الخميس، 19 أبريل 2012

التاسعة بعد فنجان القهوة


الساعة الآن التاسعة بعد فنجان القهوة : ) وقلبك طليق الضوء ، وقلبي حبيس الظلام ، وهذه اللعبة التي يفرضها الواقع علينا ، هذه المهزلة الكبرى التي تبقى معلّقة على فم الفنجان كانت على قاب قوسين أو أدنى من شفاة المرارة .. وأنت ِ لا زلت ِ يا حلمي كالفصول الأربعة ، والأيام السبعة ، وانتظار الساعي والبريد ، والأقزام السبعة ، واحتضار الذكريات ، وشموع الأماني ، والبرد ، والمطر ، والطين ، وحقول القمح ، والأمهات في أكواخهن ، والسنابل ، وعصافير الكروان ، وأيام العطل ، وطبول الأعراس ، وأوقات العمل ، ستظلين تلك القهوة التي لم انتهي منها بعد ، و ذلك الفنجان الذي يسرقني دائما من قسوة المرارة ..

نفس ٌ أخرى تجيء كالحلم وتستطيع أن تمسح بيديها الماضي الرهيب .. وتجلب المستقبل إلى الحاضر .. أرى أرضك تتشقق عن صوت ٍ يقول " سأعيد آدم إلى الفردوس التي خرج منها " أرى زاوية فيك تتغيّر من الشحوب إلى الأمل ثلاثمائة وستين درجة ، وأرى أن الدرجة ستصبح عالما ً أنت ِ حياته ، وأرى أن الثلاثمائة مع عددها ستصبح جنة ً أنت ِ وردها أيضا ً أرى أنه هناك في الشارع البعيد رقم " 7" من زاوية المرارة شيئا من الحلو ينتظرك ، وأرى أنه هناك خلف الستارة الساكنة في غرفة ٍ تبدو " مملكة من الرومانسية " شيئاً من الحب الذي سيخرج ليقدّم لك القلب والفردة الأخرى والمملكة الحقيقية .

تتجمع الصور والتراكيب في رأسي على شكل مجموعة .. وأحيانا على شكل مجموعات بيد أن تلك الصور والتراكيب تعمل عمل المنجل على عنقي .. لا تتركني ألقط أنفاسي إلا حين أصب جام الدماغ على الورق . .. ليس صحيحا أن الكاتب يستطيع أن يصب كل شيء على الورق ..فما يتبقى في فمه وذاكرته وفنجانه أكثر مما يكتب وأكبر مما يُحس ..!! كل ذي أصبع أصبح يخالف أصبعه.. وكل ذي كوب أصبح يخالف كوبه .. فالقهوة تبشّر بالحرارة ونجد الفنجان يحبل بالبرد



غواص ٌ أنا أحب الغوص في أعماق الآخرين وفي فناجين قهوتهم لأكتشف غور الفنجان .. أحب أن أرى ماهية القهوة بأم أصبعي .. ألمس اللزوجة .. المرارة .. الحلاوة .. أي شيء .. المهم أن أنظر بعيني إلى ما وراء الكلمة وما وراء العبارة وما وراء الشاشة التي تقبع خلفها امرأة مثلك تحادثني عزيزتي أنا لست ميالاً لوضعية بحث الأمور على طريقة المطارق لا أحب أن أكسّر الأشياء ولكنّي أحب أن أمتزج بها وأتكاثف حتى المناطق التي تؤدي إلى العطب إلا أني لا أعطب لأني لا أتعامل بردود الأفعال .. ولا أفكر تفكير الأطفال .. والناس رجلان : رجل عينه في عقله وأخر عقله في عينه ... وأنا الأول
عزيزتي ،،بعض الفناجين تحمل مرارة الفأس والتهشيم .. وبعضها الآخر تتحدث بحروف نقية لدرجة السذاجة .. وبعضها الآخر لا يملك الميزة ..إلا أني أعلم دائما ً أن الدفعات الجديدة من القهوة .. خاصة قهوتك تحمل لي كل الأشياء دفعة واحدة ، الحنين / الأمس / الغد / الفلسفة / علم المنطق / علم الاجتماع / علم الكلام / علم الرجال / علم النساء / الإنسانية / الأمكنة ، ورغم أن الاقتراب من جميع الأشياء يثير العديد من التساؤلات والمخاوف في نفسي إلا أني أجيب وأواجه بكل شجاعة ما دام الفنجان الذي أمامي " أنت ِ صاحبته "الآن سأشرب قهوتك ففيها الكثير من خالد

أصبحت سكرا ً يا عشقي والقهوة لا تعرف شيئاً عن السكر إلا حين نشربها لا تعرف شيئاً عن الآخرين ، عن ذائقتهم ، عن عدد القطع التي يريدونها ، عن الكمية ، عن استشهاد الحجم فيها ، عن مقياس المرارة والحلاوة التي يريدونها .القهوة لا تعلم شيئا ً إلا حين نطعمها ، هي لا تستطيع أن تتذوق لا مجازا ولا حقيقة أفكارنا وأقدارنا وطعمنا وكلماتنا التي تنمو في الفم واللسان إلا حين نومئ بلساننا فيها.القهوة التي أمامي الآن لا تسمع الأخبار .. رغم أن صوت التلفاز على آخره ، ولا تسمع مقطوعة تشايكوفسكي التي سمعتها قبل قليل حتى تقطّعت أذني ، هي لا تعلم أني وأنا أشربها أقول " يا صبر أيوب على بلاوه " : ) لا تعلم شيئا لذا أنا أعذرها وأغفر لها مراراتها، وأخفف عنها بأن أسكبني فيها ... لا تنسي أني أصبحت سكّرا.القهوة لا تعلم أن مجالسنا تضم أناسا لا يعرفون في الشهامة شيء ولا في الأخلاق شيء ولا في البلاد المصابة بالرذيلة شيء ، هي لا تعرف أن كل ذي شيء أصبح يخالف شيئه ، هي لا تعرف أن الأقدام التي كانت تسعى للخير زمان أصبحت اليوم تسعى للدسائس : ) القهوة لا تعرف عن مدى مرارتنا شيء ، وتغطي جهلها السافر بأن تصطنع المرارة لتدّعي أنها مثلنا مشمئزة ومتواضعة وطيبة لتنطلي علينا الحيلة ونشربها . أيضا لا أعتقد أن القهوة سمعت بأناس وقفت معهم كثيرا حتى ماتت أقدامي ودافعت عنهم كثيرا حتى انتحرت سهامي ، القهوة لا تعرف شيئاً عنهم ، القهوة أخطأت حين فكّرت أني أحبذ النفخ في القراب المقطوعة ، ولا أعتقد أن ثقافتها أهلتها لتعرف أني أحب في الله واكره في الله ، ثقافتها لم تؤهلها أن تعرف أن أسباب الخلاف حين تزول تزول معها أحقادي ومواقفي .القهوة أصبحت مترفة التمثيل والمرارة هذه الأيام أصطدم ببعض الفناجين الغارقة بلذة اللسع ولذة الشيطان ولذة الكبر شتّان يا حبيبتي شتان بين قهوتنا وقهوتهم ، بين من تقول له كل الفناجين " يا الله " وبين ما تقول له الفناجين " يا ثقلك " أنا أفتخر بأني أنا أنا وبأن قهوتي هي أنا وبأن قهوتك هي أنت ِ أنا أفتخر أننا لا نخالف عرف المبدأ ولا عرف الفكرة ولا عرف القرار ، أنا أفتخر بكل شيء إلا بالكاذبين والخائنين والآكلين السحت ، والتابعين لمبدأ " لا نريد ان نتعلم " . أنا أفتخر جدا أننا نشرب نفس نوع القهوة مع اختلاف حجم الفنجان.

وبعد ...
عندما أنوي أن أسلّم قهوتي لأي لسان ٍ كان فهذا يعني أن أقوم برميه من على مرارة ٍ ذات سبعين طابقا دون أن أعلم هل سيحفظ اللسان مرارتي أم سيقتلها ؟صعب أن تشرب القهوة مع إنسان يخاطبك من وراء الوراء : ) أو أصبح معرضاً للوضوح السافر ، صعب أن تشربها وأنت لست متيقن من سيكسب المصارعة الحرّة ( الحرارة أم البرودة) ؟ الدفء أم الصقيع ॥؟ صعب قهوتي تحتاج للمزيد من السكر يا ملاكي । في السبعينات كان رخيصا ونقيا ً ॥ وفي أواخر التسعينات عاد إلى الحياة بصورة لا ترضيني صورة تشبه الأوضاع الداخلية في لبنان الآن ।ومع هذا أواصل شرب الأوضاع قبل أن تبرد ... ॥سأشربها بين سحّاب الأدخنة والسيجار المحترق ... । على صورة ِ محارب من الطراز القديم।ما زالت تتسرب منه رائحة القهوة ..........أتعلمين ......ملاكي ॥ لم أقع في غيبوبة رغم أن القهوة لاذعة ، ودخولك الملائكي هذا يضفي على القهوة طعم الصحوة التي تحتويني الآن ।أيضا لا أحب شرب القهوة على طريقة التيك آوي ॥ لذا نفضت الوقت جانبا وجلست ارشفها بهدوء ومرارة ..........


للقهوة تتمة


ليست هناك تعليقات: