الثلاثاء، 3 أبريل 2012

الانسان الحر..٣


أنتم يا من خلقتم إلها أشبعتموه بصفاتكم البشرية وجعلتم له يدا وقدما ولسانا يتحدث به ، أنتم يا من جعلتم إله السماء يضحك ويغضب ويحقد ويشمئز ويستهزئ وينتقم ويرضى مثلكم تماما ، ارجعوا ما خلقتم إلى الأرض ففيها من يشبهكم تماما ، فإله السماء لا يشبه خلق سذاجتكم وخرافاتكم فهل نسيتم ما قاله إله السماء ، أذكركم للمرة الألف قال الإله " ليس كمثلي شيء " .

عودوا إلى الأرض إن كنتم صادقين ومؤمنين حقا بإله السماء ، واكسروا وهشموا آلهتكم البشرية ، اكسروها في كتب اللاهوت وفي التفاسير وكذبوا من يبشر بها في الكنائس وفي المساجد وفي المعابد كذبوا كل من يخبركم عن إله سماوي يشبهكم ويشبه نزواتكم وتقلباتكم و أمزجتكم ، تذكروا للمرة الألف وواحد ، إله السماء قال " ليس كمثلي شيء " .

من يحب الفضيلة لا يمتدحها بالرذيلة ، ومن يحب الخير يجنبه الشر ، فلماذا حبكم دائما متسخ وملوث ، لماذا تقولون أنكم تحبون الإله وأنتم تسيئون إليه، وتحبون الحياة وتقومون بقتلها وتحبون الورد وتقومون بقطفه وتحبون القطط وتقومون بدهسها ، لماذا أجد أن حبكم دائما " مزيّن " نعم مزين بالوساخة ، ألأنكم متسخون بتم تفضلون الجمال المتسخ والسماء المتسخة والحياة المتسخة والورد المتسخ ؟ هل لأنكم ناقصون جعلتم الفضيلة ناقصة

المتسخون ، هذا زمان الإصلاح والترميم ، تجاوزوا قصور عقلكم ، تحلوا بالمعرفة ، تحرروا من الذين مضوا ، كونوا دواء للفضيلة قبل أن تموت ، اتركوا السديم في الأمس واحملوا الشمس إلى الغد ، كونوا رعاة ولا تكونوا أغنام كونوا أربابا ولا تكونوا أصنام كونوا عقولا ولا تكونوا أجسام.

المحافظون ، هم سبب ما نعانيه ، أعني أولئك الذين يحافظون على القديم وكأنه كل ما تبقى لهم من فضيلة على هذه الحياة ، أولئك الذين يحافظون على القديم لا يحافظون عليه لكونه صالحا هم يحافظون عليه لكونهم ورثوا عادة الحفظ من مشايخهم وعلمائهم وأجدادهم . ولأنهم يخافون من التجديد ومن الحداثة زعموا أن التجديد في القديم شرك وأن التعامل مع التحديث إفك وأن المطالب بإصلاح الموروث يطلب الذهاب إلى جهنم .

إن كنتم تؤمنون فعلا بأن الإله خلق الإنسان حرا فعليكم أن تؤمنوا إن الإنسان الحر يجب أن يتعثر لكي يتعلم المسير ويجب أن يسير لكي يتعلم الركض ويجب أن يركض لكي يتعلم أن يطير ، إن كنتم تؤمنون أن الإنسان الحر مبدع وخلاق عليكم أن تعلموا أنه لن يبدع في شيء أكل الدهر منه وشرب ولن يخلق شيئا خلق قبله فالمبدع دائما يطمح إلى التجديد والابتكار ، والخلاق دائما عقله يحثه على هدم المدائن والتعاليم الموروثة ليبني مكانها مدينة من المعارف والتعاليم الجديدة التي تضيء وعي البشرية الحرة وتدفعها إلى المضي قدما بانجازاتها دون أن يوقفها صنم تراثكم القديم


أنتم تكفرون وتكرهون كل من يقول أنه لا يؤمن بالإله لأنه لم يره لكنكم تؤمنون بمن يقول أنه يمثله على الأرض ، تصدقون كل ما يقوله وتؤمنون به ، وحين يمد يده ليصافحكم تقبلونها والحقيقة أنكم في اللا وعي فيكم تقولون لأنفسكم بتقبيلنا يده وكأننا نقبل يد الإله وبحوارنا معه كأننا نحاور الإله ثم تخرجون من عنده وأنتم تشعرون بروحانية وصفاء ونقاء بعد أن أغدق عليكم ما تيسر من تعاليمه الذي حرّف فيها أو غيّر أو جدد فيها كلام الإله والسبب ليس لأن ممثل الإله نقيا وصالحا وصفيا السبب هو اعتقادكم بأنكم خرجتم فعلا من زيارة الإله النقي والصفي والصالح ، السبب أنكم توهمتم في قرارة أنفسكم أن الإله يسكن في هؤلاء أكثر منكم ويرضى عن هؤلاء أكثر منكم ويغفر لهؤلاء أكثر منكم والصحيح أن ممثلي الإله يقتاتون من توهمكم ويأكلون من خير فضائلكم ويعيشون ملوكا بسبب غنى غبائكم .

السبب أنكم تمنحون كل الحق وأي حق لهؤلاء أن يجددوا ويغيروا ويحدثوا في التعاليم ، يحذفوا منها ويزيدوا عليها ، لكنكم تسلبون كل الحق وأي حق من كل إنسان حر وخلاق في أن يجدد وأن يغير وأن يطور كل ما يراه عقله خطئا ولا يمت للصواب بصلة ، تقومون عليه تنوون قتله لأنه فكر وقرر أتهامكم بالعبثية وبالانقيادية وبالتبعية العمياء الصماء ، تنوون قتله مع أنكم تعيشونها فعلا وإن لم يفكر ويقرر أن يقولها حقا . لكنكم وكعادتكم في الحفاظ على كل ما هو أسطوري وخرافي تثورون ليس لأنه على خطأ ولكن لأنكم منذ بعتم عقولكم من عشرات السنين وأنتم تخشون أن يردها عليكم أحد .


هل تحتاج البديهيات حقا إلى معلم يعلمكم إياها ، هل تحتاج البعرة لمعلم يخبركم أنها خرجت من البعير ، هل يحتاج البعير لمعلم يخبره أن الصحراء التي تبدو لنا كالسعير هي له كالحرير ، هل يحتاج الأثر لمعلم ليخبره أنه بوضعيته تلك يدل على المسير ، هل تحتاج كل هذه الأرضية لرجل دين ولحاخام ولراهب يخبرنا أن خلفها سر كبير ، البديهيات لا تحتاج إلى معلم لكن الطفيليات التي تعيش عبئا على الحياة وعلى البشرية وعلى الإنسان الحر تحتاج لعشرات المعلمين لكي يعلموها كيف تعيش وكيف تموت وكيف تحقد وكيف تحسد وكيف تحب وكيف تكره وكيف تقتل وكيف تتعفن .

من يرى أن الدنيا أصبحت عبئا عليه لماذا لا يموت ، ومن يرى أن الموت خير له من السكوت لماذا لا يموت ، ومن يدعو إلى الموت ويحث الاتباع عليه لماذا لا يتقدمهم إليه ، لماذا يكتفون بإلقاء البشرية إلى المقابر وهم يلقون بأنفسهم على المنابر والصروح ، لماذا يسوقون البشرية إلى الحرب والقتل والخراب وهم يسوقون أنفسهم إلى النساء والكنائس والمساجد والمعابد ؟ لماذا لا يفعلون شيئا سوى الحفاظ على حياتهم وهدر حياة الآخرين ؟ أم أن فضيلتهم الكاذبة التي ألبسوها الشرعية أجازت لهم ما لم تجز للتابعين ؟ مالي أراهم إذن يمدون أيديهم إلى السماء ويطلبون من الإله أن يعين إن كانوا أنفسهم قد تخلوا عن المعين .

ليست هناك تعليقات: