الاثنين، 6 فبراير 2012

كلّما تحدّثت نبح كلب

1) أحدهم يطلب مني أن أتنازل ، والآخر يطلب مني أن أعترف ، والثالث يطلب مني أن أتواضع ॥ حسنا ً ॥ حسناً.. أتنازل عن ماذا ولمن ؟ وأعترف عن ماذا ولمن ؟ وأتواضع لماذا ولمن ؟



أولاً : عندي استعداد أن أتنازل عن كل الأشياء لله وحده ، لكن أبداً ليس بوسعي أن أتنازل عن أي شيء ٍ عظيم ٍ لنملة ٍ تسرق سكّري .
ثانياً : عندي استعداد أن أعترف عن كل الأشياء لله وحده ، لكن أبداً ليس بوسعي أن أعترف بخطأ ارتكبته أم لم ارتكبه لدودةٍ تأكل عصاتي .


ثالثاً : عندي الاستعداد الكامل للتواضع لله وحده - فمن تواضع لله رفعه- ، لكن أبداً ليس بوسعي ولا بمقدوري أن أتواضع لقملة تريد أن تختبئ في شعري ، وإلا قولوا لي لماذا مثلاً لا يتواضع عطارد وصديقه زحل لنملة ٍ تعبر قصبة سكر ويحملاها إلى أعلى ؟ لماذا مثلاً لا يتواضع الجبل وينحني لوادي يجري تحته ؟ لماذا لا يتواضع السقف ويصبح أرضية ؟ الأشياء تحافظ على كينونتها أيها الناس تحافظ على كينونتها فما خلق ليطير سيظل يطير وما خلق ليزحف سيظل يزحف وقد خلقني الله بكينونة ٍ لا تعرف أن تزحف لا تعرف إلا هذا الفضاء وما فوقه ।


2) هنالك فرق بين من يخرق جداراً ليصرخ في الناس أنه خرق الجدار من أجلهم وبين من جعل الناس تخرق الجدار ثم تصرخ من أجله ।


3) هذه الأيام أصبحت الكلاب تتعقّب آثاري وترصد حركاتي ، فكلّما عطست نبح كلب وكلّما تحدّثت نبح كلب وكلّما ضحكت نبح كلب .
حقاً إن هذه الكلاب لا تتعلم أبدا فمنذ أن خلقها الله وهي لا تتعلم ، ولا تتقدّم في معيشتها ، لا زالت تعيش كما عاش آباؤها وأجدادها من قبل ، لم تتغيّر ولم تتطوّر ، لهذا لم أطوّر معاملتي لها ، فدائما حين أسمعها تنبح أعلّق التحفيز على أذني ॥ التحفيز الذي يجعلني لا أنسى وأنا أمشي بكل همة ٍ وعزة أن الكلاب تنبح والقافلة تسير ।


4) ذهني هذا ليس بيتاً للفوضى ، وليس عشاً للغباء ، ولا قبراً للموتى ، فذهني لا يعرف المستويات الدنيا ، ولا يفكر في الأشياء السفلى ، فليس في ذهني أي شيء ٍ يقبل العمل كخادم وليس في ذهني أي شيء يقبل أن يظهر بمظهر الساذج والأحمق ، فكل ما في ذهني أبعد من السقوط وأبعد من التنافس والمساومة والمستنقع ।

أنا رجل ٌ لا يقبل القسمة على صفر ٍ أبدا ً ولا واحد ولا عشرة ، ولم يُعرف جذرهُ التربيعي بعد ، أنا رجل ٌ مستقلٌ عن الرياضيات ، وخارج عن حساب النفايات ، وقصي عن فاحشة التاريخ والجغرافيا ورياء اللغات ।


أنا رجل ٌ لا رياضيات تعرفه ُ ولا تاريخ ولا جغرافيا ولا حصص علوم । فمتى صرت مجمدا ً عند رقم ٍ لتعرفني الرياضيات ، ومتى وقف رقم في عقل فيثاغورس أو آين شتاين أو كائن من كان ليساويني ؟ ثمَّ متى كنت أمدح الخلفاء في مجالسهم ليعرفني التاريخ ؟ ومتى وقف خليفة واحد وساواني في مجلس ٍ أو مقام ، ثمّ أنهم كلهم لا يعرفوا أني هنا بينكم ومعكم وأنا الذي أعرف بينكم ومعكم أنهم كلهم هناك في مقبرة التاريخ وأنا الذي أعرف أسرارهم و حكاياتهم و خداعهم وكل كل حياتهم فكيف لجاهل ٍ لعلمي مثلهم أن يساويني ؟
ثمّ متى أمسكت بي الحدود والخرائط والبوصلات والقرى والمدن والشوارع لتعرفني الجغرافيا ؟ متى ؟
أنا رجل ٌ لا يعرفني إلا الله وحده ، عزّ شأنه وجل جلاله ، وحده الذي وهبني ملكا في قلمي لا ينبغي لأحد ٍ من بعدي إلاي ..
وحده الذي جعلني أحترق صلاةً وحباً وحمداً وشكراً وخيراً وألقاً وجرحاً ودهشة ً وغموضاً لا يسبر احتراقي شيء ، ولا يفسّر رمادي شيء ، ولا يترجم كنه موادي شيء … سوى السماء … السماء وحدها ।


5) أنا قوة ٌ جبارة ٌ طالما كنتُ في رأسي ومتى ما خرجت من رأسي أصبحت حقاً للجميع وهذا ما يجعلني أحيانا أفقد بعض تلك القوة التي كنت أتحلى بها حين كنت في رأسي ।لهذا أنا أدرس نفسي جيداً قبل أن أطرح شيئا منها فأنا أخشى أن أخسر شيئا من قوتي بالخطأ في زمن ٍ اصبح ناسه يقتاتون على الأخطاء ويعيشون على قانون " من لسانك أدينك " .


6) فقط جربوا أن تخرجوني من هذا المكان ، مكانكم ، وجربوا أن تخسروني من هذا الكيان كيانكم ، وستكتشفون أنكم لم تخرجوني أنا ولم تخسروني أنا بقدر ما خسرتم المعرفة والأخلاق . جربوا .. وستجدون أنفسكم لا تتمتعون بشيءٍ من بعدي على الإطلاق سوى الجهل .


7) الفرق بين السقف والأرضية تماماً كالفرق بيني وبين الأغلبية ।

8 ) كل شيء ٍ يقال بإمكاني أن أقوله ُ وكل حديث ٍ يدار بإمكاني أن أديره ُ ॥ ليس عندي مشكلة ٌ في القول ِ أو في كمية الحديث ونوعه وإدارته … المشكلة عندي فقط في قول ٍ واحد ٍ وحديث ٍ واحد ٍ وهو الحديث عن الذلة ِ والخنوع .. فلن يحدث على الإطلاق أن أضرب المسكنة والذل على خالد ولن يحدث على الإطلاق أن أقول لأحد ارحم هذا الإنسان القابع بداخلي وساعده ، لن يحدث بتاتا حتى في الحلم أن أتبنى مقولة " ارحموا عزيز قوم ذل " فعزتي فوق جوعي .. وكرامتي فوق ألمي .. وكبريائي فوق الحياة بأسرها .. وشموخي فوق الموت ونفسه ।


9) لا أعرف الغرور لأني سيد ُ الثقة ، ولا أعرف الخيلاء لأني رباطة الجأش ، ولا أعرف الظلام لأني البلاد التي لا تغيب عنها الشمس .
أنا الثبات يا سادة ॥ الثبات .. وإني أعوذ بالله من الغرور كل ذات شمس ।
أعوذ بالله من الغرور ِ والخيلاء ِ والظلام ِ كل ذات همس ॥ أعوذ بالله من الغرور ويعوذ منه معي كل أفراد الأمة العاقلين بداخلي ।


10) أنا أمير الفقراء مع مرتبة الشرف ، إلا أن غيري أميرهم مع مرتبة القرف ।


11) فلتفخر المعاني والكلمات والعبارات والقناعات أني وهبتها فرصة التصور والتشكّل ثم الولادة والحياة فلتفخر أني كتبتها وأطلقتها .
12) هطل المطر ، ورفرفت الأرض تحتي معشوشبة ، وأنتم لا تعلمون في أي سماوات ٍ وضعتني كلماتي ، أصبحت الراحة من كدر ِ الدنيا ، والوفاء من شرك الخيانة।

13) قبل سنين عدّة كنت غير مرئي وغير منظور وغير مهم ٍ وغير موجود ، الكل أسقطني من حساباته الكل ، والكل قال عني هذا كيت وكات .
فالبعض رماني على ارض ٍ صخرية صلبة وقاسية ، والبعض أزجى بي إلى غياهب جب ٍ لا قاع له إلا الحمم ، والبعض أوزعني بعض الورد الذي لا يخلو من الغدر ، القوني جميعهم ، لم يصرخ أحدهم لا تلقوووووووووه ، لم يهتف أحدهم لا تقتلوه ، ولم يردف أحدهم إنه الحق فلا تخنقوووووه ।

اليوم أصبحت أنا الباب والمزلاج معا ، أنا الأرض والسماء معا أنا القحط و الخير معاً ، اليوم أصبحت مرجوا فيهم بعد أن كنت في الأمس القريب كالسنبلة ِ اليابسة ، السادة في روحي وجسدي بعض بقايا من أمس تعيث بصفائي عتمة إلا أني بلغت الخير بيدي وبلغت المكانة بيدي وشاركت في صنع غدي بيدي وساهمت في خروج خالد المستقبل بيدي لم يساعدني إلا الله ، الله وحده ।

أوجدت نفسي رغما رغماً ، وفي الحين الذي كان يلقون فيه برداء عثمان على الأرض ليتهموني بقتله ، كان القتيل يصرخ بهم : لم يفعل .
اليوم أستطيع أن أقول أنني لم أدلف إلا لأقول أنا براء ٌ من كل ما تأفكون ومن كل ما تفعلون فو الذي فلق الحبّة وشق الصخرة أن باطني بياض الخير وإن ظاهري قلب الطير وإن خاطري مفطور ٌ على حب الغير ، إذ كلما قتلني أحد مسحت من خاطري دمعة وأبعدت قلبي من لوثة العار الذي أنتم فيه فلا أحبُ أن أكون كالقرد ِ الحكيم الذي قطع براري العلم ليبارى بوذا ليكتشف أنه أصلاً لم يتحرك وأنه واقفٌ على كفِّ بوذا ولم يتعداها ॥ فمثلي لا يقف لأنه مفطور على إتقان السير ।


14) لا تقتلوا كل طير ٍ يغرد بما لا تطرب له أنفسكم ، ولا ترجموا كل ملاك ٍ باسم الشيطان لأنه سعل و تنحنح ।

فو الله أنكم لن ترضون عني ولو قطّعت لكم نفسي مثنى وثلاث ورباع ، ولو كان فيكم اليوم حمزة بن عبد المطلب لقلتم عنه إرهابي وعميل .
15) سأرتكب الخطأ إن حبست قلمي عن القول وضيّقت الخناق عليه ، ألا يكفي أن الحياة كلها تضيّق خناقها علىّ وفي كل لحظة ٍ وأخرى ترميني بالرصاص ، يا قلمي فلتكن حراً ولتقل ما تشاء ، فأنا أعدك أني سأهتم لأمرك أكثر من اهتمامي بالعالم ، فالعالم يردد نفسه ، وأنت ترددني ।


16)..[] لا أحبُ أن ادّعي العلمَ والكتابة والشعر والفلسفة والمعرفة لا أحبُ أن ادّعي شيئاً غير أني لست مُدّعي.[] لا أحبُ معانقة الأرض والسماء تمطرني بوابلٍ من جحيم ، لا أحب مقارعة النفاق ليطأني بل أحبُ أن أطأهُ بهاتين السفليّتين[]فخلال حقبة مديدة من الزمن ،نشأت الأتراح ، وخلال الحقبة التالية نشأت الأفراح ، وخلال الحقبة الأخيرة خرجت أنا من الاحترام والوعي وحسن الاطلاع .
17) بأبي أنت يا خالد ، قذفتني كلماتك حتى السماء السابعة ، وجعلتني مفرداتك كثير الحب ، كثير اللطف ، كثير الامتنان ، كثير البحث عن نجمة ٍ تساوي قدرك في قلبي لأقطفها إليك هدية ।

بأبي أنت ، ليس صحيحا أنني أفضل منك ، وليس صحيحا أنني بأجمل منك ، فو الذي فلق الحبّة وشقَّ الصخرة ، وبعث القطرة ، أنك فنان وأديب وشاعر متألق ، أنيق الحرف ، مهذب العبارة ، جزيل المهارة ، ماهر الإدارة ، وليس لك شبيه إلاك .
بأبي أنت ، أعدتني إلى خالد بكل عباراتك ، وأخجلتني وو الله أنك عندي مذ أول حرف سطّرته بمنزلة هارون من موسى।


18) لا أستطيع أن أقول لكم كم أخصص من الوقت للكتابة ، ولكن بإمكاني أن أقول أنني لو مسكت القلم بإمكاني أن أنهي كتاب ।


19 ) لا يمكنني أن اكتب أوراقي على طريقة البحث الجيولوجي بأن أعزل طبقة من طبقاتي تشكّل بداخلي جبالاً من المعاني والصوّر البلاغية من أجل أن تستدلوا على إيماني وحسن خلقي ، عليكم أن تقبلوني أجمع أو ترفضوني أجمع ، فأنا لا أقبل التجزئة ولا القسمة ولا الطرح ولا الجمع ولا كل جداول الضرب ،فجذري الأدبي والشعري حالة خاصة عليكم بمراعاتها بما تعلمون وما لا تعلمون



।20) يافطة تحذيرية: ويلٌ لكل من يقرأني مني ]








ليست هناك تعليقات: