الأربعاء، 13 يونيو 2012

أفلام مثلتها الأحلام

اتهموا صديقي بحيازة الحشيش وحين جاء دوري ، وفتشوا في ظهر ِ عيبي وفي وجه ِ جيبي لم يجدوا شيئاً فصرخوا : ما كل هذه الأرداف .. ما كل هذه النهود ..

ما كل هذه الممنوعات التي تحملها ؟

اشششش .. قلت : ليست أردافاً هذه أكتاف ، ليست نهوداً هذه أعلاف ، ليست ممنوعات هذه كلمات تعشق الخطيئة من طرفٍ واحد والفضيلة من طرفين .

صرخوا : مجنون .

قلت : المجنون من عطّل سارية في المحيط ، من دمّر قرية في الصعيد ، من فجّر صبية فوق الجليد ، من أدمى قلبا من أعدم فكراً سديد .

لست مجنوناً .. -حسبما أتذكر- أنا حطّاب فاشل حين فشل فأسه أمام الحطب أصبح عاشقاً للعرقِ والتراب – حسبما أتذكر- للأرق ِ والصواب .

صرخوا : ما هذه الأفكار التي تخفيها في صدرك . هل تقود مؤامرة ضد النظام؟

ابتسم صدري قائلاً : ضد و نظام = ليل وظلام ؟ أي نظام ..!!!

نظام السجون أم نظام الديون ؟

أي نظام هذا الذي سأقود مؤامرة عليه ؟

انظروا إلىّ ملياً ... انظروا ..

أنا مدفأة انطفأت في الشتاء .

وبعد التجمّد حاولت أن تغذي نفسها من جديد ٍ بالأفكار ِ كي تشعر بالدفء ِ من طرف ٍ واحد وبالحريق ِ من طرفين .

صرخوا : معتوه .

قلت : المعتوه من لم يرحم نبيذ المحبين وعطر المساكين ، المعتوه من حاكم قبور الموتى وصادر طيور البساتين ، المعتوه من هشّم أحلام اليتامى وقصّر أحلام الفساتين . المعتوه من خاف من فزّاعة الفكر ومن شراع المفكرين .

لست معتوهاً . –حسبما أتذكر- أنا نارٌ أطفأها البدو قبل أن تستدفئ بها الخيام -حسبما أتذكر- قيل : حرّقت اصبع شيخ القبيلة .!!

صرخوا : وما كل هذه الأقلام التي تحملها ؟

قلت : هذه ليست أقلام هذه آلام ..- حسبما أتذكر- أفلام مثّلتها الأحلام . هذه أوهام تحاول أن ترفع الواقع تحت الأقدام . هذه أعوام تحاول أن تعيش دون أن يخنقها الحجاج أو تأكلها الأغنام .

صرخوا : مأفون .

قلت : المأفون من أشترى سواكا وباع شجرة ، -حسبما أتذكر -من تخلّى عن مزرعة ٍ من أجل بقرة ، المأفون من خاف من الشعر ِ وخاف من نشره ، -حسبما أتذكر -من صلّى الفجر دون أن يحط الله في صدره وتحط الملائكة في فكره .

صرخوا : ملعون .

قلت : الملعون من أعتقد أن السجون تشبه قاعات الضيافة –حسبما أتذكر- أن السجّان يشبه إبداعات الثقافة ، الملعون من أعتقد أن الرصاص يحمي قصر الخلافة –حسبما أتذكر- أن التنكيل يحفظ الرئاسة ، الملعون من أعتقد أن الغباء أفضل من الكياسة –حسبما أتذكر- أفضل من الفراسة .

صرخوا : اعتقلوه هذا مبتدع وكاذب .. هذا كاتب .

قلت : لا تزعجوا الصدأ ، لا تعتقلوا الموت قبل اكتمال النبأ ، لست بدعاً بين هوادج الخلق لست كاذبا على هذا البرق ، لست كاتبا لهذا الحرق . أنا صدى .. ماذا قال الصدى ..

قال : ( مات سليمان ولم تمت سبأ ، قبضوا على يوسف وألقوه في غيابت الجبِ لكنهم أبداً ما استطاعوا أن يقبضوا على الندى ، اعتقلوا الخبر لكنهم أبداً ما استطاعوا على المبتدأ ) .




ليست هناك تعليقات: