الثلاثاء، 10 أبريل 2012

يا قصيدتي التي لا تنتهي



يا سطري الذي لا ينتحي ولا ينحني ولا يستحي من أن يحملك وطنا ً ينام في عراءِ نبضي الموثّق بالحب ِ .. والناهضين .
أيتها الصبيةُ الكثيرة .. أيتُها المرأة ُ المستحيلة .. أيتُها الجامعة ُ الأنثى ضمّيني تحت لوائك قائدا ً بطولته أنكِ أنثاه ، فارساً جواده أنوثتك ।




أيتها المرأة المستديرة .. مختلفة ٌ أنت ِ عن البقية .. مختلفة .. ومميّزة .. وشهيّة كقصيدةٍ كلما كتبتها حاصرتني لذتها من الجهات الأربع لكي أسترسل فيها إلى ما له أنوثة ..

حبيبتي ... لشفتيك ضحكة يلعب فيها كل لعاب الصباح ، وفي عينيك ِ نظرة تنام فيها كل مدائن السحر المباح ، ولخدّك ِ نعومة بهيّة وصافية تشبه بهاء وصفاء الفضيلة فوق خرير المياه .

حبيبتي .. على وجنتك ِ قبلة تركتها يوم آويت إليك ِ لأغتسل من درن الخطيئة ، وعلى عنقك ِ حديقة زرعتها يوم آمنت أن الياسمينات مثلكِ ومثلي بريئة .

زهرة ٌ أنت ِ حبيبتي زهرة في رحيقها أمان الصالحين ، وفي نشيجها نشيج العابدين ، وفي نشيدها نشيد الصادقين ،زهرة تحوم حولها كل فراشات الهوى ، زهرة ٌمثلك يا مأوى قلبي ونبضي الطيّبين الطاهرين .

يا تاريخ عمري ، يا أول امتداد سطوري ، يا أخر نهايات شعوري ، يا أول بدايات شعوري ، يا شهقة الجرح ، ويا ضحكة الفرح ، ويا طلعة الصبح ، ويا ثقتي بنفسي ، ويا مدينتي العريقة الممنوعة المباحة الواضحة السرّية المجنونة العاقلة ، يا قصري المشرف على البحر ، يا حديقتي المطلّة على القمر ، يا ضوئي أنا أُحبك ِ كثيرا ً أكثر من ذكائي ، من دهائي ، من كتابي ، من شعاري ، من نهاري ، من صغاري ، من كباري ، من يميني وشمالي ، أُحبك ِ أكثر من الجنّة لأنك ِ الفردوس ، وأُحبك ِ أكثر من الدُنيا لأنك السماء ، أُحبك ِ أكثر منّي لأنك ِ منّي ، أُحبك ِ كثيرا ً أكثر من سخطي ، أكثر من رضاي ، أكثر من غضبي وهدوئي ، أكثر من عقلي وجنوني ، أكثر ُ من الربح ، وأكثر من النصر ، وأكثر من مطامعي ومطالبي ، أكثر ُ من المحّار لأنك ِ اللؤلؤة ، أكثر من الغوص ِ لأنك البحر ، يا لؤلؤتي وبحري أُحبك ِ كثيرا كثيرا ً .

حبيبتي .. أنا أول الذكور الراحلين إليك ِ بأرواحهم وقلوبهم وأمانيهم ، أنا أول القادمين إليك بفرسانهم ورجالهم وخيامهم وقبائلهم ومساعيهم ، أنا أول المنبوذين والساخطين فيك ِ وأنا أول المباركين والراضين عنّك وفيك ِ ، أنا أول خيوط النهار التي عاهدتك على الضوء أنك الضوء .. وأنا أول خيوط الليل التي عاهدتك على القمر ِ أنك ِ القمر ، أنا أول الداخلين إلى قلبك ِ مؤمنا ً بأنك ِ ملهمتي ، ومسلّما بأنك امرأتي ، أنا أول الآمنين الذين أمنوا العقاب لأنهم لم يسيئوا الأدب ولم يجترحوا العتب ولم يقتلوا العجب على بوابتك الدهشة .


أناملك عشرة أعواد من التوت ، ودموعك حبتان من المطر ، وجفناك رجلان يسبّحان باسم رب الحب ، وروحك ِ أرضٌ عشبها قصائد لشاعر ٍ قافيته ُ أنت ِ .


حبيبتي أيتها الثلجيّة النارية ، لا تخلعي عن عيني معطف وجهك ، ولا تبعدي عن ذراعي فستان خصرك ، ولا تزيحي عن أناملي ميقات ملّمسك الحرير ، أيتُها الناعمة الجميلة لا تتكلّمي دعيني فقط دعيني أرى أجمل لوحة من لوحات الثغر الصامت المحيّر أُريد أن أطفئ نبض حيرتي بقبلة ٍ تجعلني أطمئن أنني في حالة دوار ٍ وإغماء .

.. يا مطاري الكبير الذي أسافر منه بجميع طائراتي إلى دول العذاب الحبيب والسعد العجيب والبلدان التي شوارعها تتقاطع مع سماواتٍ تحملها غيمة ، ومع كواكب ترفعها نظراتك وتسقطها نظراتك .

أيتُها الريحانة ُ النامية ُ على نوافذ فمي وعلى جوانب دمي ، قلّبيني ، قلّبي صفحات وجهي ، قلّبي صفحات عمري ، قلّبي صفحات نفسي ستجديني هناك حبيبتي هناك في ذلك السطر الذي تذكرين ْ ..
يا وجه ُ البراءة الذي تأوي إليه ضحكة الأطفال ، وشقاوة الأطفال ، وقبلة الأطفال ، وخصومات الأطفال ، يا وجه البراءة ُ الذي يخاف من المساء الحزين ، ومن قصص الجن ِ ومن أفلام الرعب ِ ومن عيون الحاقدين ، يا وجه الخير الذي يدعو إلى الله ِ أُحبك .

أيتُها الطفلة التي تركض في عقلي وفي قلبي وفي شرياني ووعائي ودمي ولحمي وعظمي ، أيتها الممتزجة مع جيناتي الوراثية أيتها المتحدة مع ذرّاتي أُحبك ِ .



حبيبتي ، احمليني في حقيبتك الذهبية ، اخفيني بين نقودك وبين أدوات الزينة خاصتك ، امزجيني مع ماكياجك ، أفعلي بشعري وبشكلي وبقافيتي وبنثري ما تشائين ، أو دعيني معلقا في أناملك كخاتم ٍ عليه نقش قبلاتك .

يا سحر الخليج ويا فتنة قرطبة ويا فلسفة اليونان ويا ثقافة الإنسان ، تسلّقيني بعيدا عن قنوات أوربا ، تسلّقيني بعيدا عن أناجيل لوقا ومرقص ، تسلّقيني على طريقة المنار والأنوار والدين وبراءة الصغار ْ ، تسلّقيني كالحلم ِ ريثما تحضرين .


أغنيتي الحبيبة ، يخرج الصوت من بين شفيتك موسيقيا ً عبقريا ً أكثر من موزارت وتشايكوفسكي ، ويخرج اسمي من فمك كطفل ٍ سقط على الأرض من فرط الحلاوة .

حبيبتي ، الفقراء مثلي لا ينتحلون صيغ الحب حتى يمثلّون بها أدوار البطولة ، لأنهم في الأصل ِ لا ينتحلون ، وأنا واحد ٌ بين آلاف الفقراء مثلي ، ولكن مثلي كنز ٌ ثمين ، فأنا لا أنتحل الصيغ ، ولا أمثّل الأدوار ، ولا أصطنع التراكيب لأني الرؤى والمستحيلات والحزن والفرح والجرح والانعتاق والإنسان الذي لم يدخل نص إلا وأنت ِ فيه ومعه .


أنا يا حبيبتي لم أستأجر الريح لتحملك شهرا وتنزلك شهر ، بل حملتك على قلبي حد الخلود دون ملل ٍ ولا كلل ، أنا لم أكتب مع التعب ميثاق أن يفكّني من قيدك إذا تعبت ، لأني واحد ٌ شقيت ُ كثيرا ومثلي لا يفرط بشقائه من أجل تعب ْ .

أنا الأوطان ُ كلّها التي حملتك ، أنا الكثيرون كلهم الذين أحبوك ، أنا الفيزياء كلّها التي علّمتك ، وأنا التاريخ والعلوم وحصص الفلسفة وعلم النفس ، أنا كيمياء الحب أنا المستوحش في غيابك ...




حبيبتي كل المساكين وابن السبيل واليتامى وأبناء رد الجميل بداخلي يتقدمون إليك ِ بالإخلاص والولاء والحب العمر كلّه يا حبيبتي كلّه ، فو الله ِ يا فاتحة الصباح ويا أنجيل النجاح أنني ما أحببت ُ أحداً سواك ِ ولن ، وأن دمعك ذاك الذي يتساقط عند دعائك لي كقطرات الندى يحمله قلبي ليصنع منه قلادة من دعوات أبثها لله لك ْ .

حبيبتي أُحبك وأقسم ُ أنك يا أرضي الأنثى تمرين خيالي كعصافير ٍصغيرة تحط على كتفي الشجرة .

أُحبك ِ وأقسم أنك ِ يا صوت الثواني ويا دقّات الساعة أجمل ُ من سكن أيامي ، وأشهى من طرق بيباني وأرق من قلّب أحزاني ، وأنعم من زرع الفلّ على طريقي وعنواني .

أُحبك ِ أكثر ممّا يتصوّر الخيال نفسه ، والدهشة نفسها ، والسحر نفسه ، والذروة نفسها ، أُحبك ِ أكثر من الشعر وأكثر من القلوب المثقوبة بسهام الحب ، وأكثر من أحبار السطور ، وأكثر من أخبار العصور ، وأكثر من الراحلين على تلك الجسور ، وأكثر من القادمين من وجع النفور ، أُحبك ِ يا حُلم دمّي ، ويا ضحكة عمري ، ويا طفلة صدري أكثر من الشعراء الذين بنوا لحبيباتهم على القمر ِ أشجاراً وطيور ، أُحبك أكثر من الأدباء الذين كتبوا في قصصهم عن أنوثة الخصر الطويل وعن ثقافة الثغر الأصيل ، وعن ذكاء الأصبع الجميل ، أُحبك ِ أكثر من الانتحار من فوق البنايات ، وأكثر من الحياة على سطح عمارة ، وأكثر من عرقي النازف من وعثاء ِ شوقي إليك ِ ، أُحبك ِ أكثر من الغربة والتيه والعودة إلى الوطن ، والنوم في حضن سرب من الحمام ، أو الخروج في رفقة ثلة من العصافير .

والله ِ والله ِ لم ينته ِ قولي بعد ولكن لا بد الآن من الخروج من الورقة لتكوني فيها وعليها ، لتحكيها لي ، لتقرأينها لي ، وليقرأ الناس أسطورة حبي وخرافات عشقي فيك ِ .
أطلت ُ كثيرا ً وبودي لو بقيت ولكن هُنا وجب على ّ التوقف لآتيك غداً بباقةٍ من حب ٍ متجدد أجدد به عشقي وولائي .
أُحبك ِ .

ليست هناك تعليقات: