الأربعاء، 29 فبراير 2012

في نصوصي الكثير من السينما






دخلت إلى الحياة كالجندي الذي يدخل إلى أرض المعركة متسلحا بالإصرار والعزيمة على مواجهة الموت والتحلي بالحياة وكالطائر المولع بالتحليق إلى فضاءات الحرية ، لغتي في كل البلدان تمر كأسراب الحمام وتنشر أزهار المعرفة ، ففي كل بلد لحياتي أصدقاء وفي كل مكان لموتي أعداء يعرفوني وأعرفهم .

البعض يظن أني أشغل مساحة أكبر مني ، و البعض يظن أني في مكاني الصحيح ، والبعض يظن أني تجاوزت المساحات ، لكن تلك النزعة التأملية مني إلى ّ تخبرني أني خارج الظن والاعتقاد و المساحات والأمكنة فراسبوتين يعلم جيدا أني حين أنطلق أصبح أكبر من ديوان أو كتاب نثري وأكثر من محطة لسياق الأعمال الأدبية وأشد من تأثير المكان وحضوره وأقوى من الصحراء بطقوسها المختلفة وأجمل من البحث والمغامرة وأشهى من فلسفة الإيقاع .


في نصوصي الكثير من السينما وفي أشعاري الكثير من الإخراج وفي نثري العديد من الأبطال وفي فلسفتي الكثير من البطلات اللائي شهدن على فضاءاتي الواسعة وفي قصصي أنا وأنا منزلق كوني وانفجار بشري أدبي عظيم لم تعرفه دور النشر ولم تقتنيه المكتبات بعد .

أنا .. من أنا ؟
..
..

أبي آدم .. أمي حواء وقابيل القاتل أخي لا زال يحتل جميع مساحات العنف اللانهائي ومشاهد القتل المتواصلة لا زال مصرا على المضي قدما في مشروعه دون رادع ووازع وقانونية وإنسانية لا زال مصرا على الخروج عن القانون وعن عصر الإنسان وعن يوتوبيا افلاطون ليدخل في العصور البدائية المظلمة أما أنا لا زلت ذلك الأخ المستباح الدم الذي جاء غراب ينقب في الأرض ليعلم القاتل كيف يورايني ليواري سوءته .

هل يصبح هابيل سفاحا ويثأر بعد كل تلك المدة الكونية الفاصلة من قاتله ؟ هذا الإيقاع الدموي لا أخال أنه يناسبني ولا أعتقد أنه يستطيع أن يستنطق قناعة من قناعتي ، فأنا أتجنب بالمطلق قتال الإنسان للإنسان فبقتاله أقتل الكون وأقتل الطبيعة وأقتل الجمال وأقتال اللغة وأقتل الكتابة وأقتل قيم الفروسية عبر التاريخ وهذا مشروع أقسم جازما أنه لا يتماشى مع مشروع الإنسان الذي يسكنني .

من أنا إذن ؟ الكل يسألني من أنت ؟ وأظل أقول للكل السائل أعلم أني لست أنا ، لكني سأصل إلى نفسي عمّأ قريب ، لكني قديم ، يجب على القديم أن يعلم كل التفاصيل الجميلة والمتوحشة التي خلّقته يجب عليه أن يعلم كل شيء عن ذلك الوجدان الساقط فيه كسقوط الكرة الأرضية في درب التبانة عليه أن يعرف كل شيء أكثر مما تعرف الصحراء عن أشعار امرؤ القيس وعنترة العبسي .



هل أنا غامض حقا ً كراسبوتين؟ أم أن وضوحي المطلق يعد غموضا للذين لا يحبون الوضوح ؟ وهل إذا كنت ممزقا وموزعا على تلك التصنيفات والفئات سأصبح قابلا للفهم وللتفسير من خلال الكتابة أم أن لقارئي أن يفهمني من خلال الكآبة أكثر ؟

لا أعلم لكني شديد الإعجاب والتقدير بكآبتي التي تجاوزت سن المراهقة ، كما أني فخور جدا بكتابتي التي وصلت لسن البلوغ مع كل هذا التقدم في العمر .

النقاش مع نفسي أحيانا يعد عقيما جدا ، فخالد العلوي الذي أناقشه يدور حول نفسه من غير جديد بعكسي تماما فأنا لا أحب الدوران ولا أحب أن أصبح دونكشوتا أقاتل طواحين الهواء كما يفعل بل إني أرفض اللا نمطية واللا منهجية والفوضى التي يتخذها أحيانا أسلوبا كتابيا وحياتيا يحب أدارته وتنظيمه وفق مبدأ " إدارة الفوضى " أو " الفوضى الخلاقة " بالتأكيد هناك إضاءات مهمة تسجل له فيما يفعل أحيانا لكني بالمجمل ضد ذلك الأسلوب الذي يدفعه إلى التعريف عن نفسه وفق سياق إعلامي وصحافي ومهني فقط لأنه بذلك يسقطني من حساباته ويجعلني في انغلاق وأنزواء فكري وثقافي وفلسفي وإنساني وحضاري بعيدا عنه هو بذلك يعاديني ويعلن الحرب على ّ .

هذه هي المعضلة الحقيقية بيني وبين خالد العلوي ( أن تعلن الحرب على نفسك ) كم حذرت ذلك العلوي أن لا يفعل لكنه فعل وهو نوع أعتبره من أنواع الشجاعة الكاذبة الهامشية التي لن تحفظ ولن تحقق له أي بطولة على أرض المجابهة .

حتى حين قبلت الحرب ودخلتها وجابهت نفسي ودافعت عن حبي لليلى اجتاحتني حالة من الشعرية المحمومة بالانغلاق على الذات والأنزواء على النفس وأضحيت قتيل نفسي ؟ هل جربتم أن تقتلوا أنفسكم ذات يوم بأن تجعلوها تحب إنسانا كان يجب ألا تسقط في حبه ؟ هل تفهمون ذلك الإحساس أعني أن تجدوا نصفكم الآخر أخير لكن شيئا غريبا يدفعكم لئن تحاربوه وأن تبعدوا كل نصف ٍ عن نصفه لأن اكتمال الأنصاف يعني الموت لكليهما معللين ذلك بأن الطاقات والإمكانيات والقدرات والمهارات الفردية لكل منهما تجعل من الصعب على أي واحد فيهما أن يتنازل للآخر عن كل ما يملك رغم كل ما يكنه القلب للآخر من حب .

لم أستطع أن أواكب هذه المواجهة . خسرت الحرب.. ومثلي خسرت ليلى .. لكن الأنفس ربحت .. بالتأكيد فعلت فهذا الاتقان الذي تملكه في الدفاع عن حقوقها هو أكبر من أن نجابهه ونواجهه . لهذا منذ ذلك الحب الأول والأخير وأنا أعلن أن هذا العلوي لن يكون إلا جسدا عربيا عقيما لم يفهم نفسه ولم يعرفها ذات يوم إلا في تلك المجابهة وتلك المعركة التي خسرنا فيها الحرب سوية .

حتى حين سألتني ليلى .. وقالت لا تتذكر الذكرى فربما ستجعلك تكرهني . كنت واثقا أني في خضم الأحداث كنت واقعا في غرام كرهي لها كغرامي لها ، كنت متأكدا ً أن عيني لمحت كل تلك العيوب التي بدت كالهوامش الثقافية على صفحة كتاب مغبر وقديم لكني أحببت الهوامش وأحببت الكتاب وأحببت القديم ومن عادتي وأنا القديم أن أحب القدماء مثلي مهما فرقتنا الأماكن والظروف ووزعتنا باتجاهات معرفية وثقافية وشعورية لم ولن نلتقي فيها .

ليست هناك تعليقات: