للتطورات التي شهدها المجتمع في الأعوام الأخيرة، وبسبب دفاعها المستميت عن حقوقها التي ظلت لأمد طويل معلّقة في سلة الأعراف والقيم الذكورية، لهذا تجد أن معظم الروايات النسائية أو النسوية التي تطالب بحقوق المرأة تتسم بالجرأة.


خالد العلوي : لكن هذه الجرأة أحدثت تصادما مع قيم تعارف المجتمع عليها، وشرخا في مفاهيم العلاقة النمطية والتقليدية بين الرجل والمرأة في المجتمع، خصوصا أن بعض الروايات حملت مصطلحات لم يألفها المجتمع كالشذوذ في رواية "الآخرون" لصبا الحرز مثلا، والجنس في روايات نسائية سعودية أخرى؟

المقرن: الرواية النسوية في السعودية أحدثت بشكل عام صداما مع المجتمع السعودي، لأنها خرجت أولا بقوة، ولأنها ثانيا جاءت بشكل مفاجئ لتعلن خروجها عن المنظومة المعقدة، فهناك أكثر من 150 رواية جديدة كلها خرجت وتحررت من قيود العادة والتقليد والموروث التي كان الكاتب يعانيها، والتي ظل ردحا من الزمن أسيرا لها، فهناك فرق بين الكاتب الذي يكتب وهو يرى ضميره والكاتب الذي يكتب وهو يرى الناس ماذا سيقولون عنه وكيف ستكون ردة فعلهم بعد القراءة، كما اننا لا نكتب عن الجنس للكتابة عنه، لكننا نكتبه حين يستدعي النص ذلك وتستدعيه الضرورة، ولا نكتبه لمجرد التجارة أو الجرأة أو التعدي أو لمحاربة العادات أو القيم أو لغاية في نفس يعقوب.


فرواية بنات الرياض لرجاء الصانع مثلا جاءت زاخرة بالأحاسيس الأنثوية، واعتمدت على كشف المستور في عالم الفتيات المنتميات إلى الطبقة المخملية وفضح أسرار هذا العالم، أما رواية "الآخرون" لصبا الحرز، فكشفت، بجرأة، العلاقات الشاذة في المجتمع من خلال بطلة في عمر المراهقة تتعرض للاستغلال من قبل معلمتها، وتفتح الرواية بابا للتساؤل للجيل الذي عاش كل نتاج المرحلة والتغييرات اللاحقة من دون أن يمتلك معرفة كافية تتيح له فهم ما يجري.


صبا الحرز أرادت أن تقول في روايتها إن الفتاة السعودية قد لا تكون شاذة جنسيا من الناحية البيولوجية، لكنها أرغمت على ذلك بسبب الكبت والعيش داخل العالم الواحد.


خالد العلوي : وماذا عن سمر المقرن حين كتب روايتها الأولى "نساء المنكر"، ماذا أرادت أن تقول وماذا وضعت أمامها وماذا رأت، خصوصا أن الرواية تعد انقلابا على العرف السائد والموروث أيضا؟


المقرن: كتبت "نساء المنكر" وأنا أعيش داخل المأساة التي تعانيها المرأة السعودية عموما، كتبتها وأنا أعيش المعاناة وأراها وأشعر بها، واضعة جميع النساء المغلوبات على أمرهن أمام عيني، من خلال الأبطال الذين تحدثت عنهم الرواية، وسعيت إلى طرح رؤية تصب في نهر الكتابة النسوية العربية، حاولت أن أثقلها بالجرأة على اختراق التابوهات التقليدية والاشتغال على المسكوت عنه في المجتمع السعودي، من خلال طرح إشكاليات إنسانية تمثل المرأة عبر علاقاتها الرئيسة بعناصر البيئة المحيطة، أردت أن أكشف عن تلك الهوة الشاسعة بين المرأة وبين السلطة من جهة وبين المرأة وبين المجتمع من جهة أخرى، فتتعرض بطلة الرواية للسجن والاضطهاد بسبب علاقة عاطفية.


خالد العلوي : ما هي إشكالية المرأة الكاتبة مع رجل الجزيرة العربية المتمسك بعاداته وتقاليده المحافظة في رأيك؟

المقرن: إشكالية المرأة الكاتبة ليست مع الرجل عموما، إنما مع الصورة التي أنتجتها الموروثات الثقافية والسائد الاجتماعي للرجل في الجزيرة العربية، إذ دفعت هذه الصورة إلى تنميط العلاقة بين الرجل والمرأة في النص الروائي الذي تنتجه الكاتبة، فالكاتبة اتخذت من خطابها الروائي وسيلة للدفاع عن ذاتها، متكئة على الذاكرة كمخزون ثري للحوادث والمشاهدات الحياتية، فضلا عن أن شيوع نظريات النقد النسوي وتحديد مفهوم مصطلح الكتابة النسوية حمل خصوصية أبعد مما تحمله دلالة الكاتبة النسائية، وأدى إلى ظهور العديد من النصوص والدراسات الداعية الى تبني خطاب جديد يشتغل على مناهضة العنصرية الجنسوية في الوقت الذي لا ينكر فيه خصوصية التجربة الأنثوية في الكتابة والأدب والثقافة.


خالد العلوي : هل ترين أن السلطة في السعودية تدعم الانفتاح الثقافي بكل أنواعه، أم تقف سدا منيعا في وجهه؟

المقرن: الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود منذ أن تسلم مقاليد الحكم وهو يحث على حرية الرأي، وأكبر دليل على ذلك أنه أصدر قرارا في يوم عيد بإلزام المسؤولين بالرد على جميع الأسئلة الصحافية المنشورة في الصحف اليومية، وهم الذين كانوا بالأمس لا يردون عليها ويتجاهلونها، فجاء الملك وألزم جميع المؤسسات بالرد والتفاعل مع المؤسسة الإعلامية في السعودية.


خالد العلوي : علمنا أن مقص الرقيب قد طال روايتك نساء المنكر، وقد منعت من دخول الكويت، هل هذا حقيقي ولماذا؟


المقرن: أنا علمت ذلك أيضا، لا تسألني وأسألهم، فأنا لا أعلم لماذا.


خالد العلوي : وماذا عن جديد الروائية سمر المقرن؟


المقرن: أنا حاليا أعكف على كتابة رواية جديدة، لكنني أفضل أن تبقى تفاصيلها طي الكتمان.


خالد العلوي : وماذا إن طلبت منك معرفة تفاصيلها؟


المقرن: لا أستطيع أن أرد لك طلبا أنت وجميع المهتمين بالمسيرة الثقافية في الخليج تحديدا والعالم العربي عموما، وأقول " إنني في روايتي الأولى تطرقت إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكنني في روايتي الجديدة سأتطرق إلى من يسمون أنفسهم بالليبراليين في السعودية من الذين يتمسحون بالليبرالية وهم أبعد ما يكون عنها، فالليبرالية تعني الحرية وتعني الانفتاح، وهذا مطلب أساسي للبشرية تضمنه الدين الإسلامي أيضا، لكنهم ينظرون إلى الليبرالية من الجانب التنظيري فقط، فعلى أرض الواقع، كل تلك التنظيرات تتبخر وتعد كلاما على ورق، كما أنهم ينظرون إلى المرأة باعتبارها ماكينة تفريخ أو أنها وسيلة للترفيه والمتعة والجنس فقط، وينظرون لها نظرة لا أخلاقية، لهذا سأناقش هذه القضية في روايتي الجديدة.


خالد العلوي : هل توقعت لروايتك "نساء المنكر"، أن تحقق كل هذا النجاح، خصوصا أنك تعيدين طباعتها للمرة الثالثة، بعد أن نفدت الطبعتان السابقتان من السوق؟


المقرن: في الحقيقة لم أتوقع لها كل هذا النجاح، نعم كنت أتوقع أن تثير ضجة وتهز الأوساط الأدبية والثقافية في السعودية، لكن على مستوى المبيعات لم أكن أتوقع ذلك، لكنها حققت كل هذا، فأنا الآن فعلا أعيد طباعتها للمرة الثالثة، والرواية لم تكمل سنتها الأولى بعد، فقد كانوا يقولون إنني كاتبة جديدة ولن أحقق شيئا على مستوى المبيعات، لكنني نجحت حتى في هذا المستوى وحققت مبيعات جيدة.


خالد العلوي : وهل من جديد في الطبعة الثالثة؟

المقرن: في الطبعتين الأولى والثانية، لم أضع أي نبذة أو سيرة شخصية لأنني أحببت أن يطلع القارئ على الرواية وأن يقرأها وهو في معزل عن هوية الكاتبة وشخصيتها أو سيرتها، أحببت أن يقرأ الرواية من دون أن ينطلق في حكم مسبق عليها من الهوية والسيرة، لكنني هذه المرة وافقت على وضع نبذة عني، كما وافقت على تغيير شكل الغلاف الخارجي لها.


خالد العلوي : كيف تقيّمين التجربة الثقافية والروائية في الكويت؟

المقرن: لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الرئيس التي أدته الكويت في مجال الثقافة والفن بشكل عام من شعر ورواية ومسرح وصحافة وتقدمها على جاراتها في دول الخليج في جميع ذلك، فالكويت لها باع طويل في تجربة ديموقراطية أثرتها وأثرت مسيرتها الثقافية والأدبية والفنية، ولا أخفيك سرا أنني حين زرت الكويت للمشاركة في ندوة فيها شعرت بالرهبة للمرة الأولى، وأنا التي وقفت وشاركت مرات عدة في ندوات ثقافية في بلدان مختلفة، لكنني هذه المرة أجد نفسي خائفة لأنني أعلم أنني في بلد معتق بالثقافة وبالأدب وبالذائقة الرفيعة المستوى لكل ما يقال ويكتب.

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

جميل هذا الحوار استهواني فعلا

لك الشكر على امتاعنا دوما

الزامل

غير معرف يقول...

رائع بجميع حالاتك حتى وانت محاور وحتى وانت الحوار

Unknown يقول...

نتمنى عموم الفائدة

جوزيتم خيرا