السبت، 23 يونيو 2012

أصيب قلمي بسرطان الدم


سبق الصدى صوتي ، سبق البحر حوتي ، سبق القبر موتي ، اختلط دمعي بشوقي وقبحي بذوقي ، لم أعد أعرف الآن حقاً متى صعدتك "بيني" وأين حطّمتك تحتي وكيف وجدتك فوقي ؟

أصيب قلمي بسرطان الدم ، وأصيب حبري بداء ٍ في الرئة ، أصبحت من بعدك مرضاً يبحث في حقائب الأطباء عن حقنة سم يدسها في عقله ليموت ويدسها في قلبه ليصبح صدأ.

أصبحت من بعدك أتهم بالشر ، بات خيري يتعرض للجلد ِ في الساحات العامة دون أن يعترض أحد من صحبي أو تبكي بعض المعرفة على كتفي ، أصبحت متهما بتخريب تدمر وباغتصاب زنوبيا وبتدمير عرش بلقيس وبسرقة سبأ.

وحدك تعلمين يا جرحي الغائر في روحي أنني بريء من تهمة الغرق في اللذات ومن صفة هتك عرض المفردات ، وحدك تعلمين أنني لغة لا تخون الخبر لا تخون المبتدأ لا تلعن بياض الثلج لا تشتم نار الجوى .

وحدك تعلمين أن حكمتي تشبه لحية سليمان الحكيم ، أن خيري يشبه عصا موسى ، أن خبرتي تشبه ناقة صالح قبل أن تموت ، وحدك تعلمين يا نبية الثلج أن الشر يموت حين يقرب داري ، أن الجريمة تذوب حين تقرب ناري ، أن الحماقة تتوب حين تقرب مائي .

وحدك تعلمين يا نبيّة الموت أن هذه الحياة لا تعنيني ، أن الأضواء لا تغريني ، أن الأمطار لا ترويني ، أن الأقطار لا ترضيني ، وحدك تعلمين أنني أعشق النوم تحت الفقر كالدروايش وأهوى العوم في الصحراء كحافر الجمل .

أفضى بي فراقك إلى بوابات التآكل ، القبائل تموت خلف خيامي ، الجياد تذوب أمام صهيلي ، المعارك تسقط تحت عويلي ، لم تبق عندي رماح ولا نبال أدافع بها عن الصحراء تحت ثيابي ، لا شيء ، منذ أن تركتك للمرض وركبت غبائي لأبحث عن صحةٍ جديدة أصبحت مرضا لا يشفى .

آه يا وجعي ، بالأمس سألني صديقي اللبناني "محمد" لماذا لا أراك سعيدا ؟

فأجبته : لم تجف "شيخة" في قلبي ، لم تستقيل من روحي ، لم ترحل عن شاشات رؤيتي وبوحي ، لا زالت تقتحم مدائن عيني كأنها رستم وتنام في وسط قلبي كأنها "النبض" ، لا زالت تهدمني وتبنيني ، تقتلني وتحييني ، لا زالت سيدة الطين الذي يحتويني ، لا زلت أبحث عن ترابها الذي ضيّعته حوافر غبائي لكني لا أجدها إلا في يقين الوهم الذي عبدها كأنها بوذا وآمن بها كأنها المختار دون أن يراها ويسمعها .

كيف أفرح يا صديق وبي جرح عالق ، ودم نازف ، وشوق جارف كهذا الموج الهائج في صدري ، كيف أفرح وأنا لا أعلم إن كانت تقف مثلي على التراب أم ذهبت عني إلى حرّاس المقابر لتشتري لها جنة في السماء بعد أن تركتني أعاني على الأرض عار الطين وألم التراب.

كيف أفرح وأنا لم أمنحها من الحب الذي أدّعيه وأرسمه وأكتبه غير حب أعرج تلعنه القصائد وترفضه الرمال ؟ كيف أفرح إذا كان صوت الجرح يملئ أذني وصرخات ألمها تدمي قلبي ، كيف أفرح إن كنت لا أعلم هل ماتت وهي تصلّي على راحتي أم ماتت بعد أن كفرت برائحة الحب وبكلاب قافلتي .

كيف أفرح وأنا لا أعلم عنها ما يرتق ألمي ، كيف أفرح إن كنت لا أعلم إن ماتت وهي تشير باصابعها نحو اسمي أم ماتت وأصابع السرطان تشرب دمها الذي أحبني رغم أنف القبيلة .

ليست هناك تعليقات: