منذ مدة أعيش كفستانٍ معروض في واجهة ، ليس لي أكمام ليس لي أزرار، عاري الظهر منزوع الأحلام ، منذ مدّة وأنا لا عمل لدي إلا مراقبة الحياة ، والحياة أيضا لا عمل لديها إلا أن تراقبني من خلال نفس الواجهة .
متى تتكسر الواجهة ؟ متى نواجه بعضنا البعض ، متى نفترق ؟
لا زلت انتظر الإجابة .
منذ مدّة وأنا أرى الزحام يموت على الرصيف والوحدة تسقط مع أوراق الخريف، منذ مدّة وأنا لا آكل إلا الزجاج ولا أشتهي إلا الكسر .
منذ مدّة وأنا أقف في مكاني هذا كالنخيل دون أن يسقط مني تمر ، منذ مدّة وأنا أعلّق على أبواب الليل دمعي وعلى آمال الشمس همّي دون أن يسكن صدري عمر ، منذ مدّة وأنا أنوح كالقصائد ِ الثكلى وكأزهار الدفلى على شيخة ٍ تركتها تغفو في حدائق الموت وذهبت ألهو عنها مع عالم ٍ غريب الطبع .
منذ مدّة وأنا أكتب قطعتي الأخيرة وأكل وجبتي الأخيرة وألبس بدلتي الأخيرة دون أن تأتي تلك الأخيرة من هدوء ِ الموت لتأخذني معها إلى عالم ٍ أكثر اشتعالا وألقا من حياة الضوء وقطرات العرق .
منذ مدّة وأنا أعزف مقطوعتي الأخيرة وأغني ألحاني الأخيرة ، منذ مدّة وأصابعي تعمل عمل قائد الأوركسترا حين يلوّح باصابعه منهيا حديث الموسيقى ، لكن الموسيقى لا تتوقف والألحان لا تتأفف والقائد لا يتأسف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق