الأربعاء، 2 يناير 2013

الاسكافي والحذاء


لن أزعجك بغبائي ، في الليل القريب حين يزورك الحب أخبريه أن غبائي باع عقله وقرر أن يشتري حذاء .

ستكون أفكاري أحذية وكلماتي جوارب ، وفي الصبح القريب حين يأتي إسكافي المدينة ليمسح وجه حذائي أخبريه أن لا يفعل فغبائي يعشق الغبار العالق على وجهه كما يعشق السبخ النائم في بطنه .

بعد يومين سأتعود على معيشة الحذاء على فكر الحذاء على غباء الحذاء ، بعد يومين لن أعترض ولن أغضب حين يسقط حذائي في حب نعال .

حينها لن أغضب أيضاً حين يتهم حذائي بالغباء ، أو حين توجه له الإهانة مع سبق الإصرار والترصد .

حينها بامكانك أن تلعني لوني وتمزقي جواربي وأنا أضحك ، سأضحك كثيراً ولن أبكي لن أتألم لن أفكر أن على الإسكافي أن يعتذر عن الإهانات التي يوجهها إلىّ في كل مرة يمسحني فيها .

حين كنت عقلاً فكّرت أن عليه أن يفعل ذلك أن لا يكابر أن لا يصب كأس يأسه في حذائي، أن يحترم كرامة الأحذية .

 هل فكر أن للأحذية كرامة ؟ أنها تغضب تثور تنزعج حين ترى إسكافيها يصر على توجيه اللكمات والصفعات ؟
 حتى حين اعترض الحذاء على اللكمات وشرح محتجا وجهة نظره بقى الإسكافي مصرا على رأيه وبقى مصرا على رماحه،  حتى حين ذكره الحذاء أن عليه أن يتذكر كلماته هذه جيداً وكان جادا فيما يقول ، ماذا فعل الإسكافي ؟

 ماذا فعل؟

 بمنتهى البرود وكأن الحذاء لا يعنيه ألقاه جانباً قائلا بكل ثقة : " تمام " .

الآن ماذا على الحذاء أن يفعل ؟ أن يشرب الـ"تمام" ؟

 حسنا لقد فعل ذلك لكي يكون الإسكافي في التمام .

الغريب أن الإسكافي عاد ليكتب عن حماقة الحذاء أبدا لم يتذكر حماقته ، عاد ليغرد بعيدا عن ألم الحذاء أبدا لم يتذكر خناجره ، عاد ليتهم الحذاء أنه لا يملك ضميرا ، ولا حياء ، لا عهود ولا وفاء ، لا نذور ولا شتاء ، عاد ليوجه أصابعه نحو الحذاء ليمزقه مرّة أخرى دون أن يتذكر ماذا فعل بقلب الحذاء ؟!!

إن كان الإسكافي ليس مهتما بما يقوله الحذاء ولا يعنيه غباء الحذاء ولا قلب الحذاء فلماذا يمسح على ظهره ؟ وإن كان مهتما بكل ذلك فلماذا دق مساميره في جلده قاصدا متقصدا ؟ هل اعتقد الإسكافي أن الحب الذي يكنه له الحذاء سيجعله يتغاضى عن الإهانة أم أن الحب سيجعله يتجاوز المكانة التي يرى كرامته فيها ؟

الحذاء يقول لقد أخطأ الإسكافي .. السؤال :  هل أخطأ الحذاء ؟

ساترك الإسكافي يجيب وأتمنى هذه المرة أن لا يرى بعينٍ واحدة حتى لا يصاب الحذاء بالعمى .

وإن لم يجب سأعلم مجددا أن الحذاء لا يعنيه وأنه لا زال غارقا في الــ " تمام " .

ليست هناك تعليقات: