الثلاثاء، 3 أبريل 2012

سأفعل فقط راقبني وافهمني


كيف يمكن الحديث عن الأشياء عن طريق الكتابة .. هل لأن الأشياء لا تستطيع أن تكشف عن نفسها أم لأن الكتابة تحب لعبة الكشف وتحب اللعب في المناطق الأكثر غموضا حتى يمتد مصطلحا من نور ليسبر غورها .
يبيع الماء في حارة السقائيين .. ويبيع البيض على الدجاج ... الأدباء عادة ما يمارسون أفعالا غرائبية لا تمت للمنطق بصلة فهم يحمّلون اللغة من الرموز أكثر مما تحتمل تراهم أحيانا يضربون النخيل بالفتيات وأحيانا يضربون الفتيات بالجنس وأحيانا يضربون الجنس بكم هائل من العبث الاشتراكي الملحد المؤمن المتشائم السوداوي حتى يأتي لنا ذلك الجنس الموازييك بلقيط ٍ يدعى " إرهاب " .
الأفكار العابثة تسكن في "الإنسان العابث" الباحث عن لذته في الكتب الأكثر مبيعا في العالم الأمر الذي يجعله يبتعد عن الحقيقة وعن المنطق ويعتمد الأهواء وما يقربه من الخواء من خلال أدب يرتعب من فكرة الزواج والطهر والعفة والفضيلة واليوتوبيا .
الأفكار المعتدلة تسكن في "الإنسان المعتدل" الباحث عن الحقيقة قبل أن تصدرها الكتب وقبل أن تتناولها المكتبات لتبيعها .
الإنسان المعتدل يقترب من الحكمة من الحقيقة يقترب من المنطق المعرفة الفلسفة لا يحاول الهرب من فكرة بدت له حقيقية كي لا يتمكن من استرجاعها بل يواجهها ويقتحم معاقلها ويؤكدها أو يفندها بالمنطق لذلك نجد أن هذا الإنسان يجعل من الأفكار كائنا حيا ينتظر روحا محمّله بالكتابة المسوغة للثابت الأساسي لطبيعة الفكر والمعرفة والحكمة لتسكنه .
لست أنا لكني لست أنت .
ربما هذه الجملة هي خوف من الاتصال أو رهبة من الانسياب إلى حيثيات وخفايا الطرف الآخر أو لأن الكينونة تأبى إلا أن تكون نفسها بغض النظر عن الاحساس بالتكامل المتواصل مع بعض الأرواح .



أتذكر أن روحي لا تذكر شيئا عن عريها في العالم الأول لكنها الآن بالتأكيد تذكر جيدا متى الشراشف اتسخت وقمصان النوم تلوثت والعناية بكل هذه الفوضى الحياتية أصبحت تسبب لها الغثيان أتذكر أن روحي حين حاولت التكامل والتواصل زاد رعبها من الفعل أكثر من بائعة هوى تبيع نفسها كل يوم لتتكامل مع شيطان الجنس وتفشل .
مضت ليلة بيني وبين روحي حاولت أن أكون صادقا معي .. حاولت أن أتخطى خوفي وخجلي ورغبتي لكني دائما أشعر بالنفور مني لذلك حاولت أن أكتب رسالة إلى نفسي كتبتها ثم راقبت الرسالة عن بعد فوجدتها تتملص مني مستخدمة كل قدرتها في المناورة لكي لا أشعر أنها لي .
لم يعد هناك شيئا يعصمني من الماء والماء والدماء عند الكتابة عندي سيان .
أعتقد أني مخلوق كتابي ، مائي الحبر ودمائي الشعر وحركاتي النثر وهمساتي المقال لكني أعتقد أيضا أن هذا المخلوق مصاب بداء باطل وصحيح في ذات الوقت يحاول هذا الداء أن يشق طريقه بداخلي من أجل أن يقتلني أو يعقد صلحا معي لكنه كوسيلة للدفاع عن أهدافه يستخدم المرض ليجعل بدني تحت الضغط ويجعل قلمي محذوفا تحت بند " التوتر " .
أعتقد أني أملك بداخلي نصوصا باذخة لم تتمكن روحي من تركها دون أن تلقي فيها شجنا فلسفيا عميقا يحب اللغة أكثر من حبك لنفسك عزيزي القارئ لكني أجزم أني لم أملك بعد زمام كل النصوص لكني سأفعل فقط راقبني وأفهمني .



ليست هناك تعليقات: