الخميس، 19 أبريل 2012

أميرة حي بني يقظان





كانت تقبع على سريرها الخشبي و تحلم دائما حين يمر أسمها على ألسن أهالي القرية أن يمر مع صفة ٍ مضافة ٍ على الاسم كـ " مدينة الشمس " مثلا أو كأميرة حي بني يقظان ولأنها متأكدة أن الآخرين ليسوا سوى تماثيل أحلام وأنها الحقيقة فقد كانت تعتبر أن كل الجالسين على ذلك المقهى الذي يقع في أول الحي ما جلسوا إلا ليرقبوا مشيتها وأن المقهى أساسا لم يخلق في مكانه هذا إلا ليتشرف بوقع قدميها الكريمتين.

هي لا تختلف كثيرا عن القانطين في جمهورية الغباء لأبن فوزية لذا كانت تضع الناس جميعا على خط الاستواء في تعاملاتها وتضع نفسها في مكان ٍ لا تصله إلا حرارتها وبرودتها .

هي تعتقد نفسها مشهورة جدا وهي كذلك فعلا في خيالها الحالم وهي تعتقد نفسها ذكية جيدا وهي كذلك فعلا في وهمها الكاذب فهي مثلا ليست بحاجة ٍ لضميرها لكي يؤنبها أو يوبخها لأنها ( الكل بالكل ) وعليه فقد حقنته بمخدر ٍ لينعم بالسكينة والراحة لمدة ٍ أبدية ، ولأنها أجمل بنات حواء أسقطت جميع نساء الأرض من جداولها ولأنها الوحيدة التي لا تملك جناحا مستعارا أسقطت كل من يحاول الطيران من حولها ، ولأنها الملاك الوحيد في عين نفسها قررت أن تطير بعيدا ولوحدها فوق كل هؤلاء الذين حاولوا أن يصبحوا ملائكة مثلها وفشلوا ولهذا هي تدعي أنهم وكنتيجةٍ حتميةٍ لهذا الفشل باتوا يقضون نهارهم وليلهم عبدة للظروف وللأشغال الشاقة المؤبدة في محاولات ٍ متتالية وبائسة للنسيان والهروب .

استغنت عن كل شيء واستأثرت بنفسها عن كل شيء ٍ ، مثلا كانت ترى أن العارف يُعرف من خلال انجذابه لفستانها والجاهل يُعرف من خلال عدم الانجذاب ، وعليه فإن احتكاك أي إنسان ٍ بالطبيعة من أجل العلم من وجهة نظرها لا يعد تعليما حقيقيا لأنها هي التعليم وما تقوله يجب أن يعتبر فرضية ويجب أن تستمع له الغابات والحقول وهكذا فإن التعليم الحقيقي بالنسبة لها أن يتكشف فستانها حتى سرّتها لتهدي العالمين أغبياء جدد لينصروها ، أيضا هي ترى أن على حييها المتواضع هذا أن يكسب المال وبوفرة ليستطيع أن يوفر لها الاحتياجات الكبيرة التي تلزمها لكل هذا التعليم ولكل هذا الذكاء الذي تحسد عليه .

هي ترى أن القشور هي أصل الأشياء وأن البذر والجذر ليس أكثر من عاهرة حين خافت أن ينكشف أمرها تلحفت بالغموض واستترت بالسرية ، حسدت نفسها كثيرا حين وصلت لهذه القنبلة الفكرية ورأت أنها لو كانت تعيش في عهد سقراط لكانت سقراطا نفسه ثم شطحت قليلا و نصبت نفسها زرادشت على الحي فقررت أن تطرد الله من الحي وأن تصبح ربّة ما يعلمون وما لا يعلمون " راقت لها هذه الفكرة كثيرا " فقررت أن تعلن إلوهيتها للمدينة بشكل ٍ أوسع من قرارات مجلس الأمن وأشمل من شرق المتوسط الجديد وأن تتلو بيان ربوبيتها كأي سياسي يتلو بيانا عن فضيلة مونيكا وشرف سالومي ، تذكرت أرسطوطاليس سخرت منه في باطن نفسها سخرت من هذا الغبي الذي فصل بين الأدب والعلم والذي كان يحث العالم على ملامسة الطبيعة ليثبت أقواله هي لا تحتاج لأن تثبت شيئا من هذا لأن الآخرين يجب أن يصدقوا ما تقول حتى الفارابي ومدينته الفاضلة وابن رشد وتهافت التهافت " ابتسمت أيضا لهذا الخاطر " وقررت أن تكون كل ما جال في عقل أوهامها شاهدت نفسها تطير وتطير إلا أن وقوعها من فوق السرير جعلها تعرف أنها كانت تحلم .وأنها لم تكن ترى شيئا بالأصل بل كانت ترى تمثالا ً لفتاةٍ خرقاء تسمى " الحكومات العربية "

ليست هناك تعليقات: