الجمعة، 16 أكتوبر 2009

قناع التأسلم ( الكويت أنموذجا )



المتأسلمون لا يؤمنون بالديمقراطية كنهج يؤمنون بها كوسيلة

الفارق كبير بين أصولية وأخرى


لا يمكن لأي مراقب سياسي بصير ومطلع على خبايا وخفايا وأهداف وأعمال الأصولية الإسلامية في العالم العربي والإسلامي أن يطلق على جميع التيارات والحركات المنتمية إليها حكما عاما يشملها جميعا كونها تختلف حسب تاريخها ومعتقدها وجغرافيتها والظروف السياسية والاجتماعية والمحلية الخاضعة لها . إذ لم لا يمكن أن يقول أي مراقب للمشهد السياسي في الكويت مثلا أن تلك الحركة المتأسلمة شبيهة بتلك الحركة المتأسلمة الأخرى إلا في بعض القضايا المشتركة المتعلقة بالأصول عدا ذلك فالفارق كبير في الفروع بين الواحدة والأخرى فما تقبله حركة أصولية في دولة ما قد ترفضه حركة أصولية في دولة أخرى وما تؤمن به ثالثة في زمن ما تكفر به رابعة في زمن آخر وما تقدمه خامسة من فتاوى في قضية ما ترفضه سادسة برفعها فتاوى تنقض تلك التي قدمت والدليل ما شهدته الساحة الكويتية مؤخرا من تصريحات نارية واقتتال وانقسام بين بعض الحركات المتأسلمة الأصولية على خلفية قضية شراء أصل الدين وإسقاط القروض وغيرها من القضايا التي جعلت كل أصولية تعارض أختها وتزعم أنها أحق بالدين وبالسماوات وبالله وبالجنة من غيرها .

المراقب للمشهد السياسي في الكويت لا يدان أن أطلق بعض أحكامه على بعض هذه الحركات كونها خاضعة لنفس المكان والزمان والجغرافيا والظروف الاجتماعية والسياسية ولكونه يراها ويتلمسها عن قرب ويرى ما تفعله بعض الحركات المتأسلمة من متاجرة بورقة الدين .

الدين عند المتأسلمين قناع

التاريخ البشري يؤكد أنه لا شيء أنجع وأخطر وأسرع من ورقة الدين في السيطرة والانتشار على المجتمعات المتدينة أيا كانت يهودية مسيحية مسلمة كون الدين جزء لا يتجزأ من فكرها وسلوكها الأمر الذي جعل بعض تلك الأصوليات تجد في الدين ضالتها المنشودة ولهذا لبسته قناعا واتخذته حجة لكل عمل تعمله ولكل قول تقوله حتى وإن جانبها الصواب فمن خلال الدين تستطيع أن تدخل إلى كل البيوت وأن تقنع الآخرين بما تشاء الأمر الذي أعطى تلك الأصوليات فرصة واسعة للانتشار والتغلغل في طبقات المجتمع بعد أن جعلها تنمو بسرعة تحت سمع وبصر الدولة من خلال بنائها لشبكات اجتماعية تشمل حضانات للأطفال ومدارس لتعليم القرآن ومؤسسات اجتماعية وإصلاحية وأنشطة رياضية وثقافية تقوم بها وتشرف عليها وتتغلغل من خلالها إلى كافة شرائح المجتمع لفرض الوصاية والسيطرة عليها عن طريق الترغيب بعد أن فشلت في تطويعها عن طريق الترهيب إذ أن هذه الشبكات الاجتماعية ليست أكثر من قناع تلبسه وتمارس من خلاله عملها الأصولي المتشدد والمتزمت .

تناقض التأسلم

في الانتخابات الأخيرة في الكويت وفي زحمة القضايا المطروحة على الساحة الانتخابية أطلت بعض الحركات الأصولية والمتأسلمة عن طريق مؤسساتها أو عن طريق ندواتها الانتخابية وتصريحاتها بتصريحات وآراء تخالف العرف الاجتماعي السائد وتخالف مواد الدستور في المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وتخالف مبدأ الحرية والديمقراطية فتلك أصولية خرجت لتؤثم كل من صوّت للمرأة فهي من جانب تحرّم التصويت للمرأة ومن جانب آخر تطلب من المرأة أن تصوت لها ومن جانب نقيض تماما تحتقر المرأة ومن جانب براغماتي بحت تحتاج لصوتها ودائما في كل ما تفعل وتقول ترى أنها على حق دائم وغيرها على باطل حتى وان قادها هذا التصرف والقصور المشين في الوعي الى ان تخسر اخا كريما أو اخت كريمة او مصلحا اجتماعيا صالحا أو مصلحة اجتماعية فاضلة رشيدة وكفؤة على الجانب الآخر .

ما يكشف القناع

المراقبون لأعمال هذه الحركات المتأسلمة يعتقدون بأن ما يفضح عملها ويكشف قناعاها الذي تختبئ خلفه أنها تمارس العمل السياسي والحزبي وهي من الداخل ترفضه وتقسم على العمل بالدستور وهي من الداخل تحنث بالقسم لأنها تظهر غير ما تبطن وهذا ما صرحت به أيضا حركة سياسية متأسلمة حين أكدت بأن قسم النواب الإسلاميين على الدستور قسم يحتوي على مواربة فالنائب المتأسلم يقسم بالظاهر بعكس ما يضمره بالباطن وهذا ما يجعل المراقب للمشهد السياسي يؤكد أن ما يجعل تلك الحركات المتأسلمة أن تفعل ما تفعل وتجيز ما تجيز كونها تجد أن في يدها ورقة رابحة وهي ورقة الدين وعليه هي تحلل كل الوسائل لنفسها لأنها تسعى إلى غاية أسمى في نظرها وهي استلام السلطة والسيطرة على مجريات ومقدرات البلد وإعادة المجتمع إلى النفق الضيق الذي تعيش وتعمل من خلاله بعض الأصوليات والحركات المتأسلمة .

المتأسلمون يشبهون دون كشوت

المتأسلمون عموما وفي كل مكان لا يؤمنون بالعمل الديمقراطي ولا بالتعددية السياسية كنهج لكنهم يؤمنون بها كوسيلة تبرر غايتهم المغلفة بالمواقف والأقوال المخالف أكثرها لما يبطنون والدليل ما تفعله بعض التيارات الأصولية المتشددة في تعاطيها وتعاملها مع بقية التيارات التقدمية في الشأن السياسي والثقافي والاجتماعي فانعدام الوعي في العقليات التي تشكل وتخلق القرار الديني والسياسي والثقافي في الجانب الأصولي يجعلها تتعامل مع بقية التيارات التقدمية والتيارات الوطنية الأخرى بوعي قاصر لا يحتوي ولا يتفهم الخطاب السياسي والديني والثقافي عند الطرف الآخر وهم بذلك يشبهون وعي دون كشوت في قتاله لطواحين الهواء, ولانه -دون كشوت- لم يفهم ولم يحتو الآلية التي تحكم الطواحين ثار عليها, و راح يحاربها . وهذا ما تفعله بعض التيارات الأصولية والمتأسلمة في تعاطيها وتعاملها مع الشأن السياسي سواء من خلال عملها تحت قبة البرلمان أو من خلال تعاطيها السياسي مع التيارات التقدمية والوطنية الأخرى أو من خلال حملاتها وندواتها الانتخابية فهي حين لم تفهم آلية عمل الآخر النقيض لها وشمول نظرته راحت تحاربه لمجرد أنه تقدمي وليبرالي ومعتدل ووسطي.

الدين والقبيلة

المسيرة الديمقراطية في الكويت تحديدا نجحت بفضل التقدميين في تحقيق قفزات نوعية في الماضي لأنها كانت تسمع وتعي وتفهم وتدرك وتحلل كل ما يصدر عن القرار السياسي والديني من فائدة ومنفعة بعكس ما تشهده المسيرة الديمقراطية اليوم التي اختلطت فيها ورقة الدين مع القبيلة وورقة الموروث مع المعروف بسبب الممارسات التي صدرت من بعض المتأسلمين من أبناء القبائل وربطوها بالدين وبهذا اختلطت بمفاهيمه وهي ممارسات وموروثات مغلوطة لا تعدو كونها عادات جبلت عليها بعض طوائف وقبائل المجتمع والدين منها براء .

ميزة التقدميين

من الأضداد تعرف الأشياء وفي العمل السياسي إن كانت الأضداد تتفاضل فهذا ليس من أجل التفاضل وإنما من أجل التكامل ومُشاركة الناس عقولها واحتواء أحدها للآخر النقيض بعيدا عن المثل القائل "نأكل على طاولة معاوية ونصلي وراء علي " والميزة التي تحسب للتقدميين أنهم يؤمنون بالأضداد وبالتعددية وبالنقيض الآخر ولا يكفرون به ولا يرفضونه جملة وتفصيلا كما تفعل الكثير من الأصوليات والحركات المتأسلمة معها فالتقدميون ينطلقون من خلفية ثقافية وسياسية تملي عليهم أن يكونوا منفتحين على كل الجهات يناقشون كل الأفكار الجديدة ويرفضون السكنى في نفق مظلم بل يصرون على إشعال الأنوار في جميع الأنفاق المظلمة من أجل التنوير والتطوير والرقي .


خطيئة الرجعيين

خطيئة الرجعيين تكمن في أنهم يصرون على العيش في نفق مظلم لا يقبل مراعاة الظرف الزمكاني ( الزمان والمكان ) ولا يقبل التغيير متناسين أن قانون التغيير ينص على أن كل شيء يتغير إلا قانون التغيير نفسه والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يضع للزمن قيمة ومن لا يتغير فالزمن خصمه شاء أم أبى .



أسس صناعة الأزمات

المراقب للحركات المتأسلمة في الكويت يعلم تماما أن أسس صناعة الأزمات لديها لا يقف عند ضعفها التقديري في موازنة الأمور السياسية والدينية والثقافية أو في مصادرة القوة التقديرية السياسية والدينية والثقافية لدى الاخرين فحسب, بل ينشأ من هذا الضعف لديها مناطق عديدة للطعن والقذف والتسابق على التسلح والمعارضة لذلك يؤكد المراقبون أنها تقوم بما تقوم به وتفعل ما تفعله انطلاقا من هذه المناطق الضعيفة والهشة التي تحاول من خلالها مدارة سوءاتها الدينية والسياسية والثقافية .

خالد العلوي

هناك تعليق واحد:

عامر سوسه يقول...

هم كذلك سيدي الفاضل ابتلت امتنا بمثل هذه الشاكلة من المتأسلمين والتكفييريين من الذين اصبحوا يتاجرون بورقة الدين حتى اختلط الحابل بالنابل

محبك
عامر