الاثنين، 26 مارس 2012

الريش الجميل ليس كافياً ليصنع منك طائراً جميلاً

على أرض الحضارة لا زال "قابيل" يكشّر عن قباحته ويُظهر أضراس أذاه ، وكل شيء ٍ يحمل ناباً ومخلباً من موت ٍ بيده قد نهض ، لا زال قابيل يطلق رصاصاته دون رحمةٍ لتستقر في قلوبٍ حمولتها سبع سماواتٍ من "الله الواحد الأحد" وسبع أراضٍ من "اللهم صل على محمد وآل محمد" ثم يبحث عن غرابٍ ينقّب في الأرض ليعلمه كيف يواري سوءة المقتول ولا يجد।



قابيل لا زالت جثث الشهداء تتساقط أرضاً وطهرها العالي يمزق جدرانك العازلة ليجبرها على الحديث عن طفل ٍ مات دون أن يُكح الكرة الأرضية بعد أو يسعل هذا العالم المصاب بدوار جُرمك اللا معقول ، لا زالت أيدي غدرك تجتز من الوريد إلى الوريد حياة امرأة مسنّة لم تطلب شيئاً منك إلا العدل بين الرعيّة بعد كل هذا الشيخوخة التي اجتاحت ملامحها ، لازالت قواتك تعاقب بالقنابل المسيّلة للدموع كل مسيرةٍ مشت برجالها ونسائها حاملة يافطة عريضة مكتوب عليها : إنا لله وإنا إليه راجعون؟!



قابيل ॥أنّى لك أن تبرر جرمك؟ أنّى لك أن تعتقد أن الريش الجميل الذي تلبسه كل صباحٍ فوق أنهار الدم سيصنع منك طائرا ً جميلاً ؟ أنّى لك ذلك وعلى أرض الحضارة لا زالت الفضيلة تعتقل والحسنة تكبّل والحقيقة تجتز ولا زلت أيها السفّاح الكبير تحاول أن تُغلق باصبعك ثقب الأوزون حتى لا تخترقه الحقيقة وتفشل। لأن الحقيقة أكبر من أن يوقفها اصبع وأسمى من أن تصادرها قنبلة وأقوى من أن ينسفها قرار .



قابيل॥هناك على أرض الحضارة "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" ستجدهم يحملون كل ما تهشّم من بيوت ذُكر اسم الله فيها كثيرا فوق صدورهم لغسل العار الذي خلّفته ثّلتك ثلّة "قايين"।


قابيل॥حتى إله الماء "انكي" سقط قتيلا في ملحمة"جلجامش" وهو الذي نجى من الطوفان العظيم واختار أرضك ليعيش عليها مع زوجته لكنه مات وكيف لا وأنت يا "قايين" لا زلت تبيع السماء بحفنةٍ من أرض।



لكني وأثق أنه على الرغم من التنكيل والقتل أن هابيل الأول سيبعث المرة تلو المرة في قلوب الذين لا ينتظرون منك تأشيرة رضى أو غفران وسيتكاثر حتى يرث الله الأرض ومن عليها رغما ً عن أنف العساكر والبنادق والزنازن والمستشفيات ودرجات الجحيم ، أتعلم لما؟ لأنه من سلالة "نون والقلم وما يسطرون" ولأنه الإنسان الأول الذي قدّر له أن يكون دوماً بطينته الطيبة وهيئته الترابية الموحدة بالله تاجاً على سلالة الطين.


ليست هناك تعليقات: