الثلاثاء، 27 مارس 2012

ليت لي طفلة تشبه ظلالك المسروقة




ليت لي أكثر من فم ٍ لأحدث العالمين عن هوانا ،ليت لي أكثر من قلمٍ لأكتب للناس عن خطانا ،ليت لي أكثر من طريق لأزرع للشوارع قرانا ، لكني لا أملك من كنوز العشق إلا بضعة قلوب خانها المهر وبضعة رسائل كتبت في غفلة من الحبر وعيال صغار أنجبناهم في الحلم ِ الذي زارنا قبيل صلاة الفجر .


ليت لي قبلة تشبهك أتوجه إليها لتحميني من سور الغدر ومن آيات ٍ تحاول أن تقرأني على طريقة الفقر الذي حاول أن يسرق السماء عنوة بعد أن سرق ظل الجيران وعبق العطر .

ليت لي طفلة تشبه ظلالك المسروقة من الشمس لتبيع ظلالي الثقيلة جداً إلى مراعي الضياع وبعد أن تتركها هناك لتجف قليلاً تعود لتفر بها من المراعي نحو الشعر ثم تُسكنني بيتا طويلا عن كاهنٍ هرب من أناجيل يسوع ليسكن في صفحاتك العطر.


ليت لي ذاكرة تشبهك أسبق بها تاريخي وكل الذين حبسوني وحبستهم في خزائني وأتجاوز بها من أرهقوني بسرابهم الذي ضلل مائي ، ليت لي بضعة أوجاع تشبه بضعتك التي فرت من الحروب والسجون إلى طي المصاحف لتنسى دين من أرهقها وتنسى العاشق الذي غرس بداخلها أزهار الخيبة والخوف وشهيق الجوع.


لكن.. ليس لي في هذا الكون إلا اللون الذي يصبغ ذاكرتي بفرشاةٍ سوداء تصرخ قبل صلاة التهجد للرب أن ينقذها كلما مر الموت عليها دون أن تتواطئ معه وتمزقني لسنتين من وحدة إذا خانتها الرياضيات وعلوم الحساب .

ليس لي في هذا الكون إلا بضعة فقراء خانهم الحظ والحدس واللقمة الهنيّة ورياح الرزق التي ضاعت في زحمة المدينة دون أن يستطيع فقرائي أن يستدلوا عليها ، ليس لي في هذا الكون إلا بعض النازحين من البدو إلى خيامي التي حرّقتها نيران الحداثة والعولمة ومن ثمّ فروا منها ليستجيروا بمائدة رجل كريم بداخلي ليطعمهم ويسقيهم في رحلة الشتاء والصيف .

ليس لي في هذا الكون ما يطفئ مشاهد النخيل السامقة والصامدة بداخلي غير امرأة جائعة تحاول أن تذوق من شبعي طلعا نضيدا لكنها لا تجد ما تأكله سوى خبز الضحايا الذين ماتوا وهم يحاولون تسلقي دون أن تبرأ أفواههم .

لست بحاجة ٍ أن يرتاح وجعي فهذا الوجع هو بجعي الذي يطير بي إلى السماء السابعة دون أن ينام أو يسقط في بحيرة البجع ونوتة تشايكوفسكي ليضعني عند سدرة المنتهى ثم يتوضأ ويصلّيني صلاة لا تخاف ثغاء الطين وغضب الماء .

ليست هناك تعليقات: